الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العصب العاري في سيرة الغبرا

جهاد الرنتيسي

2012 / 8 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


تلامس المحطة اللبنانية في كتاب د . شفيق الغبرا " حياة غير آمنة " العصب الاكثر عريا في الحرب الاهلية التي كرست الفرز الطائفي في المجتمع اللبناني وطالت تشوهاتها الوعي العربي الذي لم يكن يخلو من قابلية للتشوه .
من خلال رواية د . الغبرا لتجربته مع الحرب التي خسرتها كل اطرافها يصعب على القارئ تجاهل الحاجة المتولدة لاعادة الاعتبار الى مسلمات وبديهيات طمسها جموح كل فريق من الافرقاء لشيطنة الاخر تبريرا لانتهاكات اقرب الى السلوك البدائي .
تنتصر خلاصات سيرة المقاتل والقائد العسكري في السرية الطلابية او كتيبة الجرمق مثلا للطائفة المارونية .
فلم يكن هذا المكون الاجتماعي والسياسي في المجتمع اللبناني موحدا حول الرغبة في خوض حرب اهلية مع بقية المكونات .
وكبقية الطوائف كان من بين ابناء هذه الطائفة مقاتلون توزعوا على مختلف المحاور .
تعددية ابناء الطائفة وانتشارهم بين اليمين واليسار ومساهمتهم في القتال الى جانب الحركة الوطنية اللبنانية والمقاومة الفلسطينية لم يمنع التجاوزات بحقهم والحديث عن تجاوزات في تلك الحرب يعني من بين ما يعنيه ان ابرياء قتلوا وجرحوا و شردوا دون ارتكابهم اية ذنوب تستوجب قتلهم .
جرأة الكتاب وكتابه بلغت حد الكشف عن تجاوزات ارتكبتها الحركة الوطنية وحليفها الفسطيني في الحرب .
تكمن الجرأة هنا بتحدي الصورة النمطية التي تكونت خلال ما عرف بالحرب الاهلية والتي تعظم الجريمة اذا ارتكبت من طرف وتبررها اذا ارتكبها الطرف الاخر رغم انها جريمة في كلتا الحالتين .
لا يخلو هذا الكشف من اشارة الى شيزوفرينيا لم تكن تتقبل المارونية السياسية التي كانت غريبة في زمن المد اليساري بجوهره العلماني وتبرر الاسلام السياسي في زمن ما بات يعرف بالربيع العربي رغم النتائج الوخيمة لتسييس الدين وتديين السياسة .
فهناك قدرة هائلة في الوعي العربي على تكييف البعد الاخلاقي اذا كان التكييف يتلاءم مع الاهواء والرغبات والمصالح .
يؤشر الكتاب على جوانب اخرى من زيف الوعي العربي الراهن الذي يتيح للنخب تبرير سياسات دكتاتوريات مثل النظام السوري الذي لم يتسع سجله يوما لاحترام التعددية والتنوع و المقاومة باعتبارها فعلا انسانيا وليس ورقة للمساومة .
خروج الكتاب عن نسق واليات التنميط الذهني يعيدنا الى محاولات قادة وسياسيين فلسطينيين سبر اغوار التجربة في سيرهم الذاتية مثلما فعل ممدوح نوفل وهو يسلط الضوء على كيفية صناعة القرار الفلسطيني ـ وبالمناسبة لا تختلف ادارة البيت الفلسطيني كثيرا عن ادارة البيوت العربية الاخرى ـ وفيصل حوراني حين اوغل في نبش الارث السياسي للحكم السوري والقوى الفلسطينية المتحالفة معه .
اضاءة شفيق الغبرا في سيرته الذاتية , واضاءات فيصل وممدوح وغيرهم تضعنا امام البحث عن طرق تفكير جديدة ، تتلاءم مع الاخفاقات ، والمنعطف الذي تدخله المنطقة .









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عقوبات أميركية جديدة على إيران تستهدف قطاع الطائرات المسيرة


.. ماكرون يدعو لبناء قدرات دفاعية أوروبية في المجالين العسكري و




.. البيت الأبيض: نرعب في رؤية تحقيق بشأن المقابر الجماعية في قط


.. متظاهرون يقتحمون معهد التكنلوجيا في نيويورك تضامنا مع جامعة




.. إصابة 11 جنديا إسرائيليا في معارك قطاع غزة خلال الـ24 ساعة ا