الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مهرجان اللومانتيه، ربيع للابداع، وموعد للحب والتضمن الأممي. خيمة العراقيين لومانتيه مُصغرة

رابحة مجيد الناشئ

2011 / 10 / 15
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


مهرجان اللومانتيه، ربيع للابداع، وموعد للحب
والتضامن الأممي
خيمة العراقيين لومانتيه مُصغرة

مهرجان الإنسانية هذا، هو التجمع الأكبر لمعارِك الحريات السياسية والاجتماعية والثقافية الذي لم يعد خاصية أو امتيازا للحزب الشيوعي الفرنسي، بل أصبحَ عيداً للإنسانية برمتها، حيث انفتح بشكلٍ واسِع على النقابات والجمعيات ومنظمات المجتمع المدني وعلى الأحزاب والقوى السياسية الأخرى في فرنسا وفي العالم كله.
أكثر من نصف مليون زائر في مهرجان اللومانتيه لهذا العام 2011، وقد كُنا زوجي وأنا من ضمن هؤلاء الزائرين كعادتنا في كل عام، ومنذ أكثر من عقدين. صاحَبتنا هذِه السنة صديقتان إحداهما جاءَت من لندن والثانية من ألمانيا، جاءتا إلى المهرجان من أجل المشاركة في تظاهرة التضامن مع المرأة العراقية ودعماً للثقافة في العراق.
تميز احتفال اللومانتيه لهذا العام بإعلان البرنامج المشترك لجبهة اليسار الفرنسي بقيادة " جون لوك مَلونشو". ويعتبر هذا الالتحام ما بين قوى اليسار الفرنسي، إحياءً لروحية الجبهة الشعبية لسنة 1935. ان مهرجان اللومانتيه ومنذ سنيه الأُولى طرحَ الدعوات للوحدة العمالية وإلى جبهة موحدة سُميت منذ عام 1935 بالجبهة الشعبية الموحدة. وبتجوالنا في الخيم الفرنسية كان هناك شعار يتردد على ألسن الفرنسيين:
> ويبدو ان هذه العبارة هي رد على ما يحدث على الساحة السياسية في عالم اليوم.
يدخل الزائر للاحتفال من بوابات لو بورجه ( منطقة الاحتفال )، ليطوف في شوارع جميلة زاهية بأعلامها وشعاراتها وبناسها، نساءً ورجالاً، أطفالاً وشباناً وشيوخاً، من كل الأديان والأعراق، ومن كل أنحاء العالم. مختلفون فيما بينهم، ولكن الحب وروحية التضامن والحلم بمجتمع يسوده السلام والعدالة الاجتماعية، هي القواسم المشتركة فيما بينهم.
أسماء شوارع اللومانتيه تُذكِّر الزائرين بالشخصيات التي تركت بصماتها على مسيرة الإنسانية وأثرت على حركة التاريخ ومجراه سياسياً واجتماعياً وثقافياً. كشارع ﺴﻠﭭﺍﺩﻭﺮ الليندي، وشارع هوشي منه وشارع أنجيلا داﭭيز وشارع تشي ﺟﯾﭭﺍﺮا وشارع ﭘاﭘلو ﭘيكاسو وشارع لويس آراﮜون ( الذي يذكرنا دائماً بعيون ألزا التي ألهمته أروع الأشعار )، وغيرها من الشوارع التي لا يمل الزائر من التجوال فيها.... شوارع كموسوعة تاريخية وفنية لا تحتاج إلى قواميس لحل رموزها.
يصل الزائر إلى القرية العالمية التي أُنشِئَت عام 1948 خصيصاً لاستقبال أصدقاء جريدة اللومانتيه من أنحاء العالم كله، كدلالة على الأخوة والتضامن ما بين الشعوب.
في أغلب خيمات القرية العالمية تُقام الندوات والمناقشات السياسية والاجتماعية والثقافية. ويأتي المشاركون حاملين لقضايا شعوبهم ومن أجل إظهار إبداعات أوطانهم في كل المجالات.
عند الوصول إلى شارع ﺟﯾﭭﺍﺮا تجذبك الأغاني العراقية الجميلة المنطلقة من خيمة العراقيين، خيمة > المزينة بألوان العراق.
تحت سقف هذه الخيمة إجتمع حشدٌ من العراقيين، ذكوراً وإناثاً، صغاراً وكباراً، ومن كل أطياف الشعب العراقي.... فنانون تعج بهم الخيمة قدموا من أنحاء فرنسا ومن دول أورﭘية عديدة، حاملين إبداعاتهم في الرسم والفن الفوتوغرافي والخط والفن الكاريكاتيري.... شعراء وأدباء وعمالقة في الغناء العراقي الجميل....والكل يغني ويرقص ويبتسم.
تميزت الخيمة هذا العام بالحضور النسوي الكثيف....عراقيات جئن من ﭘاريس ومدن فرنسا الأخرى، وأخريات جئنَ من هولندا والسويد والمانيا وإﻧﮕلترا والدانمارك لأجل إظهار تضامنهن مع النساء العراقيات في داخل الوطن، اللواتي يُعانين من العنف ومن التمييز بكلِ أشكاله.
هدف مُنظمو الاحتفال لهذا العام تمركز حول محورين:
- التضامن مع المرأة العراقية في داخل الوطن.
- التضامن مع الثقافة العراقية والمثقفين العراقيين أينما كانو في داخل الوطن أو في خارجه.
وكان الشعر حاضراً بأنواعه وبثقله وقد سمعنا منه الكثير. ومن هؤلاء الشعراء استمعنا لقصائد الشاعر ماجد مطرود الذي احتفى بالمرأة على طريقته الخاصة، سابغاً عليها كل آيات الجمال والمحبة ومنتهياُ إلى خلاصة بأن الحب هو المرأة.
أما الشاعر صلاح الحمداني فكان كعهدنا به دوماً متغزلاً بحبيبته بغداد، ممسكاً بها، يبثها لواعج قلبه وهموم غربته ويناغيها بأرق كلمات الحب، حالماً بسماء تتسع لهمومه وهموم أمثاله من المنفيين وباحثا عن مركب يوصله إلى الهدف...إلى حلمه المنشود:
أروع السَّموات
سَماء تسع تَأمُلات المنفي
وَأوحَشُ المراكب
تلك التي لا توصل الغريب اليابسة



تظاهرة التضامن مع المرأة العراقية






في اليوم الثالث للمهرجان، خرجت النسوة العراقيات في تظاهرة انطلقت من الخيمة العراقية وطافت في شوارع القرية العالمية بالأزياء الفلكلورية العراقية الجميلة التي ترمز إلى مختلف مناطق العراق من شماله إلى جنوبه، لعربه وأكراده، رافعات الأعلام الزاهية المختلفة الألوان والتي ترمز إلى مكونات المجتمع العراقي المتآخية، وحاملات لشعارات مكتوبة باللغتين العربية والفرنسية تدعو إلى التضامن مع المرأة العراقية البطلة في الداخل. وشعارات أخرى مُناهضة للعنف والتهميش والتمييز الممارس ضد المرأة. كما نادت المتظاهرات بالكفاح ضد الأمية في العراق. وعلى طول وعرض القرية العالمية كُنَّ يزغردنَ وَينشدنَ الأناشيد والأغاني الوطنية وأغاني الحب والجمال.
رافق هذه التظاهرة الكثير من المثقفين العراقيين، منهم من حَملَ الأعلام والشعارات ومنهم من أخذ يعزف ويغني ويدق على الدفوف.



صفقَ الجمهور الفرنسي طويلاً للمتظاهرين مُلوحاً بإشارات التضامن مع الشعوب.
كانت التظاهرة برهاناً صادقاً على مدى الترابط ما بين وضع الثقافة وبين قضايا المرأة، ولا يخفى على أحد الارتباط الجوهري والديالكتيكي ما بين القضيتين. فعندما تنتعش الثقافة ويحتل المثقفون المكانة التي يستحقونها، تنتعِش كذلك وضعية المرأة ويقل العنف والتهميش والتمييز ضدها، والعكس بالعكس.
خليط من الأفراح والبهجة والأمل والمتعة الثقافية والجلسات والعلاقات الحميمية عاشها المتواجدون تحت سقف هذهِ الخيمة العراقية. حيث لا تمييز بين الرجال والنساء، بين الأديان والطوائف والقوميات. رأينا يهودياً عراقياً في الثمانين من عمره تدمع عيناه وهو يتحدث عن عشقه للعراق، وجمهوراً يمثل كل فُسيفساء المجتمع العراقي يُصفق له بحرارة ويعتز بوجوده داخل الخيمة. ورأينا فناناً فوتوغرافيا مُسلماً فخوراً بمعرضه المعلق على جدران الخيمة عن طقوس وعادات الصابئة المندائيين وآخر يعتز بمعرضه عن الأزيديين ....هذا هو الواقع العراقي الجميل الذي لا يعترف به البعض، بل هناك من لا يريد النظر إلى هذا الواقع، لأنه إذا نظر، لربما سيفقد البصر.
وهذا هو مَهرجان اللومانتيه، مهرجان الإنسانية....ثلاثة أيام إحتفالية جميلة تعطي للتضامن كل معانيه... لم نَرَ فيها وجهاً عابساً ولم نشاهد دمعة على خد طفل...عُرسٌ أُممي تختلط فيه الأعراق والأديان والقوميات والحصيلة إنسان.
في نهاية الأمر نودُ أن نقول ( وعلى نفس النغمة الجميلة لساحة التحرير في بغداد ): الما يزور اللومانتيه عُمرَه خسارة .

ملاحظة: هذه الصور الرائعة في المقال، هي للفنان الفوتوغرافي المبدع عباس علي عباس من ألمانيا. وفناننا عباس هو ابن محلة قنبر علي البغدادية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تصحيح المقال عن مهرجان اللومانتيه 2011
رابحة مجيد الناشئ ( 2011 / 10 / 15 - 12:55 )
وقعت في المقال أخطاء سهواً خلال التصليح يرجى الانتباه اليها ويرجى التفضل من موقع الحوار المتمدن تصحيحها، وهي في
ـ المقطع الثالث من المقال والذي يبدأ ب تميز إحتفال اللومانتيه...شعار يتردد
(( على ألسن الفرنسيين:(( يجب تقاسم الثروات ما بين الشعوب وليس تقاسم الديون

ـ المقطع الثامن من المقال والذي يبدأ ب عند الوصول إلى شارع جيفارا.... خيمة العراقيين، خيمة (( طريق الشعب )) المزينة بألوان العراق

رابحة مجيد الناشئ


2 - تحية من الاعماق للاخت رابحة الناشي
كامل الشطري ( 2011 / 10 / 15 - 19:01 )
مقالة موفقة عرض جميل إبتعدت عن التفاصيل الممله وركّزت على الخطوط العريضة باسلوب ونقلت صورة مهرجان اللومانتية واهدافة النبيلة بكل امانه وموضوعية
مع اخلص الاماني


3 - رد على تعليق الأخ كامل الشطري
رابحة مجيد الناشئ ( 2011 / 10 / 18 - 10:32 )
الأخ الفاضل
تحايا حارة
شكراً لتعليقك اللطيف حول المقالة عن المهرجان الأممي الذي عشناه ثلاثة أيام
جميلة .إذا أردت المقالة مع الصور إرسل لي عنوانك الألكتروني وسأبعثها لك.

تحياتي واعتزازي
رابحة الناشي

اخر الافلام

.. عقوبات أميركية جديدة على إيران تستهدف قطاع الطائرات المسيرة


.. ماكرون يدعو لبناء قدرات دفاعية أوروبية في المجالين العسكري و




.. البيت الأبيض: نرعب في رؤية تحقيق بشأن المقابر الجماعية في قط


.. متظاهرون يقتحمون معهد التكنلوجيا في نيويورك تضامنا مع جامعة




.. إصابة 11 جنديا إسرائيليا في معارك قطاع غزة خلال الـ24 ساعة ا