الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السودان: هل يعيد التاريخ نفسه! وما أشبه اليوم بالبارحة!

حامد فضل الله

2012 / 8 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


فخامة السيد الرئيس : الحشرات ورمزية العصا
[هكذا وصف الرئيس السوداني شعب جنوب السودان بالحشرات ورفع العصا إشارة إلى بيت المتنبي:
لا تشتري العبد إلا والعصى معه إن العبيد لأنجاس مناكيد]

السيد الوزير علي كرتي : السجمانين
[وهذا الوزير تحدث عن قوى المعارضة الشمالية في السودان ووصفهم بأنهم الأشخاص الذين لا فائدة منهم ولا قيمة لهم في المجتمع ,وهم مرتشون]
السيد د. نافع علي نافع : بغِاثُ الطير
[أما مستشار رئيس الجمهورية والرجل المتنفذ في النظام السوداني يتكلم بعنجهية ويصف قوى المعارضة الشمالية في السودان بالخيبة وعدم القدرة ويتحداهم بأنهم عاجزون عن إسقاط النظام الشمولي. بغاث الطير يعني حرفياً الطير غير الجارح وبطئ الحركة وغير قادر على الطيران والذي يمكن اصطياده بسهولة].

من الاٍرشيف البرليني
خطاب مفتوح


إلى سيادة سفير جمهورية السودان
بون – ألمانيا

السيد السفير د. أشول دينق المحترم

تحية طيبة،

ورد في النشرة الاعلامية للسودان في نصف شهر ، رقم 4 بتاريخ 17/2/97 التي يصدرها القسم القنصلي بسفارتنا في بون مقال بعنوان " حيرة الصادق المهدي " بقلم عاصم يوسف (طالب في مدينة هاله/ألمانيا) مليئاً بالهجوم والشتائم والتجريح الشخصي للسيد الصادق المهدي ويصفه بالمنافق:

[ والصادق كما معروف عنه دائماً أنه صاحب برنامجين أحدهما للدعاية الانتخابية فقط والآخر مواكب لمتطلبات "الديمقراطية والنظام العالمي الجديد "] ، ويتهمه بالعمالة والتبعية [هرب إلى دولة أفورقيٍ] - ربيب الصهيونية وحامل لوائها وعميلها في القرن الأفريقي يضع يده في يد رجل مثل قرنق – الذي تريد أمريكا وإسرائيل تنصيبه رئيساً للسودان للقضاء على الهوية الإسلامية أسوة برفيقه أفورقي.

ويصف الخصم السياسي [ حلفاؤك – يقصد الصادق المهدي – من المتمردين والشيوعيين بالميوعة والخلاعة في النساء والتخنث في الرجال ويقول أيضاً مشيراً في فقرة أخرى من المقال إلى السيد الصادق [فكل إناء بما فيه ينضح ].

لقد أصابتني الدهشة والاستغراب وأنا أقرأ مقال عاصم يوسف. كيف توافق سفارتنا على نشر مثل هذا المقال الذي يتصدى بصورة مشينة إلى زعيم سياسي وقومي ووطني ومفكر مرموق والتهكم والسخرية على الميرغنية وجون قرنق وفاروق أبو عيسى... من رموزنا السياسيين أياً كانت أصولهم الفكرية ومنطلقاتهم الأيديولوجية. وعلينا ألا ننسى دون الدخول في جدال عقيم بأن السيد الصادق المهدي لا يزال رئيس الوزراء الشرعي الذي جاء إلى الحكم عبر انتخابات ديمقراطية نزيهة وبإرادة شعبية حرة.

والمقال لا يقدم للقارئ سوى الهجوم الشخصي المبتذل مع اضافة الكلمات المنمقة والجمل الإنشائية والظواهر الصوتية في محاولة يائسة من الكاتب لإخفاء القصور الفاضح في الدلالة والمعنى بجانب الهجاء والردح السياسي الذي ينسف مصداقية وينفي موضوعية المقال الرئيسي للنشرة الإعلامية بعنوان : ملف التجاوزات الاريترية / الأثيوبية تجاه السودان.

إنني لا أعترض على حق الكاتب في الكتابة والنشر , فله مطلق الحرية فيما يكتب ويذيع وينشر على الناس على أن لا يتخذ السفارة منبراً إعلامياً ضد خصومه السياسيين , فأمامه الصحافة السودانية في الداخل والصحافة العربية في المهجر ووسائل الإعلام الأخرى.

إن انحدار الصراع والنقاش السياسي إلى المستوى الشخصي الرخيص سلاح خطير ذو حدين ويصيب قائله وطائفته في مقتل.
لقد استطاع كاتب هذه السطور وبدون تفاخر إيقاف الحملة التي بدأتها بعض المجلات السودانية التي تصدر في
ألمانيا في التشهير والتحقير ببعض الشخصيات في سفارتنا. ولعل الكاتب عصام يوسف يتذكر قول الشاعر الحسن بن هانئ (أبو نواس) :

فًقُلْ لِمَنْ يَدّعي في العِلْمِ فَلسَفَةً حَفِظْتَ شَيئاً ، وَغابَتْ عَنكَ أشياء

أليس ذلك ما يدعو إلى الخجل عندما نقرأ في نشرة اعلامية لسفارتنا وتوزع أيضاً عى السفارات الأخرى كلمات مثل الليالي الحمراء والميوعة والتخنث والعهر والخلاعة في النساء....

هل خلت وزارة الخارجية أو وزارة الإعلام من حاملي الأقلام المبدعين ومن الاعلاميين المرموقين الذين كنا نفخر بهم عبر السنين حتى تستنجد السفارة بأقلام خارجية ليسودوا بها نشرتها الاعلامية؟

لا شك أن توجه ومسار سفارتنا بالخارج مرهون بسياسة السلطة الحاكمة وبتوجيهات وزارة الخارجية السودانية. ولكن منذ فجر الاستقلال ورغم التقلبات السياسية المختلفة في الداخل , تسنى لغالبية أعضاء البعثات الدبلوماسية بحنكة سياسية ودبلوماسية رفيعة أن يصونوا ويحافظوا على سمعة السودان وأن تبقى السفارة بيت السودان الكبير ويضم الجميع.
إنني لست حزبياً ، ولي موقف نقدي واضح من كل الأحزاب السودانية – الشمالية والجنوبية - التقليدية والعقائدية. وكذلك إنني في خصام وخلاف مع النظام الحاكم اليوم في السودان لا أخفيه – بل أناضل وأعمل علناً من أجل تغييره – لقناعتي التامة بأن مشاكلنا المزمنة والمعقدة وهمومنا الراهنة – والتي كان لا بد لها أن تفرز تيارات فكرية متعددة واجتهادات متباينة – لن نحلها ونتجاوزها إلا عن طريق الديمقراطية والتعددية السياسية والثقافية والفكرية.

السيد السفير ، إنني أكتب هذا الخطاب مجرداً من أي غرض إلا الرغبة في الاشارة والتنبيه والنصيحة ومكرراً في نفس الوقت تحيتي وتقديري واحترامي لسيادتكم ولأعضاء البعثة الدبلوماسية وخاتماً قولي بقول دريد بن الصمة :

أمَـرْتـُهُمُ أَمْري بمُنْعَـرَجٍ اللّوَى ، فلم يَسْتَبينوا الرُّشْدَ ، إلاّ ضٌحَى الغَدِ


1997








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الولايات المتحدة و17 دولة تطالب حماس بإطلاق سراح الرهائن الإ


.. انتشال نحو 400 جثة من ثلاث مقابر جماعية في خان يونس بغزة




.. الجيش الإسرائيلي يعلن قصف 30 هدفا لحماس في رفح • فرانس 24


.. كلاسيكو العين والوحدة نهائي غير ومباراة غير




.. وفد مصري يزور إسرائيل في مسعى لإنجاح مفاوضات التهدئة وصفقة ا