الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ابن تيمية ام الضحوك القتّال !

احمد القاضي

2010 / 4 / 4
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في مدينة ماردين بجنوب شرق تركيا، وهي نفس المدينة التي اصدر عنها ابن تيمية الملقب بشيخ الاسلام فتواه الشهيرة بــ ( فتوى ماردين ) قبل ستة قرون، اجتمع فقهاء مسلمون من خمس عشرة دولة اسلامية منها المملكة العربية السعودية وتركيا والبوسنا وامريكا والهند والسنغال والكويت وإيران والمغرب واندونيسيا في اوآخر شهر مارس الماضي للنظر في تلك الفتوى الصادرة في القرن الثامن الهجري - الرابع عشر الميلادي والتي تقّسّم العالم الي دار اسلام ودار حرب. فقد افتى شيخ الاسلام ابن تيمية ردآ على سؤال عما اذا كانت ماردين التي احتلها المغول آنذاك دار حرب ام دار اسلام وقال :(( الحمد لله‏.‏ دماء المسلمين وأموالهم محرمة حيث كانوا في ‏[‏ماردين‏]‏ أو غيرها‏.‏ وإعانة الخارجين عن شريعة دين الإسلام محرمة، سواء كانوا أهل ‏[‏ماردين‏]‏، أو غيرهم‏.‏ والمقيم بها إن كان عاجزًا عن إقامة دينه، وجبت الهجرة عليه‏.‏ وإلا استحبت ولم تجب‏.‏ ومساعدتهم لعدو المسلمين بالأنفس والأموال محرمة عليهم، ويجب عليهم الامتناع من ذلك، بأي طريق أمكنهم، من تغيب، أو تعريض، أو مصانعة‏.‏ فإذا لم يمكن إلا بالهجرة، تعينت‏.‏ ولا يحل سبهم عمومًا ورميهم بالنفاق، بل السب والرمي بالنفاق يقع على الصفات المذكورة في الكتاب والسنة، فيدخل فيها بعض /أهل ‏[‏ماردين‏]‏ وغيرهم‏.‏ وأما كونها دار حرب أو سلم، فهي مركبة‏:‏ فيها المعنيان، ليست بمنزلة دار السلم التي تجري عليها أحكام الإسلام، لكون جندها مسلمين‏.‏ ولا بمنزلة دار الحرب التي أهلها كفار، بل هي قسم ثالث يعامل المسلم فيها بما يستحقه، ويقاتل الخارج عن شريعة الإسلام بما يستحقه‏.)) انتهى....والسبب الذي يقف وراء اجتماع هؤلاء الفقهاء المسلمين حسب قول السعودي الدكتور عبد الوهاب الطريري هو للعمل من اجل :(( تجريد هذه الفتوى من أن تكون دليلا للإرهابيين، لتوظيفها سلبيا كدليل شرعي يبيح لهم ارتكاب أعمال إرهابية )) وذلك لان زعيم تنظيم القاعدة اسامة بن لادن يعتمد عليها لتبرير عملياته الارهابية التي ينظمها ضد الغرب او ضد الحكومات في البلدان الاسلامية بدعوى انها موالية للكفار.

اعتماد بن لادن على فتاوى ابن تيمية لم يأت من فراغ فهو بحكم انه مواطن سعودي قد تشرّب بفتاويه وافكاره التي تشكل ركائز المذهب الذي انشأه الشيخ محمد بن عبد الوهاب والمسمى باسمه ( الوهابية ) ....واصول الفقه تدرّس في المدارس والمعاهد والجامعات السعودية وفق مرجعية ابن تيمية وشيخه احمد بن حنبل...ولذا فان بن لادن هو نتاج طبيعي لمجتمع بدوي مفعم تاريخيآ بكراهية الآخر وثقافة العنف والجهاد ضد الكفرة واحلام اسلمة العالم بالقوة والقهر..فلا استغراب اذن لكون السعودية هي اكبر ماكينة لتفريخ الارهابيين الاسلاميين وتصديرهم الي دول الجوار وشتى انحاء المعمورة.....والمفارقة ان السعودية شاركت في مؤتمر ماردين وهي المملكة التي قامت اصلآ بتحالف آل سعود مع شيوخ الوهابية معلية فريضة الجهاد الذي جعلته شعارآ لعلمها الاخضر الذي يتضمن عبارة ( لا اله الا الله محمد رسول الله ) وتحتها رسم السيف المحمدي الذي اخضعت به الجزيرة العربية وفيما بعد من وادي السند شرقآ الي اسبانيا غربآ.

في اوائل اربعينيات القرن الثامن عشر قامت الدولة السعودية الاولى بتحالف بين امير مدينة الدرعية محمد بن سعود والشيخ محمد بن عبد الوهاب وهو تحالف اشبه بالتحالف الذي قام بين محمد وقبيلتي الاوس والخزرج... تعهد هذا بان يحميه مما يحمي منه ابناءه ونساءه وتعهد ذاك بان يساعده في التمكين من اقامة سلطانه في كامل الجزيرة العربية مادام متمسكآ بشهادة لا اله الله محمد رسول الله...ومن ثم قاما باحياء الغزوات المحمدية بنفس تفاصيلها من المجازر وسبي النساء ونهب الممتلكات على اعتبار انها غنائم وذلك استنادآ على تعاليم الشيخ محمد بن عبد الوهاب وفتاويه المستندة بدورها على تعاليم وفتاوى شيخ الاسلام ابن تيمية والتي اعلن فيها الشيخ عبد الوهاب ان الناس في الجزيرة العربية وغيرها قد عادت الي الجاهلية والشرك ولابد من حربها حتى تعود الي الاسلام الصحيح..ولم ينته امر الدولة السعودية الاولى التي امتدت من اليمن الي حدود الاردن وكادت ان تصل الي الشام الا على يد جيش محمد علي باشا خديوي مصر...وقامت الدولة السعودية الثانية ( المملكة العربية السعودية ) بقيادة امير نجد عبد العزيز بن سعود بعون بريطاني بعد الحرب العالمية الاولى وعلى نفس التعاليم الوهابية التيمية.حيث لشيوخ الوهابية الكلمة النافذة في الحياة الاجتماعية وتحديد ما هو حلال وما حرام وما يجب ان يفعله السعوديون وما يجب ان يتجنبوه.

والحالة هذي، فان من المثير للسخرية ان يجتمع هذا الحشد من الفقهاء بمشاركة السعودية من اجل ( فتوى ماردين ) وكأن علة الارهاب والارهابيين الاسلاميين الذين يروّعون العالم اليوم ويسفكون دماء الابرياء تكمن فقط في ( فتوى ماردين ) ..ففتاوى ابن تيمية وتعاليمه التي هي المرجعية الدينيةالرئيسية في السعودية ولتنظيمات الاخوان المسلمين والارهابيين الاسلاميين في كل مكان تجسيد نقي لتعاليم وقرآن الضحوك القتّال دون رتوش او اية مساحيق تجميلية او التواءات تفسيرية ولذا فان تعاليمه وفتاويه لا تحمل غير البغض والكراهية والعداء لكل ما هو غير اسلامي ولكل من هو غير مسلم فهو القائل في احدى فتاويه (( أن المؤمن تجب موالاته وإن ظلمك واعتدى عليك ، والكافر تجب معاداته وإن أعطاك وأحسن إليك‏.‏ فإن اللّه سبحانه ـ بعث الرسل وأنزل الكتب ليكون الدين كله للّه، فيكون الحب لأوليائه والبغض لأعدائه، والإكرام لأوليائه، والإهانة لأعدائه، والثواب لأوليائه والعقاب لأعدائه‏.‏)) انتهي..... ما هو المرجو من اجيال تفطم و تشب وتترعرع تحت وابل هذه التعاليم والفتاوى المجافية للحضارة والانسانية والقيم الاخلاقية الرفعية.

وابن تيمية في نهاية المطاف ليس سوى عظمة نبتت من عظام محمد.. فالعصا من العصية ... فما المرجو من امة يقول نبيها المزعوم عن نفسه (( انا الضحوك القتّال )) حسبما جاء في تفسير ابن كثير لسورة " التوبة "..ويقول متوعدآ الذين رفضوا الاستجابة لدعوته (( جئتكم بالذبح )) .ويقول في قرآنه (( محمد والذين معه اشداء على الكفار رحماء بينهم ))...ويقول مؤكدآ مهنته التي يجيدها وهي مهنة النهب والسلب والسبي وقطع الطريق ((جعل رزقي تحت ظل رمحي ))....فقد جرد ثماني وثلاثين غزوة ضد القبائل في الجزيرة العربية وقاد بنفسه سبع وعشرين غزوة اقام خلالها المجازر وسبي النساء ويتّم الاطفال ونهب الاموال دون شفقة او رحمة بأمر الهي كما زعم....والجهاد الذي جعله ( ذروة سنام الاسلام ) وقال انه كتب على المسلمين وهو كره لهم، كان في الواقع الوسيلة الوحيدة لكسب اسباب المعيشة له وللمهاجرين المعدمين الذين عاشوا عالة على الانصار في يثرب.

لقد ترك مؤتمر ماردين غابة محمد بافاعيها وشرورها وامسك بشجرة ابن تيمية..وليته امسك بالشجرة كلها بل امسك بورقة واحدة منها اسمها ( فتوى ماردين )...وحسب التعبير الشكسبيري فــ ( الليل ما يزال طفلآ ) في هذا الجزء المسلم المظلم من العالم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحية
ابراهيم جركس ( 2010 / 4 / 3 - 23:13 )
أخي أحمد
اسمح لي أن أحييك وأصافحك وأقول لك
سلمت يداك
وأتمنى لك السعادة والرفاهية والعطاء


2 - مشكور
سناء ( 2010 / 4 / 4 - 10:57 )
الحقيقة العاريّة .شكرا على المقال مع التحيّات


3 - إبن تيمية والجرائم بحق الإنسانية
محمد ( 2010 / 4 / 4 - 14:56 )
على منطق القرن الحالي فإبن تيمية ليس إلا مجرماً. لايزال معظم السنة يعتقدون أن كلام إبن تيمية منزل. هذه هي المأساة بعينها. لن تغسل عقول السنة من سم إبن تيمية حتى يوم الدين. الفتاوي، كفتوي ماردين، ليست سوى غطاء مقنع للإحتلال والإستيطان. قرأت في هذا الحوار المتمدن عن علاقة إبن تيمية بمغول عصره وماجرى لأهل البلاد الأصليين بسبب فتاويه المجرمة. أية دراسة تاريخية بسيطة تقدم هذه العلاقة المهمة بين إحتلال الأرض وإستغلالها والتنظيف المذهبي والعرقي وفتاوى إبن تيمية المجرم. كم من آلاف البشر قتلوا وشردوا من أرضهم ومنازلهم بسبب إبن تيمية؟ كم من البشر سيقتلوا بسبب فتاوى إبن تيمية في عصرنا الحالي؟ المآساة هي في عدم الفهم التاريخي لفتاوى إبن تيمية وعدم وضعها في سياقها التاريخي الحقيقي لأننا إذا وضعناها كذلك فسنرى بأن إبن تيمية لم يكن سوى بيدق بيد أسيادة المحاربين. إن إبن تيمية ليس سوى مثال على إرتباط الشيخ مع الحاكم القمعي ومن مهازل القدر أن يستخدم السلفيون هذه النظريات للخروج على الحاكم. محاربة فتاوى إبن تيمية تبدأ بتعرية هذه الفتاوي بوضعها في سياقها التاريخي لأنها صدرت لمصلحة حاكم جائر


4 - كلام صحيح بالجملة مع ملاحظة بسيطة
أثير العاني ( 2010 / 4 / 6 - 10:15 )
فكرة الموضوع صحيحة تماما وكلامك صحيح من حيث المعنى وأكثر النصوص التي ذكرتها صحيحة السند لكن حديث -أنا الضحوك القتال- ضعيف، رغم أن ابن تيمية والذهبي وابن كثير وغيرهم قد ذكروه.
لكن يكفي من القرآن قوله -قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين اوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون- ومن الحديث ما ورد في البخاري ومسلم -امرت أن اقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله....-
تحياتي لك

اخر الافلام

.. طلاب يهود في جامعة كولومبيا ينفون تعرضهم لمضايقات من المحتجي


.. كاتدرائية واشنطن تكرم عمال الإغاثة السبعة القتلى من منظمة ال




.. محللون إسرائيليون: العصر الذهبي ليهود الولايات المتحدة الأمر


.. تعليق ساخر من باسم يوسف على تظاهرات الطلاب الغاضبة في الولاي




.. إسرائيل تقرر إدخال 70 ألف عامل فلسطيني عبر مرحلتين بعد عيد ا