الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وجع

أحمد مولود الطيار

2011 / 8 / 8
حقوق الانسان


لا أخفيكم بات فعل الكتابة لدي هو أشبه ما يكون بالرجل العاجز جنسيا حيث كلّما يحاول الاقتراب من حبيبته يشعر بالاحباط وكلما يكرر المحاولة يزدداد احباطه، يحبّها ويتمنى الذوبان فيها ولكن لا يكتمل الوصال. هذا ربما هو حالي وحال الكثيرين من السوريين والسوريات اللائي أرغموا على مغادرة وطنهم، هم ممزقون، جسد في أوطانهم الجديدة وروح هائمة في كل القرى والمدن والبلدات السورية .
أجلس وراء كمبيوتري أنتقل من نشرة أخبار الى أخرى من شريط لحماه الى اخر في دير الزور، من تعليق على الفيس بوك لصديق هنا وآخر هناك، يتجمع الغضب، تتكور قبضة يدي، تخرج من فمي شتيمة سوقية، يمرّ من أمام نافذتي جاري العراقي الذي هرب من جحيم صدام حسين وخائف أن بديل بشار الأسد اسلامي مغطيا على مذهبيته بعنعنات مخجلة، تمرّ بعدها جارتي الكندية وابنتها القادمتين للتو من ملعب التنس أو حوض للسباحة والتي احتجّت كثيرا أن صوت التلفزيون لديّ عال ومزعج ولما اعتذرت لها، وأنني أنسى نفسي وانا اشاهد حمامات الدم في سوريا بلدي الذي اعشق، تتقبل اعتذاري ولا تصدّق أن هناك من يقتل من أجل كلمة "حرية".
أعرف أن الكثير ممن سيقرأ حروفي غير المنضدة هذه سيقول بماذا يتفلسف هذا الذي يجلس في كندا ويحاول أن يقنعنا بمشاعره وحبه لسوريا وهو الذي ربّما ينتقل من بار الى بار ومن حانة الى حانة ومن حضن امرأة شقراء هنا وسوداء أو سمراء هناك، ربمّا هي تلك الصورة النمطية التي باتت تحتل حيز عقول كثيرة عن المقيم في أوربا و كندا وأمريكا.
لا يا أصدقائي لسنا بحرية أكثر منكم وليست معاناتنا بأقل منكم ولست وربما الكثير مثلي بتلك الصورة المشوهة عن المنفي أو المعارض الذي ساقته الظروف ليغادر مسقط طفولته. لا تغرنكم الصور الملتقطة بين ناطحات السحاب وفي المناظر الطبيعية الخلابة.
ما معنى الحرية ؟ أليست هي الارتواء بكل ما تكثفه كلمة "ارتواء" من معنى؟
وأين هو ارتواءنا ؟!
كتب حازم صاغية منذ فترة على صفحته في فيس بوك عن صحن الفول أو الحمص الذي يكتسي صبغة قومية أو وطنية بهذا المعنى، هل أنطلق معكم وفي معاناة الارتواء من هذا الصحن الذي ربما يلخّص حرماننا في أشد معاناته ألما وحرقة؟
صحن الفول في يوم الجمعة ليس طبق عادي أو نفس دنيئة تتشهي ما لذّ وطاب من الطعام، انه أناس ملتصقين مع بعض، رؤوسهم قريبة، يتناولون معالقهم ويغرفون من صحن واحد ولا يقرفون من رائحة البصل المنبعثة منهم، لأن رائحة الحب وللحب رائحة، أقوى من شانيل وكريستيان ديور وكل ماركات العطر الباريسية .
الحرية ليست فقط حرية تعبير وابداء موقف سياسي بدون تبعات ديكتاتورية، انّها اكبر من ذلك بكثير، هنا في منفاي اكتشفت أنّ أي شخص متوار في سوريا في قبو حقير تنبعث منه كل الروائح العفنة هو حرّ أكثر مني، أي شاب يخرج يتظاهر ضد هذا النظام المجرم هو حرّ أكثر مني. ما نفع حريتي هنا وأنا اعاني الحرمان من كل شئ ، اتشهى المشي في حاراتنا، اتشهى كأس عرق مع أصدقاء حميميين يخرجون اليوم ويدخلون الى الزنازين تباعا ، اتشهى لقاء فتاة من فتيات سوريا تأتيني تحت جنح الظلام، اتشهى معانقة وجوه أحببتها، اتشهى زيارة قبر أمي، اتشهى السفر في باصاتنا بين المدن السورية، اتشهى أشياء كثيرة وحرمان يراكم فوقه آخر.
هو القهر اذن يحتلنا ولا أدري كم من التشوهات ستصيبنا قبل أن نعانق سوريا من جديد.
متى الوصال سوريا؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما حدود تغير موقف الدول المانحة بعد تقرير حول الأونروا ؟ •


.. نتنياهو: أحكام المحكمة الجنائية الدولية لن تؤثر على تصرفات إ




.. الأمين العام للأمم المتحدة للعربية: عملية رفح سيكون لها تداع


.. الأمين العام للأمم المتحدة للعربية: أميركا عليها أن تقول لإس




.. الشارع الدبلوماسي | مقابلة خاصة مع الأمين العام للأمم المتحد