الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لهم ملكوت الارض

بسام البغدادي

2010 / 1 / 19
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


عندما كنت صغيراً كنت أصلي كل يوم, كل صباح و مساء, ثم كل فترة ممكنة, ثم كل اليوم, كنت اطلب كل ما احتاج و ما لا احتاج اليه من الله (صديقي). بمرور الوقت اصبحت ادرك بانه لتحقيق طلباتي يجب ان اطلب الاشياء التي فعلاً احتاجها, ثم بعد ذلك ادركت المفاجأة الكبرى, بانه علي بان اتحلى بالايمان الحقيقي بان صلاتي ستكون مجابة كي تتم اجابة صلاتي. حينها أدركت, بان الله يلقي الكرة في ملعبي, و بأنني يجب ان اثبت بانني مؤمن كي يحقق طلباتي, ولا اعرف لماذا لا يحقق طلباتي أولاً كي اؤمن به اكثر؟ ثم جائت مراحل اخرى, مثل مرحلة ان الله يجربني, او يختبر أيماني, او يحبني اكثر لهذا لا يحقق طلباتي. و غيرها من الوسائل التي حاولت بها من خلال منطق طفل عمره عشر سنوات و اصغر ان أجد سبب واحد لان الله لا يهتم كثيراً بي.


الصلاة في حد ذاتها تذكير لله بعجزهِ عن فهم واقع احتياجاتنا الانسانية الضرورية, وهروب من الحقيقة القاسية الى الوهم الجميل في ثورة سلاحها الكلمة المتذللة التي نلصقها في وجه الأله كل مرة نذهب فيها للصلاة. نقول و نعيد و نعيد ثم نقول و نردد اسماء الله مليون الف مرة عسى ان يسمعنا هذا الاله القابع في عليائه و الناظر الى هول الكوارث التي تتساقط بنا و نتساقط بها و نسقط بعضنا بعض خلالها. في الكنائس التي اجراسها تقرع منذ الفين سنة و في الجوامع التي تكبر حتى بح صوت بلاليلها (جمع بلال) و هل من مجيب؟



الصلاة هي ثورة المعدمين على الحقيقة التي لا يقدرون على تحملها, ثورة المساكين على المنطق الفاضح الذي يجب عليهم القبول به, وثورة الكذب الجميل على الصدق القبيح الذي يغلف كل شئ فينا و حولنا و حتى اجمل الاشياء في كوننا. عندما نرفض ان نعترف بكل هذا القبح الذي يغلف كل شئ نهرب الى فلسفة المنطق اللامنطقي و تجميله بأكاذيب حجمها يتناسب طردياً مع درجة قبح الكون من حولنا. لا نريد ان نرى في القمر صخرة ميتة تحلق في الفضاء الاكثر موتاً, ولا نريد ان نرى في النجوم قبور مشتعلة حائمة لكل ما حولها, ولا نريد ان نرى في امراض الانسان و ضعفه و جبنه و قبحه و قسوته و موته تلك الحقيقة الكامنه فينا, اننا لسنا بالجمال الذي نتمنى ان نكون عليه. ولا بالقوة التي نحلم بها, ولا بالروحانية التي تسمو بنا كذباً فوق باقي الاشياء. نحن تماماً مثل باقي الاشياء, القبح يخترقنا و النتانة تملأنا و كل الثقوب التي نملكها في اجسادنا تشهد على هذا الواقع المرير الذي نهرب منه كل يوم من خلال تلفيق الاكاذيب و اعادة بناء و تركيب و فلسفة ثم اعادة فلسفة المنطق الذي تم فلسفته مئات المرات دون جدوى.



طوبى للحالمين حيث يرفعون صلواتهم المملة وهم شبه نيام, فهم يدركون حجم كذبتهم لكنهم لا يجرأون. طوبى لقارعي الاجراس في وجه مسيحهم, فهم يعرفون انه لا يعرف شيئاً عن ما يجري في سجون المخابرات الغارقة بنزلائها المذعورين في كل العالم, لكنهم يصمتون, و طوبي لمن يرفعون مؤخراتهم في وجه الله, فهم لا يملكون شئ آخر يرفعوه له بعد ان سلبهم كل شئ, حتى آلامهم التي يجب ان يشكروه عليها. طوباكم اجميعن ايها المصلين, فأنتم نار الثورة التي تحرق وجه الله و تذكره بهذا الكون الذي خلقه و اهمله.

بسام البغدادي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - دعه يعمل
عرفة خليفة الجبلاوي ( 2010 / 1 / 19 - 15:49 )
أخي بسام،
أنا لا أتفق معك فيما تقول وذلك عن خبرة شخصية وليس عن جدال. عندما أصلي أطرح خبايا نفسي أمام الله. إن الله منحني الحرية، إذا طلبت سآخذ وإن لم أطلب لن آخذ لكن ماذا أطلب، اقرأ ما يقوله رب المجد: فلا تهتموا قائلين ماذا ناكل او ماذا نشرب او ماذا نلبس فان هذه كلها تطلبها الامم لان اباكم السماوي يعلم انكم تحتاجون الى هذه كلها لكن اطلبوا اولا ملكوت الله و بره و هذه كلها تزاد لكم فلا تهتموا للغد لان الغد يهتم بما لنفسه يكفي اليوم شره (متى 6-34:31)
الله وحده هو القادر على تغيير القلب


2 - بل دعه يغيب
علي ( 2010 / 1 / 19 - 16:39 )
أويقات الصلاة والدعاء تجعل المرء يغيب عن آلامه

اخر الافلام

.. الجماعة الإسلامية في لبنان: استشهاد اثنين من قادة الجناح الع


.. شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية




.. منظمات إسلامية ترفض -ازدواجية الشرطة الأسترالية-


.. صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها




.. كاهنات في الكنيسة الكاثوليكية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24