الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هواجس : اللومانتية 2011

بديع الآلوسي

2011 / 9 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


كما تعرفون ، الكتابة مسئولية ، ومشاركه ومحاولة .وما كلماتي سوى رأي قد يصيب اويخطأ .

عرفت هذا المهرجان منذ عقدين من الزمن ، والواقع إن ماحثني للمضي الى هذه التظاهرة الباريسيه عوامل عدة منها رؤية ما هو جديد . لكن لا اعرف لماذا خطر ببالي إن مهرجان اللومانتية ليس لأمثالنا .
وبصراحة شديدة ، إن ما حفزني لزيارة هذا الإحتفال هو رغبتي في اللقاء ببعض اصحابي البيشمركة ، الذين جمعتني معهم تجربة عصيبة لعدة سنوات لا اعرف كيف خرجنا منها سالمين .
تمنيت أن نتجاوز هذا العيد دون ان نُجهض بالخسارة ، لكن إحساسي في اليوم الثاني كان يشير : إن المهرجان سيكون إمتحانا ً عسيرا ً بالنسبة لخيمة الشيوعيين العراقيين .
جميعنا يعرف ان اللومانتية لا يعكس حقيقة الواقع ، رغم ذلك طفت ثلاث مرات بأرجاء المخيم ، محاولا ً الانغماس في هذا الاحتفال غير المتجانس ، بتواضع يمكنني القول : ان طوافي لم يغيير من إنطباعي الأول ، هنالك حركة ونشاط واضحين ، لكن بالمقابل هنالك صراع تنافسي وزيف أيضا ً ، هنالك احلام ولكن ليس هنالك أمال .
يفخر الفرنسين بعيدهم ، ذلك لأنه يساهم ولمدة ثلاث ايام بتحفيزهم وسحبهم من وتيرة الحياة الرتيبة الى اللهو والمتعة .
حين اهتديت الى خيمة ( قرية الكتاب ) وجدت كما ً هائلا ً ًمن الكتب المعروضة وشحة بالطلب على اقتناءها ، هذا ما أكدته لي إحدى البائعات قائلة ً : المشكلة الآن إن كثير من المحبين للكتاب صاروا يطلبونه عبر الانترنيت .
تبادر الى ذهني حينها : ان المباديء العظيمة او الإبداعات الأصيلة لا تحتاج الى مهرجانات .
أما اذا تجاوزنا الجانب الترفيهي والتنظيمي ، فإننا نجد أن وعي ا الزائرين قد تنوع بإيديولوجيات مختلفة ، لكني ومن خلال اللقاء ببعض منهم خرجت بقناعة إن كثيرا ً منهم لم يأتوا لفهم ظاهرة او مشكلة ما ، نعم ان المهرجان تحول الى سوق تجاري يعنى بالتسلية الثقافية ، وبالمقابل يشيع في المهرجان التكرار والجمل الجاهزة، لذلك يمكننا القول : لم تعد اللومانتية نموذجا ً أصيلا ً لتقييم التحديات ، اوالنهوض برؤى تعيد للنسيج السياسي ( اليساري ) فاعليته وتجاوزالعقبات التي يواجهها .
والواقع ان اغلب الساسه العراقيين ( الشييوعين والأحزاب الكردية ) ما زالوا الى حد اليوم متمسكون بنشاط اللومانتية الذي يختلط فيه الحابل بالنابل ، ولم نبتكر أنشطة خلاقة تنبع من خصوصيتنا خارج دوامة هذا الصراع المحموم، نعم ، إننا نواصل بوعي او بغير وعي تقليد الاخرين . لذلك يحق لي ان اتساءل : ما الذي يضيفه لنا هذا المهرجان ؟ .
إني على ثقة إن طرح افكاري على هذا النحو الصريح سيثير حفيظة كثير من الاصدقاء الذين التقيتهم في خيمة طريق الشعب ، وسيعتبرون ملاحظاتي قد أخذت بالجانب السلبي واغفلت الجانب الإيجابي .
لكني وأقول مخلصا ً ان حُبنا لخيمة طريق الشعب يتعلق قبل كل شيء لا بالإتفاق حسب بل برصد الحالة كما هي وبصدق . ان أي عمل او فعل مهما كان عظما ً يفقد قوته حين يكون في غير محله ، هذا ما أحسسته ، وبودي ان أتساءل هنا : ما دورنا في اللومانتية وما الغاية منه؟ هل لتنوير الزوار بما يعصف بالعراق من تمزق وصراع عنيف على السلطة ؟ أم جني الأرباح وإرسالها الى الحزب ؟
يبدو لزوار هذا المهرجان الليبرالي ( اليساري) إننا نقوم بانجاز المهمتين في آن واحد ، لكني اعتقد : إننا نناضل بلا أن نترك أثرا ً واضحا ً ، نعم ، للأسف اننا نبدد طاقاتنا لمدة اسبوع دون ان نحقق ما نصبو اليه فعلا ً .
بصراحة أيها الأصدقاء إننا ندفع الثمن غاليا ً كوننا نزج بأنفسنا في مهرجان ينتمي الى نظام محكم ، حيث يتحتم علينا دفع فاتورة مالية باهضة ، تتمثل بصرف الاف الايروات لتأجير الأرض والخيمة وتجهيز المأكولات ، هذه الأعباء المالية تجبرنا ان نكرس الجزء الأكبر من جهودنا في بيع الشاي والفلافل والكباب .
يخال لي ان تواجدي كان خطئا ً ، لكنها تجربةعلى كل حال ، كنت بلا كآمرة وبلا دفتر لتدوين الملاحظات ، لكن عيني كانت تراقب كل ما يحدث ، تبادلت الحديث مع اغلب الاشخاص الذين أكن لهم المودة ، لكن بصدق اقول : إننا لم نقل شيئا ً ، ثرثرنا على نحو عابر بامورنا الشخصية .
اغلب الاصدقاء الذين التقيتهم متفقون بان المشاكل الاجتماعية و كل ما يعانيه أهلنا في العراق يقترن بالسلطة الغارقة في المحاصصة والديماغوجية والفساد والسرقة، لكن يبقى السؤال الأهم : ما الحل ؟ ، كيف نخرج من هذه الازمة التي بلا أفاق ؟، لا احد يعرف . والمؤسف ان خيمة طريق الشعب خلت من لافته تبلور شعار يعبر عن موقف تاريخي ووطني يجسد خطورة المرحلة .
نعم ، نحن جميعا نكره الظلم ونحلم بوطن حر وشعب سعيد ، لكن لا احد يجهر على نحو واضح وجريء : ان الحزب الشيوعي والقوى الدمقراطية تتحمل المسؤولية .
بصدق اشعر بالأسى وأحس من غير الملائم ان نساهم بمثل هذه المهرجانات ذات الصبغة الفضفاضة والشعارات الباهتة ، وأكثر ما يحزنني ً يتمثل في تلك الروح التقليدية التي لا تعترف بالهزيمة ، وكذلك عدم الإقرار بانحسار اليسار وأثره في مواجهة أزمات العصر .
ولا اخفي على القارىء لولا وجود خيمة طريق الشعب فإن اغلب الأصدقاء لم يحضروا الى هذا المهرجان ، اذن نحن نتمسك بالخيمة لا بالمهرجان .
ربما سيحتج علي بعض الاصدقاء ويطالبوني بحلول ملموسة ، غافلين ان دور الفنان هو الابداع وليس التنظيم والسياسة ، رغم ذلك اكتفي بالاشارة لا احد يستطيع حجب رؤى المبدع لأنه حر وله موقف وإن لم يحض بقيول الآخرين .
تعودت حين يتوجه لي السؤال عن جماليات لوحة ما ، أرد بوضوح : تعجبني أو لا تعجبني ، بصراحة ان اللومانتية بشكله الحالي لم يعجبني كثيرا ً .
من السيء على الإنسان ان يتولى معالجة الموضوع من جانب واحد ، لذلك أعد هذه السطور انطباعات شخص حضر المهرجان لمدة يومين ، رأى وسمع أشياء كثيرة متنوعة ومتباينة ، لكنه أحبَ التوقف عند الجانب الثقافي في خيمة طريق الشعب والذي أمتاز بالتنوع .
ولكي نكون موضوعيون فإن منصة المسرح التي نصبت في وسط الخيمة كان لها دور طيب في بث البهجة والمتعة ، عُرضت الرقصات ، وتم إلقاء الشعر والمحاضرات ، وصدحت الحناجر بالغناء ، وعرضت مسيرات الأزياء ، وكذلك فعالية الخط والفوتوغراف ...الخ
كل هذا الإبداعات كانت محاولات طيبة ، لكنها وبصراحة لم ترتقي الى قيمتها الفنية ، وشعرت انها نافذة على إمكانياتنا الثقافية ، هكذا مرت كخاطرة سريعة ، كونها عرضت في أجواء مضطربة وبعيدة عن الإصغاء المتأمل.
نعم ، إن عرض النتاجات الابداعية بعيدا عن التأثيرات السلبية (الضجيج ) يعطي النتاج الفني هيبتا ً وجدوى .
اني اؤكد ان تلك الفعاليات تباينت في مستواها من حيث المهارة ، لكن جمهور الخيمة تعاطف معها . كنت أتمنى أن نحتفل بمبدعينا من الفنانين في قاعات محترمة بعيدا ً عن هذا الهرج والمرج ، وبذلك نساهم بإعادة وتوحيد الهدف للجالية العراقية اينما كانت .
نعم ، يقترن اسم المبدع بالمثقف الذي لا يحب الكذب والرياء ، حقا ًإن وطننا سيكون باهتا ً دونهم .فأنا لا أطيق فكرة زج الفنانين في فوضى المهرجان ، قد يرى البعض في ذلك ربحا ً ، لكن في حقيقة الأمر وعندما نحول الفنان الى كائن دعائي وسط الزحام تتعثر تجربتنا ونصاب بالعطب .
إضافة الى ذلك ،اعتقد ، وهم وسراب إن نتخيل ان هذه المهرجانات سيبعث في وعينا تفسيرا ً جديدا ًللواقع ، او إنه سيعيد العافية الى حركة اليسار التي تصارع في ظروف صعبة، تساءلت : كيف ولماذا إذن يجري كل ذلك ؟ . وهذا السؤال ترك في نفسي انطباع زاد من إغترابي.

هكذا ، ايها المهرجان ، أفل قمرك ، لا توجد أنت الان ،لا خيم ولا موسيقى ولا بشر على أرضك ، نعم لقد تلاشى كل شيء ، هكذا انتهى عيد الفقراء كحلم رومانتيكي .

يمكننا الآن ان نقول إننا كنا في تراجيديا لتمجيد الوطن ، لكننا خرجنا مصابون بالحيرة امام التساؤل الروتيني : لماذا خسرنا الرهان ؟ .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استعدادات إسرائيلية ومؤشرات على تصعيد محتمل مع حزب الله | #غ


.. سائق بن غفير يتجاوز إشارة حمراء ما تسبب بحادث أدى إلى إصابة




.. قراءة عسكرية.. المنطقة الوسطى من قطاع غزة تتعرض لأحزمة نارية


.. السيارات الكهربائية تفجر حربا جديدة بين الصين والغرب




.. طلاب أميركيون للعربية: نحن هنا لدعم فلسطين وغزة