الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العمل النقابي بقطاع العدل بين الضرورة النضالية والضرورة السياسية _الجزء الخامس_

اسماعين يعقوبي

2012 / 3 / 24
الحركة العمالية والنقابية


4- في الحديث عن هيئة مستقلة لكتاب الضبط:
برز إلى الساحة في الآونة الأخيرة خطاب يتحدث عن إنشاء هيئة مستقلة لهيئة كتابة الضبط. وقبل تناول خلفيات الحديث (أو منزلقاته إن صح التعبير)، سنحاول استعراض الخطوط العريضة لمن يدعون إلى هذا الخيار:
- الهيئة منبثقة من عمل نقابي سابق له مخزونه النضالي وتاريخه العريق فالنضال، هدف أطرها هو التحرر والانعتاق من قيود الحزبية التي تعيشها الجامعة الوطنية للعدل وقيود التبعية السياسية التي تعيشها النقابة الوطنية للعدل وقيود الأنا فالقرار والخلل التنظيمي بالنقابة الديمقراطية للعدل...
- يبدو اليوم الرهان على إحداث هيئة مستقلة لكتابة الضبط ليس ككيان إلى جانب الكيانات النقابية الأخرى وإنما كجامعة لهم ومخلصة لهم من سيادة النهج السياسي, و كأرضية لخلق هيئة قوية لكتابة الضبط تكون الكلمة الأولى والأخيرة فيها لأطر كتابة الضبط لا للحزب ولا للإدارة.
- إن لم يتوفر هذا الشرط بانضمام كل الكيانات النقابية فلا حاجة لنا بالعمل في إطار الفرقة، ولا نريد اليوم بالخصوص أن نكون أداة بيد حزب الإتحاد الاشتراكي الذي انتقل للمعارضة لمعاكسة الحكومة الحالية كما لا نقبل بأن نمكن الحكومة من وضع مطالبنا برفوف السلم الاجتماعي.
- كنا نعلم أن التيار الفدرالي ومن ورائه الحزبي لن يسمح يوما بأن نخرج النقابة من كنفه ووصايته...
- ...ليبدأ قطار التنظيم مسيرته النضالية التي انطلقت فعلا بسرعة قصوى تجازوت حدود المعقول ليصدم القطار بأكبر انتكاسة تمثلت سنة 2006 في تعليق اليوم الثالث من الإضراب والغاء المسيرة التي كان مقررا إجراؤها، هذه التدابير النضالية لو استمرت كان ن شأنها أن تأتي بالخير سيما أن توقيفها كان بقرار المكتب وضدا على إرادة كل المناضلين الذين وصل بهم الحال في بعض الجهات إلى توقيع عرائض ضد توجه المكتب، طبيعي أيضا في مثل هذه المواقف أن تقع خسائر فادحة بالقطار الذي تم إيقافه آليا ودون سابق إنذار من شدة السرعة التي كان يسير بها قد تصل حد تطاير المناضلين وتساقطهم وكذا حقائب الدعم الذي يكنونه للنقابة وبالفعل كان من نتائج ذلك عودة أعداد كبيرة من المناضلين للانضواء تحت لواء النقابة الوطنية للعدل -ك د ش-في حين ظهرت بعض إرهاصات الغضب من مناضلين آخرين خاصة بالمدن الكبرى ينتظرون تعثرا آخر ليفكرا في بديل نقابي بعدما تبين لهم جليا أن هناك اتجاها سياسويا من داخل النقابة وفي لحزب بحكومة التناوب التوافقي يدير دفة قطاع العدل،
- كان الوزير يعول دائما على ثلة من أعضاء المكتب الوطني الأعضاء المنتمين لحزب الاتحاد الإشتراكي الذين يتمكنون بحكم هيمنتهم داخل المكتب من تمرير التوجه بينهم حيث يسهل عليهم المر بعد ذالك داخل المجلس لاعتمادهم على مجندين من المناضلين بدورهم من إتباع نفس الحزب أو من المتملقين أصحاب المصالح الضيقة والطامحين الى تقلد المسؤولية سواء في شقها التمثيلي داخل النقابة أو الودادية أو اللجان المتساوية الأعضاء أو في شقها الإداري -رئاسة المصالح، المديريات الفرعية ،المباريات...
- كان المناضلون الأوفياء يجدون صوتهم نشازا داخل المجلس فمنهم من يعبر عن قناعاته وسط حشد الانتهازيين الذين تسابقوا على نيل ثلثي التدخلات لا يخشون لومة لائم ومنهم من كان يفضل السكوت للحفاظ على وحدة الصف أو لكي لا يحرق أوراقه وينتظر غالبا أن يرسو الاتجاه العام على جهة معينة ليتبنى حججها...
- حاول بعض المناضلين داخل س د ج لفت الانتباه داخل المجلس من أن قراراتنا يجب أن تنسجم باستمرار مع نبض القواعد حتى نفوت الفرصة على نقابة الجامعة الوطنية التي هيمنت على انتخابات اللجان المتساوية بأكبر دائرة قضائية وأصبحت تتوفر على هياكلها في جل الدوائر كانت تلك الملاحظات تواجه باستهزاء احد أعضاء المكتب وممثل الودادية الذي يكره سماع صوت أحد مناضلي الببضاء حينما يحذر من تغلغل الجامعة...
- وتوالت الانتكاسات بعد ذلك بدأ بتخويل الوزير الناصري مهلة بنكهة السلم الاجتماعي لمدة 8 أشهرثم استبعاد النقابات من أشغال اللجنة المكلفة بإخراج القانون الأساسي الذي شكل ضربة قاصمة لشرعية المجلس الوطني الذي ظل سنتين يؤصل لحد أدنى تبين في الأخير أنه سينجب بدوره حدودا دنيا من داخله...
- تتمثل أهداف الهيئة المستقلة في:
•ترسيخ استقلالية العمل النقابي
•القطع مع كل أشكال التحكم في الجسم النقابي
•اقتلاع الجذور المؤسسة و المغذية لأشكال الممارسة الرامية لضرب الاستقلالية
•إشاعة و ترسيخ آليات تفعيل الديمقراطية كنهج و سبيل في اتخاذ القرار
•الوعي بخصوصية المشاكل المهنية
•الوعي بالدور المركزي لكاتب الضبط داخل منظومة العدالة
•الوعي بواقع التهميش الذي تعرفه كتابة الضبط والتنكر لقيمتهم ودورهم في إصلاح العدالة،
•الوعي بخطورة الخلط بين النقابي والحزبي في الممارسة النضالية النقابية وتأثيرها على الفعل النقابي
•جعل مصلحة كتاب الضبط الأسمى والأعلى من كل الاعتبارات السياسية والحزبية التي تهيمين على العمل النقابي ببلادنا.
•جمع شمل كتاب الضبط وتوحيد رؤيتهم بعيدا على التوجه الأحادي والحزبي النفعي لفئة منتفعة ومتاجرة بالعمل النقابي.
•توعية القواعد بواجب الانخراط في تسير شأن كتاب الضبط وأن لا يبقوا مجرد أداة بيد البعض ليحصوا نفعا ذاتيا وحالة استثناء في الترقي والمسؤولية.
•وضع ميثاق شرف كأرضية تجعل المحاسبة هي أساس العمل و أن القيادة تكليف و ليس تشريف و أن الترشيح مفتوح لمرة واحدة عملا بمبدأ تداول القيادة واكتشاف كفاءات قيادية أخرى

كلام كثير ومواقف متعددة وحكم على الهيئة بالموت أو عدم الميلاد حيث تقول: إن لم يتوفر هذا الشرط بانضمام كل الكيانات النقابية فلا حاجة لنا بالعمل في إطار الفرقة.
لو كان فكر منظري الهيئة المستقلة منسجما لعرف أو تبدى له إن النقابات الحزبية لن تقبل بالتخلي عن موقعها والانغراس في هيئة مستقلة لأنه وبكل بساطة، فهذا القرار (حسب منطق المنظرين) ليس بيدها وإنما بيد الأحزاب السياسية.
كما أن نهج الهيئة وان كان يدعو إلى الديموقراطية فهو يعارضها بدليل أن القرارت الحالية كما يقول يتخذها أغلب الأعضاء (يتمكنون بحكم هيمنتهم داخل المكتب من تمرير التوجه بينهم حيث يسهل عليهم المر بعد ذالك داخل المجلس لاعتمادهم على مجندين من المناضلين بدورهم من إتباع نفس الحزب أو من المتملقين أصحاب المصالح الضيقة)، فالمطلوب ممن يدعون إلى الهيئة، هو اختيار الإطار الملائم ومحاولة إقناع الموظفين بآرائهم ووجهات نظرهم. فحتى في حال تأسيس الهيئة التي يقولون عنها، فهؤلاء المصلحون والسياسيون ووو سيكونون حاضرين فيها وسيتمكنون من فرض توجههم اعتمادا على الأتباع وأصحاب المصالح الضيقة ووو، فهل سيبحثون عن إطار آخر جامع تحرم فيه الكلمة والرأي على كل حامل لانتماء سياسي أو جمعوي أو مدني...؟
إن تحليل ما كتب عن أسباب التفكير والتأسيس يذهب في اتجاه واحد وهو المشاكل التنظيمية التي تعرفها النقابة الديموقراطية للعدل، وهي مشاكل مرتبطة أساسا بظروف وأهداف التأسيس التي كانت سياسية بامتياز وارتبطت ارتباطا وثيقا بدخول الاتحاد الاشتراكي لحكومة التناوب وما فرضه ذلك من ضرورة إضعاف المعارضة والنقابية منها على وجه الخصوص.
وهكذا انجر العديد من الموظفين والمناضلين تحت إغراءات الديموقراطية والتعددية والحداثة وراء إطار حزبي ذيلي يؤمن بالديموقراطية في حدود الحفاظ على مصالحه وقيادة الإطارات النقابية أما غير ذلك فانسحابه لتأسيس إطار بديل هو أول ما يفكر فيه وخير دليل على ذلك ما يقع بالمركزية الفدرالية حيث الحزب مستعد لطرد مجموعة من التنظيمات والقطاعات وخيرة المناضلين على أن يرى قيادة النقابة في يد تيار غير متحكم فيه وغير منضو تحت رايته.
إن أول شيء كان على مهندسي ومنظري الهيئة المستقلة الخوض فيه هو إعطاء نقد ذاتي عن مرحلة وفترة معينة انخرطوا فيها بدون وعي وقدموا فيها خدمات كبيرة لحزب الاتحاد الاشتراكي أثناء تواجده في الحكومة والانتباه إلى عدم تصحيح خطا بخطأ ثان لأنه سيكون تماديا في الخطأ وينم عن ارادوية تقفز عن الواقع ومتطلباته.
وبالرجوع إلى أهداف الهيئة، فأجد نفسي متفقا معها جميعا وأدافع عنها ومستعد للذهاب بعيدا من أجل تحقيقها. لكن السؤال المطروح يبقى: في أي إطار يجب أن نناضل من أجل هاته الأشياء؟

وقبل الجواب عن السؤال، وجبت الإشارة إلى أن جميع موظفي القطاع لا يرون هاته الأهداف وحتى إن رأوها فطرقهم ووسائلهم تختلف من شخص لآخر: فهناك من يقبل اليد لقضاء غرض، وهناك من يقتحم مكتب مسؤول، وهناك من يعترض طريقه، وهناك من يلجأ إلى معارفه، وهناك من يخوض أشكال نضالية من أجل حقه من إضراب إلى اعتصام إلى وقفات...
إن أغلبية الموظفين يحسون بالمشاكل لكن لا يعونها، وبين الإحساس والوعي يكمن دور المناضل، الدور التأطيري للمناضل لرفع وعي الموظف والانتقال من وضع المشكل القائم إلى الإحساس به إلى تأطيره إلى صياغة الإجابات العملية والنضالية للتغلب عليه.
والمناضل هذا له تكوين سياسي نقابي ان لم نقل انتماءا سياسي يحلل من منطلقه الإشكالات المطروحة ويطرح الإجابات الممكنة. والتوجهات السياسية الموجودة تغطي من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار. أي من التوجهات التي تحاول إبقاء الوضع على ما هو عليه إن لم نقل إيجاد تراجعات خطيرة إلى تلك التي تحاول الإجابة عن كل شيء دفعة واحدة أي بالثورة على الوضع القائم وإحلال نظام سياسي اقتصادي اجتماعي محل النظام القديم.
إن مطالب الديموقراطية والعدالة الاجتماعية ليست مطالب خبزية وإنما هي مطالب سياسية بامتياز وجب على الإطارات السياسية والمناضلين النضال من اجلها، كما أن على الإطارات النقابية المساهمة والضغط من اجل هاته المطالب التي هي مطالب مجتمعية وتخص الجميع.
إن هاته المطالبة السياسية والنقابية تجسيد للربط الجدلي بين السياسي والنقابي مع ضرورة احترام مجال كل واحد منها.
فالنضال النقابي يستهدف تحقيق مكتسبات مادية ومعنوية وحضور السياسي في النقابي هو حضور الموجه والمؤطر وليس الممارس اليومي.
إن الوعي والتفرقة بين النضالين لهو من الأهمية بما كان، وهنا تحضر أهمية استقلالية الإطارات النقابية. استقلالية لا تعني مطلقا القطع مع كل ما هو حزبي أو سياسي وإنما تعني انبثاق القرارات من داخل التنظيمات النقابية باعتماد الديموقراطية وفتح وجه الحضور والمشاركة في وجه الجميع.
إن استحالة إنشاء نقابة مستقلة بالطرح الذي تراه الهيئة المستقلة ينبعث من استحالة منع كل المنتمين أو المتعاطفين سياسيا أو المسيسين من الانخراط فيها، وحتى في امكانيتة ستتحول الهيئة إلى تنظيم "جاهل" يسير شؤون الحياة.
وبالتالي فالحل يكمن ليس في عدم التسييس للموظفين ولكن بالعكس بالدفع بالتسييس الى حدوده القصوى حتى يستطيع كل موظف استقراء الخطاب والانخراط في النقابة أو الحزب الذي يخدم مصالحه وليس مصالح طبقية بحثة تستغل جهل الموظف والمنخرط.
فالنضال في ن و ع فيه صراع بين توجهات سياسية تحاول فرض منطقها بالديموقراطية والإقناع، وقرارها منبثق من قرارات مناضليها سواء في المكتب الوطني أو المجلس الوطني. وكشهادة للتاريخ، فلم يسبق لأحد من خارج التنظيم أن فرض علينا توجها على الأقل في الفترة التي اشتغلت فيه من داخل تنظيم ن و ع أي من 2006 إلى 2012، وهاته هي الاستقلالية التي ننشدها. فخوض الإضراب أو عدم خوضه ينطلق من رؤية للمحيط وللإمكانيات وللنتائج المتوقعة وبالتالي كل مناضل يقترح ما يبدو له المنطق الصحيح، وفي غالب الأحيان يكون هناك تناغم في القراءة للوضع، وفي استحالة أو عدم حصوله تصبح الديموقراطية الحكم والفصل، وهنا أتذكر أنه في 2010 على ما أظن تم خوض إضراب وطني بعد اعتماد تصويت أعضاء المجلس الوطني.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 8 شهداء من العاملين ضمن فرق تأمين المساعدات إثر غارة إسرائيل


.. الطلاب المؤيدون للفلسطينيين يواصلون اعتصامهم في جامعة كولومب




.. عضو المجلس القومي للأجور: شكلنا لجنة لدراسة موقف القطاع الخا


.. كل يوم - رفع الحد الأدنى للأجور سيطبق إلزاميًا بدءًا من شهر




.. طلاب من جامعة هارفارد يواصلون اعتصامهم المفتوح احتجاجا على ا