الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا أقاطع الانتخابات البرلمانية الأردنية؟

عمر أبو رصاع

2010 / 10 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


نسمع بالتحول الديمقراطي منذ عقود ومع ذلك لم نبرح فيه المربع الأول أبداً، والمتابع الأمين لا يمكن أن يتقبل فكرة كوننا نتقدم بل إننا واصلنا الانكفاء حتى عن تجربة 1989 التي وصفت في وقتها بأنها: بداية للتحول الديمقراطي!
اعتبر البرادعي في مصر – وهو محق في ذلك- أن المشاركة في العملية الانتخابية ضرب من ضروب إضفاء الشرعية على عملية غير شرعية، وما ينطبق هنا على مصر ينطبق على الأردن أيضاً، فالنظام الانتخابي مُعلّب ومعد سلفاً، وضعته وصممته الحكومات المتعاقبة منفردةً، عبر استغلال ثغرة دستورية أردنية متعلقة بالقوانين المؤقتة، من خلالها أعطت الحكومة نفسها حق التشريع دون قيد أو شرط، ولم تجري الانتخابات إلا بقانون مؤقت، ضاربة عرض الحائط بكل اعتراض أو رأي لا يخدم ما تصبو إليه، وهو أن يؤدي ذلك القانون إلى إفراز مجالس نيابية بالمواصفات التي تريدها الحكومة، هكذا بدلاً من أن يختار مجلس النواب حكومة، تختار الحكومة عندنا مجالس النواب!
إذن المشكلة تبدأ من إعطاء الحكومة نفسها حق الاستفراد في إنتاج القوانين الانتخابية بصفة مؤقتة، وذلك استناداً إلى تفسيرها العشوائي والاعتباطي للدستور، كيف لا تفعل ذلك ونحن لا نملك سلطة قضائية مستقلة عن السلطة التنفيذية نحتكم إليها، فالقضاء هو الآخر قضاء الحكومة!
هذا فضلاً عن عدم الارتياح بطبيعة الحال إلى مستوى حرية التعبير السياسي، وتاريخ تزوير الانتخابات الذي تعترف كل مرة حكوماتنا جزئياً أو كلياً بحدوثه وتعود لتعد الناس بانتخابات حرة ونزيهة، فيما تصر بكل ما أوتيت من قوة على رفض أن تكون هناك أي مرجعية تشرف على العملية الانتخابية غيرها، فلا مفوضية مستقلة للانتخابات ولا إشراف دولي عليها.
مادامت السلطة التنفيذية هي التي تصمم القوانين الانتخابية بالطريقة التي تضمن لها المخرجات الانتخابية وفق إرادتها، وهي التي تسيطر على الجهاز القضائي وتحتكر تفسير الدستور وتعطي لنفسها حق إصدار قوانين مؤقتة في كل المجالات، وهي التي تعترف بأنها زوّرت الانتخابات ومع ذلك تصر على أنها الجهة الوحيدة المخولة بإجرائها والإشراف عليها، لا بد أن أقاطع وأن أطالب شعبي بأن يتوحد خلف مقاطعة ايجابية، مقاطعة شعب يطالب بتطبيق الدستور نصاً وروحاً، ويرفض إضفاء الشرعية على كل هذا الكم من الاختراقات الدستورية التي تجرد الأمة من حقها الدستوري في أن تكون مصدراً للسلطات.
إن حركة المقاطعة اليوم يجب أن تنبني على رؤية واضحة لا أن تكون مجرد موقف سلبي عدمي، فالمقاطعة التي نتطلع إليها، مقاطعة سياسية لها برنامج واضح، فهي تقاطع أولاً إنكاراً لشرعية هذه الممارسات، وتشترط في الوقت نفسه الشروط الموضوعية التي يلزم توفرها كضمانات، وأول الضمانات المطلوبة أن تتوقف الحكومة عن إصدار القوانين المؤقتة إلا إذا كانت وفق الشرط الدستوري لمواجهة طارئ كالكوارث الطبيعية مثلاً.
بناء عليه ليس من المقبول ولا الشرعي بحال أن يصدر قانون انتخابي مؤقت تفصّله الحكومة على مزاجها، وحتى يكون القانون الانتخابي شرعياً لا بد أن يتمتع كما هو حال الدستور بدرجة معقولة ومحترمة من القبول العام ومن مختلف القوى والتيارات والشخصيات السياسية، وهذا معناه أن تنعقد لجنة شعبية عامة تمثل مختلف أطياف وتيارات المجتمع لتصميم قانوناً انتخابياً ذي طبيعة توافقية، قانون يعكس تمثيل الشعب؛ تمثيلاً سياسياً حقيقياً يراعي أولوية التنمية السياسية وتكريس التعددية والممارسة الديمقراطية.
كما إنه لا بد من ضمانات حقيقية تكفل نزاهة العملية الانتخابية، وعلى رأسها مفوضية مستقلة للانتخابات لها نظامها الخاص المنفصل عن الحكومة، وكذلك القبول بالإشراف الدولي والمعايير الدولية.
بدون ذلك فأن العمليات الانتخابية ستظل مسرحيات، تحاول الحكومات المتعاقبة من خلالها إجراء عمليات تجميلية لإعطاء انطباع بأنها شرعية وديمقراطية، فيما يَعرف العالم ونعرف نحن وتعرف تلك الحكومات، أن مثل هذه الممارسات لا يمكن أبداً أن تسمى ديمقراطية تعددية ولا حتى أن تؤدي إليها يوماً ما، وأنه دون أن نصل إلى ممارسة ديمقراطية يتم فيها تداول السلطة بين قوى وأحزاب مختلفة يختارها الشعب لتعبر عنه لن يكون بإمكان سلطة تنفيذية أن تزعم أن لها شرعية دستورية حقيقية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - قانون انتخابات جائر
احمد خلف الجعافرة ( 2010 / 10 / 26 - 15:32 )
ابدعت يا عزيزي في هذا المقال الرائعوانا اتفق معك تماما في ان التزوير حصل في اقرار قانون انتخابي مؤقت سيء لا يعبر عن ارادة المواطن الاردني وما تدعيه الحكومه من شفافيه في عدم وضع اوراق باسماء اتباعها قد يكون صحيح لان التزوير قد حصل في القانون نفسه حيث فصلته الحكومه بحيث لا يخرج من تحت الفلتره الا النذر اليسير من النواب الصادقين ؛ اما البقيه فهم عباره عن صناعى حكوميه با متياز

اخر الافلام

.. حماس.. تناقض في خطاب الجناحين السياسي والعسكري ينعكس سلبا عل


.. حزب الله.. إسرائيل لم تقض على نصف قادتنا




.. وفد أمريكي يجري مباحثات في نيامي بشأن سحب القوات الأمريكية م


.. شاهد: شبلان من نمور سومطرة في حديقة حيوان برلين يخضعان لأول




.. إيران تتحدث عن قواعد اشتباك جديدة مع إسرائيل.. فهل توقف الأم