الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أزمة ذوق

اسماعيل موسى حميدي

2011 / 8 / 14
العولمة وتطورات العالم المعاصر


وانت تمر في احد شوارع مدينتك، تسمو نفسك رفيعا في فضاء روحك، لتبحث عن مسكونات الجمال وكل ما هو يستميل الاذواق لها، فتتخيل الوان الشمس ورائحة الورد وسحر الصباح وطعم الليل لتتناغم مع جمال الذوق في خافق نفسك المنهمكة بتفاصيل الحياة لعلك تخلصها من ضنك كبوتها وعالمها المحفوف بالسواد، لما لا فالجمال هو سر الوجود وان الله جميل ويحب الجمال.. وطالما وجد الانسان في الحياة اقترن بقاؤة بالجمال ، الذي يتجسد بصور شتى مثل الكمال والنضارة والحرص والصدق والوفاء والامانة والطهارة التي لولاها لما دامت الحياة...مثلما ان النفوس لايمكن ان تسمو الى بارئها الا بجمال الايمان وصدق التعبد وهكذا تغدو عجلة الحياة ...لتترجم اسرار الجمال الى اذواق عالية الشأن نعيشه ونستشعره على الدوام.
وما احوجنا اليوم الى جمال الاشياء الغائب عنا .. فنحن نعيش أزمة اذواق بحقيقة في عالمنا اليومي وفي كل مكان ..فعندما تجلس في مقهى تتهافت الى مسامعك احاديث الاهات واللوعات عن الحياة ومآخذ الحكومة والاتهامات المفرطة لاعضائها ونقص الخدمات وغير ذلك.عندما تسير في شارع ما تتمنى ان تسر نظرك بمعلم عمراني ذات جمال في مدينتك ولكن هيهات ، فما ترى غيراكمام القمامة والنفايات وهي تمثل مظهرا مرعبا تلف البيوت والازقة والدوائر الحكومية على السواء بمنظرها الموحش الذي يبعث البؤس في النفس.عندما تصعد في الباص تجالس اشخاصا غير مراعين لاذواق الاخرين فاحدهم يدخن والاخر يتحدث في جهازه النقال بصوت عال والاخر لا يسرك مظهره .عندما تشاهد نشرات الاخبار تطالع سياسيين من على الشاشات يكيلون الاتهامات احدهم للاخر وكأنهم مصابين بامراض نفسية مستعصية.عندما تسير في سيارتك في شوارع بالية مليئة والمطبات وكأنك لم تعش في دولة عصرية على الاطلاق بالحفر فضلا عن كثير من السائقين الذي غابت عنهم اصول واذواق مهنة القيادة في الشارع وحتى رجال المرور الذين غالبا ما يفتعلون عليك المخالفة المرورية كي يساومك على اعطائهم المال .عندما تهم بمتابعة مسلسل او برنامج ما على شاشة التلفاز وتتفاعل مع احداثة تتقاطع مع ذوقك الكهرباء لتنطفئ وتشتت عليك متعة المشاهدة ،عندما تراجع دائرة ما او جامعة او مؤسسة حكومية يستقبلك عناصر حمايتها بوجوه مكفهرة غابت عنها الابتسامة والكلمة الطيبة والاستقبال الحسن وكأن هذه المؤسسة لهم وهم اصحاب الفضل في دخولك اليها ،عندما تطلب لنفسك قسطا من الراحة في البيت غالبا ما تستيقظ على ضجيج بائع الغاز او رنة تليفون عشوائية يروم صاحبها التسلية ،واخيرا عنما يسكن الليل ويحين وقت الهجوع وتروم ان تخلد الى النوم تستشعر بانك سوف تغادر غبار الحياة لساعات في نومك لعلك تستأنس بحلم يذهب عنك أزمة اليوم وما ان تغدو في النوم حتى يبدأ شوط طويل من الاحلام والكوابيس التي لاتقل ذوقا عن ازمة النهار بل هي غالبا ما تكون انعكاسا لها... انها ازمة ذوق بحقيقة .. ما الحل وكيف لنا ان نصنع الجمال في النفوس ونطيب الارواح ونطرد الاشباح انه امر متروك لنا بل لنضجنا ولثقافتنا ولكن كيف لنا ان نرمم الذات المتعبة طيلة عقود ومسؤولية من ستكون .. لاريب انها مسؤولية الكل الذي عليه ان يسهم بزرع الوعي في النفوس في البيت والمدرسة والمؤسسة والشارع حتى نستشعر الجمال ونصنع الحياة معا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أزمة على السجين
امير العراقي ( 2011 / 8 / 14 - 12:08 )
أزمة ثقة أزمة حب أزمة اخلاق أزمة فضائيات أزمة اعلام والعراق بحد ذاته أزمه مع الاسف الشديد ، والشعب العراقي يتحمل جزء كبير من هذة المعانات والازمات

اخر الافلام

.. قادة الجناح السياسي في حماس يميلون للتسويات لضمان بقائهم في 


.. دعوات أميركية للجوء إلى -الحرس الوطني- للتصدي للاحتجاجات الط




.. صحة غزة: استشهاد 51 فلسطينيا وإصابة 75 خلال 24 ساعة


.. مظاهرات في العاصمة اليمنية صنعاء تضامناً مع الفلسطينيين في غ




.. 5 شهداء بينهم طفلان بقصف إسرائيلي استهدف منزلا في الحي السعو