الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فيما بعد انتخابات الرئاسة المصرية

أحمد حمدي سبح
كاتب ومستشار في العلاقات الدولية واستراتيجيات التنمية المجتمعية .

(Ahmad Hamdy Sabbah)

2012 / 6 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


تظهر على السطح الآن محاولات لاثارة الشعب على العسكر ومحاولة نشر فكرة أن العسكر يخططون لانقلاب عسكري يطيح بالاخوان والسلفيين ، واستدعاء الاوضاع السياسية التي سادت مصر عام 1954 عقب انقلاب يوليو واسقاطها على الواقع الحالي باعتباره أنه تحضير لما حدث آنذاك ، فانه يمكن القول انها مقارنة خاطئة لأن الصراع الايديولوجي بين اليمين واليسار في ذاك الوقت كان على أشده ، والمرجعيات الخارجية لكلا الطرفين كانت قوية في اطار الصراع بين أمريكا والاتحاد السوفيتي .

كذلك فان ألاعيب انصار الملكية كانت حاضرة بقوة في ذاك المشهد ، كما ان العسكر في ذاك الوقت كانوا يطمعون الى السلطة بشخوصهم ، بالاضافة الى دور قوى الاحتلال العسكري آنذاك والمؤيدة للانجليز ، وانخفاض مستوى الوعي والتعليم آنذاك وغياب معايير وثقافة وضغوط الديموقراطية الحاضرة اليوم والتي تعمل على التجذر في بيئتنا .

فان الصراع الآن اذا استثنينا أغلب بقايا القوى الثورية التي أصبحت ترى في المشهد الثوري شكلآ من الوجاهة والرغبة في الظهور الاعلامي وتحقيق مكاسب شخصية لبعضهم وغيابها عن ادراك حقيقة الأوضاع الحالية واستغلالهم من قبل الاسلاميين ، فان المشهد الحالي انما ينحصر في اطار حالة صراع قوي واستقطاب حاد بين قوى الرجعية والظلام ممثلة في الاخوان والسلفيين والتي تريد تغيير هوية الدولة لتكون على النسق الوهابي أو أي نسق ذات طبيعة دينية يلتحفوا بها لتبرير وشرعنة ما يعملون على تحقيقه من احتكار للبلاد والعباد وبتر أية ثورة قد تندلع ضدهم في المستقبل ، وبين قوى ليبرالية بتوجهاتها الرأسمالية أو اليسارية ( بعد ثبوت فشل الفكر والتوجه الراديكالي في كلا المعسكرين تحت وطاة انهيار الكتلة الشرقية من جهة والأزمة المالية العالمية من جهة أخرى وافاقهم في اطار حرية الفكر والعمل وتداول السلطة والديموقراطية الكاملة ) ، تبحث عن القفز الى المستقبل وتكريس الديموقراطية الحقيقية وتجذير معايير العلمانية والمواطنة والحفاظ بل وتطوير مدنية الدولة .

والمجلس العسكري اضافة الى اعلانه أكثر من مرة أن مدنية الدولة خط أحمر ، فانه اضافة الى ذلك فانه يعلم أن الاخوان والسلفيون يشكلون أكبر خطر يتهدد الدولة المصرية الحديثة والجيش المصري ويلقي به الى براثن التفكك والاضمحلال تحت ضغط محاولات الاخوان والسلفيين لاختراقه وتجنيد أتباع لهم داخله ، وهو بالتالي ما يهدد تماسك الجيش وينذر باندلاع حرب أهلية يتسبب فيها الاخوان والسلفيون بسبب قراراتهم وسياساتهم التي يزمعون تطبيقها ولو على مراحل في طريق تحقيق هدفهم باختطاف مصر الى جحورهم وكهوفهم الحياتية والفكرية والسياسية والاجتماعية .

وعليه فان أي انقلاب عسكري حال حدوثه ، فانه يجوز تسميته بالانقلاب الموجه ، حيث سيستهدف هذا الانقلاب حصون الاخوان والسلفيين دون غيرهم ، بغية اخراجهم من مسرح الحياة السياسية بعد أن ثبت بشكل قطعي أنهم لا يحسنون الا تشتيت القوى الوطنية وفض لحمة البلاد واثارة الفوضى والاضطرابات ، هذا بالاضافة الى استغلالهم لسلاح الدين والدخول في معارك تكفيرية ضد معارضيهم ، ويسعون الى احتكار السلطة بشكل مطلق في مسعى فاشيستي واضح متدثر بالشعارات الدينية ومستغلآ لأمية منتشرة بين جموع الكثيرين سواء أكانت أمية أبجدية أو أمية سياسية أو أمية ادراكية لحقائق الدين الحنيف ، وتجلى ذلك في سيول الوعود الكاذبة والممارسات الاحتكارية والطغيانية في تشكيل لجان مجلس الشعب ولجنتي تأسيس الدستور والمعارضة المقيتة لأحكام القضاء متمثلة في أحكام المحكمة الدستورية العليا بحل مجلس الشعب وفي انتظار حل شقيقه مجلس الشورى بل والتهديد باستخدام السلاح وتحويل البلاد الى بحور من الدم وهذا بالطبع ما يتخصصون فيه وكأنهم يشعرون بالحنين الى استخدام لغة العنف وممارستها ، بالاضافة الى استباقة الاعلان الرسمي لنتائج الانتخابات الرئاسية باعلانهم الغريب والعجيب بفوز مرشحهم محمد مرسي برئاسة الجمهورية قبل انتهاء فرز اللجان الانتخابية .

وهوما يثير التساؤلات والشكوك بل واليقين أنهم يريدون اثارة الفوضى والبلبلة بذلك فحتى اذا ما جاءت نتائج الانتخابات على غير ما أعلنوا ... طعنوا بالتزوير وحشدوا الناس وأتباعهم للتنديد بالتزوير (الوهمي) ، وبالتالي فانهم خططوا وفقآ لهذا السيناريو اما أن يتم تسليم السلطة لهم خوفآ ورهبة واما أن تكون شرعية الرئيس القادم (اذا كان أحمد شفيق) محل طعن وارتياب مما يمكن لهم على الساحتين السياسية والشعبية ويضعف من قوة وتأثير أحمد شفيق اذا كان هو الرئيس القادم .

كما أن معارضتهم الفوضوية مع حلفائهم السلفيون للاعلان الدستوري المكمل يسير في نفس نسق رغبتهم في الاستحواذ المطلق على السلطة ورغبتهم في امتلاك محمد مرسي سلطات الرئاسة والتشريع لحين عودة (أو بمعنى أصح عودتهم ) لمجلس الشعب مرة أخرى بعد حله من خلال قرار رئاسي (في حالة مرسي ) بعدم تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا أو تعطيله أو تفسيره وتنفيذه وفقآ لأهوائهم في اطار ثلث الأعضاء فقط وهو ما يتعارض مع منطوق الحكم ومضمونه الحقيقين بحل عموم المجلس .

ويتضح بعد قرابة العام والنصف من ثورتنا المصرية الليبرالية العظيمة ، ان ذلك الفصيل الذي التحق بها بعد ضمان نجاحها وهم الاخوان وحلفائهم السلفيون الذين جنوا ثمار الثورة التي كفروها يتضح أنهم هم الذين يريدون السيطرة الكاملة على البلاد وطبعها بأفكارهم ومعتقداتهم واكمال حلقة خنق الثورة وتنفير الناس منها ومحاولة تفريغ باقي القوى السياسية بل والمجتمعية من قواها عبر انهاكهم في معارك سياسية ودينية تكفيرية .

ولايجب أبدآ على القوى الليبرالية الحرة أن تنساق وراء الاخوان والسلفيين المعادين للمجلس العسكري الذي يعيقهم عن اتمام سيطرتهم على الدولة أو وراء قوى شبابية مشحونة بعواطف ثورية وشعارات رومانسية مغلفة بنقاء ثوري لا تدرك حقيقة الأوضاع على الأرض ولا تستند الى براهين وحقائق واقعية وتظن أن التفاهم والتعامل مع الاخوان والسلفيين أهون وأيسر من العسكر ، ان الليل لابد أن ينجلي على مصر حرة قادرة على تحقيق آمالها بعيدآ عن الظلاميين .












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بلينكن ينهي زيارته إلى الصين، هل من صفقة صينية أمريكية حول ا


.. تظاهرات طلابية واسعة تجتاح الولايات المتحدة على مستوى كبرى ا




.. انقلاب سيارة وزير الأمن الإسرائيلي بن غفير ونقله إلى المستشف


.. موسكو تؤكد استعدادها لتوسيع تعاونها العسكري مع إيران




.. عملية معقدة داخل المستشفى الميداني الإماراتي في رفح وثقها مو