الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الطبيعة المركبة للصراع على السلطة في ليبيا

هاني الروسان
(Hani Alroussen)

2011 / 10 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


هاني الروسان
شكك مراقبون سياسيون بامكانية ان تكون لتصريحات مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الوطني الانتقالي حول معيار الانتماء للحكومة الليبية التي كان من المقرر الاعلان عنها في 18 سبتمر الحالي أي اثر في التخفيف من حدة الصراع بين اجنحة صناعة القرار الليبي الجديد او التعجيل بامكانية تشكيل الحكومة نفسها، قبل التوصل الى اتفاقات على الارض تحظى بقبول الاكثرية الفاعلة.
ولئن كانت تصريحات عبد الجليل قد اوحت بان الصراع هو في الاساس على السلطة وينحصر بين التشكيلات العسكرية التي قاتلت لاسقاط نظام القذافي، حيث اعتبر ان الكفاءة هي المعيار لتولي حقائب وزارية وليس "النضال" ضد القذافي او الانتماء لمنطقة او قبيلة معينة، فان تصريحات عبدالرحمن السويحلي، السياسي البارز والمرشح لمنصب رئيس الحكومة المقبل حول أن الحملة التي يشنها على محمود جبريل لا تنطلق من منطلقات قبلية أو مناطقية، وليست بالتنسيق مع الاسلاميين والتصريحات الاخيرة للزعيم الاسلامي علي الصلابي المقيم في قطر والتي انتقد فيها بشدة وبالخصوص جبريل متهما اياه بارساء اسس دولة "استبدادية، فانها تؤشر لطبيعة اخرى للصراع على السلطة في ليبيا.
فقول الصلابي بان الليبيين لن يسمحوا لأحد بعد اليوم بأن يتكالب على ثروتهم، أو يطمس هويتهم، أو يحاربهم في دينه ، وان جبريل مع مجموعة من أمثال محمود شمام وعلي الترهوني وعبد الرحمن شلقم وقلة قليلة أخرى، مجموعة متحدة يريدون أن يفصلوا لليبيين ملابس خاصة على المقاس الذي يرونه، وأرادوا أن يأتوا بأناس على شاكلتهم ليسيّروا شؤون الليبيين في مجالات الأمن والجيش، و.... ولم يشاوروا القوى الوطنية الفاعلة التي دفعت الغالي والنفيس من أجل الحرية يعطي انطباعا قويا بان الصراع تجاوز مساحة اقتسام السلطة الى الصراع على طبيعتها، رغم ان الصلابي من القوى التي قاتلت فهو يقود نحو ثلاثة الاف مقاتل في كتيبة 17 فبراير. ولكن يبقى السؤال الهام هو حول أي طبيعة يدور هذا الصراع؟؟
ولئن كان من نافل القول التأكيد على ان بعدا قبليا يطرح نفسه بقوة على اطراف التنافس، فان ذلك لا ينفي امكانية ان تتم جوهرة هذا البعد ببعد اكثر اهمية كأن يكون ذا جوهر ديني او ليبرالي او قومي وغير ذلك، لان هذا الذي سيقع على الارجح، اذ من غير المستبعد ان يغلف أي اتفاق حول طبيعة السلطة بغلاف قبلي ينسجم وطبيعة تطور المجتمع الليبي، ويعطي له قوة دفع اجتماعية، تماما كما تفعل معظم الانظمة العربية، ونظام القذافي بالذات.
ولكن الى جانب احتمالات من هذا القبيل، فان احتمال ان تكون للصراع امتدادات اقليمية ودولية، هي ربما تكون من الاشياء الاكثر ترجيحا، وبالتالي فان طبيعة الصراع قد تصبح طبيعة مركبة بابعاد مختلفة تعكس تعقيدات الازمة برمتها، وهو ما قد يجعل من امكانيات التوصل الى حلول بشأن تشيكل الحكومة الان وبناء الدولة لاحقا امكانيات تنطوي على منزلقات خطيرة.
فليس هناك أي مفاجئة فيما تناقلته وسائل الاعلام المحلية والعربية عن ما قالت انه مصدر في المجلس الوطني الانتقالي رفض الكشف عن اسمه قوله ان الفرنسيين والقطريين والبريطانيين... يقدمون دعما ماليا وعسكريا ومخابراتيا لاطراف الصراع وعن مسؤول عسكري كبير في المجلس الوطني في جلسات خاصة ان القطريين الان يقدمون المال والسلاح لعبد الحكيم بلحاج ولزعيم اسلامي اخر هو اسماعيل الصلابي، وان فرنسا تدعم مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الوطني الانتقالي وجبريل الذي يرأس حكومة المجلس.
والقطريون الاقرب الى الامريكيين، يمكًنوا من مشاهدة تضاريس الخارطة الليبية في مشهد اولي تنشطر عبره الى شطرين امريكي واخر فرنسي دون ان ُتستثنى منها التشظيات الاخرى، وفي ذلك استمرار لما ظهر على سطح الاحداث في ليبيا عندما بدأت الحملة الجوية الاطلسية على ليبيا، اثر عسكرة القذافي للانتفاضة الليبية الشعبية.
فحقيقة الخلاف الامريكي- الاوروبي وتحديدا الامريكي-الفرنسي في ليبيا كجزء من افريقيا يعود لبدايات القرن الحالي، وتجدد بصورة اكبر خلال الايام الاولى للحملة الاطلسية ضد القذافي، كما اكدت ذلك الفايننشال تايمز التي اوردت نقلا عن مصادر دبلوماسية اوروبية ان التصرفات الفرنسية ادت الى انقسام تحالف فرض الحظر الجوي، بعد ان تعمدت فرنسا منذ البداية ابعاد الناتو عن العملية العسكرية، كذلك غضبت بريطانيا والولايات المتحدة من تصرف فرنسا المنفرد بالهجوم الجوي دون تنسيق مع حلفائها فور قرار مجلس الامن.
ووصل الامر الى حد التلاسن غير المباشر بين الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ووزير الدفاع الامريكي السابق روبرت غيتس، الذي شن هجوما لاذعا على الاداء العسكري الاوروبي في ليبيا بعد ان تمكن القذافي من البقاء في السلطة رغم اشهر من عمليات الحلف الجوية التي أدت حسب بعض التقارير الدولية الى وقوع قتلى من المدنيين والى تفاقم خدة الانقسامات بين الحكومات الغربية وهي تفكر في مستقبل التزام عسكري لم يكن يجد امامه اي نهاية واضحة في الافق.
وغير بعيد عن ذلك يدور صراع فرنسي تركي، جاءت الازمة الليبية لتظهيره مجددا، بعد ان كرر ساركوزي مواقفة الرافضة لتركيا داخل البيت الاوروبي، حيث وجدت تركيا بهذه الازمة فرصتها للنيل من ساركوزي، حيث لم يتوان رجب طيب اردوغان عن اتهام ساركوزي بأنه هاجم ليبيا لأسباب سياسية فرنسية داخلية، تتعلق بانتخابات الرئاسة في العام 2012، وحذر عقب اجتماع طارئ مع رئيس الأركان ايشيك كوشانير ووزراء الخارجية والدفاع ورئيس الاستخبارات ومدير عام الخارجية على أن تدخلا أطلسيا جويا غير مناسب، واي عملية برية أطلسية ستكون نتائجها كارثية .
وجنبا الى جنب تدير الولايات المتحدة معركتها مع خصميها التقليديين روسيا والصين هناك، وبعيدا عن صحة ما زعمه كريغ روبرتس بول ، الأمين العام المساعد السابق في وزارة الخزانة الامريكية، من بلاده قد سلحت ثوار ليبيا، فان قوله نحن نريد الاطاحة بالقذافي والاسد لاننا نريد ان تخرج كل من الصين وروسيا من البحر المتوسط ، الصين على سبيل المثال لديها استثمارات هائلة في مجال الطاقة في شرق ليبيا ، وانجولا ونيجيريا تعتمد على ليبيا في تلبية احتياجات الطاقة ، وهنا يتجسد الجهد الاميركي في حرمان الصين من الموارد في ليبيا قول يعكس حقيقة الواقع القائم.
صحيح ان ليس من الضروري ان يجد كل ما يقال طريقه نحو التطبيق، غير ان عدم اخذه على محمل الجد والحذر من مخاطره قد يكون السبيل الاسهل لنفاذه الى ارض الواقع، فطبيعة الصراع الدولي والاقليمي حول ليبيا، ستنعكس ضرورة على ارض واقع ليبي معقد ومركب مما هو قبلي وسكاني يتكون من نحو خمسة اجناس، وثقافي وتعليمي وغيره، ولكن بالقدر الذي تغفل عن مخاطره اطراف الصراع الليبي نفسها.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عقوبات أميركية جديدة على إيران تستهدف قطاع الطائرات المسيرة


.. ماكرون يدعو لبناء قدرات دفاعية أوروبية في المجالين العسكري و




.. البيت الأبيض: نرعب في رؤية تحقيق بشأن المقابر الجماعية في قط


.. متظاهرون يقتحمون معهد التكنلوجيا في نيويورك تضامنا مع جامعة




.. إصابة 11 جنديا إسرائيليا في معارك قطاع غزة خلال الـ24 ساعة ا