الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المتخيل الجنسي في المخيلة الرجولية

نضال الصالح

2011 / 5 / 13
العلاقات الجنسية والاسرية


إعتدت أن أجلس في إحد المقاهي المنتشرة على ضفاف الدانوب في براتسلافا، خاصة في الأيام المشمسة، وكلما رغبت في اللوذ إلى نفسي وحيدا مع فنجان من القهوة. في بعض الأحيان كنت أجلس برفقة كتاب أطالع فيه، وأسرق النظر بين الحين والآخر إلى مياه النهر المتلألئة باشعة الشمس. لم أعتد أن أشارك أحدا من اصدقائي في خلوتي هذه، وإذا صدف وأن مر بي أحد منهم، كنت أرد على تحيته بإيماءة من رأسي تعطيه الإشارة بأنني أرغب في وحدتي ولا أقبل أن يقطعها علي أحد.
كنت جالسا كعادتي في مقهى كثر جلوسي فيه، أحتسي فنجانا من القهوة وكأسا من عصير البرتقال الطازج، أقرأ في كتاب لكاتب روسي معاصر إسمه فيكتور بيليفين وعنوانه " الكتاب المقدس للذئب المفترس"، يتحدث فيه عن روسيا بعيون ثعلبة مومس، عندما رأيتها واقفة أمامي تغطي عني أشعة الشمس بجسمها الضخم. سألتني إن كان المقعد الذي أمامي خال فأشرت لها من دون تفكير بأن تجلس.
ألقت بجسدها الضخم على المقعد ذو الأيدي الخشبية وضغطته محاولة إدخال كتل اللحم الضخمة في المقعد الذي لم يصنع لمثل هذا الجسد الضخم. تخيلتها كمن يدخل رجله الضخمة في حذاء ضيق. شعرت بأزيز المقعد، الذي إهتز بفعل أردافها الضخمة التي خرجت من فوق أذرع المقعد لتتدلى منها وتغطي المقعد بكامله. خيل إلي أن المقعد سيتحطم وستقع صاحبة الجسد الضخم مع حطامه على الأرض. لكنه و بقدرة قادر صمد واستطاع أن يحتوي في أحضانه أضخم جسد لإمرأة رأيته في حياتي. وضعت يديها على كرشها الضخم الذي زاد تضخمه بفعل الضغط المتبادل بين المقعد وجسدها، وقالت بصوت متحجرش وهي تلهث، شكرا. أفقت من مفاجأتي ونظرت حولي فوجدت المقهى شبه فارغ، فتعجبت لماذا ترك هذا الجبل من اللحم والشحم جميع المقاعد الخالية وجاء ليجلس إلى طاولتي، فسألته. أجابتني صاحبة الجسد بأنها قصدت الجلوس إلى طاولتي لتتعرف علي، فهي من قراء كتبي والمعجبين بها. أخرجت من حقيبتها كتابا لي بعنوان " الغريب الدائم " وطلبت مني أن أكتب لها على صفحة من صفحات الكتاب إهداءا لها وأعطتني إسمها، ففعلت.
جاء عامل المقهى وسألها ماذا تشرب، فطلبت فنجانا من القهوة وكأسا من الماء، فإحضرهما لها. أخذت فنجان القهوة ورفعته إلى فمها وقذفت محتوياته في جوفها وتمتقت. نظرت إلي ووضعت أمامي على الطاولة نسخة من مجلة مشهورة بنشر الفضائح وأخبار الجنس وأشارت إلى صفحة فيها صور لفتيات عاريات وشبه عاريات وأمام كل صورة كتب رقم هاتف وإعلان يقول: "هاتفني سأحقق رغباتك." أشارت إلى واحدة منها وقالت: " هذه أنا". نظرت إلى صورة الفتاة الجميلة العارية ثم نظرت إليها متعجبا وقلت: " هل هذه صورتك وأنت شابة؟ ضحكت و قالت لا، لا، لم أكن في حياتي جميلة ولا رشيقة مثل صاحبة الصورة، ولكن هذه هي صورة إعلاني و هذا هو رقم هاتفي الذي يهاتفني عليه الرجال."
لم أستوعب ما قالته فسألتها أن تفسر لي. قالت: " كنت أعمل في وزارة الثقافة مسؤولة عن مشاكل الشابات والشباب، فأنا دكتورة في علم النفس، ولقد أحلت على التقاعد وتقاعدي لا يكفيني وعندي إبنة مطلقة وطفليها أعيلهم. بحثت عن عمل مناسب فلم أجد فدلتني صديقة لي، تعمل في نفس المجال، على هذا العمل وأنا أقوم به منذ عامين. يتصل بي الرجل ويتحدث معي عن رغباته الجنسية وهو يعتقد أن الصورة التي في المجلة هي صورتي."
لفتت صاحبة هذا الجسم الضخم إنتباهي، وكنت أنتظر بفارغ الصبر أن تتركني وأعود لخلوتي ووحدتي مع كتابي، وإذا بي أرغب في الإستماع إليها وإلى المزيد من أخبار عملها الغريب، فسألتها المزيد من التوضيح.
قالت: "هناك شركات تعقد إتفاقيات مع دوائر الهاتف وتستأجر منها أرقام هواتف تؤجرها بدورها لأمثالي وهي تحصد نسبة من ثمن المهاتفات وتعطينا منها نسبة بسيطة. هذه النسبة تعتمد على عدد ومدة المهاتفات التي نتلقاها من الرجال وقدرتنا على تحقيق تخيلاتهم ورغباتهم الجنسية والحفاظ عليهم كزبائن دائمين."
طلبت منها أن تشرح لي كيف تتم المكالمة فقالت:" يرن جرس الهاتف فأرد عليه بصوت لعوب فيسألني المتصل الجديد عن إسمي فأعطيه إسما فنيا ثم يسالني ماذا ألبس، وهنا أقوم بوصف أكثر الملابس الجنسية التي تكشف عن جسدي المتخيل في مخيلة الرجل ونتابع الحديث وهكذا، بعض المكالمات تستمر لساعات وبعضها قصيرة."
بقيت صامتا منتظرا أن تستمر في كلامها. قالت:" كوني مختصة في علم النفس، يساعدني على فهم رغبات الرجل الذي يهاتفني، هذا إلى جانب أنني بالإضافة إلى اللغة السلوفاكية والتشيكية أتقن الروسية والألمانية ومعرفتي بالإنجليزية كافية وأعرف كثيرا من الكلمات العربية.
سألتها متعجبا:" وهل لك زبائن من العرب؟" ضحكت وقالت : عندي عدد لا بأس به، ولقد بدأت علاقتي بالعرب بإتصال جاء من عربي من الخليج كان يقيم في أحد منتجعاتنا واستمر في مهاتفتي بعد أن رجع إلى بلده وأعطى رقم هاتفي لبعض أصدقائه."
سألتها إن كان الحديث يدور دوما حول الجنس فأجابتني، في أغلب الأحيان. ولكنها أضافت أن بعض الرجال يتحدثون عن مشاكلهم مع زوجاتهم وغياب الحب بينهما والبعض يتحدث عن مشاكله العاطفية والإجتماعية والمالية ولكن في أغلب الأحيان يدور الحديث عن الجنس. صمتت قليلا وقالت:" أنت لا تتصور كم هي غريبة وعجيبة رغبات الرجال وهم يطلبون مني أشياء لم تخطر على بالي من قبل، وأنا أقوم بتمثيل دوري وألبي رغباتهم"
هززت رأسي تعجبا من ما أسمع، ثم تجرأت وسألتها: " أنت تتحدثين معهم ولكن ماذا تفعلين أثناء المكالمة؟" ضحكت وقالت:" أقوم بالأعمال المنزلية أو أحضر الطعام في المطبخ وأغسل الصحون وهكذا."
عم الصمت جلستنا وشعرت بالرغبة في العودة إلى وحدتي وكتابي. شعرت هي بذلك فشكرتني وقامت لتغادر فعلق المقعد في أردافها. جاء عامل المقهى وساعدها على التحرر من عناق أذرع المقعد فشكرته وعلقت بأن مقاعد اليوم غير مريحة.
غادرت وأردافها تتراقص كرقص الزنوج الأفارقة وأرجلها تكاد تتقصف تحت وطأة هذا الجسم الضخم. ودعتها بعيوني وتخيلت الرجال الجالسين في الطرف الآخر للهاتف يتأوهون مع رغباتهم وتخيلاتهم الجنسية، وهم يعيشون مع "صورتها العارية في المجلة" ولا يدرون أن صوتها ينتمي لهرم من اللحم والشحم، وأنها تتحدث إليهم وهي جالسة في المطبخ تقشر البصل وتقطع الخطروات وتغسل الصحون، فشعرت بالأسى لبني جنسي من الذكور.
د. نضال الصالح / فلسطين








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي