الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تأملات / -غيبوبة- مساءلة .. وفساد وترقيع !

رضا الظاهر

2011 / 4 / 4
مواضيع وابحاث سياسية



في ظل نهج المحاصصات وصراع الامتيازات وشيوع أخلاقية التواطؤ وطمس الحقائق وغياب المساءلة والرقابة الحقيقية تأتي الفضيحة الأخيرة التي كشف عنها تصريح نادر في الحادي والعشرين من شباط الماضي، وفيه أعلن مجلس النواب شروعه بـ "البحث عن 40 مليار دولار مختفية". وقال رئيس المجلس إنه "تم تشكيل لجنتي تحقيق لمعرفة مصير 40 مليار دولار سحبت من صندوق التنمية العراقية ومصيرها مجهول".
وفي هذا السياق لابد، ابتداء، من إضاءة عدد من الحقائق. فالفساد الذي يستشري على نحو "مؤسساتي" هو، أولاً، آفة اجتماعية تعود جذورها الى عهد الدكتاتورية الفاشية التي أشاعت الخراب المادي والروحي، وخلقت ظواهر مدمرة أسهمت في تعميق التشوه الاجتماعي ونمط التفكير والسلوك المنحدر، وبينها ظاهرة الفساد التي تفاقمت بعد "التحرير" وصار لها "فرسان" بارعون من الحكام والمنسقين معهم ومع "المحررين" في عالم الصفقات و"عقود" الاعمار والنهب المنظم. وتحولت ظاهرة الفساد، الشائعة في كل الميادين والمستويات، الى واقع تعجز إجراءات الحكومة الترقيعية عن معالجته، بينما تغيب الوسائل القانونية الفعلية لملاحقة الفاسدين والمفسدين "الوطنيين" والغرباء.
والفساد، الذي يخضع، شأن أمور أخرى، لنهج التسييس، هو، ثانياً، مرتبط بظواهر سائدة في المجتمع بينها الارهاب والتخريب من ناحية، والبؤس والتهميش الاجتماعي من ناحية ثانية، وفي ظل ثقافة تخلف ومحاصصات، ناهيكم عن الاحتلال الذي "برع" فرسانه في إشاعة المآسي مثلما في إشاعة الفساد "الجديد" بأساليبه المبتكرة في النهب حيث إعادة الاعمار الفاشلة والاستثمارات الوهمية والرشوات المقدمة الى "المتنفذين" وعمليات شراء الضمائر وما الى ذلك من بلايا تترافق عادة مع كل "تحرير" وكل حكام "محاصصاتيين" يجسدون، هم أنفسهم، المناخ الملائم لتواصل النهب والفساد، بينما ينغمرون في تصريحات متناقضة واتهامات متبادلة في سياق سلوك تسييس وطمس حقائق وتطويع أخرى للمنافع الضيقة، ناهيكم عن غياب الدور الرقابي الفاعل للبرلمان وخضوع القضاء "المستقل"، في أحيان غير قليلة، الى عمليات ابتزاز وضغط سياسي.
والفساد، ثالثاً، وهو موازٍ في خطورته للارهاب، لا يمكن معالجته باجراءات ترقيعية عجولة وعابرة، ولا يجري التصريح بها إلا عندما تنكشف فضيحة، ولا بلجان تحقيقية تحولت الى أضحوكة لأنها لم تكشف عن مفسد "كبير" ولا عن قتلة شخصيات بارزة في المجتمع بينهم مسؤولون في هيئات النزاهة ومعنيون بالرقابة المالية وسواها. ومثل هذه المعالجة تتطلب زمناً أطول لأسباب عديدة بينها ارتباط الفساد بنمط التفكير والثقافة السائدة، ويتطلب اجتثاثه اجراءات تعالج البنية الأساسية التي نشأ عنها الفساد، وخطوات عملية تشيع ثقافة الرقابة والمساءلة والعدالة.
وإذا شئنا أن نبقى في حدود الأسابيع الأخيرة لا أن نعود الى انحطاط السنوات الثماني، وفضائح "المحررين" و"المقررين" وصفقات ما خلف الكواليس وعمليات التواطؤ وطمس الحقائق، بل وتصفية من كشفوا معلومات عنها، وسوى ذلك الكثير والكثير من المآسي والمهازل، بوسعنا الاشارة الى فضيحة واحدة جديدة.
فقد أطلق خبراء ومختصون في التعليم يوم 23 من آذار الماضي تحذيرات ومخاوف من احتمال تسبب الفساد، الذي يسود المؤسسات والدوائر الحكومية المركزية والمحلية، في تبديد منحة بلغت 17 مليون دولار قررها الاتحاد الأوروبي لتحسين فرص الحصول على التعليم الأساسي الجيد.
ولسنا بحاجة الى التذكير بفضائح التعليم في بلادنا، وبينها على سبيل المثال لا الحصر، المدارس الطينية ومحاولات منع التعليم المختلط، وتحريم الموسيقى من ضمن قائمة تحريمات لا تنتهي، وتبديد المنح في مجال التعليم وسواه. وقد حق لمختصين اعتبار أن انعدام إرادة الاصلاح الحقيقي لدى حكام البلاد يشكل عائقاً جوهرياً أمام تحسين التعليم. وبالتالي فانه لن يكون مما يثير الاستغراب اذا ما تلاشت منحة الاتحاد الأوروبي مادامت مليارات الدولارات التي دخلت العراق سابقاً أخفقت في أي تحسين أو تحديث في التعليم أو سواه.
أما الستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد التي أقرها مجلس الوزراء في كانون الثاني من العام الماضي فقد ظلت، حتى الآن، شأن كثير من القرارات، مجرد حبر على ورق، لتدخل مع شقيقاتها الى مملكة الأوهام.
* * *
رغم الانفاق الفلكي والتبديد الذي لا نظير له ما زال العراق في "غيبوبة" مساءلة وفساد وترقيع، وليس هناك ما يوحي بأنه سيخرج من هذه الغيبوبة قريباً مادامت البرامج الاجتماعية الاقتصادية السليمة غائبة، ومعها تغيب إرادة "المقررين" وتُغيَّب إرادة الملايين.
أيمكن في ظل فوضى "التحرير" والأوضاع الاستثنائية، والتمسك بنهج المحاصصات، وخوض صراع الامتيازات، وشراء السكوت المتبادل، وضعف الدور الرقابي للبرلمان وسواه، وما الى ذلك من مفارقات وأعاجيب، حل معضلة مستعصية مثل معضلة الفساد ؟
تنطلق الأصوات وما من أحد يسمع لأن المتنفذين يخشون هذه الأصوات العادلة .. وتنطلق النداءات وما من مجيب .. إنها لتجرية قاسية أن تنادي فلا يستجيب للنداء أحد. غير أن سخط الملايين سيتعالى مع رايات الاحتجاج في ساحة التحرير وكل ساحات البلاد التي لا تقبل روحها الخنوع، وتظل متطلعة الى الأفق والأمل بغد وضاء لابد آتٍ على يد مقتحمي السماء !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لن يحارب الفساد قادة فاسدون
عدنان عاكف ( 2011 / 4 / 4 - 17:55 )
أيمكن في ظل فوضى -التحرير- والأوضاع الاستثنائية، والتمسك بنهج المحاصصات، وخوض صراع الامتيازات، وشراء السكوت المتبادل، وضعف الدور الرقابي للبرلمان وسواه، وما الى ذلك من مفارقات وأعاجيب، حل معضلة مستعصية مثل معضلة الفساد ؟
عزيزي أبو نادية ! أعتقد ان القارئ بحاجة الى اسنيعاب ما لا يزيد عن 10 % مما ورد في مقالتك ليدرك بأنك ألأقدر على الإجابة على تساؤلاتك هذه. كل فقرة من هذه الفقرات التي يتشكل منها السؤال الكبير هي عبارة عن نوع من الفساد. فكيف يمكن لمجموعة من المفسدات المنفردة ان تقضي على الفساد الأكبر. أجدادنا الأوائل قالوا – لا يستقيم الظل والعود أعوج
مع تحياتي


2 - قادة فاسدون
محمد الجبورى ( 2011 / 4 / 4 - 19:31 )
هل تتوقع من جهله واميين يبنون بلدنا هؤلاء هم محتاجيين لمن يقودهم فتراهم يعزفون على وتر الطائفية المحاصصية البغيضة فى سبيل البقاء فى السلطة اطول فترة ممكنه همهم الوحيد الاثراء على حساب الشعب وممكن ازاحتهم عن طريق المظاهرات الشعبية السلمية والاعتصامات كما يحدث الان فى تونس ومصر واليمن فتراهم يتباكون على شعب البحرين وتناسوا شعبهم فما الذى تتوقعة من هؤلاء الجهلة ومن المحتل الذى اتى بهم فما علينا الا النزول الى الشارع من اجل كنس هؤلاء هم والمحتل


3 - ميزانية حرامية بغداد
التيار اليساري الوطني العراقي - ل م ( 2011 / 4 / 4 - 22:38 )
تصريح الناطق الرسمي - ميزانية حرامية بغداد : مخصصات الرئاسات الثلاث (1074 مليادر دينار) = اكثر من ثلاثة اضعاف ميزانية دعم البطاقة التموينية ل 30 مليون عراقي

ان استهتار حيتان الاحتلال بالشعب العراقي وآلامه ومآسي ملايين الايتام والارامل والمعوقين والعاطلين , حد تخصيص ( 1074مليار دينار عراقي ) من اموال الشعب الى الرئاسات الفاسدة الثلاث بواقع ثلاثة اضعاف الميزانية المخصصة لدعم البطاقة التموينية لكل الشعب العراقي ( 300 مليار دينار), ان هذا الاستهتار سوف لن يمر دون عقاب على يد الجماهير الشعبية المنتفضة , فاسقاط هذه الطغمة العميلة وانزال العقاب العادل بها واجب وطني , يلتف حوله جميع القوى اليسارية والوطنية والمنظمات الشبابية المقدامة .

اننا في التيار اليساري الوطني العراقي , نوجه النداء الى جماهير شعبنا بالدعوة الى الانتفاضة الشعبية الشاملة حتى اسقاط النظام الاحتلالي الطائفي الاثني الفرهودي وتشكيل حكومة كفاءات وطنية انتقالية تصدر حزمة القوانين الانقاذية الفورية التالية:
الرابط
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=253583
لجنة المتابعة


4 - أستأصال هذه ألمافيا
طلال ألربيعي ( 2011 / 4 / 5 - 00:31 )
قلناها مرارا وتكرارا أن ألطغمة ألسياسية في ألعراق ما هي ألا عصابات مافيا-أو سمها ما تشاء وألنتيجة واحدة- وقدأرتدت لباس ألدين أو ألعشيرة, ضاربة عرض ألحائط حتى بألحد ألأدنى من ألأعتبارات وألمبادئ ألأخلاقية وألوطنية من أجل تكبير ألبطون وملأ ألجيوب ,ولكن كلماتنا ذهبت أدراج ألرياح وحتى رشقنا بالسهام ألآيدولوجية و وألقاذفات ألشعاراتية.
أن ألتعويل على أصلاح هؤلاء قد أثبت تماما فشله, ولكان ألعجب ألعجاب لو أثبت ألعكس, وأن ألدعوة ألى أصلاحهم يصب في ألنهاية في مصلحتهم لأستحالته أولا و لكونه يؤدى بألتالي ألى أطالة عمرهم. أي عمر ألفساد, ثانية.
أن أستأصال هذه ألمافيا, رغم صعوبته حاليا, هو ألحل وألذي لا حل غيره. وألكلام ينبغي أن يكون حول آليات ووسائل تحقيق هذا ألأستأصال بدلا من أضاعة ألمزيد من ألوقت في وصف ألفساد وتفصيل مقدار شيوعه ألخ

اخر الافلام

.. دعوات دولية لحماس لإطلاق سراح الرهائن والحركة تشترط وقف الحر


.. بيان مشترك يدعو إلى الإفراج الفوري عن المحتجزين في قطاع غزة.




.. غزيون يبحثون عن الأمان والراحة على شاطئ دير البلح وسط الحرب


.. صحيفة إسرائيلية: اقتراح وقف إطلاق النار يستجيب لمطالب حماس ب




.. البنتاغون: بدأنا بناء رصيف بحري في غزة لتوفير المساعدات