الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا قاطع الغيطاني ألمانيا؟

أحمد حسو

2009 / 8 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


قبل سنوات تداعى عدد كبير من المثقفين العرب للتضامن مع جمال الغيطاني حين اتهمته بعض المواقع الأليكترونية العراقية بأنه الكاتب الحقيقي لرواية "زبيبة والملك" التي نسبت لصدام حسين. يومها أصاب هؤلاء المثقفون في تضامنهم مع الغيطاني ضد هذه التهم، التي بقيت دون دليل، إلا أنهم أخطأوا حين تجاهلوا الإشارة إلى كتاب آخر أسوأ بكثير من هذه الرواية ومعروف بأنه من تأليف الغيطاني، أعني كتابه العنصري "حراس البوابة الشرقية" . لقد لعبت مقولات هذا الكتاب، الذي صدر في النصف الثاني من السبعينات عن وزارة الاعلام العراقية، ومجد حرب الإبادة التي شنها الجيش العراقي ضد الأكراد، دورا قذرا في تاريخ العراق الحديث. فقد استخدم النظام دلالاتها العنصرية في الحرب العراقية الإيرانية وفي حملات الأنفال السيئة الصيت. يومها كان نظام صدام يتصدر جبهة الرفض العربية ويتبنى خطابا "يساريا ثوريا"، يوزع الإيديولوجيا "القومجية" بيد و"المكافآت" المالية باليد الأخرى. ولو أن الغيطاني اعتذر عما تسبب فيه من إساءات للأكراد والإيرانيين، وحتى الكويتيين من وراء هذا الكتاب، لقلنا إن الرجل اكتشف خطأه وتراجع، وعفا الله عما مضى . لكن "حارس البوابة الشرقية"، وربما بسبب التضامن الذي لقيه، ما زال يتصرف وكأنه "حارس" القيم الوحيد. وهو لم يعتذر أيضا عن علاقاته مع نظام صدام التي لا يعرف أحد حتى الآن مدى عمقها.

استغل الغيطاني الجريمة العنصرية التي أودت بحياة الصيدلانية المصرية مروة الشربيني على يد أحد المتطرفين الألمان أبشع استغلال. وبدلا من أن يتبنى خطابا عقلانيا، كما هو متوقع من مثقف في موقعه، ركب الموجة الإسلاموية الشعبوية، التي رافقت مقتل الشربيني، وأخذ يزايد عليها (الحملة) مهددا ألمانيا ومثقفيها بالويل والثبور. كما أعلن في تصريح استعراضي لوكالة رويترز بأنه "سيقاطع مهرجانا ثقافيا ألمانيا من المنتظر أن ينظمه معهد غوته والإذاعة الألمانية في مدن دولسدورف وبون وكولون يوم 25 أكتوبر/ تشرين الاول لمدة خمسة أيام لأن الحكومة الألمانية لم تعتذر عن قتل مواطنة مصرية" (نص الخبر). بالطبع يعلم الغيطاني جيدا أن لا علاقة للحكومة الألمانية بهذه الجريمة وأنها تحارب هذه المجموعات المتطرفة بكل الوسائل القانونية ومع ذلك لعب على هذا الوتر مركزا على خطأ الحكومة الفعلي وهو الانتظار طويلا قبل إدانة الجريمة وتقديم التعازي لذوي الضحية. وحقق الغيطاني غايته إذ تلقفت عشرات المواقع الأليكترونية العربية هذه الوقفة "الشجاعة" منه دون أن يكلف أحد نفسه عناء التدقيق في الأمر. ولو فعلوا لاكتشفوا أن وراء الأكمة ما وراءها وأن الموضوع ليس كما يسوقه الغيطاني. فمن المعروف أن المهرجان العالمي الأدبي التاسع في برلين سيحتفي هذا العام بالأدب العربي بدعوة أكثر من أربعين كاتبا عربيا في شهر أيلول/ سبتمبر المقبل إلى برلين، ليس بينهم الغيطاني. ومن بين المدعوين المصريين الروائي علاء الأسواني ويوسف زيدان ومكاوي سعيد وخالد الخميسي وجرجس شكري ورحاب بسام وفاطمة ناعوت. ومن الأسماء العربية المعروفة والمدعوة إلى هذا المهرجان أيضا الروائية السعودية رجاء عالم والروائي العراقي فاضل العزاوي والشاعر الأردني أمجد ناصر والروائية اللبنانية علوية صبح والروائي السوري خالد خليفة وغيرهم. أما الغيطاني "المقاطع لألمانيا" فقد دعي إلى مهرجان آخر صغير، تنظمه مدينتا دولسدورف وبون، لا علاقة له بالمهرجان العالمي في برلين ولا علاقة له بمعهد غوته والإذاعة الالمانية ولا يشمل مدينة كولونيا، كما زعم هو وورد خطأ في الخبر. وهذا المهرجان "الصغير" يشارك فيه كتاب من مصر ولبنان فقط وضمن فعالية أدبية بعنوان: القاهرة ـ بيروت. فلماذا لم يقاطع كل هؤلاء المدعويين إلى مهرجان برلين ألمانيا ويقاطعها الغيطاني وحده؟ وهل خرج الغيطاني عن طوره وأخذ يوزع الشتائم يمينا وشمالا لأن إدارة المهرجان العالمي في برلين لم توجه الدعوة إليه أم بسبب مقتل الشربيني كما يزعم؟ أسئلة نترك الإجابة عنها للقارئ.

كما تحدث الغيطاني في تصريحه "البطولي" هذا عن انتشار العنصرية الثفافية في ألمانيا وفي المنابر التي تنشر بالعربية. وبعد يومين من هذا التصريح نشر افتتاحية في صحيفته "أخبار الأدب" بعنوان "النازية الجديدة" ربط فيها، وفي خطوة لا أجد الكلمات المناسبة لوصفها، بين هذا القاتل العنصري وبين رئيس تحرير مجلة "فكر وفن" شتيفان فايدنر. (راجع رد فايدنر في موقع كيكا الأليكتروني). كما صب الغيطاني جام غضبه على المجلة واصفا إياها بـ"المفخخة بالكراهية والعنصرية" دون أن يذكر أي برهان سوى الإشارة بشكل مبهم إلى العدد تسعين الذي تناول الشريعة والقانون وحقوق الإنسان. حقيقة لا أعرف تماما سبب حقد الغيطاني على "فكر وفن"، هل هو بسبب العدد المذكور أم بسبب العدد السابع والسبعين الذي نشر فيه نص للشاعر الإيراني سعيد، المقيم في ألمانيا، حول زيارته للقاهرة بعنوان "منمنات قاهرية"، وفيه وصف ساخر للقائه بالغيطاني؟ أم بسبب نص شتيفان فايدنر في مديح أدب علاء الأسواني (العدد 89) ؟ أسئلة لا أجد أجوبة عليها سوى أن الغيطاني ربما أراد أن يمارس وظيفته كـ"حارس للبوابة الشرقية"!!









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحية لكاتب المقال
توت عنخ آمنون ( 2009 / 8 / 1 - 12:16 )
في عام 2000 خصص الأديب الغيطاني . صفحات كثيرة من مجلة - أخبار الأدب - - مجلة حكومبة - التي يرأس تحريرها منذ 20 عاما وربما اكثر . للاساءة الواضحة وغير المباشرة . لكاتب سجن في ذاك العام في قضية راي وفكر . وحشد لذلك شعراء وادباء راحوا يطعنون الكاتب . ضمن حملة شاملة من الصحف الحكومية . وبتوجيه من جهاز الأمن الذي دأب علي تشويه صورة كل معارض - كاتب او سياسي - بشتي الطرق وباستخدام الصحف التي لا يمكن تعيين رئيس تحرير لاحداها الا اذا كان الأمن راضيا عنه . ويجد منه الطاعة و التعاون

اخر الافلام

.. مصطفى البرغوثي: الهجوم البري الإسرائيلي -المرتقب- على رفح -ق


.. وفد مصري إلى إسرائيل.. تطورات في ملفي الحرب والرهائن في غزة




.. العراق.. تحرش تحت قبة البرلمان؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. إصابة 11 عسكريا في معارك قطاع غزة خلال الـ24 ساعة الماضية




.. ا?لهان عمر تزور مخيم الاحتجاج الداعم لغزة في كولومبيا