الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما بعد اقتحام السفارة الاسرائيلية

أحمد حمدي سبح
كاتب ومستشار في العلاقات الدولية واستراتيجيات التنمية المجتمعية .

(Ahmad Hamdy Sabbah)

2011 / 9 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


تابع العالم عملية اقتحام السفارة الاسرائيلية في مصر في 9/9/2011 مبديآ استغرابه واستنكاره مما حدث واعتباره خرقآ للمعاهدات والمواثيق الدولية ، وهو أمر مفهوم ومتفق عليه من ناحية أنه يمثل اعتداءً عل حرمة السفارات والبعثات الدبلوماسية في العالم ، بل ان عديدآ من المحللين والخبراء الاستراتيجيين المصريين استنكروا ذلك وشجبوه وتباروا في رسم سيناريوهات سلبية لعقوبات دولية ستفرض على مصر ردآ على هذا الاقتحام .

مع اعترافنا الكامل بأن هذه العملية تعد عملية مرفوضة وتخرج عن نطاق الالتزامات الدولية لمصر ، ولكن لماذا لم نجد حماسة في هؤلاء الذين نددوا بهذه العملية حينما تعلق الأمر بمقتل جنودنا المصريين على الحدود مع اسرائيل واختراق اسرائيل للحدود ورفضها بعد كل ذلك اجراء تحقيق مشترك وتقديم اعتذار رسمي للشعب والحكومة المصرية وتعويض أهالي هؤلاء الجنود
هل كان ذلك جزءآ لا يتجزء من التزامات أم من مصر الدولية ؟!!! .

انهم بدفاعهم المستميت عن السفارة الاسرائيلية ووصف مقتحميها بالهمجيين وهم الذين لم يوقعوا قتلى او اصابات في صفوف اسرائيليين ، دون أن ينول قاتلي جنودنا الشهداء أي لوم أو تقريع أو استهجان من هؤلاء انما هو جزء لا يتجزء من مذلة مصر الدولية التي بناها النظام السابق ويسعى هؤلاء الى تكريسها .

لا يعني كلامنا أبدآ دعوة الى اقتحام السفارات أو اهانة البعثات الدبلوماسية ، فلنا أيضآ بعثات دبلوماسية في الخارج لا نرغب أبدآ أن نجدها مقتحمة ومهانة ، ولكن نريد القول لا تنسوا حقوقنا وتهدروا دمائنا ، فلو كانت الحكومة المصرية والمجلس العسكري ( لو كانا ) أديا مهمتهما على أكمل وجه من سحب للسفير المصري وطرد الاسرائيلي وتوجيه اللوم الشديد اللهجة للاسرائيليين عبر القنوات الدبلوماسية والاعلامية والمسارعة الى حشد الضغط الدولي لتشكيل لجنة تحقيق مشتركة وتعويض مصر والمصريين عما لحق بهم من اهانة للكرامة والدم المصري العزيز لما كان ما حدث من اقتحام للسفارة واهانتها .

لماذا دائمآ حينما يتعلق الأمر بعلاقتنا مع الخارج نتبارى في تذكر ما علينا ونتناسى ما لنا من حقوق ؟؟!! .

الاجابة على ذلك تتمثل في :

أولآ : على المستوى الرسمي لازال مجموعة من قليلي وضعيفي الخبرة والحنكة والدراية يديرون شؤون البلاد ، وبنفس عقلية النظام السابق الذي كان يتسم ضمن ما يتسم باهانة كرامة المواطن المصري وعدم ايلاء أدنى اهتمام للحفاظ على شرف وعزة المواطن المصري سواء في الداخل أو في الخارج ، بل والنظر الى الأجنبي أنه أهم من المصري ولابد من اعزازه ولو على حساب المصري .

ثانيآ : على المستوى الشعبي والذي يمثل الغالبية العظمى ممن لم يشاركوا في الثورة المصرية المجيدة والخالدة وهم ما يعرفون باسم الأغلبية الصامتة أو ما اصطلح على تسميتهم بحزب الكنبة الذين اكتفوا بمشاهدة الثورة على شاشات التلفاز ومنهم من كان مؤيدآ لنظام الطاغية مبارك وأعوانه ، وهؤلاء تحت دعاوي الرغبة في الاستقرار يحاولون تبرير سلبيتهم وخنوعهم واستسلامهم لجلاديهم .

انهم يحاولون الولوج الى المشهد الاعلامي من خلال بوابة الاستقرار والأمن وكأن الأمن المصري كان في ظل النظام السابق أمنا يبكى عليه من فرط حفاظه على كرامة المواطن المصري وعدم ضربه وتعذيبه وسحله في الشوارع وأقسام الشرطة والسجون ، وكأن الأمن المصري سابقى كان يسارع بكل ما أوتي من القوة الى اعادة الحقوق المغتصبة الى أصحابها لا يفرق في ذلك بين قوي وضعيف ، كبير وصغير ، عضو في الحزب الوطني وانسان مصري كل ذنبه أنه انسان عادي ، أنسي هؤلاء أم تناسوا أن كثيرين كانوا يتنازلون عن جزء كبير من حقوقهم لمجرد ألا يدخلوا أقسام البوليس ، أم هي متلازمة استكهولم قد لازمتهم حيث الضحية يدافع عن جلاده .

من يعادي الثورة ويرفضها فهو اما خانع ومستسلم وسلبي يبحث عن شرعنة لجلوسه على الكنبة ابان الثورة وحين كان يشاهد الدماء تسيل أنهارآ في الشوارع والميادين وهو نفسه الذي يفر هاربآ وموليآ الأدبار حين يرى ظل أمين شرطة يسير في الشارع ، واما أنه فاسد من المستفيدن من النظام السابق وكنز الأموال والمصالح ومارس فرعونية السلطة في عهد المستبدين ، وسواء هذا أو ذاك فكلاهما لا حاجة للثورة لهم أو بهم بل السعى والمسعى لابعادهم عن التأثير في حياتنا ألا يكون لهم مكان في رسم مستقبلنا ، فيكفيهم الانزاء في ظلمة ما كانوا يفعلون عيشى على ذكرى أبدآ لن تعود مهما حاول الحاقدون .

وللأسف الشديد جدآ وعن قلة وعي وادراك حقيقي للمآلات ، فان الاعلام المصري ركز بكل قوة على أحداث السفارة وكأنه لم تكن هناك أحداث في التحرير أهم وأقوى آلاف المرات من محاولة جمهور شريف من الغاضبين والثائرين لدماء اخوانهم على الحدود ، نعم أهم آلاف المرات لأنه حينما تنجح ثورتنا بشكل كامل ويصل الى سدة الحكم مجموعة ممن يخافون على كرامة المواطن المصري فان مثل هذا الحادث الذي تسبب في قتل جنودنا لن يتكرر مرة أخرى وان تكرر بأي شكل من الأشكال وفي أية دولة من الدول ، فاننا ساعتها سنكون شهودآ على عصر جديد يشاهد فيه النظام المصري وهو يدافع عن كرامة شعبه ويستعيد عزة المواطن المصري .

أما محاولة اقتحام وزارة الداخلية ومديرية أمن الجيزة انما يعد كذلك أمرآ مرفوضآ تمامآ ، صحيح ان وزارة الداخلية بحاجة لا الى اعادة هيكلة فقط وانما الى اعادة برمجة فكرية وعقلية نحو عالم جديد لم يسبق أن ولجته هذه الوزارة ولطالما سعت الى النفور منه وهو عالم يرفع لافتة حقوق الانسان واحترام المواطن ، فعهد الجبروت والتحكم في مصائر العباد واهانتهم بدون رادع ولا رقيب ولا حسيب من القانون انتهى الى غير رجعة ، عليهم أن يدركوا ذلك جيدآ جدآ ان كانوا يريدون أن يكون لهم احترامهم في الشارع المصري ، فهيبة الدولة ومسؤول الأمن لا تأتي عن طريق السحل في الشوارع كما قال رئيس تحرير جريدة مصرية هامة وانما تأتي بالحسم القانوني في تطبيق القانون .

هناك فارق شاسع بين الخوف والهيبة فالخوف مهما طال يظل مؤقتآ بمدة السلطة والخوف علاقة بين مستبد طاغية ومحكوم ضعيف ولو كان مجرمآ ، أما الهيبة فدائمة دوام احترام الذات فالهيبة لا يملكها الا المحترمون ، الهيبة تولد الطاعة والاحترام أما الخوف من الواضح أنه يولد ثورات .

ان محاولة فلول النظام السابق والأجهزة الأمنية التي شهدت لا عصرها الذهبي بل الماسي في عصر الطاغية مبارك وأبنائه وأعوانهم ، ان محاولتهم لاشاعة الفوضى أو عدم الاستقرار وعدم ملاحقة الخارجين عن القانون انما هي محاولة مكشوفة الى حد المفضوحة لابعاد الناس عن الثورة وتكريههم فيها ، ومصر الثورة لا يعوزها هؤلاء أو أولئك ممن تبعهم ووالاهم وسار على نهجهم وكان خانعآ ومستسلمآ فهؤلاء لا يبنون وطنآ ولا أمجادآ ، فلا يذكر التاريخ يومآ أن شعبآ خرج الى الشوارع والميادين ثائرآ على المجد والعزة والرفعة وانما الشعوب تثور حينما تنعدم روائع الأعمال والأمجاد وتهان كرامة الناس على مذابح المستبدين الطغاة .

ان ما حدث في السفارة الاسرائيلية أو وزارة الداخلية ومديرية أمن الجيزة ، لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يثنينا عن القول بأنه على الحكومة والمجلس العسكري خاصة بعد النجاح الكبير الذي لاقيناه في التحرير في 9/9/2011 حيث كان يومآ عظيمآ أعاد لكل واحد منا أيامآ لن ينساها أبد الدهر أيام ثورتنا المجيدة التي لازلنا نعيش بركاتها ونسائمها وملئ صدره بعبير عرفناه أيام الثورة ألا وهو عبير الأمل ، عليهما أن يتخذا خطوات أسرع نحو تفعيل عملية نقل السلطة الى المدنيين من خلال الانتخابات البرلمانية والرئاسية وفق جدول زمني محدد وما يرتبط بهما من قوانين خاصة بتقسيم الدوائر الانتخابية وتنظيم الانتخابات منعآ لمحاولة سيطرة فلول النظام السابق أو تسهيلآ لسيطرة الاسلاميين على كراسي البرلمان والحكم .

وهي كلها قرارات من السهل جدآ اتخاذها بشكل فوري خاصة في ظل المبادرات التي تقدمت بها القوى السياسية والحزبية المصرية الحرة ، فلماذا الاصرار على المماطلة وتعطيل الحركة السياسية الحرة واتخاذ قرارات أقرب الى العناد مع القوى السياسية المصرية ومحاولة نصرة فريق على الآخر .

ان الثوار فعلآ لا يبحثون عن ادارة العجلة التي أوصلتنا الى الطريق الذي كنا فيه قبل 25 يناير بل استبدال العجلة نحو طريق جديد لم يعهده المستسلمون ولا الخانعون ولا الفاسدون ولا المستبدون أيآ كانت مواقعهم ... انه طريق الحرية والأمل .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في ظل التحول الرقمي العالمي.. أي مستقبل للكتب الإلكترونية في


.. صناعة الأزياء.. ما تأثير -الموضة السريعة- على البيئة؟




.. تظاهرات طلابية واسعة تجتاح الولايات المتحدة على مستوى كبرى ا


.. تصاعد ملحوظ في وتيرة العمليات العسكرية بين حزب الله وإسرائيل




.. اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي مدينة الخليل لتأمين اقتحامات