الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وعندئذ ظهرت قطع السلاح في مياه دجلة .

تسفي برئيل

2002 / 9 / 12
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


 

briil

هآرتس : 11/9/2002

وعندئذ ظهرت قطع السلاح في مياه دجلة .

بقلم: تسفي برئيل

مراسل الصحيفة للشؤون العربية

 

          صدام حسين حصل على حسن السلوك الأكثر حداثة ممن كان رئيسا لمجموعة المراقبين الدوليين في العراق، سكوت ريتر. ريتر الذي وقف بصورة غير اعتيادية أمام مجلس الشعب العراقي قال أمام الميكروفونات: "ان حكومتي توشك على ارتكاب خطأ تاريخي" لانها تنوي مهاجمة العراق. العراق حسب رأيه لا يملك القدرة على انتاج سلاح نووي أو سلاح للابادة الجماعية. 90-95 في المائة من المنشآت المحتملة للسلاح غير التقليدي فحصت ودمر ما كان بداخلها. "العراق يعمل على قمع الارهاب الاسلامي الاصولي من الطراز الذي يسعى لضرب الولايات المتحدة" أضاف ريتر وطالب العراق ايضا بأن يطبق قرارات الامم المتحدة حول اعادة المفتشين الدوليين.

          ريتر مثل معدي التقارير الاخيرة التي انتشرت في هذا الاسبوع بصدد قدرة العراق على انتاج سلاح نووي، لا يستطيع ان يعرف بالتأكيد ماذا يوجد لدى العراق وماذا لا يوجد. في الواقع هناك تناقض غريب في كل التقارير المتدفقة الآن: اذا كان معدو التقارير بما في ذلك الاجهزة الاستخبارية بشتى صنوفها، يعرفون ماذا يوجد لدى صدام فما هي الجدوى من المطالبة بمواصلة المراقبة. اذ انهم يعرفون من دون هذه الرقابة ماذا يتوجب معرفته. واذا كان الامر مجرد تخمين فلماذا لا تتم المطالبة بعودة المراقبين ولو بالقوة لمعرفة الاهداف التي تتوجب مهاجمتها.

          هذا التناقض موجود في مركز معضلة اغلبية دول اوروبا وكندا وقسم من اعضاء الكونغرس الذين يطالبون بتقديم أدلة راسخة على ان العراق يملك سلاح ابادة جماعية من قبل موافقتهم على مهاجمته. الا ان هذا التناقض ينطوي ايضا على نقطة ضعف لانه يرتكز على الافتراض بأن رقابة المفتشين قادرة على منع أو ايجاد كل ما يملكه العراق.

          محاولة الشراء في رومانيا

          أحد الأمثلة المثيرة لمصاعب المراقبة نشرت في مجلة علمية في أيار 1998 بعد الازمة الاخيرة الصعبة بين العراق وطاقم المفتشين بثلاثة اشهر. وحسب المجلة قام وفد عراقي بالتوجه الى بوخارست العاصمة الرومانية لشراء قطع خاصة لتركيب الصواريخ البالستية طويلة المدى.

          العراقيون لم يجدوا أي صعوبة في الاتصال مع الرومانيين. ومنذ شهر تشرين الثاني 1995 ضبطت سلطات الجمارك الاردنية ارسالية تحتوي على اجهزة تحكم وتوجيه. بطاقة الارسال كانت معنونة لجامعة بغداد لاهداف علمية، والمرسل كان شركة "ايروبينا" الرومانية التي تنتج قطع الصواريخ البالستية. ورجل الارتباط لهذه الصفقة كان وئام غربية، اردني فلسطيني الأصل، وقد تم سجنه في العراق لاحقا بتهمة الغش. ومصدر الخبر حول الارسالية كان اسرائيل، فمن أين عرفنا ذلك؟. سكوت ريتر هو الذي روى هذه الحكاية. ريتر استقال من منصبه كمفتش رئيس في نهاية عام 1998 وقد عكف منذئذ على اعلام الجميع بصلاته مع الاستخبارات الاسرائيلية إبان عمله كمفتش. ريتر قال لصحيفة "النيويوركر" ان اسرائيل أخذت على عاتقها تفسير صور الجو الفضائية التجسسية الامريكية التي كانت توضع في خدمة وفد المراقبين، وقال ايضا انه بدأ يسأل الاسرائيليين اسئلة تفصيلية الامر الذي جعلهم يعقدون صلة مباشرة بينه وبين جهاز الاستخبارات الاسرائيلي.

          في الحكاية التي نشرت في مجلة علماء الذرة التي أوردت حكاية المشتريات العراقية قال الكاتب ان اسرائيل أقامت هيئة تعاون أطلق عليها اسم "الهيئة الخضراء" برئاسة يعقوب عميدرور الذي كان يعمل مع هيئة وفد المراقبين في نيويورك. هذه الهيئات خططت معا - حسب قول ريتر - عدة خطوات وعمليات منها عملية في رومانيا أطلق عليها اسم "كوب الشاي" وهدفت الى احباط عمليات شراء قطع الصواريخ هناك. وعندما علم الرومان بالامر من اسرائيل قاموا بانقلاب في تلك الشركة وأقالوا عددا كبيرا من الموظفين الحكوميين فيها.

          لم تكن هذه هي المرة الاولى التي يحاول فيها العراق شراء مثل هذه القطع، فقد وجد المراقبون قطعا مماثلة مخبأة في مياه نهر دجلة بعد فرار صهر صدام وادلائه بالمعلومات حول المخابىء.

          اعتراف سكوت ريتر بارسال المعلومات الى اسرائيل وفر للعراقيين البرهان والدليل على ادعاءاتهم القائلة ان مراقبي الامم المتحدة ليسوا أكثر من مجرد جواسيس لصالح امريكا واسرائيل أو للدول التي جاءوا منها على الأقل. وفي مرحلة معينة اشتبه بأن ريتر يقوم حتى بايصال معلومات امريكية سرية لاسرائيل وأوشك محققو الـ سي.آي.ايه باتهامه بالتجسس لصالح اسرائيل. ريتر يقول انه شعر بأن رئيس فرع الـ سي.آي.ايه في الشرق الاوسط قد بدأ يعتبره منافسا له بسبب علاقاته القوية مع اسرائيل.

          عندها جاء الانقلاب في مواقف ريتر. في آب 1998 وبعد ان استقال من منصبه اتهم وفود المفتشين بعدم الجدوى والنجاعة التامة. "الوهم بوجود رقابة أكثر من أي رقابة كانت" قال في مقابلاته الصحفية. وفي وقت لاحق ألف ريتر كتابا أسماه "اللعبة النهائية" ووجه فيه انتقادات حادة لسياسة الولايات المتحدة وخصوصا لكلينتون لعدم بناء استراتيجية ذات اهداف واستخدامهم للعقوبات كوسيلة عقابية. هذه الوسيلة لم تكن نافعة وتسببت فقط في وفاة 40 ألف انسان وتعزيز قوة صدام.

          ريتر تحول في الواقع الى داعية ضغط لازالة العقوبات عن العراق واعادة المراقبين اليه. موقفه هذا عبر عن نفسه في شهادته أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ حيث قال خلافا لموقفه السابق حول عدم نجاعة الرقابة - ان وجود جهاز رقابة دائم يمكن ان يحول دون تسلح العراق.تقديره كان في حينه ان العراق قد يستطيع انتاج سلاح الابادة الجماعية من دون هذه الرقابة خلال ستة اشهر وان كان بكميات قليلة فقط.

          زيارات فجائية

          الرقابة لا يمكن ان تنجح في كل الاحوال من دون تعاون. وريتر الذي تعرض لتهديدات أتباع صدام بالسلاح عدة مرات تعلم ذلك وقد اتبع سياسة الزيارات الفجائية من دون الاعلام المسبق للعراقيين، الامر الذي جعله يضبطهم ويضعهم أمام الحقائق عدة مرات. والدليل الأفضل على محدودية نجاعة الرقابة هو ما حدث في عام 1995 حيث أوشك رولف اوكايوس على نشر تقرير حول خلو العراق من الاسلحة، فهرب صهري صدام الى الاردن وجاءا بمعلومات مذهلة جديدة. الآن ايضا يدركون هذه المحدودية، ومن هنا يأتي موقف بوش بصرورة تغيير نظام صدام حسين ووضع نظام يخلو من الدافعية لانتاج اسلحة الدمار الشامل التي ستبقى المعلومات حول انتاجها في أدمغة العلماء العراقيين، أي ان النظام هو الأساس في هذه الرؤية. من هنا ينتقل الجدل بين المواقف للسؤال الحاسم: ماذا يوجد في العراق وما الذي يستطيع انتاجه. بوش لم ينجح بعد في اقناع معارضيه بوجود معلومات موثوقة لديه، والان تسود حرب التقارير المتناقضة، التي قد تصبح مسألة شاغلة بحد ذاتها دون أخذ السياق الاقليمي في الاعتبار. اسقاط صدام وان تم من خلال عملية جراحية دقيقة قد ينتج صدامات كثيرة جدا أو بن لادنيون جدد في كل الشرق الاوسط.

          دبلوماسي امريكي يقول ان الدول العربية قد استنتجت انها لن تتوجه للسلاح النووي ولذلك فان السلاح الموجود لدى احدى هذه الدول سيتمخض عن توتر لا يقل عن الخطر الذي يمثله لاسرائيل خصوصا اذا كان لدى واحد مثل صدام ذو السوابق في تمزيق النسيج القومي العربي. ولكن اذا هوجم فسيصبح جزء من الأمة العربية من خلال الرأي العام، وتحدث هزة في الانظمة لا يتوقع أحد عقباها. صحيح ان موقف هذا الدبلوماسي يعكس رأي الخارجية الامريكية، الا ان هناك أصواتا كثيرة مماثلة له في القيادة العربية، الرقابة، كما يقول اغلبهم، يمكن ان تكون مخرجا مشرفا لكل الأطراف حتى وان لم تكن دواء مثاليا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مظاهرات الطلاب الأمريكيين ضد الحرب في غزة تلهم الطلاب في فرن


.. -البطل الخارق- غريندايزر في باريس! • فرانس 24 / FRANCE 24




.. بلينكن في الصين.. مهمة صعبة وشائكة • فرانس 24 / FRANCE 24


.. بلينكن يصل إسرائيل الثلاثاء المقبل في زيارة هي السابعة له من




.. مسؤولون مصريون: وفد مصري رفيع المستوى توجه لإسرائيل مع رؤية