الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خفّة دم الانتفاضة السورية تزعجُ الأستاذ الخازن

محمد الحاج صالح

2011 / 9 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


كتب الأستاذ جهاد الخازن في "الحياة" مقالاً في ربيع 1998 يحتجّ فيه على تسمية "نتنياهو" بالـ "نتن ياهو" من النّتانة. وقد انتشرتْ آنها مقالات ضحلة المعنى تركّز على المعنى العربي لتفتيت اسم نتنياهو. وقتها أعجبتني جرأة الأستاذ وأيّدته.
كان يمكن أخذ المقال المذكور على محمل غيرة الخازن على العرب وتمنّيه في أن يتمدّنوا ويتحضّروا ويتعرفوا على التخاطب الحضاري مع الآخر بما فيه العدوّ، وكان من الممكن أن يعجب المرءُ برهافة حسّ الأستاذ بعدم قبوله حتى شتم العدوّ.
إذن ما بال الأستاذ يشتم ويستهين بدماء شهداء الانتفاضة السورية؟ ما باله يهين المعارضة السورية؟ أين اختفت رهافة الحس؟ ولماذا تعطلت لغة الكلام؟
يكتب الأستاذ بوجدان مرتاح:
"رسائل المعارضين السوريين بينها الذكي وبينها المهذب ثم هناك الغالبية. القاسم المشترك بين رسائل الغالبية هو ثقل الدم (بعض الرسائل من معارضين في البحرين ينافسهم إلا أنها ليوم آخر)، وهذا يظهر عندما أقارنها بما قرأنا حول ثورة الغضب المصرية واللافتات في ميدان التحرير من نوع (ارحل، ايدي تعبت) أو (لو كان عفريت كان طلع ) لا شيء من هذا بين المعارضين السوريين (وأكرر أنني أتحدث عن الغالبية لا عن الجميع)، وإنما نماذج منها واحد متكرر يتحدث عن القتلى والجرحى والأطفال والتدمير ويريدني أن أبكي معه (كذا!). شخصياً أعرف أن الرصاص يقتل ولم أسمع يوماً أن البكاء رد ميتاً. ويبدو أنه اختار البكاء بدل أن يتجنب الرصاص". انتهى الاقتباس.
بسهول ويسر يغفل الأستاذ الخازن عن دربته المعتادة في التخلّص والتدبير مُدوّر الزوايل، ويغفل عن مسالك منهته الصحفية؛ وهو الصفي الجدّ في الصحافة العربية. يقرر الأستاذ أن رسائل المعارضة السورية ثقيلة الدم، ثم يقارنُها مع اللافتات الظريفة التي رفعها المصريون في ميدان التحرير. من يقرأ المقال كاملاً يدرك أن الأستاذ يقارن رسائل واردة إليه عبر البريد العادي أو الالكتروني بلافتات رُفعت في مظاهرات وأمام عدسات التلفزيون. في الحالة الأولى، أي الرسائل، لا شيئاً ملموساً يظهرُ لنا نحن القراء سوى ثقتنا بالأستاذ الخازن وقوله. على الأخص من أنه يستشهد بمقاطع "ثقيلة الدم!" مما ورده وورد "الحياة" تحتوي كلمات من صياغة الخازن نفسهو فيها تهجم شخصي، يردّ عليها الخازن بتحدٍّ شبابي واثق:
"نموذج آخر ينقل الى الناس ما فيه، وعندي تجربة شهر مع قارئ بدأ بإرسال رسالة إلكترونية لطيفة عنوانها (جبان) والكلمة تتكرر مرات في الرسالة حتى لا تفوتني مع تهمة أنني من كتّاب السلاطين وقد خنت الشعوب. وهكذا فأنا أكتب باسمي وعنواني معروف في لندن وبيروت ودمشق والقاهرة، ثم يتهمني بالجبن قارئ لم يكتب اسمه، وعنوانه مرة (سورية حرة) ومرة (نور القمر) وغير ذلك".
يمكن أن يحزر المرءُ بسهولة أن ما أغضب الأستاذ هو وصفه بالجبان و بكاتب السلاطين. والحقيقة لا يمكن للمرء أن يتصور ثقل دم كالذي يبديه صحافيون وكتابٌ في مداهنة الحكام الطغاة وفي استهانتهم واحتقارهم للشعوب المظلومة. والحال أن الأستاذ كتب العديد والعديد من المقالات عن سورية وحكامها من "أبو سليمان" أو "أبو باسل" إلى "أبو جمال" إلى الحزب ومؤتمراته. وما كان لأي قارئ أن يفهم من تلك المقالات إلا ممالأةً وتمسيح جوخ بكلمات وجمل أنيقة ذات دربة بالطبع، وأظن أن الأستاذ لا ينكر هذا. ولو (!) فالأستاذ أستاذ حقاً في كتابة المقال. وباعتبار أن "أبو حافظ" ورث سورية من أبيه "ابو سليمان" فإن مقالات الأستاذ التي تناولت سورية من قريب أو بعيد هي الأخرى ورثت مقالاته الأسبق، ففي التغيير مشقّة. ولا أظن أننا أو الأستاذ بحاجة إلى العودة إليى تلك المقالات.
أمّا عن "خفّة الدم" يا لثقل الدم! سيكون الأستاذ أكثر إنصافاً لو أنه قارن لافتات بلافتات أو هتافات بهتافات أو أغاني بأغاني. أما أن يقارن رسائل لجريدة بما يكتبه الناس في الشوارع وما ينطقون به. فإنه محض تصيّد. كي يثبت نظريته عن "ثقل الدم" يا لخفّة الدم!
إن أي منصف يراقب الحراك اليومي للشارع السوري على شاشات التلفزيون، أو على صفحات الفيس بوك والتويتر سيلحظ على الفور خفّة دم سورية غير مسبوقة. أصلاً... نحسّ نحن السوريين أننا نفاجئ أنفسنا بالظرافة والطرفة. على الرغم من المجازر والعنف الهمجي والاعتقال والتصفيات، على الرغم من كل هذا يجدُ الشباب السوري وقتاً للمزاح وللضحك وللتهكّم والسّخرية من النظام. ألم يشاهد الأستاذ الصواريخ العابرة للقارات التي عرضها أهل حمص على أنها من أسلحة "العصابات"؟ ألم يرى جهاز الرادار الذي حمله السفير الأمريكي في شنطته وأهداه لثوار حمص. وهو جهاز متطور جداً يستطيع كشف المركبات بين المجرات، ويتألف من قاعدة غسالة قديمة مازال محورها يتحرك وشبك مرتجل موصول يدور كما تدور الردارات من اليسار إلى اليمين. ولعل الأستاذ لم ير قاذفات الصواريخ الباذنجانية أو الكوسوية المتقدمة. ولعله أيضاً لم ير القاذف: "بوري الصوبة" المحمول على الكتف. ولم ير المدفع الجبار الذي اخترعه أهل حماة وصرفوا عليه "دم ضحكهم وظرافتهم" ...ولعله... لعله لم يتابع النكت التي تملأ صفحات الفيس بوك. لعله لم يسمع بآخر نكتة عن الطابع البريدي الذي لا يلصق.
النكتة والسخرية والتهكم كانت سلاحاً حقيقياً ضد آلة السلطة الإعلامية وصحفييها الكَذبة. الكلّ يعرف هذا سوى الأستاذ الخازن، أو أنه يتجاهل.
وقالْ ثقل دم قالْ!
محمد الحاج صالح








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - صحافة النفط الوهابي
محمد البدري ( 2011 / 9 / 3 - 01:58 )
الاستاذ الخازن يكتب في صحف تنتمي وبدون تحفظ الي الوهابية السعودية لكنه يحاول التغاضي عن دور المملكة والحركة الوهابية في تاييدها ودعمها لاسرائيل وذلك باتباع الاسلوب القومي العربي في رفع العقيرة ضد اسرائيل وامريكا لانها معركة مجانية دون اي خسائر ان لم تكن مدفوعة الاجر في اساسها. اذكر انه في مقالة له بجريدة الحياة اللندنية السعودية كتب شيئا من احداث السيرة والخلافة الاسلامية كما جاءت في كتب التراث لكنها مما لا تستحبه الوهابية لكشفها عورة من عورات الاسلام الاولي وعلي وجه السرعة في المقال التالي اعتذر عن تاريخ حدث ووقائع وقعت وتاريخ كتبن بعد ان عنفه اولي الامر وسادة قريش. تاملت المشهد وقلت يا ليته يكون بهذا التعقل في مواجهه اسرائيل والاعتراف بما هو جاري دون انكار له. فالثورات الحالية كشفت كثيرا من اباطيل وتضليل كتاب القومية والعروبة والاسلام ايضا.


2 - لا فائدة
عمران ( 2011 / 9 / 3 - 08:38 )
احسنت ولكن لا ارى جدوى من مناقشة الخازن وامثاله من كتاب السلاطين سواء اقر بذلك او انكره ولم يفده ان يداور ويراوغ في ميدحه ونفاقه كأن القاريء لا يفهم


3 - إضافة
نبيل السوري ( 2011 / 9 / 3 - 08:43 )
تحياتي للأستاذ محمد أخو ياسين المحترمين، وتحية لأستاذنا محمد البدري
ما لم يذكره سعادة الصحافي الكبير كير نجد والحجاز، أن الشعب المصري لم يتعرض لواحد من ألف مما يتعرض له الشعب السوري، وانتهت محنته بأقل من 3 أسابيع

نظام مبارك، على عجره وبجره واتهامات شتى بالخيانة، لم يصل لنسبة بسيطة للمانعين الجدد حماة الحركة التشبيحية بقيادة الأب والإبن

ستظل مصيبتنا البترودولار السعودي الذي يتاجر ويسوّق لفقه الحيض والاستنجاء والمعالجة ببول البعير، وهو رغم كل هذه المصائب لا يتفوق على تجار الممانعة والعلمانية الزائفة التي استطاعت تعميم الحجاب والنقاب على سوريا وبمعونة معاهد تحفيظ القرآن الأسدية التي ساهمت بتجهيل الشعب وقبوله بعهر السلطة، طبعاً بمباركة آل سعود، الحليف الطبيعي للإرهاب الأسدي


4 - المشكلة ان احدا لم يعد يصدق ثورتكم العرعورية
عبد المسيح البيطار ( 2011 / 9 / 3 - 18:31 )
المشكلة ان احدا لم يعد يصدق ثورتكم العرعورية الدموية لماذا لا تتحدث عن العرعور وفتاويه وحديثه المخجل ولماذا لا تستنكر في مقال ما يبثه من سموم كما تسنكر ملاحظة عابرة من الاستاذ الخازن. هل تريدون النجاح والنصر بالخبث واللف والدوران والمداراة انت واخوك فيلسوف الثورة


5 - الى محمد البدري
عبد المسيح البيطار ( 2011 / 9 / 3 - 18:35 )
لا تنسى يا محمد البدري ان اخ الكاتب ياسين الحاج صالح فيلسوف الثورة العرعورية يكتب في الصحف الوهابية


6 - وما الذي تريده بالضبط يا حضرة الفيلسوف؟
مصطفى حسون ( 2011 / 9 / 3 - 18:41 )
الرجل يدلي برأي وله موقف لماذا تستكثره عليه وانت داعية ديمقراطي وثوري أم أن كل الكرة الأرضية يجب أن تتكلم مثلك أنت وأخوك ومن لا يفعل فهو ثقيل دم وانت وحدك خفيف دم بهذه الكتابات المتناقضة؟ أسفي على الحوار أصبح ناطقا باسم اخوان سورياوسل فييها الطائفيين المعروفين للقلاصي والداني؟


7 - الى الشاطر عمران
ياسر الشامي ( 2011 / 9 / 3 - 18:50 )
ألا تعتقد أن محمد الحاج صالح يتحدث أيضا باسم سلاطين آل عثمان الجدد حيث عقد المؤتمر الانتقالي هناك؟ أم ان لديك فرقا بين سلاطين وسلاطين؟ على من تقرأ تعليقاتك يا عمران


8 - الى الذي ازعجه التعليق
عمران ( 2011 / 9 / 3 - 23:25 )
لم يعجبك انني لا احب فقهاء السلاطين .اقرأ مقالات الخازن ومقابلاته و سوف ترى مقدار تباهيه وفخره بمقابلة الرئيس الفلاني و الملك العلاني وحيث انني اعد ان مصيتنا على مر التاريخ هو هذا النوع من الكتاب الذين يزينون للسلاطين اعمالهم او على الاقل يسكتون عن عيوبهم ارجو ان تزود قراء المقال بما يوحي ان كاتبه من فقهاء السلاطيين العثمانيين او العفانيين او ما شئت من السلاطيين حتى نضعه في خانة فقهاء السلاطيين علما بانني لم اناقش مادة المقالة لانني لا ارى فائدة حتى من انتقاد فقهاء السلاطيين

اخر الافلام

.. مصر تعلن طرح وحدات سكنية في -رفح الجديدة-| #مراسلو_سكاي


.. طلاب جامعة نورث إيسترن الأمريكية يبدأون اعتصاما مفتوحا تضامن




.. وقفة لتأبين الصحفيين الفلسطينيين الذين قتلتهم إسرائيل


.. رجل في إسبانيا تنمو رموشه بطريقة غريبة




.. البنتاغون يؤكد بناء رصيف بحري جنوب قطاع غزة وحماس تتعهد بمقا