الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المؤتمر السادس لحركة فتح . . . الابتسامة والدموع

عبد ربه العنزى

2009 / 8 / 17
القضية الفلسطينية


انتهى العرس الفتحاوي ، وقرأ التنظيميون والمحللون والسياسيون والأكاديميون والخصوم السياسيون فعاليات المؤتمر ونتائجه، قراءة تراوحت بين المستحسن، والمتفائل، والمتشائم، والمتشائل.
انتهت أعمال المؤتمر، لكن المؤكد عقلا أن تداعيات ونتائج هذا المؤتمر ستؤثر على مسيرة العمل الوطني ،وعلى المستقبل السياسي للشعب الفلسطيني.
المؤتمر حقق نجاحات في مستويات عديدة، ولكنه سجل إخفاقات جوهرية، والموضوعية تقتضي الإشارة إلى المستويين الايجابي والسلبي على حد سواء، لان ما حدث سيؤثر على حياتنا الوطنية الفلسطينية بشكل مباشر أو غير مباشر.
ايجابيات المؤتمر..الابتسامة
انعقاد المؤتمر والإصرار على مواصلة فعالياته انتصار لضرورة تغيير واقع الحركة المترهل، وتصدي لحالة النزيف التنظيمية والجماهيرية التراكمية التي عاشتها فتح وأثرت على المشروع الوطني الفلسطيني سلبا،على مستوى السلطة والحركة والمقاومة.
شهد المؤتمر -الذي تأخر انعقاده إلى أكثر من عقدين- تجمعا حيويا لكافة الأجيال التي تقطعت العلاقات بينها،وانقطع بينها التواصل التنظيمي طويلا،وساد فيها صراع الأجيال.
شكل المؤتمر وما افرز من نتائج نهاية لحالات التشرذم التنظيمي التي اكتسبت صورا انعزالية وانشقاقية عن الجسم التنظيمي.
يضمن المؤتمر الشرعية التنظيمية للقيادة الفتحاوية المنتخبة منازلة خصومها السياسيين ،ومواجهة الحالات التنظيمية المستعصية على الالتزام والانضباط التنظيمي .
فشل وصول عدد كبير من قيادات اللجنة المركزية السابقة يشير إلى نجاح دعوات القاعدة الفتحاوية بوجوب التغيير وإعمال مبدأ تدوير القيادات في مؤسسات الحركة.
التغطية الإعلامية المكثفة للمؤتمر الذي امتدت أيام عمله منح زخما إعلاميا وجماهيرا لحركة فتح افتقدته فترة طويلة، وأعاد حضورها المعنوي بين أوساط أعضائها والشارع الفلسطيني.
منح المؤتمر الرئيس أبو مازن قوة هامة ومؤثرة، كون توليه قيادة الحركة سيمكنه من توسيع تأييده الشعبي بحكم جماهيرية الحركة وديناميكيتها الشعبية ،وهو العنصر الفعال الذي افتقده سابقا الرئيس أبو مازن.ومما سيسهل مهمته في تمرير برنامجه السياسي والوطني عموما.
إخفاقات بالجملة..الدموع
شهد المؤتمر انتقاء عشوائيا لمعايير العضوية، وتدخلت حسابات المحاصصة في تحديد أعضاء المؤتمر، فأضيف إليه المطبلاتية ،و الأزلام ، وخضعت الإضافات إلى تقديرات انتخابية لمرشحي اللجنة المركزية والثوري، وغاب عن المؤتمر الكثير من شرفاء فتح وكوادرها وقياداتها المستقلة.
المعيار الجهوي فرض نفسه بقوة باطلة على المؤتمر، ففي حين تشدق الكثيرون بوحدة فتح التنظيمية والقطرية والوطنية، تم تغييب الكثير من أبناء غزة لاعتبارات انتخابية هدفت لمنع أعضاء فتح في غزة من تشكيل قوة انتخابية في المؤتمر لإسقاط أسماء تنظيمية بعينها كانت تأمل بالاستفادة من أصوات الفتحاويين الغزيين.
رغم الإشارات المتعددة التي صدرت عن المؤتمر حول المقاومة، إلا أن هذه الإشارات جاءت ضعيفة وباهتة، ولم ترد المقاومة باعتبارها إستراتيجية نضالية ثابتة في برنامج حركة فتح الوطني، خاصة أن التعبير الذي استخدم هو المقاومة وفقا للشرعية الدولية ، ولم تشر توصيات المؤتمر بوضوح لا لبس فيه إلى الكفاح المسلح الذي مثل تاريخا مشرفا، وسمة بارزة، وركنا ضروريا ثابتا في النضال الفتحاوي الطويل.
رغم أن المؤتمر يفترض أن يضطلع وفق اللائحة الداخلية لمناقشة تقارير اللجان والهيئات والأجهزة المختلفة المالية والإدارية والتنظيمية، إلا أن شيء من هذا لم يحدث، مما اسقط إجراءا جوهريا من صميم مهام عمل المؤتمر الحركي.
إن أزمة المنهج الرقابي في هذا المؤتمر بدا حاضرا، وتكرس مفهوم غياب الرقابة والمساءلة خاصة على الفاسدين والمتجاوزين والمتآمرين، فرغم أن فتح شهدت خلال العشرين عاما الماضية إخفاقات مهولة كان آخرها الفشل في انتخابات التشريعي وسقوط غزة وتصادم الأجنحة العسكرية ،لكن لم يتم محاسبة أو حتى مساءلة مسببي هذه الإخفاقات، بل أن عددا من المتهمين ترشحوا لعضوية اللجنة المركزية والمجلس الثوري، وهي عملية تفيد أن مبدأ المحاسبة سيظل مغيبا في مؤسسات الحركة، مما يعني استمرارا لحالة الإخفاق، وتعجيزا لفرص التطور التنظيمي الفتحاوي.
لم يناقش المؤتمر بعمق إمكانية إجراء تعديلات بنيوية وتنظيمية في اللائحة الداخلية لحركة فتح، تراعي حجم التغيرات الذاتية والموضوعية التي شهدتها الساحة الفلسطينية والبناء التنظيمي الفتحاوي خلال العقدين الماضيين، وهو ما يعني استخدام أدوات قديمة لمرحلة جديدة مختلفة جذريا.
رغم الدور النضالي للمرأة الفلسطينية عموما، والفلسطينية خصوصا،غاب الحضور النسوي عن قيادة اللجنة المركزية لحركة فتح، وهو يعكس انسداد قنوات الفرز التنظيمي في الإطار النسوي الفتحاوي، بسبب غياب مؤسسات فاعلة للحركة النسوية في إطار الحركة، نتيجة لحالة التكلس التنظيمية العامة التي مست بكافة مؤسسات الحركة ومن ضمنها القطاع النسوي الفتحاوي.
إن عدد المرشحين الذين ترشحوا للجنة المركزية 96مرشحا ، و 617 مرشحا للمجلس الثوري، بقدر ما تدلل هذه الأرقام على الرغبة في التغيير بقدر ما تعكس طمعا في استحقاقات شخصية، وانشدادا لحالة فتحاوية سابقة كرست المواقع التنظيمية لاعتبارات خاصة، وأمجاد شخصية دون القيام بادوار وظيفية مؤسساتية حركية يبذل فيها العطاء والتضحية.
إن طريقة التزكية في اختيار الرئيس أبو مازن كرئيس للحركة، حتى لو كانت هذه الطريقة هي المتبعة سابقا أو عرف تنظيمي ساد في العصر الرئيس الراحل ياسر عرفات، فهي تفقد المؤتمر معناه الديمقراطي وزخمه وقوته التنافسية، وهو إجراء يجسد الشخصانية المتناقضة مع مبادئ المؤسسة والعمل الجماعي والديمقراطية.
لم يقدم المؤتمر إجابات تفصيلية أو برامج وافية لعدد من القضايا الكبرى التي تواجه الحركة والقضية الفلسطينية،على رأسها العلاقة مع حماس والبدائل المتاحة، وقضية التسوية السياسية والبدائل المتاحة، وبرنامج المقاومة الفتحاوي المطلوب واليات تفعيله، ووضع البناء التنظيمي وهل المطلوب إعادة البناء على نفس القواعد الهندسية القديمة، أم بناء تنظيمي وفق قواعد جديدة؟
إن القائمين على المؤتمر والمؤتمرين اعتنوا بالمسائل الإجرائية والفنية والإدارية، ولكن القضايا الإستراتيجية الكبرى لم تناقش، وان نوقشت لم تضع لها برامج أو آليات عمل، فخرج المؤتمر كرنفاليا إعلاميا، مع قليل من التغيرات التنظيمية أهمها تدوير النخبة القيادية لفتح التي عانت عقودا طويلة من الانغلاق والتكلس.
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قادة الجناح السياسي في حماس يميلون للتسويات لضمان بقائهم في 


.. دعوات أميركية للجوء إلى -الحرس الوطني- للتصدي للاحتجاجات الط




.. صحة غزة: استشهاد 51 فلسطينيا وإصابة 75 خلال 24 ساعة


.. مظاهرات في العاصمة اليمنية صنعاء تضامناً مع الفلسطينيين في غ




.. 5 شهداء بينهم طفلان بقصف إسرائيلي استهدف منزلا في الحي السعو