الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


احلام الحضارة ام احلام الهامش والمهمشين( تامل 11) ع- أطباء الحضارة والاعتراف بالحلم

محمد قرافلي

2012 / 3 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


( تامل 11)
ع- أطباء الحضارة والاعتراف بالحلم
يتبن مما سلف أن حلم اللوغوس لم يكن بريئا في مختلف مراحل تشكله وتطوره . إذ في مرحلته التأسيسية سيعمل على احتواء حلم الميتوس وعلى تخليص الحقيقة من قبضة الشعراء والكهان ومن لسان الفئات العريضة للشعب اليوناني من خلال اكتساحه للساحة العمومية. كما سيؤدي إلى طرد وتهميش فئات عريضة وتجريدها من إنسانيتها وأحلامها وتحويلها إلى آلات وعبيد مثل النساء والعبيد... أما في مرحلته الانتقالية واللاهوتية فان تسلطيته ستتضاعف بسبب اصطدامه بالأصولية الدينية والتي ستجتهد في تحويله إلى سلاح لخدمة النص الديني وخدمة المشروع الكنسي التوسعي مما أدى إلى الحد من فعالية اللوغوس والى تحويل النص الديني إلى نصوص وقراطيس وتعاليم ومتون توظف من اجل خدمة فئات خاصة تدعي أنها تمتلك رسالة تحقيق حلم السماء وحقيقة تملك مفاتيح الخلاص الأبدي عبر البوح والاعتراف، ومن يتجرا أو يحاول الخروج عن ذلك الميثاق الأبدي فان مصيره الطرد من الحظيرة والحرق.
لذلك فان رد فعل اللوغوس كان اشد شراسة خلال الحقبة الحديثة ولم يكن ذلك الصراع بين حلم اللوغوس وحلم الأصولية حكرا على التجربة الأوربية بل هو حركة عامة عرفتها اغلب المجتمعات خاصة التجربتين الأوربية والعربية الإسلامية ذلك ما يؤكده محمد أركون من خلال دراساته المقارنة " فالعقل العلمي والتاريخي في أوربا صعد منذ القرن السابع عشر ضد العقل المسيحي الأصولي المهيمن ومن خلال صراع هائل وخصب معه. وكذلك الأمر فيما يخص العقل العلمي والفلسفي في الساحة العربية الإسلامية. فهو أيضا سوف ينهض من خلال صراع داخلي عنيف ومثمر مع العقل الإسلامي الأصولي . وما يحصل الآن ليس إلا فاتحة البدايات لهذه المواجهات الكبرى" * . وبخلاف الكثير من المفكرين الذين يؤكدون ( مثلا مدرسة فرانكورت) على أن ثورة اللوغوس قد أدت إلى نتائج كارثية تجلت في القضاء على مختلف أشكال التعبير الأدبية والفنية والجمالية وعلى إفراغ الحياة من المعنى ومن قيمها الإنسانية ووظفت اللوغوس من اجل الدعاية والتسويق لحياة نمطية ولمجتمع استهلاكي يكرس سيادة الإنسان الأبيض ونموذجيته ... فان محمد أركون يشيد باللوغوس وبالعقلانية الغربية وقدرته على زحزحة وتجاوز مختلف القوالب والأنماط والرؤى الأصولية المنغلقة التي تتصف بعدم تاريخيتها وباختزاليتها وبنزعتها الاقصائية والكفيلة بتخليص الدولة من لا مبالاتها ومن قبليتها وطائفيتها . يضيف مقارنا بين التجربتين " هكذا حرمت الدولة الحديثة الدين من كل الوظائف الأساسية التي كان يمارسها طيلة العصور السابقة. لقد انتزعت منه حتى الأمل الأخروي الذي كان يعزي به البشر بسبب ألامهم وحرمانهم في هذه الحياة الدنيا " * وإذا كانت ثورة اللوغوس في التجربة الأوربية قد تمكنت من احتواء وإزاحة الحلم الكنسي وتجاوزته وفعلته معرفيا وعلميا وتقنيا واجتماعيا وسياسيا حيث ستنتزع الدولة السيادة وتحقق رفاهية شعوبها بفضل عقلانيتها فان مال التجربة العربية الإسلامية اشد تأزيما ولا يبعث افقه على التفاؤل وربما كما همس لي الدكتور إسماعيل مهنانة فان أركون قد تنبأ بفكره الثاقب مآل الشعوب العربية بحكم أن " الدولة تخلت عن المواطن، وان المواطن لم يعد يعرف إلى أين يذهب، فألقى بنفسه في أحضان الحركات الأصولية، وذلك لان الحداثة والرفاهية التي وعدت بها أنظمة الحزب الواحد على طريقة بومدين وعبد الناصر لم تتحقق. بل إن هذه الأنظمة قد ولدت عددا كبيرا من الخاسرين والهامشيين والخائبين والمتمردين والمنبوذين والعاطلين عن العمل. وبالتالي فان الحركات التي تستخدم وعود العدالة والأخوة والحماية الاجتماعية والكرامة والترقية الروحية والتطهير الأخلاقي ...هي وحدها التي تستطيع تهدئة قلق الجماهير وتجييشها من جديد. ولذلك فلا ينبغي أن نستغرب ما حصل. فلا يحصد المرء إلا ما زرعت يداه" *

*أركون محمد، الإسلام، أوربا، الغرب، ترجمة هاشم صالح، دار الساقي، الطبعة الثانية 2001، ص 10
*نفس المرجع ص 15
*نفس المرجع ص16

يتبع..........








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس: تلقينا رد إسرائيل على موقفنا حول وقف إطلاق النار وسندر


.. كارثة غزة بالأرقام.. ورفع الأنقاض سيستغرق 14 عاما | #سوشال_س




.. قوات النيتو تنفذ مناورات عسكرية متعددة الجنسيات في سلوفاكيا


.. طلاب جامعة كاليفورنيا الأمريكية يقيمون مخيم اعتصام داخل حرم




.. رئيس سابق للموساد: حماس متمسكة بمطالبها ومواقفها ?نها تحررت