الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مأساة لاجئي دارفور في فيلم -الحرة- الوثائقي: صوت -المعذبين- في الأرض - الذي تجاهله الإعلام العربي

رياض الصيداوي

2010 / 2 / 16
حقوق الانسان


مأساة دارفور من الداخل وبلغة عربية... يشتكي أهلها من فضائع ارتكبت في حقهم ومن قبل قبائل الجنجاويد العربية... كان هذا موضوع الفيلم الوثائقي الذي بثته مؤخرا قناة "الحرة" الأميركية الناطقة بالعربية، والذي أنتجه وأعده وقدمه الإعلامي الجريء محمد اليحيائي.

المأساة رهيبة في حق لاجئي دارفور، وصمت الإعلام العربي مريب، حتى أن بعضنا كان يعتقد أن دارفور هي مجرد منطقة سودانية مستهدفة من الغرب. محمد اليحيائي توغل في قلب الصحراء التشادية حيث يعيش أكثر من مئتين وخمسين ألف لاجئي دارفوري في مخيمات في تلك الصحراء النائية والمعزولة، وكشف لنا وجوها حزينة وتتكلم العربية وتتحدث عن آلامها بسبب غارات قبائل الجنجاويد. هي صدمة للمشاهد وشعور بالألم لسببين اثنين: الأول لطبيعة ما يحدث، والثاني لتجاهل العرب هذه المأساة من إعلاميين وحكومات ومن تطبيق سياسة الصمت المطبق.
شهادة صديق العرب
الموضوع بالنسبة إلي لم يكن مفاجأة... حيث أهداني المفكر السويسري جان زجلر كتابه "كراهية الغرب". والرجل صديق لي وسبق أن حاورته كثيرا. وهو معروف بمواقفه القوية لصالح القضية الفلسطينية وبانحيازه للعرب وللعالم الثالث. في حديثي معه قال "يجب أن نقول الحقيقة، ما يحدث في دارفور هو عملية إبادة جماعية لا أكثر ولا أقل...".
وفعلا في كتابه ينتقد الغرب بشدة لكنه يتحدث أيضا منذ الصفحات الأولى عن مأساة دارفور.
يقول: "... وكنت أمشي بجانب امرأة أنيقة، مرتدية ساري أبيض وأمغر وملفوفة في معطف من الصوف. إنها سارالا فيرناندو، سفيرة سيريلانكا لدى الأمم المتحدة في جنيف.
وكنا خارجين من سهرة عشاء ديبلوماسيين أوروبيين، وآسيويين وأفارقة تم تنظيمها في بيت السفير الإيرلندي بول كافاناغ. وناقشنا طيلة السهرة الإجراءات التي يجب اتخاذها لوقف الإبادة الجماعية الرهيبة التي يتعرض لها أهل دارفور في السلاسل الجبلية وغابات السافانا في دارفو.
ويسقط الرجال والنساء والأطفال المساليت الفور والزغاوة قتلى بالآلاف تحت قصف طائرات أنطونوف وطعنات رماح ميليشيات الفرسان العرب، الجنجاويد. مثل فرسان يوم القيامة، هؤلاء القتلة ينقضون على القرى الإفريقية، يغتصبون ويشوهون النساء والبنات الشابات ويذبحوهن، ويلقون بالأطفال أحياء في الأكواخ المحترقة، ويذيحون الرجال والمراهقين والشيوخ.
ويقتل الجنجاويد بأوامر من جنرالات السلطة في الخرطوم، وهم بدورهم يوجهون من قبل "مفكري" الجبهة الإسلامية للإنقاذ.
كان ذلك يوم الثلاثاء 20 مارس / آذار 2007.
وقبل أربعة أيام، وفي القاعة رقم 14 في قصر الأمم المتحدة في جنيف، قدمت رئيسة لجنة التحقيق في دارفور جودي ويليامز والحاصلة على جائزة نوبل تقريرها إلى مجلس حقوق الإنسان في منظمة الأمم المتحدة.
حقائق دامغة ومسنودة بالأدلة: إن عملية الإبادة الجماعية أدت منذ أربع سنوات إلى أكثر من مائتي ألف قتيل، وإلى مئات الآلاف من المشوهين وحوالي مليونين من اللاجئين والمهجرين..."

صدمة الوعي
هذه شهادة جان زجلر صديق العرب والمدافع المستميت على القضية الفلسطينية... أحدثت في الصدمة الأولى صدمة الأرقام والوقائع... وجاء فيلم "الحرة" الوثائقي وعنوانه " كونونغو: دارفيون في مخيم المنفى" ، جاء بالصورة والتعابير الإنسانية ليترجم الأرقام التي نشرت إلى أحداث ووقائع إنسانية صادمة للوعي الإنساني العربي... وصدمة ثانية لي أيضا.
أعطى الفيلم الكلمة "للمعذبين في الأرض" ليتحدثوا بعربية دارجة مفهومة عن مأساتهم: القتل، الاغتصاب والترهيب المنهجي لجماعة بشرية في السودان تم تهجيرهم غصبا عن أراضيهم وعن مدارسهم وأعمالهم... وانقطعوا عنها وما عاد الوطن الذي كانوا يعرفونه هو نفسه... أصبح جحيما لا يطاق فهاجروا لاجئين...
انكشفت الصورة في هذا الشريط الذي وثق لمأساة لاجئي دارفور... وترك اليحيائي الناس تتكلم صغارا وكبارا، نساء ورجالا، متعلمين وأميين... بشكل عفوي تلقائي... ليرووا قصصهم الحزينة.
الشريط صاحبته أيضا موسيقى حزينة هادئة تعبر عن عمق الآلام والجراح المنسية لشعب دارفور المهجر.
هذا الفيلم الوثائقي وما أثاره من أسئلة جارحة عن معاناة إنسانية يحيطها صمت عربي مريب، وبالمعالجة الصحافية التي انحازت لكل ما هو مهني ولكل ما هو إنساني بعيدا عن التسيس والأدلجة، هو، دون شك إحدى أبرز علامات نجاح قناة "الحرة"، والتي أدخلتها بيوتا عربية كثيرة لم تكن دخلتها من قبل، لكنه أيضا يضع القناة الأميركية الناطقة بالعربية والقائمين عليها أمام تحديات كبيرة أهمها تحدي تقديم أعمال بذات المستوى المهني العالي، ومواصلة إثارة القضايا والأسئلة المسكوت عنها في الإعلام العربي وفي مقدمتها قضايا انتهاكات حقوق الإنسان والحريات وشيوع ثقافة التسلط والفساد والاستبداد وهي القضايا التي يثيرها محمد اليحيائي في برنامجه المميز "عين على الديمقراطية"، والتحدي الآخر الكبير هو أن تبقى " الحرة" في البيوت العربية التي أدخلها إياها فيلم "كونونوغو" .. والعمل على دخول بيوت عربية أخرى كثيرة لم تدخلها القناة بعد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - كذبه كبري
طارق الهاشم ( 2010 / 2 / 16 - 22:15 )
مائتي الف قتيل
اين هي جثثهم ؟ هل تبخر الموتي لدرجة ان قوات الامم المتحده الت تجول في الاقليم لعامين والاتحاد الافريقي الذي يتواجد للعام الخامس لم يستطيعا تحديد مكان الجثث المزعومه؟ ثم من يقود التمرد في دارفور ؟اليس حسن الترابي المجرم الاسلامي الذي لا يؤمن بيوم القيامه كما صرح في فتاويه المسطوله
ومن يبيع هذه الاوهام؟ اليسوا جماعة اسلحة الدمار الشامل العراقيه
الذين يريدون تدمير السودان لأنه نجح في الافلات من دائرة الفقر الدائم التي وضعه فيها الترابي ونسيبه الصادق المهدي عمبلا الغرب الحقيقيان
لم يريد التفرج علي محررى السودان وكيف يعاملون المواطنين في المناطق المحرره اهدي الرابط مع دعواتنا بالرحمه للمساكين الذين لا يستطيعون قول الحقيقه في مناطق التمرد
http://www.youtube.com/watch?v=RlvEMUHmg1s

ملحوظه:لا توجد موسيقي حزينه بالفيلم ولا (شهادات حره) توجد وقائع


2 - صوت المعذبين... نعم
عثمان ابراهيم ( 2010 / 2 / 17 - 02:06 )
شكرا للأستاذ رياض الصيدواي على هذا المقال ، كنت شاهدت فيلم كونونوغو وتمنيت لو استطعت الكتابة عنه فهو بالفعل عمل مميز ورائع من قناة الحرة التي اثبتت بهذا العمل انها حرة فعلا عكس القنوات العربية التي تنحاز دائما للطغاة والقتلة والارهابيين وشكرا للصحافي القدير محمد اليحيائي على تقديمه هذا الفليم وعلى جهده في نقل الحقيقة بصدق وحياد وموضوعية يفتقدها الكثير من الصحافيين العرب. وبالمناسبة هذا الفيلم هو حديث السودانيين في الداخل والخارج واليحيائي يكاد يكون بطل سوداني.


3 - الاعلام العربي
Maghribi ( 2010 / 2 / 17 - 13:34 )
هل يسمح لي بان اقول وجهة نظري عن الاعلام العربي؟ اذا كان هذا مسموح, فان الاعلام العربي اعلام عنصري, نازي فشيستي وبدون استثناء. اسرائيل في نظرهم اكبر عنصري في وجه الارض. اذا اخترت ان استعمر من طرف الصهاينة او العرب, فاني اختار الصهاينة.
.

اخر الافلام

.. العالم الليلة | الآلاف يتظاهرون في جورجيا ضد مشروع قانون -ال


.. اعتقال طالبة أمريكية قيدت نفسها بسلاسل دعما لغزة في جامعة ني




.. العالم الليلة | الأغذية العالمي: 5 بالمئة من السودانيين فقط


.. خالد أبو بكر يرد على مقال بـ -فورين بوليسي-يتهم مصر بالتضييق




.. جامعة كولومبيا: فض اعتصام الطلبة بالقوة واعتقال نحو 300 متظا