الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محنة الدستور

سمير الأمير

2011 / 6 / 16
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


أتعجب من هذا اللغط الدائر حول قضية الدستور أولاً أم الانتخابات البرلمانية والرئاسية أولاً، ومصدر العجب هو هذا الخلط المتعمد بين نتائج الاستفتاء السابق ومسألة تأجيل الدستور، ولا أعلم كيف تتم التعمية علينا وكأننا شعب من السذج علينا أن نبتلع الطعم و نقتنع أن الأغلبية عندما صوتت" بنعم" كانت تدرك أنها بذلك توكل مسئولية وضع الدستور الجديد للأغلبية التى ستسفر عنها الانتخابات!!، ولا داعى هنا طبعا للتذكير بأن أغلبية من صوتوا بنعم كانوا يصوتون على شىء آ خر غير التعديلا ت الدستورية فقد تم تصوير الأمر على أن عدم التصويت قد يجرنا إلى صياغة دستور جديد وأن هذا الدستور الجديد قد يعيد النظر فى المادة الثانية، أى أن القوى التى دفعت الناس للتصويت بنعم واستنهضت فيهم غيرتهم على دينهم كانت تعلم أن ذلك كان نوعا من الاستخدام المبتذل للمقدس فى معركة سياسية، هذه القوى لم تكن ترغب على الإطلاق فى إسقاط دستور 71 الذى يمنح الحاكم سلطات إلهية لأنها تريد أن تحكم البلاد بما يسمونه " الغلبة " التى يستخدمونها بدلا من " الأغلبية " وذلك تمهيدا لنا لكى نقبل التسلط والقهر باعتبارهما أدوات حكم الغلبة لإصلاح البلاد وإرشاد العباد، إذن هم يريدون استخدام ذات الدستور أو استنساخ دستور معدل يحافظ على "تلك الغلبة " لكى يضمنوا أن يتقلدوا السلطة للأبد، هؤلاء الأفذاذ يتحدثون فعلا عن " الاستفتاء" بالمنطق الذى يدعون أنهم قد اعتذروا عنه من قبل وهو منطق " غزوة الصناديق " منطق هزيمة الآخر، والآخر هنا هو العلمانى واليسارى والقومى والقبطى وكل " الأغيار" الذين لا يستحب حتى مصاهرتهم باعتبار ذلك يؤجل " التمكين" للذين يسمون أنفسهم المتطهرين ، علينا إذن ألا نخضع لهذا الابتزاز الفاضح باسم "استفتاء" تم تجاوز نتائجه من قبل المجلس الأعلى الذى وجد أن استمرار دستور 71 يعنى عدم شرعية وجوده فى سدة الحكم فسارع بوضع إعلان دستورى لم يستفت الشعب عليه، وكان ذلك فى تقديرى تصحيحا لخطأ إجراء استفتاء على دستور سقط بسقوط النظام، إن عدم التمسك بصيغة الدستور أولا قد يعيد إنتاج نظام أبشع من النظام السابق لأن معارضته لن تحظى بتهم من نوع تكدير الأمن العام ومحاولة إسقاط نظام الحكم ولكن معارضته قد تعنى الانقلاب على القيم الدينية والخلقية للشعب المصرى، أو تعنى " إنكار ما هو معلوم من الدين بالضرورة " باعتبار أن سلطة الحكم هنا تحظى بشرعيتين شرعية الصندوق وشرعية الدين، إذ الإسلام دين ودولة ولا يقيم دولة الإسلام إلا أصحاب الرؤى الإسلامية وهم " الإخوان والسلفيين والجهاد والجماعات الإسلامية " وأضيف عليهم من عندى " فلول النظام السابق من رجال أعمال باعتبار أنهم شركاء أساسيين فى الاقتصاد الريعى وفى لعبة المرابحة التى كسب فيها رجال الأعمال من الجانبين مليارات الدولارات وخسر فيها الشعب المصرى صانع الثروة كل عرق أبنائه من العمال المعينين فى المصانع بعقود إذعان تشترط التوقيع على استقالاتهم قبل استلام العمل وأيضا عرق أبنائه من العاملين بدول الخليج وبلاد الواق واق الذين ذهبت مدخراتهم غيلة سواء فى شركات التوظيف التى كان مشاهير المشايخ يظهرون فى إعلاناتها أو فى المشاريع الضخمة التى تمول الانتخابات باعتبارها " غزوات وجهاد فى سبيل نشر الدين"
إن الدستور هو سيد القوانين وهو الأساس الذى يحكم العلاقة بين السلطات المختلفة ويحدد الإطار العام للحقوق والواجبات ولعلاقة الناس بالحاكم وبمؤسسات وأجهزة السلطة، ولذا يجب أن يصدر بإرادة شعبية مجتمعة وتوافق واتفاق الأغلبية والأقلية لأنه الأساس العام الذى نعود إليه فى كل مرة يحتدم فيها خلافنا حول السياسة والاقتصاد والحريات، و لكى نضمن أن مصر لن تعود إلى حكم" الغلبة " وستقبل بحكم " الأغلبية "، علينا أن ندعو القوى السياسية بكافة أطيافها من الأقلية والأكثرية إلى عقد مؤتمر موسع من أجل التوافق على المبادىء العامة التى نرتضيها جميعا والتى تشكل أهم مواد الدستور القادم وبعدها نشرع فى انتخاب جمعية تأسيسية لوضع الدستور ترشح لها القوى السياسية رجالا يحظون باحترام وتقدير فى المجتمع المصرى وغير معروفين بتعصبهم لأيدلوجياتهم على حساب الموضوعية ومصر مليئة بهؤلاء سواء من الليبراليين أو الإخوان أو اليساريين ولا داعى هنا لسرد أسماء بعينها تحظى بقبول عام رغم وضوح انتماءاتها، يضاف إليهم- بعد انتخابهم أو الاستفتاء عليهم عدد من الشخصيات العامة المستقلة والمعروفة بنضالها من أجل الحريات وحقوق الإنسان، ثم رئيس المحكمة الدستورية وبعض القضاة فضلا عن أساتذة القانون من كليات الحقوق المعروفين باستقلالهم وحيدتهم،
وبعد ذلك سنقبل بما تسفر عنه صناديق الانتخابات لأننا جميعا سنكون موقنين أن حقوقنا مصانة بحكم الدستور وأن الرئيس القادم لن يكون بمقدوره أن يحكمنا بدستوره هو أو دستور حزبه أو جماعته بل بالدستور الذى وضعه له الشعب المصرى، إذ الشعب فى هذه الحالة هو مصدر السلطات وهو صاحب العمل الذى يحدد مهام الرئيس الذى هو فى هذه الحالة موظف وليس حكيما ولا ملهما ولا نصف إله ولا ظل إله ولا يحق له ما لا يحق لأهله من المصريين الشرفاء الذين ضحوا بدمائهم من أجل التخلص من القهر والاستبداد وليس من أجل استبدال الاستبداد البوليسى بالاستبداد الدينى أو العسكرى أو أى استبداد آخر بغض النظر عن كونه استبدادا باسم الأغلبية أو باسم الأقلية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - خباثة أم غباء أم ماذا؟
Amir Baky ( 2011 / 6 / 16 - 10:51 )
خرج الشعب الذى يرتدى جلباب كله ثقوب ليعلن تمرده على الحاكم و يطلب جلباب جديدا فقال له الحاكم سأستر لك بعض هذه الثقوب برقع من القماش فهل توافق على ذلك أم تظل تصرخ من كثرة الثقوب؟ سقط الحاكم ولم يسقط أستفتائه وفرض على الشعب خياران كلاهما مر. الأول أن يرفض الترقيع ليعانى مع مواد الدستور القديم أو يوافق على الترقيع لعلاج مواد خاصة بصلاحيات رئيس الجمهورية فقط. وتظل سلبيات مواد المجلس التشريعى كما هى. فالجلباب نصفة مرقع و النصف الآخر لازال يوجد به ثقوب تفرز لنا نائب يكذب فى وعوده الإنتخابية بلا عقاب. نائب يستفيد من الحصانة فى أعماله الخاصة. نائب غير متفرغ للعمل البرلمانى. نائب يبيع نفسه للسلطة التنفيذية بدلا من مراقبتها. فكل هذه السلبيات يجب علاجها اولا فى دستور جديد حتى لا نكرر تمثيلية ديمقراطية الحزب اللاوطنى. أشعر أن الإخوان و بعض الأحزاب القديمة لا تريد ديمقراطية حقيقية للشعب المصرى.فهل الدستور يضعه الأغلبية أم يتم بتوافق جميع أطياف الشعب علية؟هل اللجنة الدستورية تحتاج لمجلس شعب لكى تتكون أم يمكن أن تتكون بدون مجلس شعب؟الهدف النهائى أن يكفر الشعب بالديمقراطية ويرجع للسلبية

اخر الافلام

.. الجماعة الإسلامية في لبنان: استشهاد اثنين من قادة الجناح الع


.. شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية




.. منظمات إسلامية ترفض -ازدواجية الشرطة الأسترالية-


.. صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها




.. كاهنات في الكنيسة الكاثوليكية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24