الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سن قانون للاحزاب في العراق هو استكمال للعملية الديمقراطية

نجاح العلي

2009 / 12 / 30
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


هناك اجماع سياسي وشعبي على ضرورة اشاعة الديمقراطية في العراق مع احترام خصوصية المجتمع العراقي الذي يتكون من اقليات وقوميات واديان ومذاهب واعراق متنوعة لذلك فان انسب حل لتنظيم الحياة السياسية فيه هي باللجوء الى الخيار الديمقراطي.. وثمة شرطان اساسيان لترسيخ الديمقراطية في اي بلد، اولهما وجود القنوات القانونية التي تضمن للمواطن المشاركة السياسية وتقرير مصيره والتي تتحدد فيها حقوق وواجبات المواطن وهي الدساتير التي لابد منها لتأطير وتنظيم الحياة السياسية (وهذا الامر غير متحقق بشكل كامل في العراق لان الدستور الحالي مازال لم يتم تطبيق بنوده بشكل كامل وهو خاضع للتعديل والتغيير وفق اسس وضوابط معينة).. والشرط الثاني هو وجود المؤسسات التي تؤهل المواطن للمشاركة وهي الاحزاب ومنظمات المجتمع المدني والمؤسسات التربوية والتعليمية في جميع مراحلها.
ان ما يشهده العراق حاليا من ارباك في العملية السياسية سببه التأخر في تشريع قانون الاحزاب عملا بالمادة 39 من الدستور العراقي التي نصت على ما يلي: (حرية تأسيس الجمعيات والاحزاب السياسية او الانضمام اليها مكفولة وينظم ذلك بقانون ولا يجوز اجبار احد على الانضمام الى اي حزب او جمعية اوجهة سياسية او اجباره على الاستمرار في العضوية فيها)..
ان الواقع السياسي العراقي في الوقت الحالي يفرض وجود قانون للاحزاب ينظم عمل الاحزاب ويعد هذا القانون ضرورى ملحة في تاسيس الواقع السياسي ضمن المبادئ التي رسمها الدستور، اذ بقيت الحياة السياسية منذ سقوط النظام السابق في 2003 تسيطر عليها وتديرها التوجهات الفئوية والعرقية والدينية والمذهبية والقومية مما كان له الاثر السلبي على الواقع المجتمعي اذ وسع هذا الامر الهوة والانقسام بين مكونات الشعب الواحد فبدلا من ان تكون هذه الاحزاب والتنظيمات السياسية عامل وحدة وتجميع للواقع الاجتماعي عملت بقصد او من دونه على تشظية هذا الواقع.. والاحزاب السياسية بطبيعة الحال وفي كل دول العالم وفي مختلف النظم السياسية تسعى للوصول الى السلطة من خلال الانقلابات والثورات او عن طريق الاحتكام الى صناديق الاقتراع عبر المشاركة في الحملات الانتخابية.. وبما ان جميع الاحزاب العراقية الموجودة حاليا على الساحة تؤمن بالخيار الديمقراطي لذلك يفترض عليها ممارسة الاليات الديمقراطية داخل تنظيمها الحزبي من خلال انتخاب اعضائها في كواد الحزب المختلفة ومسؤولي الفروع وصولا الى انتخاب رئيس الحزب فضلا على الاتفاق على الترشيح بصورة ديمقراطية داخل الحزب لاعضاء ينتمون اليه لخوض الانتخابات البرلمانية او على مستوى الاقاليم والمحافظات او الاقضية والنواحي او على مستوى المناطق، اذ ان اي تجربة ديمقراطية ناشئة لاتعيش او يكتب لها النجاح والاستمرارية دون قانون للاحزاب.. قانون يسن مشروعيتها للعمل السياسي وينظمها ويحدد صرفياتها ويراقب عملها ويفرض الجزاءات على مخالفتها كما ويحرم عليها اية علاقات بدول اخرى تمس المبادئ الوطنية فضلا عن التزام الاحزاب في نظامها الداخلي بتلك المبادئ.
ومن المهم هنا ان نذكر بان اغلب قوانين الاحزاب لدول عديدة اكدت على بطلان اية حزب سياسي يؤسس على اساس ديني او لغوي او عرقي او جهوي او عشائري او يقوم على اساس تمييزي او مخالف لحقوق الانسان.
ومن المعروف أن الأحزاب تمول في كل دول العالم من ميزانية الدولة بحسب نسبة ما تحققه في الانتخابات لذلك ينبغي تشريع قانون ينظم عملها في العراق اذ أن القانون لا يزال معطلا حتى الآن وهناك طرق متعددة لدخول الأموال اذ برزت مسألة توظيف المال السياسي الذي تمنحه دول اقليمية لضمان صعود تيارات تخدم اجندتها في الانتخابات المقبلة ووصولها الى سدة الحكم في البلاد.
لذلك امام السياسيين العراقيين خيارين اولهما المبادرة الى تشريع قانون للاحزاب ينظم الحياة السياسية ويضع ضوابط لتاسيس الكيانات السياسية وشروط الانتماء اليها ونظام الرقابة على مصادر تمويلها وفق متطلبات الدستور العراقي مسترشدين في ذلك بقوانين الاحزاب في دول العالم. اما الخيار الثاني فهو استمرار الارباك السياسي في ظل وجود اكثر من خمسمائة من الكيانات التي لا احد يعرف مصادر تمويلها اضافة الى تبادل الاتهامات والتصريحات بالعمالة والعمل لصالح اجندات خارجية بالشكل الذي اصبح يهدد امن وسلامة العراق ومصالح البلد العليا.
*اعلامي واكاديمي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - توصيف دقيق ومعالجة رصينة
عباس عبد الرزاق الصباغ ( 2009 / 12 / 31 - 08:32 )
توصيف دقيق لمستلزمات العملية السياسية في العراق والتي يجب ان تقنن بضواط تقربها من المهنية التي يجب ان تتحلى بها الكيانات السياسية والاحزاب التي وصلت الى ارقام فلكية قياسا الى عدد سكان العراق وبانشطارات اغلبها كان مخيبا للامال ولوضع حد للفوضى السياسية التي اتسم بها المشهد العراقي بعد التغيير ولحد الان... ومرة اخرى يتحفنا الاستاذ العلي بمقالة رصينة يضع فيها يده الكريمة على الجرح العراقي وما اكثر الجراح في هذا العراق

اخر الافلام

.. إدارة بايدن وملف حجب تطبيق -تيك توك-.. تناقضات وتضارب في الق


.. إدارة جامعة كولومبيا الأمريكية تهمل الطلاب المعتصمين فيها قب




.. حماس.. تناقض في خطاب الجناحين السياسي والعسكري ينعكس سلبا عل


.. حزب الله.. إسرائيل لم تقض على نصف قادتنا




.. وفد أمريكي يجري مباحثات في نيامي بشأن سحب القوات الأمريكية م