الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أخراج تراجيديا بن لادن.. أمريكيا

نسيب عادل حطاب

2011 / 5 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


فجـــــأة...ظهــــر الرئيــــــس الأمريكي باراك أوباما ليعلن في كلمة مـتلفزة مســـاء الأحد الأول من أيار مقتـل زعيم تنظــــيم القاعدة أســــامة بن لادن في عمليــــــة كوماندوز قامــت بها القوات الخاصـــة الأمريكية استهدفته بوكـــره في حي بلال بمدينة أبوت آباد شمال غربي
أســلام اّباد وإذا كان هذا الحدث قد شكـــل بنظر الرئيس الأمريكي وعلى لســـانه الجهد الأكثر انجازا للولايات المتحدة في حربها ضد القاعـدة والارهاب
وهو كذلك بلا ريب فان الأمر بنظر المراقب لم يتجاوز خط التوقع والاحتمال لا ســـيما وان الأمر يتعلق في جانب كبير منه بحجم الإمكانيات التقنية ومصــادر المعلومــــاتية الـمتـطورة والقدرة المتاحة للجهد ألاستخباراتي الأمريكي في العمـــل سواء من خلال القدرة على تفكيك واختراق بنية التنظيم نفسـه أو مـن خلال التعاون والتنسيق والاختراق أيضا لأجهزة الاستخبارات المحلية في الدول الحاضنة للإرهاب.
في بحثها الدائم عن عدو وحرصها على خلقه أن اقتضت الحاجة كان لابد للولايات المتحدة الأمريكية بعد انتهاء الحرب الباردة وانهيار الاتحـــــاد السوفيتي مـن
عدو بديل فوجدت ضالتها المنشودة في أسامـــــــة بن لادن وإذ انتهى الدور الموكل لهذا الأخير في محاربة السوفيت نجحت أمريكا في دفعه تدريجيا ومن حيث
لايعي ان يلعب هذا الدور بنجـــــــاح فقد توافرت فيه كل المواصفــــــات المطلوبة...فكر ظلامي سلفي متخلف ومتهالك يتصــادم ومبـــــادئ حقـوق الإنسان يسهل تألــــــــيب الرأي العام العالمي ضده... إستراتيجية عمل مرفوضة ومدانة إنسانيا وأخلاقيا باعتماد الإرهاب الدولي واستهداف المراكز الاقتصادية والتجمعات المدنية وعلى امتداد الســاحة الدولية مما يتيح للمؤسـســـة العسكرية والاستخباراتية الامريكية وتحت غطاء مكافحــة الارهاب والتلويح
المستمر بخطـره الدائم مــدّ أنشطتهـا وتواجدهــا إلى أماكن كانـت تســعى للوصول والتمركز فيها - أســـيا الوسطى مثلا - باختصار أصبح بن لادن عــدو لأمريكا بمواصفات ومقاسات أمريكا ذاتها.
نظرة متمعنة وقراءة متأنية لتاريخ القاعدة وزعيمها والتنظيمات الإرهابية الرديفة لها كطالبان تظهر بوضوح دور الأنظمة الأوتوقراطية المغرقة في الرجعية والموالية لأميركا(السعودية وباكســـــتان) وأجهزتها الاستخباراتية في صنع ظاهرة التطرف الأصولي وصعـــود نجم بن لادن فقد كـان هذا الأخير على صـــلة
وثيقة بالعائلة المالكة في السعودية وواحدا من طبقة الأثرياء ورجال الإعمال المرتبطة ماليا وفكريا بالنظام و ما كان خافيا حجم الدعم المـــالي الســــــخي
جدا الذي قدمته السعودية لأســـامة بن لادن وعن طريقه لفصائل المجاهدين أبان الغزو السوفيتي لأفغانستان كما لم يكن خافيا أيضا آنذاك الجهد ألاستخباراتـــي
الباكستاني الواضـح في صناعة وإخراج طالبان- توأم القاعـــدة الأفغاني - وفي تقديم الدعم اللوجستي لها فضلا عن قيامها باحتضان معسكرات المجاهدين على الأراضي الباكستانية وتوفير الملاذ الآمن والحماية لقادتهم... ومما يثير الدهشــــــة حقا أن تستمر باكستان في هذا الأمر لغايــــة اليــوم فتغض النظـر
وتدير بصرها عن مكان أقامــــــةأســـامة بن لادن حيث تشير المعلومات أن الدار الذي كان يسكن فيها وعائلته ومساعديه والذي تمت تصفيته فيها يقـع على بعد أمتار قليلة من واحد من المراكز العسكرية الباكستانية المهمة وفي مدينة قليلة السكان بما لا يمكن أن تغفل عن اكتشافه أجهزة الاستخبارات والأمن الباكستانـية مطلقا وهو ما تأكد لاحقا ...!
لا مجال للشك أبدا أن بن لادن وقاعدته في تنفيذهما لأحداث الحادي عشر من أب - مدفوعا أو مجتهدا - قدم خدمة جليلة لأمريكا لا توازيها حتى تلك التي كان يـقوم
بها أبان الغزو السوفيتي لأفغانستان فقد كانت تلك الهجمات مقدمة لحقبة جديدة أتاحت لأمريكــــــــا أن تضفي بعدا عسـكريا وأمنيــا للعولمة كما مكنها
من أن تفرض مفهوما جديدا في العلاقات الدولية يقوم على أساس وحدة وترابط الأمن العالمي وبما يمكنها من التدخل سياسيا وعسكريا أنى تشاء وتقتضي مصالحها .
مضافا إلى ذلك هذا التوظيف الناجح تماما لتلك الهجمات في إضفاء صفة الإرهاب على أسلوب الكفاح المسلح كصيغة مشروعة من صيغ النضال الثوري والتحرري
للشعوب المضطهدة كالشعب الفلسطيني.
ورغم ما يؤخــذ على اعتماد نظرية المؤامرة وحدهـــــــــا لتفسير وتحليل ظاهرة بن لادن و الإرهاب العالمي تبقى ثمة أسئلة كثيرة ومشروعة تحـتاج
الى إجـابة وتفسير فهل احتاجت أمريكا بكل إمكانياتها المعروفه إلى كل هذه المدة حقا للوصول إلى بن لادن..؟ لا نقول تسـاؤلا ..ألم تتواطأ بل ألم تتـباطأ فــي ذلك على الأقل ..؟ ثم هل كانت القوات المهاجمة مضطرة لتصفية بن لادن دفاعا عن النفس مع ما نشر عن انه لم يكن مسلحا ومع ما أفادت به أبنــته من أنه تـم
أطلاق الرصاص عليه بعد أن وقع أسيرا..ألم تكن أجهزة الاستخبارات الأمريكية بحاجة للقبض عليه حيا لمليء الأسطر الفارغة في وقائع وأحداث هجمات سبتمبر...!

يبدو أن أمريكا كانت بحاجة ماسة لمثل هذا الانجاز في الوقت الحاضر فمع استعصاء المشكل الأفغاني وعدم قدرة الناتو على أنجاز الحسم العسكري وفي سعيها لتغيير إستراتيجيتها العسكرية والسياسية في أفغانستان ( البدء في تقليص التواجد العسكـــــري مثلا أو أعادة تأهيل طالبان) كان لابد من إنهاء بن لادن على اعتبــار
أن أمريكا في غزوها لأفغانستان وإسقاطها لحكم طالبان كانت ولا تزال معنية أساسا بإبعاد شبح الإرهاب عن أراضيها وهو ما تحقق في نظرها وزعمها بتصفية وقتل
زعيم القاعدة...بل وربما وهذا وارد تماما أن لهذا الفعل امتداد وتداخل مع الإحداث والتغيرات الجارية على الساحة العربية تتمثل في دعم وتشجيع قوى الإســــلام الســـياسي لإعادة صياغة أولوياتها وتجريدها من نزعتها الراديكالية تمهيدا لتأهيلها أمريكيا ولتكون بديلا أو منافسا للمشروع الوطني والعلماني في تلك الأقـطار.

ومـــع أننا نؤمن أن التاريخ أو الواقع في حركته الجدلية لا يمكن أن يكون سيناريو معد سلفا فأن ألرابـح دائما هو ذلكم الذي يستطيع التفاعل والتـــــدخل
لصياغة وإعادة أنتـــاج بعض مفاصل الأحداث لتوائم غايـاته وهذا ما حصل مع أمريكا في تعامــلها مع ظاهرة الإرهاب إذ لم يكن بن لادن إلا ذئبا أفرخته المخابرات الأمريكية ورضع من حليبها ثم ترك فنما وخرج عــــــن السيطرة فكان ما كان








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصر تعلن طرح وحدات سكنية في -رفح الجديدة-| #مراسلو_سكاي


.. طلاب جامعة نورث إيسترن الأمريكية يبدأون اعتصاما مفتوحا تضامن




.. وقفة لتأبين الصحفيين الفلسطينيين الذين قتلتهم إسرائيل


.. رجل في إسبانيا تنمو رموشه بطريقة غريبة




.. البنتاغون يؤكد بناء رصيف بحري جنوب قطاع غزة وحماس تتعهد بمقا