الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشبهة في الموقف الامريكي

هاني الروسان
(Hani Alroussen)

2010 / 3 / 28
القضية الفلسطينية


في خطوة لا تخلو البتة من شبهة ُتقدم الولايات المتحدة، وقبيل انعقاد القمة العربية بساعات، على الاعلان الصريح عن فشلها في إرغام بنيامين نتنياهو على التراجع ولو قيد أنملة عن مواقفه الصريحة للضرب بعرض الحائط ما يقال انها مواقف ورغبات الرئيس الأمريكي باراك اوباما لتحريك عملية السلام، بل انه تجاوز التأكيد الصريح للوزيرة كلنتون، على ان إصراره على تلك المواقف هو إضرار بمصالح الولايات المتحدة الحيوية في المنطقة وحط من هيبة الإدارة في أميركا ذاتها.
فقد قال الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينه لوكالة فرانس برس ان الرئيس عباس أُبلغ من ديفيد هيل مساعد المبعوث الامريكي لعملية السلام في الشرق الاوسط جورج ميتشيل الذي التقاه مساء الخميس الماضي بعمان، بفشل لقاء الرئيس اوباما مع نتنياهو في التوصل الى اتفاق لوقف الاستيطان في القدس والضفة الغربية من اجل استئناف المفاوضات غير المباشرة بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي.
وعلى الرغم من حملة التمهيد التي تعهدتها الصحف ووسائل الاعلام الاسرائيلية ، لرسم ملامح ازمة تفاقمت بين البلدين، وقول معظم المراقبين ان الأمور بين الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل لا تتجه إلى التهدئة. وخلافاً لما يزعمه مسؤولو البلدين عن إعادة الدفء إلى العلاقة بين اسرائيل والولايات المتحدة، والقول بإن الدلائل الملموسة تبدو مغايرة لذلك تماماً، وعلى الرغم مما اوحت به إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما من ان صبرها على غطرسة رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد بدأ بالنفاذ، على الرغم من ذلك وغيره فان الخطوة الامريكية تبقى مشبوهة وملتبسة ومثيرة.
فاذا كان احتماليا، لا يستبعد المنطق السياسي ان يرتكب زعيم ما حماقة معينة، حتى وان أدت إلى كارثة وطنية، حيث التاريخ قديمه وحديثه يقدم شواهد عدة على حماقات من هذا القبيل، كما انه معني بان يقدم لنا او هو بصدد ان يقدم لنا نماذج من قيادات كهذه، غير ان نتنياهو ليس احدها او على الاقل لا يبدو في الافق السياسي ما يرغمه على حماقة من نوع كسر العصا بيد الرئيس الامريكي.
ان اقصى ما يتهدد نتنياهو حال اقدامه على الانصياع للرغبة الامريكية هو انهيار تحالفه الحكومي، وربما الذهاب لانتخابات مبكرة، وفي كافة الاحوال فانه بالاضافة لاعتبار ذلك جزء من طبيعة الحياة السياسية الاسرائيلية وتوزع الخارطة الحزبية فيها، فانه سبب غير كاف لاقناع مؤسسة صناعة القرار السياسي الاسرائيلي لنتنياهو للذهاب بعيدا في الازمة مع الولايات المتحدة الامريكية، فضلا عن ان المطالب الامريكي لا تقترب من الخطوط الحمراء الاسرائيلية، إذ تكتفي باحد جوانبها بالتجميد المؤقت للاستيطان لا لمنعه اووقفه نهائيا.
إذن لماذا يذهب رئيس الحكومة الاسرائيلية، مذاهب من هذه ؟ وهل هو فعلا قادر على تحمل تبعات ازمة مع ادارة اوباما، ان سكت هذه الاخيرة عليها، فان اقل ما قد توصف به من قبل دافع الضرائب، بانها غير وطنية، خاصة وانها اختارت لها توصيفا اخذ طابع المصالح العليا لامريكا ؟ والقضية كلها متعلقة بتجميد بناء عدد من الوحدات السكنية، على اهميتها بالنسبة لنا كعرب.
اما امريكيا فلماذا تعري الولايات المتحدة نفسها الى هذا الحد ؟، الم تكتف باهانة بايدن وهو ضيف اسرائيل ؟، لتقبل باهانة نتنياهو في عقر الدار ؟ لماذا لم تأخد بنصائح بارونات الايباك بالإبقاء على سرية الخلافات مع اسرائيل، وحلها من وراء الانظار؟.
الحقيقة ان حجم الشبهة، لا يستمد ضخامته من هذه الاسئلة او غيرها، بل من مجانبته لبداهة الامور، فالمعروف ان لقاءات القمة او ما يسمى بدبلوماسية القمة جاءت كوسيلة لوضع حلول جذرية أو اتفاقيات هامة بين الدول، حيث أن لقاء زعماء الدول بما لديهم من صلاحيات واسعة سيساعد على توفير الوقت والجهد وسرعة الوصول إلى قرارات هامة.
والمعروف ايضا ان دبلوماسية القمة يجب أن تسبقها الدبلوماسية التقليدية بجهود عالية الإعداد بحيث تكون خاتمة العمل الدبلوماسي وليست بداية له، لانه من غبر المسموح لها عادة بالإخفاق لانها اذا أخفقت فإن إخفاقها سيكون نهائياً، وذلك بخلاف الوضع إذا تمت الاتصالات على مستوى الوزراء أو السفراء أو ما دونهم ، فإخفاق هؤلاء يمكن من استئناف الاتصالات على مستوى أعلى.
واللقاء الذي عقد بين اوباما ونتنياهو وان جاء على هامش اعمال الايباك إلا انه يدخل في عداد لقاءات القمة التي يسبقها إعداد دبلوماسي دقيق لتامين نجاحها، والاكثر من ذلك ان هذه القمة بالذات جرى الإعداد لها عبر وسائل الاعلام طوال نحو اسبوعين وان احتمالات النجاح والفشل كانت هي الاكثر وضوحا بما لا يدفع الطرفان للقاء إلا اذا كانا على بينة اكيدة من النجاح.
اما ان يقبل الرئيس اوباما بلقاء نتنياهو، رغم قول هذا الاخير قبل دقائق من اللقاء قولا لا لبس فيه، من ان الاستيطان في القدس لا يختلف عن البناء في تل ابيب رغم انها ارض فلسطينية هي الاخرى، فان ذلك ما يدعو الى الشك، ويثير مجموعة من الاسئلة.
الفشل كان الاكثر وضوحا، فلماذا الإصرار على الفشل، ولماذا قبيل انعقاد القمة العربية، او لماذا تبليغ العرب والفلسطينيين بهذا الفشل وفي هذا التوقيت بالذات ؟
وهنا فانه اذا كان من المستبعد ان يكون قد رمى الرئيس اوباما، من وراء هذا الفعل، استنهاض فعل عربي مضاد يستقوي به على موقف بنيامين نتنياهو، كأن تعمد القمة العربية الى سحب مبادرة سلام قمة 2002 او الطلب لبعض الدول العربية تجميد علاقاتها الدبلوماسية والتجارية السرية منها والعلنية.
واذا كان من المستبعد اكثر، بعد فشل لقاء القمة، - حيث يفترض ان تكون الدبلوماسية قد وضعت اوزارها - ان يكون الرئيس الامريكي بصدد الإعداد لخطوات اكثر تصعيدية نحو اسرائيل، لاعتبارات عدة اقلها تعقيدا طبيعة الكونغرس الامريكي، بل بالعكس فالانباء تتحدث في الوقت الذي تصاعدت فيه حدة الأزمة بين الحكومة الإسرائيلية والإدارة الأمريكية عن قيام الدولتان بالتوقيع على صفقة عسكرية كبيرة بمبلغ ربع مليار دولار، فان السؤال الذي يبقى معلقا هو لماذا هذا الوصول الى الحافة ؟.
قد لا يبدو احتمالا ضعيفا ان يكون اوباما قد اراد ان يقول انه استنفذ كل ما لديه من امكانيات لاجبار رئيس الوزراء الاسرائيلي، على التراجع، وانه لا يمتلك ما يرغمه على ذلك، خاصة وانه قد تسلح وادارته مسبقا بمدأ ان لا نية للولايات المتحدة في فرض تصوراتها على اطراف الصراع، كما انها لن تجبر أي طرف على قبول ما لا يقبله طواعية.
وبهذه الخطوة تكون الولايات المتحدة قد تنصلت من اية مسؤولية اضافية لارغام اسرائيل على تقديم بعض التنازلات لدفع عملية السلام والقت بحمل ذلك على الجانب الاكثر حاجة للحل، لكي ينصاع لقواعد قانون الواقع، ان اراد الحل خاصة وان المناسبة انعقاد القمة العربية التي قد يكون بمقدورها التدحرج نحو الهاوية اكثر.
هاني الروسان








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس: تلقينا رد إسرائيل على موقفنا حول وقف إطلاق النار وسندر


.. كارثة غزة بالأرقام.. ورفع الأنقاض سيستغرق 14 عاما | #سوشال_س




.. قوات النيتو تنفذ مناورات عسكرية متعددة الجنسيات في سلوفاكيا


.. طلاب جامعة كاليفورنيا الأمريكية يقيمون مخيم اعتصام داخل حرم




.. رئيس سابق للموساد: حماس متمسكة بمطالبها ومواقفها ?نها تحررت