الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عندما تتحول الثورة إلى مهزلة - الجزء الثاني

محمود يوسف بكير

2012 / 6 / 14
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


من ضمن مهازلنا التي اصبح من العسير جدا حصرها في عالمنا العربي ان جيوشنا لم يعد لها أي مهام تذكر سوي قمع شعوبها التواقة للكرامة والحرية والعدالة والهواء النظيف من روائح العفن والفساد والظلم والاستبداد. الجيوش هي وحدها العائق الرئيس الذي يحول بيننا وبين تحقيق هذه الأماني الجميلة والأحلام الغالية. نعم هناك مؤامرات خارجية وداخلية وعملاء وووو... ولكن تبقى أداة هؤلاء جميعا هي الجيوش العربية ، ولمن لا يصدقني عليه أن ينظر بموضوعية إلى ما يحدث في سوريا ومصر والبحرين واليمن ....الخ

أستأذن القارئ العزيز في التحدث في هذا الجزء من مصر التي تنطبق على أحوالها مقولة : ما أكثر العبر وقلة الاعتبار.

إذ كلما اعطينا الأمان للمشير وجماعته المسماه بالمجلس العسكري واستدرانا للانطلاق للامام نفاجأ بمن يصفعنا على قفانا! وعندما نستدير ونسأل من النذل الذي فعل هذا ؟ ينكر العسكري مسؤوليته رغم اننا لا نرى غيره في الخلفية!
تاريخنا مع المشير منذ قيام ثورة 25 يناير تاريخ أسود وما هو إلا صفعات متوالية على قفانا أو "على قفا مصر تدق أكف العسكري".. الصفعات تتوالى ونحن لا نتعلم او نعتبر، لأننا نخاف أن نقول الحقيقة وأصبح خوفنا من العسكري اكبر من خوفنا على مصر.

كلنا يتذكر اول صفعة على قفانا بعد خلع مبارك مباشرة عندما ظهر اللواء الفنجري أحد أعضاء المجلس العسكري وهو يعلن اول بيان للعسكري حيث أعلن أن مجلسه الموقر مع الشعب في ثورته ضد الفساد والطغيان وصدقناه عندما أدى تحية الشهيد ولكن بعدها اتضح ان الفنجري فنجري في الخداع والأونطة.

وتوالت الصفعات مدوية على قفانا ولكن خيبتنا الثقيلة صورت لنا أنها غير مقصودة وانبرى البعض ومن أشهرهم المتلون وسيد المنافقين مصطفي بكري مدافعا عن العسكري بضراوة وبلا تدبر أو تعقل مما فتح شهية العسكري لكيل المزيد من الصفعات للثورة والتنكيل بكل ما هو ثوري. وكلنا يتذكر العنف المفرط ضد الثوار وضد المظاهرات السلمية في ميدان التحرير وشارع محمد محمود وأمام وزارة الدفاع وماسبيرو وكشوف العذرية على بناتنا والاعتداء عليهن في مشهد فاضح امام العالم كله ومحاكمة الثوار أمام محاكم عسكرية وكأنهم مجرمون خطيرون ، والمفارقة الفاضحة والعجيبة أن العسكري يتعامل في ذات الوقت بمنتهى الرقة والحنية مع بابا مبارك وأسرته وحاشيته من اللصوص ومصاصي دماء الفقراء والمعدومين من ابنا ء الشعب المصري.

ولازال العسكري يجتهد ويطور تكتيكاته لتوجيه المزيد من الصفعات والضربات عسى أن يخمد الخوف والإحباط وهج الثورة ونعود نادمين وتائبين إلى حظيرة العسكري وبابا مبارك وماما سوزان والأخ جيمي والفريق سفيق.
ومن اخر ابتكارات العسكري في هذا الصدد إجهاد المواطنين أو بالأحرى بهدلتهم في أمورهم المعيشية عن طريق اصطناع الازمات التموينية الواحدة بعد الاخرى وإطلاق البلطجية وإشاعة حالة من الفوضى وعدم الامان في الشارع المصري.

ومن الصفعات المؤلمة والخسيسة للعسكري السماح لمتهم في عشرات من قضايا الفساد ونهب المال العام بالترشح لمنصب الرئاسة بل ودعمه والتلاعب بنتائج الانتخابات وتسخير كل إمكانيات الدولة لضمان فوزه بهذا المنصب بأي شكل وبأي ثمن حتى ولو كان الثمن خراب مصر.
أما آخر الصفعات وأكثرها سخونة علي قفا مصر فكانت تبرئة المخلوع وأبنائه وحسين سالم والعادلي وكبار ضباط الشرطة من كل تهم الفساد وقتل ما يقرب من الف شهيد من شهداء ثورة 25 يناير! إذن من قتلهم والشرطة وحدها التي كانت تتعامل معهم أثناء المظاهرات؟
العسكري والفلول يحاولون إضفاء نوع من القداسة على الاحكام الهزيلة التي صدمت كل العالم وليس مصر وحدها ويدعون بأنه لا يجوز التعقيب على حكم القاضي وكأنه حكم منزل. ولكن ماذا لو كان القاضي مخترقا وثبت أنه صنيعة نظام مبارك وأن عملية اختياره قد تمت بعناية وبتوجيهات علية ؟
ولكن دعونا نفترض أن كل ما ذكرت سابقا غير صحيح وأن قاضي مبارك هو أنزه قاض في العالم، فهل تعني النزاهة هنا أنه لا يخطئ مثل سائر البشر ؟ إن الالهة وحدها هي التي لا تسأل عما تفعل ومن ثم فإنه من حقنا كمواطنين وطرف مباشر في هذه القضية أن نعبر بموضوعية عن رأينا في الحكم.

العالم كله في حالة دهشة و صدمة خاصة فيما يتعلق بتبرئة الرئيس النائم على ظهره وأبنائه من كل تهم الفساد لأن مجرد ذكر اسم عائلة مبارك خارج او حتى داخل مصر يعني انك بصدد الحديث عن فساد من العيار الثقيل وليس الفساد المحدود والمعتاد في الاوساط السياسية وذلك لتوخي السياسيين عادة أقصى درجات الحذر بحكم أن الأضواء مسلطة عليهم دائما. أما أسرة مبارك فلم تكن تعبأ بهذا حيث فاق فسادها كل حدود الحياء والحذر لدرجة ان هذه الاسرة كانت تعتبر أن ضلوعها في عمليات فساد صغيرة هو إهانة لها!

القاضي حاول ان يلقي خطبة عصماء حتى يلبسنا الاونطة ولكن خطبته جاءت ركيكة ومليئة بكل أنواع الأخطاء التي لا يصح ان تصدر عن تلميذ في المرحلة الإعدادية وليس قاضيا.
الي متى سنظل خائفين من الاعتراف بأن القضاء المصري غير مستقل وأن بعض القضاة يتم اختراقهم من قبل السلطة التنفيذية منذ قيام ثورة 1952 وحتى الآن ؟
أكرر لن ينصلح حالنا أبدا طالما أننا ننشد السلامة والأمن على حساب الحق والعدالة.

والآن هل سنمكث في بيوتنا في انتظار الصفعة القادمة والمتمثلة في فرض الفريق أحمد شفيق أو سفيق علينا كرئيس لمصر وإسدال الستار بشكل نهائي على واحدة من أعظم ثورات الشعوب بشهادة العالم كله؟

لمن يؤمنون بالعدل والحق والمساواة ودولة القانون والحرية والديمقراطية اقول إن شهداء 25 يناير ضحوا بحياتهم عن طيب خاطر من أجل كل هذا ومن اجلنا جميعا حتى يتحقق حلمنا في مجتمع نظيف من كل مفاسد وأدران نظام مبارك.

أنا ضد هيمنة الاخوان المسلمين وإصرارهم على احتكار كل السلطات في مصر ولم أكن يوما مؤيدا لهم وكتاباتي طوال السنوات الماضية تشهد بهذا ولكنني اليوم اؤيد مرشحهم للرئاسة د.محمد مرسي لأنه لا يمكن بأي حال مقارنته بتلميذ مبارك مهندس عمليات تهريب البلايين من ثروات مصر إلى الخارج إبان الثورة والراعي الرسمي لموقعة الجمل.
إنني أدعوا كل المصريين الذين أيدوا الثورة لانتخاب محمد مرسي والتكاتف لإحباط مخطط العسكري الدنيء والمكشوف لإعادة بعث نظام مبارك من خلال الدفع بالفريق سفيق. وباختصار شديد فإننا قادرون على التعامل مع الاخوان لو أخلوا بعهودهم ولكننا غير قادرين على التعامل من جديد مع الافعى ومن يخونون الامانة ويطعنون من الخلف.

ولكل الإخوة الأقباط الذين يدفعهم الخوف من بعض التيارات الإسلامية المتطرفة خاصة التيار السلفي إلى تأييد حملة سفيق لرئاسة مصر نقول أنكم بهذا تقفون على الجانب الخاطئ من التاريخ وتكرسون عزلتكم دون داع لأن لا سفيق ولا حتى الطنطاوي يستطيع حمايتكم من التطرف. ان الاغلبية الطيبة والمعتدلة من المصريين التي يسعى سفيق لامتطائها من جديد هي الكفيلة بحمايتكم من اي تطرف. أنتم أيضا من ضحايا مبارك وسفيق لان التطرف الديني لم تعرفه مصر إلا في عهد المخلوع . فلا يخدعنكم هذا الثعبان الناعم الذي يعني فوزه عودة الدولة الامنية القميئة وعودة الفساد والاستبداد واشتعال الثورة والتطرف من جديد.
إن دماء شهداء ثورة 25 يناير أمانة في أعناقنا جميعا وانتم شركاء في هذا الوطن.

اللهم أحمي مصر وشعبها الطيب من سفيق وعصابة مبارك وأنر بنورك قلوبنا وعقولنا حتى نميز بين الحق والباطل.


محمود يوسف بكير
مستشار اقتصادي مصري








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - يا كومونيوا العالم اتحدوا
فؤاد محمد محمود ( 2012 / 6 / 14 - 22:39 )
الاستاذ محمود
انا ارى العكس ان فاز الاخوان ستنتهي الثوره واذا فاز شفيق ستستمر الثوره
مودتي واحترامي

اخر الافلام

.. ليس معاداة للسامية أن نحاسبك على أفعالك.. السيناتور الأميركي


.. أون سيت - تغطية خاصة لمهرجان أسوان الدولي في دورته الثامنة |




.. غزة اليوم (26 إبريل 2024): أصوات القصف لا تفارق آذان أطفال غ


.. تعمير - مع رانيا الشامي | الجمعة 26 إبريل 2024 | الحلقة الكا




.. ما المطلوب لانتزاع قانون أسرة ديموقراطي في المغرب؟