الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بعد الانتصار على صدام حسين

تسفي برئيل

2002 / 8 / 19
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


Tisfi

هآرتس - مقال - 18/8/2002

مراسل الصحيفة للشؤون العربية

 

 لقد كان للمارشال موريس دي ساكس، أحد القادة العسكريين الكبار في القرن الثامن عشر، رأي قاطع حول عظمة الاستراتيجيين: "الحرب هي مسألة جدية جدا في كل ما يتعلق بمصير الأمم والشعوب، ولذلك لا يتوجب ايداع ادارة هذه الحروب بيد الاستراتيجيين الصرفة".
 الجدل الذي يجريه استراتيجيون اختصاصيون وهواة في مسألة وجوب شن الولايات المتحدة الهجوم على العراق أو الامتناع عن القيام به تنطبق تماما على الرأي الذي عبر عنه ساكس، ذلك لان المسألة ليست قضية عسكرية فقط وانما هي مسألة "مصير أمم وشعوب". ولا صعوبة من رسم صورة مثالية على اسلوب الهواة التبسيطي، يقوم بها الجيش الامريكي باستخدام قوته ضد العراق محطما رأس صدام حسين مع تماثيله الضخمة ليعود بعدها منتصرا الى وطنه.
 لا خلاف في ان صدام خطير على بلاده والعالم، ولو كانت هناك امكانية لازاحته من العالم من دون اثارة فوضى اقليمية لكان من الأفضل القيام بذلك. الا ان صدام يجلس في داخل منطقة تمقته فعلا وترغب في ان تراه يسقط، الا انها غير مستعدة في تحمل النتائج المترتبة على ذلك.
 السيناريوهات الحربية الشائعة الآن تفيد بأن صدام حسين سيهزم في الحرب، وان مجموعات المعارضة الضعيفة ستمسك بتقاليد الحكم في العراق بمساعدة الجيش الامريكي، وان عملية استفتاء شعبي ستنظم خلال فترة غير طويلة ويتم اجراء انتخابات ليظهر نظام ديمقراطي نموذجي آخر في الشرق الاوسط، فهذا ما حدث في افغانستان، أليس كذلك؟.
 الا ان التقارير الواردة من افغانستان أبعد من ان تكون هادئة. عشرات المواطنين يقتلون في هذه الايام في حملة تصفية حسابات بين رؤساء القبائل، وفي تحالف الرئيس قرضاي ثغرات خطيرة، وقتل وزيرين في عمليات، وحركة طالبان تقوم بحشد قوات جديدة في بعض أجزاء افغانستان بينما لم يلقى القبض على أسامة بن لادن، والسلطات الافغانية التي ساعدت في اسقاط طالبان خاضعة الآن لصراع داخلي ضد التجمعات الدينية التي تنتقدها في انها قد "تنازلت" عن السيطرة غير المباشرة في افغانستان بواسطة طالبان.
 وليس من نافل القول ان نقول ان وجود "القاعدة" تنظيم اسامة بن لادن يرتبط بالوجود الامريكي في السعودية بعد حرب الخليج الاولى. فبن لادن الذي ساعد واشنطن في حرب الأتباع الذين أرسلتهم لمكافحة الوجود السوفييتي في افغانستان و "ادرك" الحاجة للوجود العسكري المكثف في السعودية في حرب الخليج طالب برحيل هذه القوات بعد الحرب.
 الوجود الامريكي المكثف الذي سيكون مطلوبا في العراق بعد ازاحة صدام حسين قد يكون أكثر خطورة بأضعاف ذلك، ولكن من دون هذا الوجود سيدخل العراق في حرب داخلية بين الأحزاب والقوى المتنازعة، الامر الذي قد يمتد الى الامارات والممالك المجاورة. في العراق ذو الاغلبية الشيعية والأقليات الكبيرة من سنة وأكراد قد تزعزع مثل هذه الحرب الاستقرار النسبي في المنطقة وتوفر لايران مثلا قدرة تأثير ان لم يكن سيطرة على جارتها ذات الاغالبية الشيعية.
 من الناحية الاخرى قد يتمخض الوجود الامريكي الطويل في العراق مثلما حدث في السعودية عن مقاومة له، ويؤدي الى اضاعة قاعدة سيطرة امريكية في الشرق الاوسط، أو يؤدي الى زيادة سيطرة واشنطن في الدول المجاورة للعراق لدرجة تصل الى شبه احتلال، ومن هنا يصبح الطريق قصيرا نحو حروب محلية ضد الاحتلال الامريكي الجديد.
 هذا ليس سيناريو أصلي. وهو موجود منذ عدة اشهر على طاولة صانعي القرار في امريكا. فقد طرحه عليهم القادة العرب القلقين على بقائهم. أحدهم سأل بوش "كيف سنتغلب على العراق بعد ان تتغلبوا على صدام؟"، ولكن لم يكن لدى بوش رد على هذا التساؤل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الصين تحذّر واشنطن من تزايد وتراكم العوامل السلبية في العلاق


.. شيعة البحرين.. أغلبية في العدد وأقلية في الحقوق؟




.. طلبنا الحوار فأرسلوا لنا الشرطة.. طالب جامعي داعم للقضية الف


.. غزة: تحركات الجامعات الأميركية تحدٍ انتخابي لبايدن وتذكير بح




.. مفاوضات التهدئة.. وفد مصري في تل أبيب وحديث عن مرونة إسرائيل