الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تاريخ المرأة على مقاس الذكر

يامنة كريمي
كاتبة وباحثة

(Yamna Karimi)

2010 / 9 / 8
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


ظل موضوع المرأة, في الغالب الأعم, الموضوع المسكوت عنه بامتياز لعدة قرون مضت. وفي العقود الأخيرة وبحكم التغيرات التي عرفها الواقع وما رافقها من تحولات في الأنساق الاقتصادية والاجتماعية, بدأ يظهر للوجود الاهتمام بشأن المرأة بما في ذلك تاريخها. لكن ما لوحظ هو أن كل محاولة جادة للبحث في تاريخ المرأة, تواجه مجموعة عوائق وإكراهات, في مقدمتها ندرة المادة التاريخية إلا ما كان من بعض الكتابات التي تهين المرأة وتقزم وجودها مع تسجيل بعض مواقف الشفقة والحسرة. ولكن في الربع الأخير من القرن التاسع عشر عرف العالم أكبر ثورة فكرية تمثلت في ظهور المادية التاريخية مع المذاهب الاشتراكية واستغلالها لما توصل له علماء الأنتروبلوجيا والآثار في القرن الثامن عشر وما بعده, مما خدم قضية المرأة بشكل لم تكن له سابقة في التاريخ.

أولا - الكتابات التقليدية والإجهاز على تاريخ المرأة
أ- تاريخ المرأة الإسلامية ضرب من الخلط والمغالطات

تاريخ المرأة أكثر أنواع التاريخ الذي تنطبق عليه مقولة ( التاريخ يكتبه المنتصرون والأقوياء). فمنذ بداية عصر الحضارة تقريبا -منطلق سيادة النظام الأبيسي و تراجع وتقهقر أوضاع المرأة الشعبية- تولى الذكوريون كتابة تاريخ المرأة فجعلوه على مقاسهم, حيث انتقوا منه ما راقهم وتجاهلوا وأسقطوا وحرفوا ما شاءوا, فلم يصلنا في الأغلب الأعم منه, إلا ما كان يخدم مصلحة الرجل. وحتى ذلك النزر القليل الذي وصلنا فجزئ منه قد أتلف ضمن ما أحرق من الكتب والمكتبات بفعل الصراعات السياسية والحروب. وما بقي على نذرته يصدق عليه ما قاله معروف الرصافي في التاريخ:(رأيته – التاريخ- بيت الكذب ومناخ الضلال ومتجشم أهواء الناس, إذا نظرت فيه كأني منه في كثبان من رمال الأباطيل قد تغلغلت فيها ذرات ضئيلة من شذور الحقيقة فيتعذر أو يتعسر على المرء أن يستخلص من طيس أباطيله ذرات شذور الحقيقة... وأنا إليهم أبرأ إلى الحقيقة من التاريخ, وأنا اليوم أكتب ما أكتب للحقيقة وحدها لا شريك لها عندي...)1 ولكون المرأة كانت أكبر ضحية لتكدس الثروات في يد الرجل ولسيادة النظام الأبوي المنتصر, وأكبر ضحايا نظرة المسلمين الظلامية لعصور ما قبل الإسلام "الجاهلية",فإن تاريخها كان أكبر أنواع الفكر والمعرفة تعرضا للتصفية أو على الأقل للتشويه والتزوير على المستويين المعرفي المنهجي. والأفظع من ذلك أنهم جعلوا المرأة تؤمن بمسألة التمييز بين المرأة والرجل وتمررها للأجيال بداية من تفضيل ولادة الذكر على ولادة الأنثى, وبعدها التمييز بينهم في التربية المنزلية والمدرسة واللعب...مما سنحاول توضيحه في أوانه.
لقد دأبت الكتابات التقليدية بما فيها الإسلامية, النظر إلى المرأة على أنها صاحبة الخطيئة الأولى, وناقصة عقل وأنها أفعى وشيطان ومصدر المفاسد, وليست لها روح إنسانية وتركها على حريتها يهدد سلامة الرجل والحياة, لذلك وجب الحجر عليها وسجنها وتحقيرها وردعها واستعبادها وقتلها حتى. وحتى المواقف الذكورية المعتدلة حيث الرجل يعتبر المرأة إنسانا فإن ذلك يكون وفق شروط, منها إجبارية خدمتها وخضوعها له والتزامها بأوامره وعدم مغادرتها للبيت مخافة أن تعيث في الأرض فسادا... وقد استمرت تلك الصورة النمطية للمرأة وتجذرت, حيث أن الباحث عندما يقف على تلك الكتابات يجدها كمعلقات العصر ما قبل الإسلام"الجاهلية" بمطلعها الغزلي. فكل المناهضين لإنسانية المرأة وكرامتها يفتتحون خطاباتهم عن المرأة بما يشبه: ( كانت المرأة في "الجاهلية" لا تتمتع بأي حقوق بل كانت تدخل ضمن ممتلكات الزوج تورث ضمن تركته. وكانت كسقط المتاع لدى البابليين والآشوريين والفراعنة واليونانيين والهنود والصينيين,...وجاء الإسلام وكرمها ورفعها إلى مستوى الإنسانية. وخصها بسورة كاملة من كبار سور القرآن سماها "النساء". ومتعها بكل حقوقها بما فيها التعلم والإرث. وهي مكفية المؤونة والحاجة, ونفقتها على الرجل سواء كان أبا أو أخا أو عما أو زوجا, وما عليها إلا أن تقر في بيتها وتخضع لبعلها...)
وبالوقوف على مثل هذه الكتابات والخطابات لا نجد بدا من القول بأنها ليست بكتابات تاريخية سواء على مستوى المضمون أو المنهج، كما أثبت ذلك مجموعة من الباحثين والمؤرخين المشارقة والمغاربة. فعلى المستوى المعرفي نجد أن ما تقدمه هذه الفئة على أنه تاريخ, ما هو إلا ركام من الخلط والمغالطات يسهل دحضه وتفنيده بما يلي:
- فعن اعتبار معظم المسلمين التقليديين خاصة المنظرين لهم, أن ما قبل الإسلام هو "جاهلية" بكل ما تحمله الكلمة من معنى التخلف والجهل والوحشية والطغيان, و(أن الإسلام يجب ما قبله) هو مفهوم خاطئ على ثلاث مستويات على الأقل. أولهم, أن (الإسلام يجب ما قبله) لا تعني أنه يهدم ما قبله من تاريخ وثقافة وعلوم...إنما الأمر يخص الذنوب. ثانيهم, أن إطلاق كلمة جاهلية على فترة زمنية معينة أمر أنكره المختصون لكونه حكم قيمة يترتب عنه التحقير والتنقيص. ثالثهم، أن ما وصلنا من معلومات عن ما قبل الإسلام يستوجب التصفية والغربلة. فالإنسان في الفترة القريبة من ظهور الإسلام بما فيه إنسان الجزيرة العربية لم يكن في مجمله على تلك الصورة التي يقدمها لنا التراثيون المعاديون للغير. فالإنسان قبل الدعوة المحمدية, كانت له حضارة متنوعة. فمثلا على المستوى الديني, لم تعرف جزيرة العرب فقط الديانة الوثنية وعبادة الأصنام كما تلقينا ذلك في المدارس, وإنما سادت بها ديانات أخرى مثل اليهودية والنصرانية والزرادشتية وخاصة الحنفية كما يؤكد ذلك القرآن, (وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ...) وهي آية تكررت سبع مرات في القرآن. وكان سكان جزيرة العرب, يتشكلون من الحضر بثقافتهم المنفتحة والمرنة, والبدو بثقافاتهم التي رغم ما يطبعها من غلظة وخشونة فلها نصيبها من المحاسن والمكارم. كما كانت العلاقات الاجتماعية منظمة في معظمها والمعاملات الإنسانية حاضرة حسب قيم ومفاهيم اللحظة. و كان العدل والشهامة والكرم والمؤاخاة والتآزر, تعتبر من سمات الشرف ومكارم الأخلاق دون أن يمنع ذلك من انتشار العنف والشر. والعرب خاصة المكيون أولوا عناية خاصة للفكر والأدب حيث كان الأعيان منهم, ينظمون لقاءات وسهرات تشبه الصالونات الثقافية الأرستقراطية, يحضرها الرجال والنساء. ناهيك عن الأنشطة الاقتصادية والفكرية الموسمية كالحج وسوق عكاظ...وإن كان لا يتسع لنا المجال للتفصيل فالتاريخ يشهد على ذلك والمنطق والعلم يثبتان بما لا يدع مجالا للشك، أن أي ثقافة أو حضارة لا يمكن أن تنشأ من فراغ. والثقافة الإسلامية ما هي إلا تطور لما سبقها من ثقافات حيث أخذت من فترة ما قبل الإسلام ما اعتبرته حسنا أو قابلا للتعديل والتهذيب ولم تسقط إلا النزر القليل الذي لم يكن يتجاوب مع متطلبات التطور. والقرآن والأحاديث النبوية تشهد على ذلك. وقد صدق الأزهري خليل عبد الكريم حينما قال: (فالكثير من القراء قد يدهش عندما يعرف أن الإسلام قد أخذ من "الجاهلية" كثيرا من الشئون الدينية والتعبدية: أخذ منها فريضة الحج وشعيرة العمرة وتعظيم الكعبة وتقديس شهر رمضان وحرمة الأشهر الحرام وثلاثة حدود: الزنا والسرقة وشرب الخمر وشطراً كبيراً من المسئولية الجزائية مثل القصاص والدية والقسامة والعاقلة.. الخ.)2. ومن باب العلم بالشيء, فإن معظم هذه الطقوس والمراسيم مارسها الإنسان منذ غابر الأزمنة والعصور.
- أما فيما يخص اعتبار تسمية سورة من سور القرآن على أنها تكريم للمرأة, فالجواب هو أننا إذا سلمنا بأن تسمية سورة من القرآن (بسورة النساء) هو تكريم للمرأة, فذلك يعني أن تكريمها لا يقل عن تكريم البقرة التي تسمى بها أطول سورة في القرآن وكذلك الفيل والكافرون والعنكبوت والرعد والأنعام وكلها أسماء أطلقت على سور قرآنية..., أضف إلى ذلك أن سورة النساء هي التي وردت فيها آية ضرب المرأة, والتي لسوء تأويل السلفيين لها جعلوها أكبر ورقة ضغط في يد النصيين المعادين لحقوق المرأة وكذلك في يد المعارضين للثقافة الإسلامية. وجعل المسلمين فعلا أمة تضحك لجهلها الأمم.
- القول بأن الإسلام كرم المرأة وأن الإغريق واليونان والرومان, قد عاملوها بعنف وقسوة, كلام يحادي المنطق في معظمه. لأنه يقارن بين فترتين تاريخيتين مختلفتين لوضعية المرأة, المرأة العربية المسلمة بداية من القرن السابع الميلادي والمرأة الإغريقية أو اليونانية أو الرومانية في مرحلة تسبق 3000 سنة قم تقريبا. وهذا ضرب من الخلط والتغليط, لا يختلف عن قول الإخباريين باضطهاد المرأة في الحضارات الأخرى, بشكل عام ومطلق, الأمر الذي كذب أنجلز جزءا منه من خلال قوله: (كان بمقدور الزوجة(الرومانية) هنا, مثلها مثل الزوج, أن تفسخ الزواج حين يطيب لها)3. كما ثبت في المراجع التاريخية, فإن الاضطهاد إذا كان ينطبق على المرأة في أثينا في بداية الحضارة اليونانية, حيث لم يكن يسمح لها سوى بتعلم بعض الحرف مثل النسيج والخياطة, ويمنعون عنها القراءة والكتابة, فإنه لا يوافق المرأة في إسبارطة التي كان لها حق التعلم والمشاركة في الأنشطة الاجتماعية.أما عن المرأة الفرعونية فلا يتسع المقال لتوضيح مدى سمو المكانة التي شغلتها نساء النخبة (الكيلوباتريات).
- دعوى أن المرأة كانت لا ترث وكانت تورث, لم تكن ظاهرة عامة, فقد كانت سائدة عند بعض القبائل فقط وقبائل أخرى كانت ترث فيها المرأة بشهادة ما لا يحصى من المؤرخين بما فيهم, الدكتور جواد علي: (هناك روايات يفهم منها ان من الجاهليات من ورثن ازواجهن وذوي قرباهن، وان عادة حرمان النساء الارث لم تكن عامة عند جميع القبائل. ولا بد أن السيدة خديجة قد ورثت أموالها الطائلة من زوجيها الذين توفيا قبل أن يتزوجها النبي. فالمرأة في الجاهلية كانت ترث من زوجها، وإلا لما أصبحت خديجة من أغنى أغنياء مكة...وهناك رواية تذكر ان اول من جعل للبنات نصيباً في الارث من الجاهليين هو " ذو المجاسد" عامر بن جشم بن غنم بن حبيب بن كعب بن يشكر، ورّث ماله لولده في الجاهلية فجعل للذكر مثل حظ الانثيين، فوافق حكمه حكم الاسلام... فالأرملة التي تعول أطفالاً مات أبوهم ترث نصف ما يرثه أخوها الأعزب إذا مات والدهما)4. و نفس القاعدة تنطبق على كونها تورث, ففعلا كانت هناك من النساء من يورثن. وذلك شأن النساء من الطبقات الشعبية الفقيرة أو سبايا الحرب. أما نساء الأسر الغنية والقوية فلا تنطبق عليهن هذه الظاهرة. وأحيانا حتى سبايا الحرب كن يفتدين أنفسهن إذا أتيحت لهن تلك الفرصة, مما يثبت تمتعهن بذمة مالية. وما قلناه عن إرث المرأة وتوريثها ينطبق على الوأد الذي سنخصص له موضوعا مستقلا.
- أما عن كون المرأة لم يكن لها أي حق على زوجها وأنها كانت تدخل ضمن ممتلكاته فنقول في أمره نفس ما قلناه عن إرث المرأة, أي أن هذه الحالة لم تكن هي السائدة لوحدها وإنما كانت هناك حالات أخرى بدليل قاطع الثبوت, (أن من النساء في الجاهلية وهن من الطبقات العليا في المجتمع من كن لا يتزوجن إلا بإرادتهن بل منهن من كان امر طلاقهن بأيديهن مثل سلمى بنت عمرو بن زيد بن لبيد بن خداش وفاطمة بنت الخرشب الأنمارية وعاتكة بنت مرة بن هلال بن فالج وخارجة ومارية بنت الجعيد بن صنبرة...)5. فضلا عن حالة السيدة خديجة وطلبها الزواج من النبي وتحملها مسؤولية الإنفاق. وأنواع الزواج التي كانت سائدة قبيل الإسلام وفي بدايته, تمثل أكبر شاهد على أن المرأة لم تكن في الغالب الأعم على تلك الصورة النمطية التي يقدمها لنا الإخباريون والتقليديون.
- القول, بأن المرأة مكفية المؤونة يدخل بدوره في خانة المغالطات وتحريف الحقائق كما أشرنا لذلك في مقال سابق ونكتفي هنا بالقول أن المرأة على مر الأزمنة والعصور كانت عنصرا منتجا وفعالا, تتحمل كل أو بعض أعباء الأسرة بما فيها النفقة. وبالنسبة لنساء الجزيرة العربية فقد مارسن جميع المهن والحرف بداية ببناء البيوت وصناعة الأواني المنزلية الخشبية و القصبية والعشبية و الخزفية. كما احترفن صناعة الجلد والنسيج لتوفير الملابس والأفرشة والأغطية والخيام. وعملن بالرعي والزراعة جنبا إلى جنب مع الرجل كما تشهد على ذلك بعض القرى النائية والمنعزلة حيث لا زالت المرأة تقوم بنفس الأنشطة والمهام. ومع مرور الزمن وظهور سوق العمل أصبحت المرأة تقدم خدماتها مقابل أجر. فمارست بمكة سقاية الحجاج وخدمتهم.وهوعمل شاق ومتعب كما أشار إلى ذلك الطبري في سياق حديثه عن فاطمة زوج على ابن أبي طالب. وكانت من النساء الماشطة والمرضعة والخاطبة والمعالجة وكذلك التاجرة سواء في أسواق القبيلة أو خارجها. واشتهرت بعضهن بما يصنعن ويتاجرن به, مثل "ردينة" التي اشتهرت الرماح التي تصنعها وتبيعها رفقة زوجها. ب"الرماح الردينية". كما برعت "منشم" في تركيب العطور...وأسماء بنت خويلد وذات النحيين ببيع الآدم والسمن. وشاركت النساء في الحروب لا كمشجعات ومساعدات فقط ولكن كمحاربات. يقول الواقدي: (...أقسم عليه قال حزام بن غنم: قلت لرجل ممن شهد اليرموك: أكانت النساء معكم مشاهدات القتال. قال: نعم إحداهن أسماء بنت أبي بكر زوجة الزبير بن العوام وخولة بنت الأزور ونسيبة بنت كعب وأم أبان زوجة عكرمة بن أبي جهل وعزة بنت عامر بن عاصم الضمري مع زوجها مسلمة بن عوف الضمري ورملة بنت طليحة الزبيري ورعلة وأمامة وزينب وهند ويعمر ولبنى وأمثالهن رضي الله عنهن فلقد كن يقاتلن قتالا يرضين به الله ورسوله)6.
واشتهرت النساء بالكهانة, ومن الكاهنات العربيات قبل الإسلام كما ورد عند الآلوسي: " ظريفة الخير " كاهنة حمير , " و "سلمى الهمدانية" و "عفراء حمير" و "فاطمة بنت مرّ الهمدانية" و "سجاح" التي ادعت النبوة و هذيم... وكانت للكاهنات مكانة رفيعة لدى العرب, يلجأون إليهن لاستشارتهن في الأمور المعضلة, كما كانوا يستعلمون منهن عن المستقبل وأمور الغيب. وكانت الكاهنات أو العرافات تمارسن التطبيب والعلاج بالأعشاب والمواد الطبيعية و التعاويذ والرقى, كما يقمن بصرع الجن ومحاربة الأرواح الشريرة التي كانت تمثل أكبر المخاطر التي تحذق بحياة الإنسان أنذاك. وعرفت فترة ما قبل الإسلام عدة حكيمات مثل ابنة الخس, وجمعة بنت حابس الإيادي, وصحر بنت لقمان, وخصيلة بنت عامر بن الظرب العدواني, وحذام بنت الريان. وقد برعت النساء قديما في قرض الشعر حيث تناول شعر المرأة جميع المواضيع بما فيها، الأخلاق والطبيعة والمجتمع والحب والحرب. وحسب ما توصل إليه الباحث بشير يموت في كتابه, (شاعرات العرب في الجاهلية والإسلام) أن عدد شاعرات العرب قبل الإسلام كان يتجاوز المائة. ومنه فإن المجتمع العربي كان مجتمعا أموميا وعنه قال مثلا حنان عبود: (كانت المجتمعات العربية أمومية. بل من آخر المجتمعات التي تحولت إلى الذكورة. وحتى القرن السابع كان الولد يذهب إلى خاله يتلقى على يديه التربية المثالية. وكان الفخر بالخال تقليدا عاما في الشعر والحياة العامة. أما الفخر بالأم فقد ظل حتى صارت القبيلة بحاجة إلى فرسان غزاة، فتحول إلى الفخر بالأب)7. ونفس الشهادة أوردها جواد العلي: (للأم أثر خطير في الولد وقد ذكر الجاحظ أن العرب تقول (عرق الخال لا ينام...ومن دلائل ذلك تباهي الناس بأخوالهم...واحتماء الأولاد بأخوالهم ولجوؤهم إليهم أكثر من لجوئهم لأعمامهم...لكن هناك من القبائل من يقدم العم على الخال)8.
وبالتالي فإن كل محاولات طمس مظاهر العزة من تاريخ المرأة ستنتهي بالفشل إن لم يكن قد حصل. ومعه ستتوقف كل محاولات تكريس التمييز بين المرأة والرجل وشرعنة دونيتها وتبعيتها للرجل.

ب - تاريخ المرأة الإسلامية يطبعه الاختزال والنمطية والتعميم والإسقاط

أما على مستوى المنهج, نجد أن تاريخ المرأة يشوبه الاختزال والتعميم والإسقاط. فعن, اختزال تاريخ المرأة المسلمة, يتمثل في كون الإخباريين قد حصروه في فترة الإسلام كمرحلة تاريخية مشروعة, وما سبقها بقليل لضرورة الاستشهاد وضرب المثل. وذلك, بسبب معتقد خاطئ قد وقفنا عليه, وبدافع معاداة الذكوريين لحرية واستقلالية المرأة, وسعيهم لطمس وإقبار أي أثر تاريخي يشهد على أن المرأة, إنسانة كاملة وعاقلة ومسؤولة وبالتالي فمن حقها التمتع مثلها مثل الرجل بالحرية والاستقلال والاحترام والكرامة.
أما فيما يخص الإسقاط والتعميم, فيتجليان في كون الكتابات العربية الإسلامية عن المرأة, كتابات لا تهم سوى واقع وثقافة المرأة من عامة قريش. لكن الإخباريين أسقطوا تلك الوضعية الخاصة وعمموها على باقي النساء, وبذلك يكونون قد أخرجوا ظاهرة المرأة من نسقها العام وأهملوا أثر حركية الأوضاع السياسية والاقتصادية والاختلافات الجغرافية في تحديد مكانة ودور المرأة. مما حال دون إدراكهم أن تاريخ المرأة يشمل مجموعة وضعيات, تتطور وتتبدل مع مرور الزمن, وتختلف من مجتمع إسلامي إلى آخر ومن طبقة اجتماعية إلى أخرى داخل المجتمع الواحد, وتتباين ما بين المرأة الحرة والأمة حيث لكل واحدة قوانين تحكمها.
أما الشكل الثاني من الإسقاط فهو الإسقاط العشوائي والمتعمد لمفاهيم ورموز قديمة قد انقلبت معانيها على المرأة, لتجريدها من القدسية التي طبعتها قديما, وتشويه صورتها وربطها بالشر والفساد. فمثلا كان السحر يعني العلم والحكمة والطب ... واعتبار المرأة ساحرة أو كاهنة, رمز إلى كونها عالمة بخبايا الأمور ولها بعد نظر, مما يجعلها تحظى بالتشريف والتقدير. وذلك ليس كثيرا في حق من كان المجتمع يرى بأنها تتمتع بقدرات خارقة, فهي الوحيدة التي تعرف اسم الله. وهي رمز الحب والحياة والخصوبة والبسالة والقتال. قدست وألهت لزمان طويل. لكن عندما تطلق كلمة ساحرة على المرأة خارج العصور القديمة أي في زمان السلطة الذكورية ومع ظهور الديانات السماوية بما فيها الإسلام, حيث تحول مفهوم السحر إلى معنى الفساد والشعوذة والنصب والاحتيال, يصبح نعت المرأة بالساحرة اعتداء على شخصها وتدنيس لشرفها وتجريحا لكرامتها . وأستحضر في هذا الباب ما قاله أحمد عمر: (اسمها يعني الهواء والنفس والروح والليل...فصار، بعد سيطرة السيادة الذكرية، يرمز للعنف والظلام، فانقلبت سمعتها من مربية أطفال إلى قاتلة. ثم ارتبطت بالشجرة المحرمة والأفعى والبومة، التي انقلبت رموزها أيضا، فالأفعى كانت رمز الشفاء صارت رمزا للفناء والبومة التي كانت ترمز للحكمة صارت ترمز للخراب…)9
فهذه بعض المغالطات التي أتيح لنا الكشف عنها على أمل أن نكون قد وفقنا ولو قليلا في توضيحها. لكن لازالت هناك حقائق لن تستغرق طويلا لكي تطفو على السطح.

ثانيا - المادية التاريخية وإحياء ماضي المرأة.

بعد ما تطرقنا, ولو بعجالة, لبعض مظاهر التحريف والتمويه والانتقاء التي شابت وتشوب الكتابات الكلاسيكية فيما يخص تاريخ المرأة. ننتقل للوقوف على الثورة التي أحدثتها المادية التاريخية في البحوث الإنسانية عموما والتاريخية على الخصوص, مما ساهم في انتشال تاريخ المرأة من تحت ركامات التغليط والتهميش والإهمال, وتمكينه من الانتشار والإشعاع أملا في أن تستعيد المرأة ذاتها وتفجر طاقاتها في التشييد والبناء مثلها مثل الرجل.
اعتمد الماديون التاريخيون مثل ماركس وأنجلز على ما وفره الأنتروبولوجيون ومؤرخو المجتمعات البدائية و الرحالة ... من مادة تاريخية حول الأنظمة الاجتماعية وما يرتبط بها من زواج وقضاء وإرث. العمل الذي أسست له المدرسة البريطانية, لكن يبقى الفضل لباهوفن من خلال مؤلفه (حق الأم 1861) الذي وضع أول عمل جاد لتاريخ العائلة ,ومما جاء فيه: (في البداية كانت توجد لدى البشر علاقات جنسية غير محدودة لدلك كان تقرير النسب يتم حسب خط الأم- بموجب حق الأم- كما كان الحال في البدء عند جميع شعوب الأزمنة الغابرة. وتمتعت النساء بالاحترام والتقدير بلغ حد سيادة النساء التامة.)10. كما أشار باهوفن إلى مسألة الانتقال من الحرية الجنسية وحق الأم إلى الزواج الأحادي وحق الأب من خلال تفسيره وتأويله لثلاثية (أوريستية) المسرحية لاسخيولوس. وأتى بعد ذلك ماك لينان ليثبت مصداقية ما توصل له باهوفن من خلال اعتباره بأن نظام الأصل حسب الحق الأمي هو الأول. وفي 1870 أثبت ليبوك في كتابه ( أصل الحضارة) أن الشعوب المتخلفة قد عرفت الزواج الجماعي, حيث أن بضع رجال يملكون بضع نساء بصورة مشتركة. وبتتبعنا مسار بحث أنجلز في التاريخ القديم سنجد على أنه في 1877 تقدم مورغان بمادة جديدة من خلال كتابه ( المجتمع القديم)11 الذي أورد فيه تقسيما للتاريخ يشمل ثلاثة مراحل:
- المرحلة الأولى تعرف بالوحشية بمستوياتها الثلاث الدنيا والمتوسطة والعليا. وخلالها, صنع الإنسان الرمح والقوس وبعض الأواني الخشبية و نسج الألياف النباتية والأدوات الحجرية المصقولة خاصة الفأس.
- المرحلة الثانية هي البربرية بمستوياتها الثلاث كذلك. من أهم ما عرفته, اكتشاف صناعة الفخار وتدجين الحيوانات في بعض الجهات وممارسة الزراعة في جهات أخرى وذلك حسب الظروف الطبيعية ثم الجمع بينهما للتكامل بين الزراعة وتربية المواشي. تلتها عملية صهر الحديد وصناعة الفأس الحديدي والمحراث ذو السكة الحديدية...وتم الاهتداء إلى استعمال الحيوانات للجر فتوسع مجال الزراعة وتوفر احتياط من المؤن الغدائية مما دفع إلى الزيادة في عدد السكان.
- وأخيرا, مرحلة الحضارة التي من أهم مظاهرها استمرار تطور طرق وأساليب الإنتاج و اكتشاف الكتابة والزيادة في فائض الإنتاج وتبلور مظاهر الملكية الخاصة وتقسيم المهام بين المرأة والرجل.
ورافق تطور وسائل الإنتاج وطرقه, تطور في الأنظمة الاجتماعية حيث يجد أنجلز أن(الوحشية يناسبها الزواج الجماعي, والبربرية يناسبها الزواج الثنائي, والحضارة تناسبها أحادية الزواج المقرون بالخيانة الزوجية والبغاء. وبين الزواج الثنائي وأحادية الزواج, تتسرب في الطور الأعلى من البربرية سيادة الرجال على العبدات وتعدد الزوجات...وقد نشأت أحادية الزواج من تمركز ثروات كبيرة في يد واحدة هي يد الرجل....)12.
فإذا انطلقنا من هذه الأرضية التاريخية سيتضح لنا أنه :
- في مرحلة الوحشية, ساد النظام الأميسي -حق الأم- الذي عرف بالحرية الجنسية, حيث كان كل رجل يخص كل امرأة وكل امرأة تخص كل رجل إلى حد التزاوج بين الآباء والأبناء والإخوان والأخوات... وكان تقرير النسب يتم حسب خط الأم. وتمتعت المرأة في هذه المرحلة بقدر كبير من الاحترام والتقدير، بلغ، في رأى باهوفن، حد سيادة النساء التامة "الجينيكوقراطية"، أي حكم النساء. والتاريخ يثبت أن الآلهة القديمة كانت بصيغة التأنيث. وحسب ما لدينا من قرائن فإن ظاهرة التمييز لم تكن حاضرة في هذه الفترة رغم التشريف الذي حظيت به المرأة لأهمية ما كانت تقوم به من أنشطة وكذلك لعامل الخصوبة, وذلك لأن الإمكانيات الفردية كانت ضعيفة مما حتم ضرورة العيش الجماعي ( القطيع أو النقيل).
- في المرحلة البربرية، ظهرت بوادر تراجع ظاهرة الحرية أو المشاعة الجنسية لصالح الزواج الجماعي, فكان عدد من الرجال ينفردون في الزواج بعدد من النساء وعلى الأرجح كان يفترض أن لا تكون بينهما علاقة أبوة أو أخوة لأن هذه العلاقة تجاوزها الزواج البدائي في أولى مراحل تطوره. ومع المرحلة البربرية العليا، حل الزواج الثنائي محل الزواج الجماعي. (حيث يعيش الرجل مع امرأة واحدة, ولكن مع حضور تعدد الزوجات والخيانة الزوجية من جهة الرجل وفي هذا الزواج يسهل على كل من الطرفين أن يحل الرابطة الزوجية, ويعود الأولاد للأم فقط)13, بمعنى أن النظام الأميسي ساد حتى أواخر المرحلة البربرية. وللإشارة فإن ربط نوع من الزواج بمرحلة تاريخية لا يعني الغياب التام للأنواع الأخرى.لأن التاريخ يثبت أن أنواع الزواج منذ البربرية العليا, قد تزامنت وتواجدت معا مع سيادة أحد الأنواع.
- مع مطلع عصر الحضارة ظهر الزواج الأحادي من جهة المرأة حيث ساد –حق الأب- أي سلطة الرجل على كل من المرأة والأولاد والعبيد كفئة اجتماعية تشكلت بفعل الغارات والحروب واستغلت كـأداة إنتاج. وفي خضم هذه الظروف فقدت المرأة السلطة والشرف اللذان تمتعت بهما في العهد الأميسي وعن ذلك يقول أنجلز (أن أحادية الزواج تاريخيا هي التي أدت إلى تردي وضع المرأة وإلى تسهيل الخيانة الزوجية من جانب الرجال) 14 معتبرا أن إسقاط الحق الأمومي كان هزيمة تاريخية عالمية لجنس المرأة.
فعلا تعتبر مرحلة الحضارة وما رافقها من أحادية الزواج هي تاريخ شيوع تراجع مكانة المرأة من العامة وتحقيرها واعتبارها كسقط المتاع. الظاهرة التي, حسب المعطيات التاريخية, ترجع جذورها إلى مرحلة تقسيم الوظائف بين الجنسيين و توجه المرأة للعمل الداخلي وابتعادها عن الحياة الاجتماعية, وتوجه الرجل للصراع والحروب من أجل البحث عن الثروة والسلطة. لكن إذا كان ذلك وضع وحال المرأة من عامة الشعب, فإن نساء الطبقة الغنية والقوية, قد احتفظن بمعظم الحقوق والحريات سواء في البيت الأبوي أو البيت الزوجي لأن احترامهن من احترام مالهن ونسبهن. فقد كان لهن حق التعلم في البيت وكن يشاركن في الحياة العامة وينظمن الشعر ويجبن الأسواق ويعقدن السهرات التي تطرح فيها قضايا الغيب والجن وأخبار الأمم الأخرى وأساطير الأولين وأمور الدين والتجارة...وهذه النساء كن كثيرات من أمثال السيدة خديجة وقتيلة بنت نوفل أخت ورقة بن نوفل وفاطمة بنت مر الخثعمية وحفصة بنت عمر والسيدة عائشة, التي قال فيها الإمام الزهري: (لو جمع علم عائشة إلى علم جميع أمهات المؤمنين وعلم جميع النساء لكان علم عائشة أفضله) وإن كان السلفيون لا يفهمون من هذه الشهادة سوى أن السيدة عائشة كانت ذكية ومجتهدة, فهناك حقيقة أخرى مغيبة, وهي أن نساء العامة لم تتح لهن فرصة التعلم والتثقيف مما جعل مجال المقارنة ضيقا. ومنه يمكن أن نعتبر أن أي كلام عن كون المرأة الإسلامية, بصيغة التعميم, قد تمتعت بكل الحقوق, هو ضرب من التغليط والتمويه لأن الأمر لا يهم إلا النخبة. ولن تفوتني في هذه النقطة, الإشارة إلى أوضاع المرأة الأمة و التي يمكن إجمالها في وضعيتين. وضعية الأمة الذميمة والجاهلة التي عاشت قساوة العبودية والاستغلال والعنف, وقصة ضرب عمر للإيماء في الشارع لارتدائهن الحجاب "وتشبههن بالحرائر" معروفة. ووضعية الأمة أو الجارية الجميلة والذكية والمتعلمة والفنانة والمثقفة التي كانت عالية ومرموقة, لم تحظ بها حتى الزوجة من الحرائر. والتاريخ بما فيه الإسلامي حافل بالشهادات عن الإماء اللواتي أنجبن ملوكا وحكاما وحركنا خيوط الحكم والسلطان من خلف الستار.
وكخلاصة, فإن التمييز ليس مسألة فطرية, إنما الفطرة تكمن في المساواة. ولذلك فإن المرأة والرجل قد وجدا في بداية الخليقة متساويين. والتمييز بينهما جاء في سياق سياسة التمييز التي نشأت بين البشر في مطلع عصر الحضارة. وذلك نتيجة تقسيم الوظائف خاصة بين الجنسين. فتوجه الرجل للحروب والصراعات كشأن عام, واحتكر لنفسه وسائل الإنتاج والثروات, مما منحه السلطة المطلقة على باقي أفراد العائلة خاصة المرأة من عامة الشعب. وكانت كلما توسعت ثروته, قويت سلطته وضعفت المرأة من عامة الشعب وزاد انسحابها من الحياة الاجتماعية وانعزالها في البيت إلى أن أصبح يشكل سجنها المقدس.وباتت وكأنها مجبولة على التبعية والخضوع. عكس النساء من النخبة. أما النساء من الإماء فوضعيتهم خاصة...لأن المرأة, كما سلف القول, كانت ولا زالت لها أوضاع متعددة , تتطور وتتحول مع مرور الزمن وتختلف باختلاف المجتمعات الإسلامية والتباينات الطبقية. وأحيانا تتزامن تلك الوضعيات في تعددها وتناقضها وتلكم هي الطبيعة البشرية المتداخلة والمعقدة.
وعلى أي فإن, المرأة ذاكرة الشعوب وسجلها الصادق وكل شعب لا يتوفر على مبادئ وقيم وعادات وتقاليد احترام المرأة ومساواتها بالرجل, يعتبر شعبا بلا ذاكرة وبلا تاريخ. وهذا حال معظم الشعوب الإسلامية. حيث المرأة المقهورة تشكل أغلبية نساءها, وتاريخها ليس سوى "جاهلية" حملته من التحريف والتغليط ما لا يطيق.



المراجع
1) معروف الرصافي, كتاب الشخصية المحمدية, ص15, طبعة 2008 منشورات الجمل.
2) خليل عبد الكريم, الجذور التاريخية للشريعة الإسلامية ص9 سينا للنشر الطبعة الأولى 1990
3) فردريك أنجلز, أصل العائلة والملكية الخاصة والدولة, ص86 دار التقدم موسكو, ترجمة إلياس شاهين, الطبعة الأولى 1884
4) جواد على, تاريخ العرب قبل الإسلام، ج5، ص274
5) جواد على, المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام, ج4, ص636 الطبعة الثانية 1993
6) الواقدي, فتوح الشام, نساء المسلمين في المعركة, الرواق
7) حنا عبود, ليليت والحركة النسوية الحديثة, ص27
8) جواد علي, المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام, ج 4, ص641
9) أحمد عمر, ليليت والحركة النسوية المعاصرة: هل يعود العصر الأمومي من جديد؟ موقع الأوان
10) فردريك أنجلز, أصل العائلة والملكية الخاصة والدولة, ص8 دار التقدم موسكو, ترجمة إلياس شاهين, الطبعة الأولى 1884
11) نفسه, ص 19
12) نفسه, ص94 و95
13) نفسه, ص 57
14) نفسه, ص 105








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حكي وحكايات | هيا كرزون: الكثير من الفتيات يستخدمن البث المب


.. الباحثة في العلوم السياسية سميرة ألحيان




.. مهجرات عفرين أجسادنا في الشهباء وقلوبنا تنبض في عفرين


.. الباحثة في مجال التعمير وتدبير الكوارث الطبيعية مليكة بو عوي




.. السعودية دعاء خالد طالبة بكلية الطب