الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فى سكة زمان راجعين

أمجد المصرى

2010 / 6 / 3
الادب والفن


فريد الأطرش عبر تسجيل عالى الصوت لدى أحد الجيران ، يقول المطرب وهو يناجى حبيبتـه و يغازلها غزلا رقيقا : يـا حبـيـبى عايز أغنى للعيون السود و خايف ، يـزعــلوا مـنى الـخـدود و اللا الشفايف .... و كان قد ســبقها بـقوله : مانحرمش العـمر من عـطفك عـليا ، يـاللى حـبك من الســـما أجـمـل هـدية .......... اللافت أولا أن المطرب قد بدأ أغـنيته بالـدعـاء الى الله أن يحفظ له هذا الحب و ألا يحرمه من عطف محبوبته عليه ، ثـم يمضى فيــؤكد أن هذا الحب هو أجـمل هدية من السماء ، أى أن الرجل لديه إيـمان قوى بأن الله هو واهب النعـم و العـطايا و الهبات ، و هو القادر عـلى المنح و المـنع ، لذا فهو يرجو ربــه أن يديم عـليه النعـمة و يدعـوه ألا يحرمه منها ، و يؤكد أنها هديـة من السماء بل أجـمل هدية .... اللافـت ثانيا أن مطربنا شديد الاعجاب و الـولـه بحبـيـبـته و مـنـبـهـر بـجـمــالها لكنه ( خايف ) أى أن حياءه و أدبه و احترامه لـهـا يـمنـعـه من التـغـنى بـجمال عيونها الـسـود ، و يـعـلل هـذا الخجل و الحياء بأنــــــه ( خايف من زعل الخـدود أو الـشـفايف ) ، اللافـت ثالثا أن الـمذكور ( الله يرحمـه ) عــندما نــظر الى محبـوبـته و جـد جـمالها فى العـيون الـسـود و فى الخـدود و فـى الشـفايف ، و كأنه يخبـرنا بأن العطف الذى كان فرحا به كان محـصورا فى نظـرة من العـيون السـود و ابتسـامة من الخدود و الشفايف ، و جدها كافية و اعتبرها أجمل هدية من السماء و دعـــا الله راجيا ألا يحرمه منها ، أى أن الرجل كان كأبناء جيله قـنوعا خجولا مـؤدبا و يفهم فى الأصول ، اللافـت رابـعا أن مـطربـنا الذى رأى محبوبـته أجـمل الجـميلات لدرجة التـغـنى بعــيونـها و خدودها و شـفاهـها لم يلفت نظره شعرها بالـمـرة و لم يـبد به افـتـتـانا و لاحـتى اهـتـمامـا ، رغــم أنـــــها بالتـأكـيد لم تـكــن محجـبة ، حيث لم يـتـم اخـتـراع الحـــجاب حـتى تلـك الأيـام ، و لكن الرجل كان عاقلا فاهـمـا ذواقا للـجـمال ، فـقـد وجــد فى جـــــمال الوجه و تـعـبيراته ما يفوق جمال الشعر مهما كان جميلا ، فماذا يفعـل الشعـر بل ماذا يسـاوى أمام نظرة من عـيون سود جميلة أو ابتسامة شفاه و خدود ساحرة ؟ و مـع ذلك فـقد أفـتى الفـقـهاء بإخــفاء الشـعـر لـمنـــع الـفـتـنة و هـو الذى لم يـفـــتـن أحـدا سـوى الـمتـخـلفـين عــقـلـيا و ذوى الاحـتـياجات الـخاصة ، اللافـت خـامسـا أن الرجل اكتفى بالغــزل فى ملامح الوجه و لم يـنـتـقل بـــغـزلـه الى مـناطق أخـرى يكثر مشـــايخـنا و يسـهبون فـى التـطرق إلـيــها بلا حياء ( حيث لا حياء عندهم فى العلم و لا حياء عـندهم فى الدين أيـضا ) فلم يتطرق الرجل الى ساق أو كاحل بـيـنـما هم يحدثـونك عـن الفـرج و عـن البـظـر و عــن اخـتــــــلاط الـماءين و عـن الـنـكـاح و الـوطــــء و عـــن الـمـرود و الـمـكـحـلة ، ثم يحـرمـون الـغـناء و باقــى الـفـنـون لأنـــــــــها تـنشـر الفـسق و الــفـجــور بين الناس ، اللافـت سـادسـا أن هذا الحـبـيـب الولـهان لم يدر بخلده و لم يطرأ على ذهنه أن يدعـو محـبوبـتـه الى الانـخراط مـعـه فى زواج عـرفى أو مسـيار أو مـصياف أو مـتعـة أو فرينــد ، فلم تكن كل تلك الاختراعـات قد ظهـرت فى حـياتـنـا حـتى تلك الأيام النـظـيفة ، بـل أنـتـجتــها أمـوال البتــرول فـيما بــــعـد ، اللافـت ســـــابعـا أن هذا الـعـاشق كـما هـو واضـح من سـياق الـكلمـات كان يلـتــقى مــحــبوبــته فى الأماكـن العـامـة الـمفـتوحـــة كالـمـتـنزهات أو كورنيش الـنـيل و مـا شـابهـها ، يظـهر من الـسياق أنـه يحـترمها بـما يمـنـعــه من مـجرد التفـكـير فى استدراجـها الى شـقة مفـروشة لـيقـضى وطـــره ثم الـبحث عــن عـيادة طبـيـب واطـى مـتــــــــخصص فى تـرقيع الـبـكارة مقابل مبلـغ زهـيد أو مقـابل أن يقـضى وطــره هـو الآخـر قبل العـمـلـية ، كـنــموذج لـما نـراه فـى حـاضرنـا البتـرودولارى الـســعـيد ........... بعـــد اسـتـماعــى لـهذه الأغـنية الــرقيقة و اســـترجاع ذكـريات تلك الأيام النظـيفة ، وجـدتـنى أردد بعضــــا من كلــــــمات رائـعـة الراحــل الـعــظـــيم عبد الحـلـيم حـافظ يـقـول فـيهـا شــــــــوف بقـيـنا فـيـن يا قلبى و هـى راحـت فـيـن ، شـوف خدتـنا لـفـيـن يا قـلـبى و شـوف سـابتـنا فـيـن ..... فـــــــــى سكة زمان راجـعـين فـى سكة زمان ، فـى نـفس الـمـكان ضـايـعـين فـى نـفس الـمـكان








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الزمن الجميل
يوسف المصري ( 2010 / 6 / 3 - 12:07 )
عزيزى امجد كل ماذكرته يفرنى بالزمن الجميل قبل سطوة البترودولار على المصريين وعلى منطقتنا العربية المنكوبة
لا تستغرب حين تجد مغنى فى المستقبل القريب يتغنى بجمال النقاب أو بروعة الخمار أو بهبل الحجاب
الله يسامحك ياصلعم خربت العقول !!!


2 - تحياتي
ناهد ( 2010 / 6 / 4 - 17:23 )
انما في مقارنتك هذه اثبت ان الاخلاق هي محرك الانسان وهي الباعث على الفضيلة وهو ما بنفي علاقة الاخلاق بالدين .
تحياتي لك الكاتب القدير وعن نفسي احب تلك الاغنيات التي ذكرتها بشكل خاص ، فليس اجمل من ان تتمنى لمحبوبتك بطول العمر سواء امنت بالله ام انكرت وجوده .
سلام

اخر الافلام

.. حورية فرغلي: اخترت تقديم -رابونزل بالمصري- عشان ما تعملتش قب


.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا




.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ


.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث




.. لعبة مليانة ضحك وبهجة وغنا مع ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محم