الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عائلة كورنيف اليهودية

نضال حمد

2004 / 7 / 11
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


مع بروز قضية عائلة كورنيف اليهودية الاوكرانية الأصل والإسرائيلية الجنسية ، في وسائل الإعلام المحلية هنا في النرويج، يكون اللجوء قد اثبت انه لم يعد حكرا على المنتزعين من أوطانهم والمشردين من ديارهم. فرفض منح اللجوء للعائلة وخاصة للشاب ألكسي البالغ من العمر 19 عاما والرافض للخدمة العسكرية لأنه يرفض قتل الأطفال الفلسطينيين بحسب ما جاء على لسانه لصحيفة "فى غا " اليومية النرويجية الصادرة صباح هذا اليوم.

يعتبر رفض منحهم إقامة بمثابة تذكير اليم و إشارة جديدة على تواطؤ السلطات الأمنية في النرويج مع المصالح الإسرائيلية. إذ لماذا في الماضي قامت نفس هذه السلطات بإحضار جهاز الموساد الصهيوني للتحقيق مع الفلسطينيين الذين هاجروا إلى النرويج من تونس والجزائر أبان حرب تحرير الكويت من جيش صدام حسين. واليوم ترفض منح اللجوء ولو كإقامة مجردة فقط لا غير لشاب يأبى أن يصبح مجرما وقاتلا على غرار رئيس وزراء حكومة الاحتلال الجنرال شارون؟؟؟..

هذه القضية الساخنة تثبت أن اللجوء في النرويج ما عاد حكرا على أبناء الشعوب المغلوب على أمرها ، ولم يعد محصورا في العرب والأفارقة والآسيويين وأهل أمريكا اللاتينية والمسلمين وبعض بقايا بلاد العم لينين والديكتاتور ألأممي ستالين. فها هم أبناء الهجرات الصهيونية "جيل الثمانينات" لكيان الاحتلال في فلسطين المحتلة،من مهاجري الاتحاد السوفياتي سابقا بقيادة غورباتشوف،الذين ركبوا قطارات الهجرات الصهيونية نحو ارض فلسطين،والذين أبحروا بالسفن وطاروا على متن الطائرات الخاصة إلى بلاد غير بلادهم وارض غير أرضهم، إلى فلسطين، فأقاموا في مدينة "كرمئيل" التي أقيمت بدورها من اجلهم خصيصا على أراضي بلدتي دير الأسد ونحف وقرى أخرى، حيث أعطوا ما ليس لهم وما لم يكن في يوم من الأيام لمن وهبهم الأرض او لمن وعد الذين وهبوهم اياها بوطن قومي.

ها هم يهجرون ارض اللبن والعسل الى ارض الثلج والسيلمون والدببة القطبية،حيث لا موت ولا دمار ولا انتفاضة ولا احتلال ولا عمليات حربية أو استشهادية.

هؤلاء المهاجرين من أوروبا الشرقية وخاصة من جمهوريات السوفيات سابقا وجدوا أنفسهم أمام حقيقة أنهم ليسوا في ارض تمنحهم اللبن والعسل فقط، بل هي ارض تختطفهم من بين عائلاتهم وأحبابهم، لأنهم في ارض لها أصحاب يقاتلون ويكافحون دفاعا عنها، ويموتون برصاص جيش يهوه الذي لا يعرف الرحمة ولا أي شيء عن إنسانية " الأغيار" أي البشر من غير اليهود. فالصهيونية المغمسة بالعقيدة الدينية اليهودية علمتهم أن الأرض أرضهم والبلاد بلادهم وأنهم يدافعون عن اليهود في فلسطين التي يسمونها إسرائيل.

ترى هل فكر هؤلاء الناس بسكان فلسطين الأصليين؟ فسكان ارض كنعان لم يكونوا قبل نكبتهم أعداء لهم، بل اصبحوا هكذا بعدما سلبتهم الصهيونية ارضهم ودمرت حياتهم، وبعدما فر اليهود من أوروبا التي لفظهم وقتلهم ومارست بحقهم أشكال منوعة من الإرهاب والعنصرية والعقاب. في تلك الحقبة كانت فلسطين ملاذهم وكان شعب فلسطين معينهم. لكنهم لم يكونوا أهلا للثقة ولا بشرا للمعاشرة، كانوا قطعان من اللصوص سرقوا أثواب الضحايا ولبسوها ثم ركبوا قطار الهلاك و التضحيات اليهودية الأوروبية المسافر الى شرق المتوسط حيث الهدف استعمار فلسطين.

جيّرت الحركة الصهيونية تلك التضحيات لخدمة أفكارها التوسعية والاستعمارية ،وكانت تعتبر أن ساعة المؤامرة دقت وان ارض فلسطين ستكون كيان إسرائيل، والملاذ لكل من يريد الهرب من جحيم النازية والمحارق والتعذيب، ومن لم يفعل ذلك تعرض لابتزاز الصهاينة أنفسهم وكذلك أعداء اليهود في أوروبا، مما عجل برحيل معظم المترددين الى ارض فلسطين،وبتلك الطريقة سرقوا البلاد وشردوا العباد.

ليس كل من هاجر الى فلسطين المحتلة من يهود مرحلة غورباتشوف بالذات يهوديا فعلا او صهيونيا فكرا، فهناك الكثير من المهاجرين ادعوا أنهم من اليهود كي يهربوا من جحيم الحكم الشمولي و الاستبدادي في دول المنظومة الاشتراكية سابقا، ومنهم من هاجر طمعا بالمال وبمكان جديد في بلاد جديدة، ومن اجل مستقبل أفضل واضمن. ومن هؤلاء المهاجرين كانت عائلة كورنيف التي هجرت موطنها الأصلي أوكرانيا لتلتحق بركب المهاجرين الى فلسطين، وللعائلة المذكورة ولدان أصبحا بسن الخدمة في الجيش، ولأن التجنيد في جيش كيان إسرائيل إجباري وإلزامي، اذن بشكل طبيعي أصبح الشابان مطلوبان للجيش، وبحسب العائلة فالشابان يرفضان الخدمة في الجيش، و العائلة قررت الهرب من الثكنة الحربية التي اسمها إسرائيل، حيث الحياة في جحيم مجتمع يعيش وكأنه ثكنة عسكرية. وجدت عائلة كورنيف ملاذها في النرويج، لكن منذ سنتين والسلطات النرويجية ترفض منح العائلة اللجوء، وفي خطوة جديدة لسلطات الهجرة النرويجية قررت الأخيرة تسفير ألكسي كورنيف البالغ من العمر 19 عاما إلى إسرائيل، بعدما رفضت منحه حق اللجوء الإنساني او السياسي. معروف ان الفار من الجيش سيعاقب والعواقب وخيمة.

بهذا الإجراء الذي أوقف مؤقتا حيث رفع الكسي استئناف لوزارة العدل، تكون السلطات في النرويج أعلنت بشكل غير مباشر تضامنها مع جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي يطالب كورنيف وغيره من الشباب بالخدمة في صفوفه. والخدمة الإلزامية تكون عادة في الضفة الغربية وقطاع غزة حيث يمارس الاحتلال كافة أشكال الإرهاب ضد الشعب الفلسطيني، أي بمعنى آخر يزج بالمجندين اليهود من اجل ان يتدربوا بقتل الفلسطينيين من خلال عمليات اغتيال وتصفية وهجمات متكررة. الفتى ألكسي يقول أنه يرفض خدمة العلم كي لا يقتل الأطفال الفلسطينيين ولعلمه المسبق بما يقوم به المجندون الإسرائيليون من مخالفات لحقوق الإنسان في تلك المناطق.

مهما كانت أقوال الكسي صحيحة أو كاذبة، وحتى لو كانت من اجل الحصول على اللجوء، إلا أن مجرد قوله انه يرفض الخدمة كي لا يقوم بقتل الأطفال الفلسطينيين يجعله بريئاً من أعمال جيش الاحتلال الاسرائيلي، والمنطق يقول بأنه على سلطات الهجرة التفكير بقضيته جيدا. لأنها قضية إنسانية في المقاوم الأول وسياسية في المقام الثاني. وبما ان النرويج تطوعت للعب دور الوسيط في عملية السلام أصبح من واجبها مساعدة الشباب الإسرائيلي الهارب من الخدمة في جيش إرهابي يفرض سياسة ومنهاج القتل على جنوده ، هذا إذا كانت النرويج لا تزال فعلا حريصة على السلام في شرق المتوسط. ونحن نعلم أنها فعلا حريصة على القيام بالمهمة لكنها لم تعد تعرف ماهية الوسائل الصحيحة والناجعة للقيام بذلك. الاعتقاد بأن تشجيع السلام يكون عبر إحضار فريق كرة قدم إسرائيلي فلسطيني مشترك للعب عدة مباريات في دورة كروية عالمية في اوسلو، أو وضع طلبة فلسطينيين وإسرائيليين معا في غرف سكن مشتركة في السكن الجامعي، لمدة قصيرة في دورة جامعية صيفية،هذا اعتقاد ناقص وغير ناضج وغير عملي، كما انه لن يحل مشاكل كبيرة عالقة، أقول هذا بعد التجربة، فقد شهدت في فترة سابقة تلك التجارب عن قرب في اوسلو، وكنت سألت بعض الطلبة الفلسطينيين عن تلك التجربة، فكانوا كلهم مستاءون منها ولم يحبذوها.

مساعدة السلام تكون بقبول لجوء الجنود والشباب الإسرائيليين الذين يهربون من الخدمة كي لا يتورطوا في قتل الآخرين وتضييق الخناق على عملية السلام المعلقة بحبال وهمية، وهذه القضية ليست عابرة، بل قضية كبيرة ويومية يعيشها المجتمع الصهيوني، وعلى الدول والشعوب الحريصة على السلام فعلا لا قولا أن تساعد هؤلاء الشباب على عدم التورط في سياسات القمع التي تتبناها حكومات بلادهم المتعاقبة. فبدلا من أرسالهم إلى كيان الاحتلال ورفض لجوئهم، من الأفضل منحهم اقامات ولو مؤقتة تبعدهم عن المجتمع الحربي والعسكري الذي هربوا منه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجيش الروسي يستهدف قطارا في -دونيتسك- ينقل أسلحة غربية


.. جامعة نورث إيسترن في بوسطن الأمريكية تغلق أبوابها ونائب رئيس




.. قبالة مقر البرلمان.. الشرطة الألمانية تفض بالقوة مخيما للمتض


.. مسؤولة إسرائيلية تصف أغلب شهداء غزة بالإرهابيين




.. قادة الجناح السياسي في حماس يميلون للتسويات لضمان بقائهم في