الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صرخة من سجن هشارون

شجاع الصفدي
(Shojaa Alsafadi)

2009 / 9 / 19
القضية الفلسطينية


يبدو أن المعايير الأخلاقية والوطنية هي أيضا تتغير حسب المعادلة الزمنية وتتطور لتواكب العصر الذي نحياه .
ليس هذا فقط ، بل مفهوم النخوة والشهامة أصبح هو الآخر متغيراً خاضعا للتذبذب ولم يعد ثابتا راسخا عميق الجذور كسابق عهد ، فقد طالعتنا مواقع الأنباء قبل يومين بخبر مفاده أن أحد السجانين المجرمين قام بهتك عرض أسيرة فلسطينية داخل سجن هشارون الصهيوني وكان الخبر بمثابة الصدمة ، ليس لأن هذا السلوك البشع هو أمر مستغرب من الاحتلال الصهيوني وإنما لكونها الحادثة الأولى من نوعها التي تخرج للعلن والتي تجرأت أسيرة فلسطينية باسلة أن تقول للسجان : لن أصمت ، فالشرف ليس في جسدي بل في روحي وفي وطني وقضيتي .
وفي الحقيقة انتظرت أن تتناول خطبة الجمعة اليتيمة هذه القضية في ضفتنا وغزتنا المحتلتين والمحاصرتين ، بدلا من إعادة دروس رمضانية قد حفظها الأطفال قبل الكبار ، ولكن الخطبة في كافة أراضي الوطن لم تذكر هذه الشامخة الماجدة التي أعلنت للسجّان قوّتها ولم تخضع للابتزاز الرخيص ، لكنها ظنّت أن وراءها رجالٌ تجري النخوة في عروقهم وتأملت أن يبادر السياسيون فورا بالتحرك سياسيا ودوليا وحقوقيا وأيضا شعبيا لمناصرة قضيتها ، وكان أبسط رد اعتبار وكرامة لهذه الماجدة أن ينهض الكل ليحمل صرختها في كل منبر سياسي وخطابي وإعلامي ، لكن الخبر للأسف بقي حبرا على ورق ولم يحرك أحد ساكنا ولم يتقدم أي مسؤول ليصرح شيئا عن القضية ،و لم يكن هنالك أي هبّة شعبية تنصر هذه الأسيرة البطلة لتشعرها أنها ليست وحدها ، لكنها لم تكن تعلم أن معايير النخوة خارج السجن أصبحت مختلفة ولم تكن تعلم أن ما حدث معها سيكون خبراً ينشر على بعض مواقع الانترنت يُنْسى بعد يوم أو اثنين على الأكثر .
راهنت بطلتنا على معايير أخلاقية وقيم وطنية كانت سلاحها الثوري حين دخلت المعتقل إيمانا بقضيتها وعدالتها وخسرت الرهان ، فوطنها أصبح أوطانا مجزأة ، منقسمة ، محاصرة ، تغيرت ملامحه وتضاريسه حتى بات مشوه المعالم الجغرافية ، وبدل أن يكون أبناء وطنها لها سنداً كانوا لها كسراً .
وربما تفتح هذه الحادثة بوابة جهنم على أسيراتنا العظيمات ، إذ أن الاحتلال مقابل هذا الصمت لن يتوانى عن كسر إرادتهنّ وتحطيمهنّ بكافة السبل ، فذلك دأْب الاحتلال في كل مكان وزمان مهما اختلفت أشكاله .
إن هذه الصرخة المدوّية من سجن هشارون والتي لم تثر حفيظة الساسة ستكون وبالاً على كافة المعايير الوطنية والأخلاقية وكما هو حال الانقسام الذي غيّر معادلة النضال الفلسطيني التاريخي ستصبح هذه الحادثة بداية هزائم جديدة ومتعددة على المستوى الأخلاقي والانحدار المنهجي في المسيرة النضالية والتحررية .
وما يثير التساؤل بهذه المناسبة : أليست أسيراتنا الماجدات هنّ الأوْلى بقائمة التبادل في صفقة الأسرى ؟
كل أسيراتنا أوْلى بالمطالبة بتحريرهن من قبضة الطغاة ولن يعارض أي أسير ذلك بل سيبارك كافة الأسرى أن تستبدل أسماءهم بأسيرات حفاظا على عرض أخواتهم اللواتي يعشن ظروفا بشعة وتمارس بحقهنّ سلوكيات قذرة ، وبدلا من انقلاب الموازين وأن تكون معايير التبادل سياسية الأجدر أن تكون أخلاقية ودينية .
وهذا نداء لكل فلسطيني حر في هذا العيد المبارك : آزروا أخواتكم في سجون الاحتلال الصهيوني ، امنحوهم الصمود والثبات حتى لا نخسر عرضنا كما خسرنا وحدتنا الوطنية .
وفي هذا العيد لكل أسيرات وأسرى الحرية أصحاب المجد الحقيقي كل باقات الورد والأمل بغدٍ حر ، ووطنٍ موحد مستقل تكونون أنتم رمز حريته .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الويل للصامتين
واصف صافي ( 2009 / 9 / 19 - 16:49 )
صرخة حضارية انسانية من امراة وحيدة تواجه الجلاد وتتحداه وتعرف ان شرفها ليس بجسدها بل بحرية شعبها واستقلاله , ويا حسرتاه على هذا الشعب الذي يحكمه قادة نسوا شرف الوطن وشرف المرأة

اخر الافلام

.. في ظل التحول الرقمي العالمي.. أي مستقبل للكتب الإلكترونية في


.. صناعة الأزياء.. ما تأثير -الموضة السريعة- على البيئة؟




.. تظاهرات طلابية واسعة تجتاح الولايات المتحدة على مستوى كبرى ا


.. تصاعد ملحوظ في وتيرة العمليات العسكرية بين حزب الله وإسرائيل




.. اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي مدينة الخليل لتأمين اقتحامات