الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أصل الحكاية عسكر وحرامية

محمود يوسف بكير

2012 / 2 / 8
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


العالم كله يتساءل لماذا يستميت المجلس العسكري في مصر للبقاء في السلطة ومركز صنع القرار والتحكم في مستقبل مصر، ووصل الآمر إلى حد التدخل بشكل مباشر في عملية دستورية وقانونية بحتة تتمثل في إعداد دستور مصر ما بعد الثورة، وهي ثورة لم يشارك فيها المجلس العسكري بأي شكل اللهم إلا بمحاولاته المفضوحة إجهاضها ومعاقبة كل من شارك فيها.

الإجابات المحتملة على هذا التساؤل تتمحور حول إجابة العسكري نفسه وهي أنه يستميت للبقاء في السلطة أو على الأقل الاحتفاظ باستقلاليته عن الدولة المصرية من أجل حماية الثورة وضمان سيادة نظام ديمقراطي في مصر ما بعد الثورة وبالطبع فإن هذا نوع من الهراء والدجل حيث تصرخ كل أفعال وأقوال المجلس العسكري بعكس هذه الادعاءات تماماً.

وهناك احتمال آخر وهي أن العسكري يناور ويقاتل من أجل البقاء في السلطة من أجل إخفاء جرائم فساد كبيرة قام مبارك بتوريط أعضاء بارزين في المجلس العسكري فيها، فكما ذكرنا في العديد من مقالاتنا السابقة فإن مبارك كان خلاقاً في ابتداع أسلوب الإدارة والتحكم عن طريق الإفساد والتوريط وكان هذا هو الثمن الذي يتعين على أي مسئول أن يسدده حتى يحظى بمكانة قريبة من مبارك، لم يكن هناك مكان للشرفاء في الدائرة المقربة من مبارك وأسرته وكل من تجرأ بالتحدث عن أي سياسات إصلاحية حقيقية للحد من الفساد كان يتم استبعاده فوراً.

وهناك من يتحدث عن أن العسكري يرغب في البقاء في مركز صناعة القرار من أجل الحفاظ على المصالح الاقتصادية للمؤسسة العسكرية وهذا أيضاً نوع من السذاجة وقصر النظر،ويبقى أكثر هذه الاحتمالات واقعية هو أن مبارك وكبار معاونيه المحتجزين حاليا نجحوا على مدار السنين في توريط أعضاء بارزين في المجلس العسكري في قضايا فساد ومن ثم فأن أخر ما يفكر فيه هؤلاء هو حماية مصانع المكرونة والشيبسي والآيس كريم والملاهي والكازينوهات التي يملكها الجيش، إنهم يفكرون في مصالحهم الشخصية وكيفية حماية ثرواتهم وسمعتهم وكيفية الخروج الآمن من السلطة بعيداً عن أذى مبارك وأعوانه الذين لم يكشفوا عما لديهم من أسرار حتى الآن لكنهم بالطبع سوف يتكلمون إذا ما بادر العسكري بأي حركة تنبأ عن تخليه عنهم أو التضحية بهم وخروجه آمناً بمفرده.

بعض جنرالات المجلس العسكري يتصورون بسذاجة شديدة أن حل ورطتهم يتحقق من خلال تجويع الشعب المصري ونشر الجريمة وعدم الاستقرار في ربوع مصر وإشاعة الفوضى حتى يتم استنفاذ احتياطي مصر من النقد الأجنبي ويتم إعلان إفلاسها عالمياً وهم قريبون جداً من تحقيق هذا الهدف، وقتها ـ كما يعتقدون ـ سيلعن الشعب المصري الثورة والثوار ويطالب بإعادة قوانين الطوارئ وربما الأحكام العرفية وتعود مصر مستسلمة إلى حظيرة المجلس العسكري وقتها تكون الثورة قد احتضرت وانتهت معضلة العسكري.

الصورة في غاية الوضوح إلا على المصابين بعمى البصيرة أو آفة الغفلة. وكل ما يجري على الساحة تحت إشراف العسكر ما هو إلا محاولات مستميتة لإثبات نظرية مبارك حينما قال "أنا الاستقرار ومن بعدي الفوضى وعدم الآمان".

أعرف أن فلول مبارك ومؤيدو العسكري من أعضاء حزب الكنبة وهم بالملايين بالطبع سيهبون على الفور ويقولون أن العسكري برئ من كل ما أقول، وهنا فأنني أتساءل لماذا لا نحتكم إلى العقلانية والمنطق في هذا الحوار بهدف الوصول إلى نتائج صحيحة ولتكن مصلحة مصر والملايين من فقرائها الذين تعرضوا لأكبر عمليات نهب واحتيال وفساد على مدار 30 عاماً انتهت إلى ما نحن فيه من خراب وضياع هي مرجعيتنا.

ومن أجل هذا فإننا نعتقد وقد نكون مخطئين أن طرح الأسئلة التالية ومحاولة الإجابة عليها بصراحة وشجاعة وضمير حي من شأنه أن يساعدنا على الوصول إلى تقييم موضوعي لحقيقة دور العسكري ونواياه الحقيقية:

• ما الذي يخشاه المجلس العسكري من خضوع حساباته واستثماراته للأجهزة الرقابية ومجلس الشعب شأنه شأن كل جيوش العالم؟ لقد تعلمنا في العلوم الاقتصادية والمالية أن غياب الرقابة هو أقصر طريق للفساد وهناك مبدأ في علوم الإدارة الحديثة يقول بالإنجليزية:
When everything is confidential ,nothing is safe.

• لماذا لا يكشف أعضاء المجلس العسكري وعلى رأسهم المشير عن حجم ما يتقاضونه من رواتب ومزايا ولماذا لا يسمحون لوزارة المالية بإعلان حجم ما يسددونه من ضرائب دخل ؟ ولماذا لا يتقدمون بإقرارات ذمة مالية يوضحون فيها حجم استثماراتهم الشخصية والعائلية في الداخل والخارج شأنهم شأن كل المصريين؟ ولماذا لا يفكر المشير في التقاعد وقد بلغ من العمر أرذله؟

• لماذا لم يتحرك العسكري بجدية لوقف عمليات تهريب الملايين من النقد الأجنبي وبعض الأصول غير السائلة الأخرى إلى خارج مصر في ظل حكومة تلميذ مبارك النجيب أحمد شفيق فور تنحي مبارك عن الحكم؟ علما أن كل هذا تم بموافقة محافظ البنك المركزي الحالي الذي تم تجديد خدمته أخيراً لأربع سنوات جديدة. ولماذا لم يتحرك العسكري بجدية حتى الآن لاستعادة أموال مصر المنهوبة في الخارج؟

• لماذا يتم تدليل مبارك وأسرته وكل أركان نظامه بهذا الشكل المستفز في معتقلهم الذي تحول إلى فندق فاخر،ولماذا سمح لهم بالتواجد معا والتواصل والتآمر مع زبانيتهم ومؤيديهم في الداخل والخارج ضد الشعب المصري لإفشال ثورته وتخريب مصر طوال العام الماضي؟

• لماذا يتم إطالة أمد محاكمات مبارك ورموزه ولماذا تفتقد المحاكمات طابع الجدية وكأننا إزاء جرائم نشل أو سرقة عادية؟ السنا بصدد جرائم قتل واغتصاب وطن بأكمله؟ وهل يتصور أحد أن مبارك الذي يحضر جلسات المحاكمة وهو نائم على ظهره، ينام هكذا ليل نهار أم أن نوبة النوم تصيبه فقط أثناء جلسات المهزلة؟

• لماذا تترك زوجة مبارك حرة الحركة وبحراسة رسمية بتعليمات من العسكري رغم ما هو معلوم عن قيامها بدور المنسق الرئيسي بين مبارك وأبناءه وفلولهم خارج المعتقل من أجل إشاعة حالة من الفوضى والذعر في ربوع مصر، وهل يعقل أن يتم الإفراج عنها من تهم الفساد العديدة التي تلاحقها لمجرد موافقتها على إعادة بعض مما سرقته (فيلا وبعض الأموال السائلة) ؟ وهل يمكن تعميم حالة سوزان مبارك لإرساء مبدأ قانوني جديد ينص على إنه يمكنك أن تسرق ما تشاء فإذا ما أكتشف أمرك فما عليك إلا إرجاع ما سرقته في مقابل الحصول على براءتك كاملة !!

أين الحق العام ياعسكري؟

• لماذا قام المشير بإصدار مرسوم يقضي بعدم جواز محاسبة أي قائد عسكري إزاء أي تهمة فساد مالي سواء كان في الخدمة أو حتى بعد انتهاء خدمته أمام القضاء العادي، فقط أمام القضاء العسكري" لضمان أن تكون العملية في بيتها" أليس هذا المرسوم بمثابة بصقة في وجه القضاء المدني؟

هذه بعض الأسئلة التي ترفع ضغط كل مصري يحب بلده ويتمنى لها الخير والتقدم وكنا نتمنى أن يكون العسكري ومؤيدوه من ضمن هؤلاء ولكن لا يبدو أن هناك أمل في هذا.

الآن يتحمل مجلس الشعب الجديد مسئولية الإجابة على كل هذه الأسئلة بعد أن منحه الشعب المقهور حق تمثيله ومنحه كل الصلاحيات لتفعيل الثورة المصرية وتحقيق أهدافها. والشعب المصري مستعد للاصطفاف خلف نوابه في حال افتعال أي مواجهة قد يسعى لها العسكري أو فلول مبارك.

إن أي تأخير في التحرك ستكون عواقبه خطيرة على مصر وآخر تصريح للمشير طنطاوي بعد مذبحة بور سعيد تحت إشراف قوات الأمن والذي قال فيه بعفوية شديدة " أنا مستغرب الشعب ساكت ليه على الناس دول" إن الرجل يحرض الشعب على الاقتتال وهو يستغرب ضمناً عدم وقوع حرب أهلية بين المصريين حتى الآن !!

سوف نستغرب أكثر من المشير إذا لم يتحرك مجلس الشعب المصري بسرعة بعد هذا التصريح الواضح والمخيف.

يا مجلس الشعب ويا نوابه الكرام إلى متى سيظل خوفنا من العسكري أكبر من خوفنا على أمن ومستقبل مصر؟ المشير يقود مصر إلى الخراب والإفلاس لأول مرة في تاريخها وهو لا يضيع وقت في هذا. فهل ستتحركون؟

إن نفس المأساة تتكرر في كل الدول العربية ولكن بممثلين مختلفين يرتدون الذي العسكري المرصع بنياشين العار وها هم الان لا يتورعون عن إضافة نيشان قتل ونهب شعوبهم.

لكم الله يا عرب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اريد ردا
لطيف شاكر ( 2012 / 2 / 9 - 04:46 )
مجلس الشعب ويا نوابه الكرام إلى متى سيظل خوفنا من العسكري أكبر من خوفنا على أمن ومستقبل مصر؟ المشير يقود مصر إلى الخراب والإفلاس لأول مرة في تاريخها وهو لا يضيع وقت في هذا. فهل ستتحركون؟
عزيزي المحترم دكتور بكير تحليل رائع ودقيق وانا مع سيادتك في موضوع العسكر لكن ما بالك بمجلس الفقهاء هل تثق بهم هل سيتصدوا للمشاكل الاقتصادية والصحية والامنية وخلافه فيه مثل بيقول اسخم من سيدي الا ستي هل ياسيدي تستجير بالنار من الرمضاء اريد ردا


2 - العسكر في الموقع
هاشم القريشي ( 2012 / 2 / 10 - 00:24 )
احترامي وتقديري لرئيكم الكريم ان كرسي السلطه مغري ومغري جدا ً فيه المخصصات العاليه وفيه الوجاهه الموجوده عند معظم العرب والمسلمين بشكل خاص لاتستغرب وقبلك قالت الطربه اللبنانيه فيروز لاتندهيما في حدا العسكر بيدهم القوه ويمكن ان يستعملوها بتبرير وتشريع وفتوى جاهزه ضد الشعب الغلبان فقطبحجة حماية البلد فزمن الحروب ولى فأن جنحوا للسلم .. مع أهتذتري الشديد

اخر الافلام

.. الطاولة المستديرة | الشرق الأوسط : صراع الهيمنة والتنافس أي


.. رفح: اجتياح وشيك أم صفقة جديدة مع حماس؟ | المسائية




.. تصاعد التوتر بين الطلاب المؤيدين للفلسطينيين في الجامعات الأ


.. احتجاجات الجامعات المؤيدة للفلسطينيين في أمريكا تنتشر بجميع




.. انطلاق ملتقى الفجيرة الإعلامي بمشاركة أكثر من 200 عامل ومختص