الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا يُنتقد المجلسُ الوطني؟

محمد الحاج صالح

2011 / 11 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


تشكل المجلس الوطني السوري على أساس مُبادرة من ناشطين سوريين جلّهم من الخارج، وميزتُهم الأساس هي أنهم ليسوا تقليديين وحائزين على تعليم عالٍ، وهم أقرب ما يكونون إلى التكنوقراط، وربما لهذا السبب نجحوا فيما لم ينجح به الآخرون.
أُطلق على هذه المجموعة "جماعة استنبول" إشارة إلى المكان الذي التقوا فيه، وربما أيضاً إشارة إلى "تهمة الإسلامية" التي أُلصقتْ بالمجموعة ؛كونَ استانبول مَحكوُمة من حزب إسلامي.
لكن ّمبادرة مجموعة استانبول ما كان لها أن تكون أوفر حظاً من مجموعات أو مؤتمرات أخرى لولا الموافقة المبدئية المبكرة من لجان التنسيق المحلية. وقد كان للحاجة الماسة إلى جسم سياسي يعبر عن الثورة بعد سبعة أشهر من القمع الشديد والعدد الكبير من الشهداء دورَ الحسم في تشكيل المجلس، وهكذا كرّت السبحةُ من الإخوان الخارجين للتو من مغازلة النظام إلى إعلان دمشق والهيئة العليا للثورة واتحاد التنسيقيات وأخيراً جماعة برهان وبعض المستقلين، ثم البعض القليل من الكرد.
كأيّ إئتلاف متنوع المشارب كان المجلس في عمره القصير وسيظل عرضةً لتجاذبات وخلافات كبيرة وصغيرة، مثل الموقف من عملية حزب العمال الكردستاني والكلام عن منطقة عازلة تقوم بها تركيا وهو الوضعُ غير المرضي عليه من قبل الأكراد،ومثل أخطاء برهان المزعومة، أو الحقيقية إن شاء المرءُ.
لم يعتد المجتمع ولا السياسيين ولا حتى المثقفين السوريين نقدَ البرامج بدلاً من نقد الأشخاص. وهو أمر مفهوم ونتيجة مزمنةٌ للتدمير غير المسبوق للسياسة في المجتمع السوري. لكنه غير مَعذور بالطبع. والحال هذه كان عادياً أن لا يحظى البرنامج السياسي للمجلس الوطني على نقد كاف.
لقد تركّز النقد على أمرين بطء المجلس في عمله أولا، وعلى الأشخاص ثانياً.
وكلاهما محقّ مبدئياً، لكنْ كثيراً ما تكمن الشياطين في التفاصيل. سأضرب مثلاً في بطء المجلس في القاهرة وانعدام وليس فقط النقص في المبادرة. قد يقول قائل ولكن في القاهرة نشاط كبير. هذا صحيح، ولكن لادخل للمجلس فيه لا من قريب ولا من بعيد، إذا استثنينا اجتماعات أغلبها عقيم مع قوى سورية أخرى.
الحظّ هنا مع المجلس لسببين: أولا لحاجة السوريين إلى ممثل سياسي كما أسلفنا، وثانياً لحاجة الجامعة العربية والغرب إلى تمثيل سياسي قوي إلى حد ما، ومقبول إلى حد كبير كالمجلس. هذا يعني أن الفعل للجامعة وللتوافق الغربي بالدرجة الأولى خارجياً، وللداخل وللشباب الذي ضحى وظلّ يأمل، وما نشاط المجلس في القاهرة إلا تميمة أو "خضرمة عن العين المظلمة".
على غير رأي البعض في المجلس من أن الوضع المضطرب في القاهرة يعيقُ العمل، أؤكد أن هذا تغطيةً لانعدام روح المبادرة واعتياداً على عادة انتظار الأوامر "الهيمانوية" من الباب العالي. فمثلاً كانتْ هناك خشية من أن يتقدم أحدٌ بترخيص مبكر لمكتب للمجلس، خشيةٌ لا تُقارن إلى بخشية السياسي المعارض المتخفّي من المخابرات العسكرية أو الجوية السورية. انعدامُ خيال ونقص إبداع. كل هذا على الرغم من وجود مجموعات سورية ناشطة جداً مثل "شباب الحرية" الجامعيين، وتنسيقية الثورة، ونشطاء الكرامة، والمكتب الإعلامي لدعم الثورة السورية.
أظنّ أن ما لا يمارسه المجلس هنا في القاهرة لا يمارسه في أي مكان. يمكننا استثناء الحركة الدبلوماسية للمجلس في الدول الغربية، والتي تشكل علامةً مضيئة.
الجزء الثاني من النقد والذي يطال شخصيات أعضاء المجلس وهو نقدٌ إشكالي فعلاً، فمن جهة يهمل هذا النقدُ البرامجَ والتمثيل؛ أي تمثيل هذه الشخصيات لكتلٍ لها فعاليتها، كما يُهمل الأهمية الاعتبارية والعامة لهذه الشخصيات. ومن جهة ثانية يستخدم قياساً منطقياً من أنّ في الشعب السوري من هو أفضل بكثير من بعض أعضاء المجلس أو كلّ أعضاء المجلس. وحقّاً هناك أعضاءٌ في المجلس وإن كانوا قلّة ليسوا سوى "شُرْشُبّة خُرج" لا يحلون ولا يربطون ولا ينفعون وربما لا يضرون أيضاً.
من الطبيعي أيضاً أن يختلطَ نقد شخصيات المجلس بدسائس وآلاعيب واستغلال النظام. نضرب هنا مثلاً بتعرض برهان ودكتورة بسمة الشخصيتان الأميز في المجلس وهيئته التنفيذية إلى حملة كبيرة. الأول لأنه رئيس المجلس ولذلك يمكن إصابته بالسهام بلْ مطلوب أن تُغتال سمعته من قبل النظام، وأن يُنتقص من قبل بعض التيارات الدينية لأنه علماني معتدل ، وأن تهاجم "أخطاءه" بحق قضية الأكراد من قبل الكرد. أما الدكتورة بسمة فلأنها امرأة أولاً والبعض لا يطيق أن تتولى امرأة حيزاً كبيراً. مثل هذا وإن بطريقة مختلفة وُجّه نقدٌ للشخصيات الإخوانية ومواقفها "الخاطئة" في حب الأتراك الذي يراه البعضُ بأنه حبّ من طرف واحد، أي لا يشمل كل المعارضة السورية ولا سورية الشعب، وإنما هو حب إخوان لإخوان.
يبقى أن أخطاء عادية تنمّ عن عدم الخبرة مارسها أعضاء في المجلس، جرى نفخها كثيراً، ومع الزمن راحت هذه الأخطاء تبدو هيّنة إلى درجة النسيان.
المجلس في امتحان، وفي الامتحان يكرم المرء أو يُهان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استشهاد فلسطينيين اثنين برصاص الاحتلال غرب جنين بالضفة الغرب


.. إدارة جامعة جورج واشنطن الأمريكية تهدد بفض الاعتصام المؤيد ل




.. صحيفة تلغراف: الهجوم على رفح سيضغط على حماس لكنه لن يقضي علي


.. الجيش الروسي يستهدف قطارا في -دونيتسك- ينقل أسلحة غربية




.. جامعة نورث إيسترن في بوسطن الأمريكية تغلق أبوابها ونائب رئيس