الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العمل النقابي بقطاع العدل بين الضرورة النضالية والضرورة السياسية _الجزء الرابع_

اسماعين يعقوبي

2012 / 3 / 23
الحركة العمالية والنقابية


3_ في ميلاد الجامعة الوطنية لقطاع العدل:
قبل تبيان ومحاكمة النوايا الحقيقية لتأسيس الجامعة الوطنية لقطاع العدل، سنعتمد الكلمة التأسيسية لهاته النقابة والمؤرخة في 28-06-2008، والتي جاء فيها ما يلي:
"...إلا أننا بعد تجربة حوالى عشر سنوات من تدشين هذا الفعل النقابي الذي حقق بعض المكاسب لا ترقى إلى المطلوب، لاحظنا عليه أنه تراجع عن أهم مطالبه وانحرف عن مساره الحقيقي والأساسي وهذا ما أدخله في نفق مسدود نتج عنه صرف النظر عن الملفات الكبرى في مقابل اهتمامه بملفات هامشية بل وتافهة أحيانا لا علاقة لها بأبسط أبجديات الفعل النقابي الشريف.
وهكذا لم نعد نستطيع التمييز بين ما هو نقابي وبين ما هو سياسي وبين ما هو جمعوي إذ اختلط الكل وتحطمت الحواجز.
وفي هذا المسار تم أحيانا خوض معارك جانبية كلفت المناضلين وقتهم وجهدهم بل وما في جيوبهم بواسطة الاقتطاع مثلا، وذلك لأسباب لا تربطها بمطالب المناضل صلة بل ترتبط بتصفيات حسابات شخصية ونزوات فردية والأمثلة كثيرة.
بالنظر لكل هذا أصبح المناضل الحقيقي في القطاع يجد نفسه في بيئة غريبة ويطالب بمطالب لا علاقة لها بقضاياه. وبعد طول تمحيص وتدقيق بل و بعد صبر كبير، وبعد مشاورات مكثفة مع عدة مناضلين في القطاع تم الانتهاء إلى ضرورة إعادة هذا العمل إلى سكته الحقيقية التي من أجلها أحدث وأساسها كرامة الموظف وذلك بواسطة إحداث “الجامعة الوطنية لقطاع العدل” ..."
كما جاء في بلاغ للمكتب الوطني مؤرخ بنفس التاريخ:
...
بالنظر إلى خصوصية قطاع العدل وكذا بالنظر للأهمية الوطنية لهذا القطاع على مستوى إقرار العدل والحفاظ على السلم الاجتماعي والنظام الاقتصادي العام وتعزيز دولة الحق والقانون وتقوية المؤسسات وفصل السلط...
.... وفي هذا السياق نؤكد تحفظنا الشديد عن أي نظام أساسي لا يراعي هذه المطالب، ونطالب بالإفراج الفوري عن تعويضات الحساب الخاص مع الرفع من قيمتها.
..... .
وفي انتظار الإعلان عن البرنامج النضالي المقبل والملف المطلبي المفصل يؤكد المكتب الوطني للجامعة الوطنية لقطاع العدل على إحساسه العميق بجسامة المسؤولية الملقاة على عاتقه ويدعو جميع الغيورين إلى ضم الجهود للنهوض بوضعية القطاع وإعطائه المكانة اللائقة به كما يدعو كافة موظفي القطاع ومستخدميه إلى الالتفاف حول نقابتهم العتيدة الجامعة الوطنية لقطاع العدل بكافة مكوناتها الوطنية والمحلية ودعم جهودها والانخراط في نضالاتها من أجل تحقيق أهدافها النبيلة...."

وفي سياق مسارها، عمد الجامعيون إلى البحث عن موطئ قدم بالقطاع، بالتهجم على النقابات الأخرى تارة وبمد اليد إليها تارة أخرى، كما روجوا لأطروحة أنهم نتاج لقانون العار الذي مررته النقابة الديموقراطية للعدل وأنهم سيمضون قدما حتى إسقاطه.
وتجدر الاشارة مسبقا، أن اغلب أطر الجامعة ينتمون إلى حزب العدالة والتنمية وأنهم كانوا يناضلون من داخل النقابة الديموقراطية للعدل قبل أن يقرروا الانسحاب وتأسيس نقابة تابعة للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب.
ونظرا لغنى الكلمة التاسيسية وبلاغ التأسيس وتناقضاتهما الصارخة والفاضحة، ودون الحاجة إلى تتبع مسار النقابة الذي خلق متناقضا وتطور كذلك، سنعتمدهما أساسا للدراسة.
هكذا، وبالتمعن في الكلمة والبلاغ، يظهر ما يلي:
1- الكلمة التأسيسية تحاكم تجربة عشر سنوات من العمل النقابي وتصفها بالانحراف عن المسار الحقيقي وبعدم التمكن من التمييز بين ما هو نقابي وما هو سياسي وما هو جمعوي.
واذا كان قول الجامعة صحيحا، فهو للأسف حق أريد به باطل، لأن المقصود بالكلام هو النقابة الديموقراطية للعدل التي يناضلون من داخلها وبالتالي، فلو كانوا صادقين في النوايا، لقالوا خمس سنوات ولقرروا العودة إلى النقابة الوطنية للعدل التي لازالت على خطها ولم تخلط النقابي بالجمعوي لأنها أصلا غير ممثلة فيه، ولكون استنتاجهم ينسجم مع طرحنا في كون السياسي هو الذي حدد ميلاد النقابة الديموقراطية للعدل.
2- تضمنت الكلمة التأسيسية الاشارة إلى إضاعة الوقت والجهد، والاقتطاع بنوع من الأسى كما تم الحكم على معركة 2006 من اجل النظام الأساسي المحصن والمحفز على أنها معركة هامشية، وهي المعركة التي نتجت عنها إعانات الحساب الخاص.
3- وتختتم الكلمة التأسيسية بكلام جميل: "ضرورة إعادة هذا العمل إلى سكته الحقيقية التي من أجلها أحدث وأساسها كرامة الموظف..."، لكنه للأسف أخطأ الوسيلة والطريقة: وذلك بواسطة إحداث “الجامعة الوطنية لقطاع العدل”، فالإعادة إلى السكة الحقيقية لا يكون بإحداث كائن جديد مادام الكائن القديم والمؤسس لم يستوف شروط نموه وأدائه.
4- ويأتي البلاغ ليزيل الشك، ويكشف جزءا من النوايا الحقيقة للتأسيس حيث يكشر عن أنيابه السياسية: خصوصية قطاع العدل وكذا بالنظر للأهمية الوطنية لهذا القطاع على مستوى إقرار العدل والحفاظ على السلم الاجتماعي والنظام الاقتصادي العام وتعزيز دولة الحق والقانون وتقوية المؤسسات وفصل السلط...،
فالأمور إذن واضحة، الحفاظ على السلم الاجتماعي المقرون بالاستغلال الطبقي، والنظام الاقتصادي التبعي المسير من طرف الإمبريالية المتوحشة...، فهاته النظرة، وبعد ربطها مع الإشارات الأولى تكتمل الصورة: فالدولة اقتطعت للموظفين الذين خاضوا اضرابات متتالية بالقطاع لانهم يهددون السلم الاجتماعي والنظام الاقتصادي الامبريالي..
5- كما أن الموقف من النظام الأساسي يزيد من تأكيد هاته الصورة، فالتحفظ الشديد عن النظام الأساسي ليس هو رفضه، وليس هو التصدي له، هذا في الوقت الذي أعلنت النقابة الوطنية للعدل رفضها لهذا القانون وكانت تتصدى له وفق إمكانياتها في تلك المرحلة. فالمطلوب إذن كان هو الانخراط في المعركة وليس التحفظ الشديد.
6- ثم تأتي الفقرة الأخيرة من البلاغ، لتكشف المستور، فالنقابة ليس لها ملف مطلبي، ولم تعلن عنه بعد وتدعو الموظفين الى الانضمام والانخراط فيها، كما يدعو الموظفين الى: الالتفاف حول نقابتهم العتيدة الجامعة الوطنية لقطاع العدل بكافة مكوناتها الوطنية والمحلية ودعم جهودها والانخراط في نضالاتها من أجل تحقيق أهدافها النبيلة....، فأين تتجلى عتادة النقابة وهي لم تقدم بعد برنامجها النضالي، ولم تقدم ملفها المطلبي للموظفين...
انه فعلا خبث السياسة، هذا الخبث الذي يجعل من الجامعة نقابة مؤسسة بقرار سياسي يفقدها أساسا من أسس العمل النقابي الجاد والمسؤول وهو الانبعاث من واقع ومأساة كتابة الضبط ويجعلها في خدمة التوازنات والمعادلات السياسية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 8 شهداء من العاملين ضمن فرق تأمين المساعدات إثر غارة إسرائيل


.. الطلاب المؤيدون للفلسطينيين يواصلون اعتصامهم في جامعة كولومب




.. عضو المجلس القومي للأجور: شكلنا لجنة لدراسة موقف القطاع الخا


.. كل يوم - رفع الحد الأدنى للأجور سيطبق إلزاميًا بدءًا من شهر




.. طلاب من جامعة هارفارد يواصلون اعتصامهم المفتوح احتجاجا على ا