الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل قامت الحضارة الإسلامية على أكتاف الملحدين ؟

حسين عبدالله الناصر

2012 / 10 / 25
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



ناصر بن حمد | حقيقة الحضارة الإسلامية | العلماء المُلحدين والعلوم المحرّمة فى الحضارة الإسلامية


راجع للإستزادة والتواصل مدونتى : كوجيتو "http://dromarabolnasr.blogspot.com/"

عندما سمعت من أحد أصدقائى المقربين عن كاتب سعودى سلفى يُدعى نصر بن حامد له كتاب ذائع الصيت إسمه حقيقة الحضارة الإسلامية ؛ تخيلت أنه كاتب قد فتح الله عليه بكتاب يرد به الشبهات ويوضح فيه عظمة تاريخنا وتماسك حضارتنا ويبعث به إلى العالم فيض من العطر العربى الإسلامى ، لكن صديقى وكأنه قرأ أفكارى ، نظر لى بإبتسام وهو يقول بين ضحكاته : لا أعتقد أنك ستتحدث بعد ذالك عن ضرورة التقارب بين الفكر السلفى والفكر الليبرالى ، وعندما تقرأ هذا الكتاب وترى المراجع التى إعتمد عليها من أمّات كتب التراث ، ستدرك خطورة هذة الأفكار الرجعية لا على العرب فقط ، ولا على المسلمين فقط ، لكن على التراث الإنسانى .
ولكنى لم أهتم كثيراً أو قليلاً بأن أدخل فى نقاش عن كتاب لم أقرأه بعد ، فأجّلت هذة المناظرة حتى إشعار آخر أكون فيه أكثر إنتباهاً وأكون قد قرأت كتابه المزعوم ، وبالفعل مر يومان وتذكرت إسم الكتاب وقمت بتحميله من على الإنترنت .. وقرأته .. وقررت أن أكتب عنه .. لا لشئ ولكن لكى نعرف حجم الجراثيم الفكرية التى ستصيبنا حتماً إن لم ننتبه .
فى البداية ، وفى الصفحة الأولى من الكتاب حيث تعودت دائماً أن أجد إهداء رقيق من الكاتب إلى زوجته أو إبنه أو صديقه أو والديه ، وجدت كاتبنا وقد صدمنى بهذة الكلمات :
"هذه المذكرة جواب عمَّن جعل حضارة الإسلام هي النبوغ في علوم الفلاسفة والملاحدة وجعلها هي تشييد المباني وزخرفة المساجد ، وجعل علماء الإسلام هم الملاحدة كابن سينا والفارابي ونحوهم"
وكأن القبح لا يبدأ إلا بقبح مثله ، والسوء لا يبدأ إلا بمقدماته ، ناصر بن حمد ( دعونى أتخلى عن تسميته شيخ فمنذ قرأت كتابه وأعلنت أنه آن لأبى حنيفة أن يمد قدميه ) .. ناصر بن حمد يُعلنها حرباً صريحة على الحضارة الإسلامية ويرد فى كتابه على من جعلوا الحضارة الإسلامية هى نتاج "الملاحدة" أى الملحدين مثل ابن سينا والفارابى وغيرهم ( ستعرف قريباً من هم غيرهم ) .
توكلت على الله وأخذت حبة مهدئة حتى لا تنفجر مرارتى أثناء القراءة وبدأت الكتاب .
المقدمة : يتحدث فيها عن الفتن التى ترد إلينا من الغرب ، ومدى تأثيرها على ثقافتنا وإعتقادنا الدينى ، حتى أن المسلم الممسك على دينه صار كالقابض على الجمر من شدة الفتن الفكرية ، أعتقد أن هذا صحيح وأوافق ناصر بن حمد فيه ، تداخل الثقافات والأديان يصيبها بالميوعة مما يجعل الشخص يفقد المنهج الصلب المتماسك الذى يعتمد عليه فى صناعة التقدم ، وربما يدخل المجتمع فى حالة جماعية من الشك الهدام ، ماذا إذاً ، لقد ظلمت الرجل وله علىَّ حق الإعتذار ، هو فقط يريد أن يوفر الحماية الفكرية للمنتمين للدين الإسلامى .. وماذا فى ذالك ؟ .. بل ما أعظم ذالك ؟
وما كدت أتداول أفكار الرضا عن الكتاب فى عقلى حتى وجدت عبارة تردنى إلى المغص المعوى والإحساس بأنى أتعرض لكتاب ملئ بالجراثيم الفكرية ، نصر بن حامد يقول فى المقدمة :
"حضارتهم دنيوية زائلة ، وحضارة المسلمين دينية نبوية باقية ، وعلومهم دنيوية دنيه ، وعلوم المسلمين شرعية ربانية "


راجع للإستزادة والتواصل مدونتى : كوجيتو "http://dromarabolnasr.blogspot.com/"

عبارة جميلة فى ذاتها لكنها غير جميلة فى دلالاتها ، سمعتها كثيراً يُراد بها الباطل ويُقصد بها أن المسلمين لم يكن لهم شأن فى الحضارة العالمية ، إنه وقت العرض ، بدأ ناصر يطل علينا بالوجه القبيح .
الفصل الأول بعنوان : "الحضارة الإسلامية والعلم الشرعي"
لا علم غير العلم الشرعى ، ولا يوجد فى الحضارة الإسلامية الحقيقية من علوم سوى علوم الفقة والحديث والتفسير ، أما ما هو غير ذالك فهو من الأباطيل والمحرمات والممنوعات والمكروهات والمنبوذات والتى يكرهها الله ورسوله ، لو خرجت أنا عمر أبوالنصر على قناة فضائية أو حتى فى مدونتى هذة وكتبت هذة الكلمات سوف توجه إلى تهمة إزدراء الإسلام ، لكن عندما يقولها شيخ سلفى .. الأمر يختلف .
هذا ما فعله نصر بن حامد فى الفصل الأولى من كتابه ، أكّد فيه على أنه لا علم فى الإسلام إلا العلوم الشرعية وما عداها باطل ، أما باقى العلوم فهى علوم للكفار والملحدين لا يجوز أن يتعلمها المسلم ، ويستعين على قوله ذالك بالإمام الأوزاعى ( العلم ما جاء به أصحاب النبى ) ولا علم غيره .
وما قاله ابن تيميه : جماع الخير أن يستعين بالله سبحانه في تلقي العلم الموروث عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فإنه هو الذي يستحق أن يسمى علماً ، وما سواه إما أن يكون علما فلا يكون نافعاً ، وإما أن لا يكون علماً وإن سمي به ، ولئن كان علماً نافعاً فلا بد أن يكون في ميراث محمد ما يغني عنه مما هو مثله وخير منه ) .
إذاً ف"شيخ الإسلام" ابن تيميه يرى أن العلوم الشرعية فقط هى التى تستحق أن تُسمى علماً ، أما ما هو غيرها ( ستعرف لاحقاً أن غيرها هذا يطال علوم الكيمياء والهندسة والفلسفة على سبيل المثال ) .. أما غيرها فهو إما علم غير نافع ، أو ليس بعلم على الإطلاق !!




ويستدل بكلمات إبن القيم : إنه لما إنتشر فى العراق علوم الملاحدة ( ستعرف لاحقاً أن من هؤلاء الملحدين مثلاً الرازى والفارابى !! .. كتاب شيق أليس كذالك ؟ ) عندما إنتشرت فيهم علوم الملحدين غلبهم التتار على أرضهم وأخرجوهم منها !
ويستدل بأبيات من ديوان الإمام الشافعى :
كل العلوم سوى القرآن مشغلة
إلا الحديث وإلا الفقه في الدين
لعلم ما كان فيه قال : حدثنا
وما سوى ذاك وسواس الشياطين



وحتى لا أرهق حسك الأدبى ، أبيات الإمام الشافعى تعنى أن العلوم فقط هى ما كانت فيه عبارة حدّثنا ، أى العلوم الشرعية ، أما ما غيرها فهو ملهاة الشياطين .
ثم يستطرد الكاتب ناصر بن حمد فى جريمته التى يرتكبها ضد الإسلام والإنسانية فى هذا الكتاب ، فيقول أننا لم نتخلف إلا عندما تعلمنا العلوم الطبيعية ( أى الكيمياء والفيزياء والأحياء ) !
ثم يطلب منّا ( جزاه الله عنّا ما يستحق ) أن ننظر فى كتاب جامع بيان العلم وفضله وكتاب فضل علم السلف على علم الخلف وهما من الكتب المرجعية الشهيرة للعلامة ابن عبد البر .
وانتهى الفصل الأول !!
الفصل الثانى : العلوم الدنيوية التى يُقال أن المسلمين برعوا فيها .. ( صدقنى هذا هو عنوان الفصل الثانى ولم أزد عليه حرف )


راجع للإستزادة والتواصل مدونتى : كوجيتو "http://dromarabolnasr.blogspot.com/"

يرى الكاتب أن العلوم الدنيوية مثل الفيزياء والفلك والكيمياء والهندسة والصيدلة لم تدخل فى الحضارة الإسلامية إلا فى عصر الخليفة المأمون ، قلبى يشكر المأمون ، لكن الكاتب يرى أنه قد أحدث ذنباً لا يمكن الخلاص منه ، فيقول شيخ الإسلام ابن تيميه : إن الله لن يغفل عن المأمون لما أحدثه فى بلاد المسلمين من أثر ترجمة تلك العلوم ..

ثم يسوق حادثة تاريخية إن صحّت حدوثها فهى تعادل جريمة حرق مكتبة بغداد ، يقول ناصر بن حمد الفهد أن عمر بن الخطاب عندما فتح بلاد الفرس وجد فى مكتبتها كتباً كثيرة ( كان الفرس متقدمين فى الفلسفة والطب والفلك والهندسة بشكل قوى جداً ) ، لكن عمر بن الخطاب أمر بإحراق هذا التراث الإنسانى ( حسب رواية الكاتب لا روايتى ) .. وقال : إن يكن ما فيها هدى فقد هدانا الله بأهدى منه ، وإن يكن ضلالاً فقد كفاناه الله .

ثم ينقلب الكاتب إلى هؤلاء الذين يفخرون بالحضارة الإسلامية ويعيب عليهم عدم نشر حادثة حرق عمر بن الخطاب لمكتبة بلاد فارس ، ويتهمهم بالتأويل الجاهل !

فهو يرى أن الإسلام بمبادئه فى تحصيل العلوم يتجلى فى حرق كتب العلوم الدنيوية "الدنية" وما يضرنا لو إتهمنا الغرب بأننا أهل جهل .

ثم يبدأ العرض الوقح ، سرد للعلوم الدنيوية التى حرمها الإسلام من وجهة نظر الكاتب وسأنقل هذا الجزء كما هو :
علم الفلسفة :
وهو منبع الضلالة ، ومنجم الباطل ، قد عشّش به الشيطان وضرب فيه قباب ، حرّمه جميع المحققين من العلماء ، ومَنْ تعلمه وأدمن النظر فيه لم يسلم من الإلحاد ، ودين أهل هذا العلم هو الكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ، أبطلوا النقول ، وخالفوا المعقول ، وأضلوا الأمم .
قال ابن الصلاح رحمه الله تعالى ( الفتاوى صـ70 ) : ( الفلسفة رأس السفه والانحلال ، ومادة الحيرة والضلال ، ومثار الزيغ والزندقة ، ومن تفلسف عميت بصيرته عن محاسن الشريعة المؤيدة بالحجج الظاهرة ، والبراهين الباهرة ، ومن تلبّس به علماً وتعليماً قارنه الخذلان والحرقان ، واستحوذ عليه الشيطان ، وأي فنٍ أخزى منْ فنٍ يعمي صاحبه -أظلم قلبه –عن نبوة نبينا r .. وليس الاشتغال بتعليمه وتعلمه مما أباحه الشارع ، ولا استباحه أحد من الصحابة والتابعين والأئمة المجتهدين ، والسلف الصالحين ، وسائر من يقتدى به من أعلام الأئمة وسادتها ، وأركان الأمة وقادتها ، قد برّأ الله الجميع من معرّة ذلك وأوناسه ، وطهرهم من أوضاره ) اهـ
وقال ابن القيم رحمه الله تعالى ( إغاثة اللهفان 2 / 595 ) : ( فالزندقة والإلحاد عند هؤلاء جزء من مسمى الفلسفة أو شرط .. فلا مبدأ عندهم ولا معاد ولا صانع ولا نبوة ولا كتب نزلت من السماء تكلم الله بها ، ولا ملائكة تنزلت بالوحي من الله سبحانه ، فدين اليهود والنصارى بعد النسخ والتبديل خير وأهون من دين هؤلاء ) اهـ .
وقال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى ( 5 / 140 ) : ( والفلاسفة هم الذين أفسدوا أهل الملل قبلنا مللهم وتواريخهم ) وقال ( 9 / 176 ) : ( كان هؤلاء المتفلسفة إنما راجوا على أبعد الناس عن العقل والدين كالقرامطة والباطنية الذين ركّبوا مذهبهم من فلسفة اليونان ودين المجوس وأظهروا الرفض ) وإنما ينفقون في دولة جاهلية بعيدة عن الإيمان إما كفاراً أو منافقين ، كما نفق مَنْ نفق منهم على المنافقين الملاحدة ) اهـ .
وقال ابن القيم رحمه الله في نونيته :
والفيلسوف وذا الرسول لديهم متفاوتان وما هما عدلان(يعني:متساويتان)
أما الرسول ففيلسوف عوامهم والفيلسوف نبي ذي البرهان
والحق عندهم ففيما قاله اتباع صاحب منطق اليونان
ومضى على هذي المقالة أمة خلف ابن سينا فاغتروا بلبان
منهم نصير الكفر في أصحابه الناصرين لملة الشيطان
إخوان إبليس اللعين وجنده لا مرحباً لعساكر الشيطان
----------------------------
1 الفلسفة القديمة تحتوي على سبعة علوم هي على ترتيبهم : المنطق ثم الارتماطيقي ( علم العدد ) ثم الهندسة ثم الهيئة ( علم الفلك والنجوم ) ثم الموسيقى ثم الطبيعيات ثم الإلهيات ، ولكل واحدٍ فروع ، وانظر لتفصيل وشرح هذه العلوم ( مقدمة ابن خلدون ) صـ 478 وما بعدها .


علم الكيمياء :
قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى ( 29 / 398 وما بعدها ) :
( وحقيقة الكيمياء إنما هي تشبيه المخلوق ، وهو باطل في العقل ، والله تعالى ليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله ، فهو سبحانه لم يخلق شيئاً يقدر العباد أن يصنعوا مثل ما خلق .. وأهل الكيمياء من أعظم الناس غشاً ولهذا لا يظهرون للناس إذا عاملوهم إن هذا من الكيمياء ... فجماهير من يطلب الكيمياء لا يصل إلى المصنوع الذي هو مغشوش باطل طبعاً ، محرم شرعاً بل هم يطلبون الباطل الحرام ... ولم يكن في أهل الكيمياء أحد من الأنبياء ولا من علماء الدين ولا من مشايخ المسلمين ، ولا من الصحابة ولا من التابعيين لهم بإحسان وأقدم من يحكى عنه شيء في الكيمياء ( خالد بن يزيد بن معاوية ) وليس هو ممن يقتدي به المسلمون في دينهم ولا يرجعون إلى رأيه .. وأما ( جابر ابن حيان ) صاحب المصنفات المشهورة عن الكيماوية فمجهول لا يعرف ، وليس له ذكر بين أهل العلم ولا بين أهل الدين ) اهـ ثم قال ( 29 / 378 ) : والكيمياء أشد تحريماً من الربا . وقال : إن الكيمياء لم يعملها رجل له في الأمة لسان صدقٍ ، ولا عالم متبع ، ولا شيخ يقتدى به ولا ملك عادل ، ولا وزير ناصح ، وإنما يفعلها شيخ ضال مضل ) ثم قال : ( وأيضاً فإن فضلاء أهل الكيمياء يضمون إليها الذي يسمى (السيمياء) وهو السحر ... فإنك تجد ( السيمياء ) التي هي من السحر كثيراً ما تقترن بالكيمياء ، ومعلوم بالاضطرار من دين الإسلام أن السحر أعظم المحرمات ، فإذا كانت تقترن به كثيراً ، ولا تقترن بأهل العلم والإيمان بل هي من أعمال أهل الكفر والفسوق والعصيان ) اهـ
وقد قال الذهبي رحمه الله تعالى في ( مسائل طلب العلم وأقسامه صـ 214 ) : فصل : ومن العلوم المحرمة : علم السحر والكيمياء والسيمياء والشعبذة والتنجيم ، والرمل وبعضها كفر صراح ) اهـ
وقد نعت ابن خلدون في ( مقدمته صـ 496 وما بعدها ) الكيميائيين بأنهم يشتغلون بالسحر والطلسمات ، وأنكر هذا العلم وأبطله .
وفيما نقلت كفاية إن شاء الله تعالى في بيان حقيقة هذا العلم وحكمه .

علم الفلك :
علم الفلك قسمان :
الأول : هو معرفة منازل القمر والنجوم والمطالع وغيرها مما يعين في معرفة القبلة والاهتداء في البر والبحر ونحوها ، وهو ما يسمى بـ ( علم التسيير ) .
الثاني : هو الاستدلال بالحوادث الفلكية على الحوادث الأرضية وادعاء معرفة الغيب ، وهو ما يعرف بـ ( التنجيم ) ويسمى ( علم التأثير ) .
--------------------------------------------

1 الكيمياء في السابق يختلف عن كيمياء اليوم – بعض الشيء – لأنها في السابق كانت تُعنى بتحويل النحاس ونحوه إلى الذهب والفضة ، وكانت قرينة للسحر والسيمياء ، أما اليوم فلا يزال تحويل المواد من مادة إلى أخرى باقية فيه ، ولكنها اتسعت لتشمل الصيدلة وعلومها الدوائية والتركيبات والمحاليل وغيرها .
2 نسب البعض إلى ( خالد بن يزيد ) صناعة الكيمياء وعلمها وهو باطل رواية ودراية : فأما الرواية :
فإن الذهبي رحمه الله تعالى ذكر أن هذا الخبر لا يصح (سير أعلام النبلاء 4/383) وكذلك ذكر ذلك ابن الأثير (الأعلام 2 / 300) وكذلك نسبها شيخ الإسلام إليه بصيغة التضعيف (يحكى) وكذلك نسبها ابن كثير كذلك فقال ( وينسب إليه شيء من علم الكيمياء) (البداية والنهاية 9 /80)
فأما الدراية :
فأولاً : تقدم عصره في وقت الصحابة والتابعين ، وقبل الترجمة .
وثانياً : أن أبا زرعة وابن حبان والذهبي وابن كثير أثنوا على صلاحه ودينه ووثقوه ( السير 4/382 – البداية 9/80 – التهذيب 3/111 ) ولو كان كيميائياً ما استحق هذا الثناء .
وثالثاً : تفنيد ابن خلدون لهذا الكلام عقلاً في مقدمته صـ 505 والله أعلم .
--------------------------------------------


فالقسم الأول تنازع العلماء في جوازه ، فمنهم من حرمه سداً للذريعة ومنهم من كره تعلمه ، ومنهم من أجازه – وهم الجمهور – فإذا كان هذا الأمر في ( علم التسيير ) فما بالك بالتنجيم ، فإن العلماء جميعاً على حرمته وإبطاله شرعاً وعقلاً ، وفي الحديث ( من اقتبس شعبة من النجوم فقد اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد ) .
قال ابن رجب رحمه الله تعالى ( فضل علم السلف صـ 35 ) :
( فعلم تأثير النجوم محرم ، والعمل بمقتضاه كالتقرب إلى النجوم وتقريب القرابين لها كفر ، وأما علم التسيير فإذا تعلم منه ما يحتاج إليه للاهتداء ومعرفته القبلة والطريق كان جائزاً عند الجمهور ، وما زاد عليه فلا حاجة إليه وهو يشغل عما هو أهم منه وربما أدى التدقيق فيه إلى إساءة الظن بمحاريب المسلمين ، في أمصارهم كما وقع ذلك كثيراً من أهل هذا العلم قديماً وحديثاً وذلك يفضي إلى اعتقاد خطأ الصحابة والتابعين في صلاتهم في كثير من الأمصار ، وهو باطل ، وقد أنكر الإمام أحمد الاستدلال بالجدي وقال : إنما ورد ( ما بين المشرق والمغرب قبلة ) اهـ .
وقال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى ( 35 / 181 ) : ( إن النجوم نوعان ، حساب وأحكام ، فأما الحساب فهو معرفة أقدار الأفلاك والكواكب ، وصفاته ومقادير حركاتها وما يتبع ذلك ، فهذا في الأصل علم صحيح لا ريب فيه كمعرفة الأرض وصنعتها ونحو ذلك ، لكن جمهور التدقيق فيه ، كثير التعب قليل الفائدة ، كالعالم مثلاً بمقادير الدقائق والثواني والثوالث في حركات السبعة المتحيرة ... أما الأحكام فهي من جنس السحر ... ) اهـ
فإذا وعيت ما مضى ، فاعلم أن جميع علماء الفَلَكِ المسلمين الذين يفاخر بهم المُحَدثون –فيما أعلم – إنما هم منجمون كهان كالخوارزمي وابن البناء والطوسي وآل شاكر والمجريطي وغيرهم – عافانا الله وإياكم مما ابتلاهم به – .فن العمارة :
أما العمارة فليست من الإسلام في شيء ، فقد روى البخاري وغيره عن خباب t مرفوعاً : ( إن المسلم ليؤجر في كل شيء ينفعه إلا في شيء يجعله في هذا التراب )
قال ابن حجر رحمه الله تعالى ( فتح الباري 11/95 ) :
( وقد ورد في ذم البناء صريحاً ما أخرج ابن أبي الدنيا من رواية عمارة بن عامر " إذا رفع الرجل بناءً فوق سبعة أذرع نودي : يا فاسق إلى أين ؟ " وفي سنده ضعف مع كونه موقوفاً ، وفي ذم البناء مطلقاً حديث خباب يرفعه قال : ( يؤجر الرجل في نفقته كلها إلا التراب ) أو قال (البناء) أخرجه الترمذي وصححه وأخرج له شاهداً عن أنس بلفظ ( إلا البناء فلا خير فيه ) وللطبراني من حديث جابر يرفعه قال : ( إذا أراد الله بعبدٍ شراً
-----------------------------

1 انظر ( فتح المجيد ) 316 وما بعدها – الزواجر 2/109 .
________________________
إذاً فإن الفلسفة والكيمياء والعمارة والفلك علوم محرمة ، ربما لا يعى هذا الرجل أن ملابسه قد صُنعت عن طريق تقنيات كيميائية ، وأن نظام تحديد الإتجاهات فى سيارته هو تقنية فلكية ، وأن الأدوية التى يتناولها عندما تهاجمه الجراثيم ( ما لم يكن قد إكتسب المناعة من جراثيمه العقلية ) هى أدوية كيميائية ، ولا أعتقد أنه يسكن فى بيت من القماش حتى يحرم العمارة ويسرد ومعه من إستعان بهم من مراجع التراث المهلهل أدلة على أنه من إرتفع بعمارته فقد خالف شرع الله ، أتقبل هذا من ناشط سياسى يقاوم مرض بناء القصور لدى آل سعود ، لكن ما يُسكتك أيها الشيخ الغير جليل عن القصور والعمارات التى تُشيّد فى بلاد الحرمين ؟
إن كنت تعتقد أن كل الأمراض الفكرية التى يعانى منها ناصر بن حمد الفهد هو وعلماؤه الذين يتخذهم مراجع فكرية وهم أساطين الجهل وحداة التخلف قد إنتهت ، فعليك أن تقرأ الفصل الثالث من كتابه الجرثومى لترى ما حُكم العلماء الذين قامت عليهم الحضارة الإسلامية ، ولتعلم أنهم كفار لا يُعتد بهم وبالتالى الحضارة الإسلامية مجوفة وهو ما يحاول إثباته عن حقيقة الحضارة الإسلامية ، وسأنقل هذا الفصل أيضاً كما هو .
الفصل الثالث : العلماء المسلمين الذين قيل أنهم برعوا فى العلوم الدنيوية .
ابن المقفع : عبد الله بن المقفع ت : 145 هـ : كان مجوسياً فأسلم ، وعرّب كثيراً من كتب الفلاسفة وكان يتهم بالزندقة لذلك قال المهدي رحمه الله تعالى : ( ما وجدت كتاب زندقة إلا وأصله ابن المقفع )

· جابر ابن حيان : ت : 200 هـ :
أولاً : إن وجود جابر هذا مشكوك فيه ، لذلك ذكر (الزركلي) في ( الأعلام ) في الحاشية على ترجمته : ( إن حياته كانت غامضة ، وأنكر بعض الكتاب وجوده ) وذكر أن ابن النديم أثبت وجوده ورد على منكريه ، وابن النديم هذا ليس بثقة كما سيأتي إن شاء الله ، ومما يؤيد عدم وجوده ما قاله شيخ الإسلام رحمه الله : ( وأما جابر بن حيان صاحب المصنفات المشهورة عند الكيماوية فمجهول لا يعرف وليس له ذكر بين أهل العلم والدين ) اهـ .
ثانياً : ولو أثبتنا وجوده ، فإنما نثبت ساحراً من كبار السحرة في هذه الملة ، اشتغل بالكيمياء والسيمياء والسحر والطلسمات ، وهو أول من نقل كتب السحر والطلسمات كما ذكره ابن خلدون
----------------------------------
1 انظر ( سير أعلام النبلاء ) 6 / 208 – ( البداية والنهاية ) 10 /96 - ( لسان الميزان ) 3 / 449 .
-------------------------

· الخوارزمي : محمد بن موسى الخوارزمي ت : 232 هـ :
وهو المشهور باختراع ( الجبر والمقابلة ) وكان سبب ذلك كما قاله هو المساعدة في حل مسائل الإرث ، وقد ردّ عليه شيخ الإسلام ذلك العلم بأنه وإن كان صحيحاً إلا أن العلوم الشرعية مستغنية عنه وعن غيره .
والمقصود هنا : إن الخوارزمي هذا كان من كبار المنجّمين في عصر المأمون والمعتصم الواثق ، وكان بالإضافة إلى ذلك من كبار مَنْ ترجم كتب اليونان وغيرهم إلى العربية .

· الجاحظ : عمرو بن بحر : ت : 255 هـ :من أئمة المعتزلة ، تنسب إليه فرقة الجاحظية ، كان شنيع المنظر ، سيء المخبر ، رديء الاعتقاد ، تنسب إليه البدع والضلالات ، وربما جاز به بعضهم إلى الانحلال ، حتى قيل : ( يا ويح من كفّره الجاحط ) ، حكى الخطيب بسنده أنه كان لا يصلي ، ورمي بالزندقة ، وقال بعض المعلماء عنه : كان كذاباً على اله وعلى رسوله وعلى الناس.

· ابن شاكر : محمد بن موسى بن شاكر : ت : 259 هـ :
فيلسوف ، موسيقى ، منجّم ، من الذين ترحموا كتب اليونان ، وأبوه موسى بن شاكر ، وأخواه أحمد والحسن منجمون فلاسفة أيضاً .

· الكندي : يعقوب بن اسحاق : ت : 260 هـ :
فيلسوف ، من أوائل الفلاسفة الإسلاميين ، منجّم ضال ، متهم في دينه كإخوانه الفلاسفة ، بلغ من ضلاله أنه حاول معارضة القرآن بكلامه .

· عباس بن فرناس : ت : 274 هـ :
فيلسوف ، موسيقي ، مغنٍ ، منجّم ، نسب إليه السحر والكيمياء ، وكثر عليه الطعن في دينه ، واتهم في عقيدته ، وكان بالإضافة إلى ذلك شاعراً بذيئاً في شعره مولعاً بالغناء والموسيقى .
---------------------------
2 الأعلام 2 / 103 .
3 مجموع الفتاوى 29 / 374 .
4 المصدر السابق ، وانظر ( مقدمة ابن خلدون ) صـ 496 – 497 .
5 انظر ( مجموع الفتاوى ) 9 / 214 – 215 .
1 انظر ( تاريخ ابن جرير ) 11 / 24 – ( البداية والنهاية ) 10 / 308 – ( عيون الإنباء في طبقات الأطباء ) صـ 483 حاشية 1 .
2 انظر ( البداية والنهاية ) 11 / 19 ، ( لسان الميزان ) 4 / 409 .
3 انظر ( الأعلام ) 7 / 117 ، ( عيون الإنباء ) 283 .
4 انظر ( لسان الميزان ) 6 / 373 ، ( مقدمة ابن خلدون ) 331 ، ( مجموع الفتاوى ) 9 / 186 . --------------------------

· ثابت بن قرة : ت : 288 هـ : صابئ ، كافر ، فيلسوف ، ملحد ، منجّم ، وهو وابنه إبراهيم بن ثابت وحفيده ثابت بن سنان ماتوا على ضلالهم ، قال الذهبي رحمه الله تعالى : ( ولهم عقب صابئة ، فابن قرة هو أصل الصابئة المتجددة بالعراق فتنبه الأمر ) .


· اليعقوبي : أحمد بن اسحاق 292 هـ : رافضي ، معتزلي ، تفوح رائحة الرفض والاعتزال من تاريخه المشهور ، ولذلك طبعته الرافضة بـ ( النجف ) .

· الرازي : محمد بن زكريا الطبيب : ت : 313 هـ : من كبار الزنادقة الملاحدة ، يقول بالقدماء الخمسة الموافق لمذهب الحرانيين الصابئة وهي ( الرب والنفس والمادة والدهر والفضاء ) وهو يفوق كفر الفلاسفة القائلين بقدم الأفلاك ، وصنّف في مذهبه هذا ونصره ، وزندقته مشهورة نعوذ بالله من ذلك .
· البثّاني : محمد بن جابر الحراني الصابئ : ت : 317 هـ :
كان صابئاً ، قال الذهبي : ( فكأنه أسلم ) ، فيلسوفاً ، منجّماً .

· الفارابي : محمد بن محمد بن طرخان : 339 هـ : من أكبر الفلاسفة ، وأشدهم إلحاداً وإعراضاً ، كان يفضّل الفيلسوف على النبي ، ويقول بقدم العالم ، ويكذّب الأنبياء ، وله في ذلك مقالات في انكار البعث والسمعيات ، وكان ابن سينا على إلحاده خير منه ، نسأل الله السلامة والعافية .

· المسعودي : علي بن الحسين : ت : 346 هـ : كان معتزلياً ، شيعياً ، قال شيخ الإسلام عن كتابه ( مروج الذهب ) وفي تاريخ المسعودي من الأكاذيب ما لا يحصيه إلا الله تعالى ، فكيف يوثق في كتاب قد عرف بكثرة الكذب ؟ اهـ .
-------------------
5 انظر ( المغرب في حلي المغرب ) 1 / 333 – ( المقتبس من أنباء أهل الأندلس ) 279 وما بعدها – ( نفح الطيب ) 4 / 348 – (الأعلام ) 3 / 264 ، ومما يدل على رداءة عقله أيضاً محاولته تقليد الطيور في طيرانها ؟!!
6 انظر : ( المنتظم ) 6 / 29 ، ( سير أعلام النبلاء ) 13 / 485 ، ( البداية والنهاية ) 11 / 85 .
1 من دراسة قمت بها لتاريخه المشهور ( تاريخ اليعقوبي ) .
2 انظر في بيان مذهبه ونقضه : ( مجموع الفتاوى ) 6 / 304 – 309 مع ( منهاج السنة ) 1 / 209 وما بعدها . وانظر أيضاً : ( المجموع ) 4 / 114 ، و ( المنهاج ) 1 / 353 ، 2 / 279 ، و ( درء التعارض ) 9 / 346 .
3 انظر ( سير أعلام النبلاء ) 14 / 518 .
4 انظر على سبيل المثال ( الفتاوى ) 2 / 86 ، 4 / 99 ، 11 / 57 ، 572 ، وغيرها ، وانظر ( درء التعارض ) في كثير من المواضع ، وانظر أيضاً (إغاثة اللهفان ) 2 / 601 وما بعدها ، و ( البداية والنهاية ) 11 / 224 – و ( المنقذ من الضلال ) صـ 98 ، وكثير من المواضع في نونية ابن القيم ، وغيرها من كتب أهل العلم .
· المجريطي : مسلمة بن أحمد : ت : 398 هـ : فيلسوف ، كبير السحرة في الأندلس ، بارع في السيمياء والكيمياء ، وسائر علوم الفلاسفة ، نقل كتب السحر والطلاسم إلى العربية ، وألف فيها ( رتبة الحكيم ) و ( غاية الحكيم ) وهي في تعليم السحر والعياذ بالله {وَلَكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ } (102) سورة البقرة نسأل الله السلامة .

· مسكويه : محمد بن أحمد : ت : 421 هـ : كان مجوسياً ، فأسلم ، وتفلسف ، وصحب ابن العميد الضال ، وخدم بني بويه الرافضة، واشتغل بالكيمياء فافتتن بها .

· ابن سينا : الحسين بن عبد الله : ت : 428 هـ : إمام الملاحدة ، فلسفي النحلة ، ضال مضل ، من القرامطة الباطنية ، كان هو وأبوه من دعاة الإسماعيلية ، كافر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم بالآخر .
مساوئ لو قسمن على الفواني لما أمهرن إلا بالطلاق
قال ابن القيم رحمه الله تعالى :
أو ذلك المخدوع حامل راية الـ إلحاد ذاك خليفة الشيطان
أعني ( ابن سينا ) ذلك المحلول من أديان أهل الأرض ذا الكفرانِ
· ابن الهيثم : محمد بن الحسن بن الهيثم : ت : 430 هـ : من الملاحدة الخارجين عن دين الإسلام ، من أقران ابن سينا علماً وسفاً وإلحاداً وضلالاً ، كان في دولة العبيديين الزنادقة ، كان كأمثاله من الفلاسفة يقول بقدم العالم وغيره من الكفريات .
· ابن النديم : محمد بن اسحاق 438 هـ : رافضي ، معتزلي ، غير موثوق به ، قال ابن حجر : ومصنفه ( فهرست العلماء ) ينادي على مَنْ صنفه بالاعتزال والزيع نسأل الله السلامة . اهـ
-------------------------

5 انظر : ( منهاج السنة ) 4 / 84 ، ( سير أعلام النبلاء ) 15 / 569 – ( لسان الميزان ) 4 / 258 .
6 انظر ( مقدمة ابن خلدون ) 496 ، 504 ، 513 .
1 انظر ( تاريخ الفلاسفة المسلمين ) 304 وما بعدها .
2 انظر ( سير أعلام النبلاء ) 1 / 531 – 539 ، ( إغاثة اللهفان ) 2 / 595 وما بعدها – ( البداية والنهاية ) 12 / 42 -43 ، (فتاوى ابن الصلاح) 69 ، نونية ابن القيم 14 ، 30 ، 43 ، 49 ، 160 ، 186 وغيرها ، و( مجموع الفتاوى ) 2 / 85 ، 9 / 133 ، 228 ، 17 / 571 ، 32 / 223 ، 35 / 133 ، وأكثر ( درء التعارض ) رد عليه وعلى الفلاسفة وكذلك ( المنهاج ) وانظر ( المنقذ من الضلال ) صـ 98 ، وغيرها من الكتب .
3 انظر ( فتاوى شيخ الإسلام ) 35 / 135 ، وانظر ( درء التعارض ) 2 / 281 ، وانظر ما كتبه من الحاديات في مذكراته وهو في آخر عمره نسأل الله الثبات في ( تاريخ الفلاسفة ) صـ 270 .
4 انظر ( لسان الميزان ) 5 / 83 .

· المعرّي : أبو العلاء أحمد بن عبد الله : ت : 449 هـ :المشهور بالزندقة على طريقة البراهمة الفلاسفة ، وفي أشعاره ما يدل على زندقته وانحلاله من الدين ، ذكر ابن الجوزي أنه رأى له كتاباً سماه ( الفصول والغايات في معارضة الصور والآيات ) على حروف المعجم ، وقبائحه كثيرة .
قال القحطاني رحمه الله تعالى :
تعسَ العميُّ أبو العلاء فإنه قد كان مجموعاً له العَمَيانِ
· ابن باجه : أبو بكر بن الصائغ ( محمد بن يحيى ): ت : 533 هـ : فيلسوف كأقرانه ، له إلحاديات ، يعتبر من أقران الفارابي وابن سينا في الأندلس من تلاميذه ابن رشد وبسبب عقيدته حاربه المسلمون هو وتلميذه ابن رشد .
· الأدريسي : محمد بن محمد : ت : 560 هـ كان خادماً لملك النصارى في ( صقليه ) بعد أن أخرجوا المسلمين منها ، وكفى لؤماً وضلالاً ، وفي الحديث ( أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين ) .
· ابن طفيل : محمد بن عبد الملك : 581 هـ من ملاحدة الفلاسفة والصوفية ، له الرسالة المشهورة ( حي ابن يقظان ) ، يقول بقدم العالم وغير ذلك من أقوال الملاحدة .
· ابن رشد الحفيد : محمد بن أحمد بن محمد : ت : 595 هـ : فيلسوف ، ضال ، ملحد ، يقول بأن الأنبياء يخيلون للناس خلاف الواقع ، ويقول بقدم العالم وينكر البعث ، وحاول التوفيق بين الشريعة وفلسفة أرسطو في كتابيه ( فصل المقال ) و ( مناهج الملة ) ، وهو في موافقته لأرسطو وتعظيمه له ولشيعته أعظم من موافقة ابن سينا وتعظيمه له ، وقد انتصر للفلاسفة الملاحدة في ( تهافت التهافت ) ، ويعتبر من باطنية الفلاسفة ، والحادياته مشهورة ، نسأل الله السلامة .

· ابن جبير : محمد بن أحمد : ت : 614 هـ : صاحب الرحلة المعروفة بـ ( رحلة ابن جبير ) ، ويظر من رحلته تلك تقديسه للقبور والمشاهد الشركية ، وتعظيمه للصخور والأحجار ، واعتقاده بالبدع والخرافات وغيرها كثير .
------------------------------------
1 انظر : ( المنتظم ) 8 / 148 ، ( البداية والنهاية ) 12 / 72 – 76 وقد نقل كثيراً من أشعاره الإلحادية ، ( لسان الميزان ) 1/218 – نونية القحطاني 49 .
1 انظر : ( عيون الأنباء ) 515 وما بعدها – تاريخ الفلاسفة 79 وما بعدها .
2 انظر : ( درء التعارض ) 1 / 11 ، 6 / 56 .
3 تبيه : ابن رشد الحفيد غير الجد ، فالجد : محمد بن أحمد بن رشد ت : 520 هـ ، قاضي الجماعة بقرطبة من أعيان المالكية ، له ( المقدمات ) و ( البيان والتحصيل ) ، أثنى عليه الذهبي وغيره ( السير ) 19 / 501 .
4 انظر ( درء التعارض ) 1 / 11 – 127 – 152 ، 6/210 ، 237 ، 242 ، 8 / 181 ، 234 وغيرها ، و ( منهاج السنة ) 1 / 356 وغيرها ، وفي عدة مواضع من الفتاوى ، و ( سير أعلام النبلاء ) 21 / 307 ، و ( تاريخ الفلاسفة ) 120 وما بعدها .
5 تلخيص لدراسة أعددتها عن رحلته المشهورة بـ ( اعتبار الناسك في ذكر الآثار الكريمة والمناسك ) وهو على علاته أفضل من (ابن بطوطة) في كثير من الأمور ، منها أن تعظيم المشاهد والقبور لم يستغرق رحلته كان بطوطة ، ومها عفته عن سماع الأغاني والملاهي وحضور مجالسها ورؤية النساء والأكل بأواني الذهب وعدم استجدائه للسلاطين بخلاف ( ابن بطوطة ) في ذلك كله .
 الطوسي : نصير الدين محمد بن محمد بن الحسن : ت : 672 هـ : نصير الكفر والشرك والإلحاد ، فيلسوف ، ملحد ، ضال مضل ، كان وزيراً لهولاكو وهو الذي أشار عليه بقتل الخليفة والمسلمين واستبقاء الفلاسفة والملحدين ، حاول أن يجعل كتاب ( الإشارات ) لابن سينا بدلاً من القرآن ، وفتح مدارس للتنجيم والفلسفة ، وإلحاده عظيم نسأل الله العافية .
قال ابن القيم رحمه الله تعالى :
وكذا أتى الطوسي بالحرب الصر يح بصارم منه وسل لسانِ
عَمَرَ المدارس للفلاسفة الألى كفروا بدين الله والقرآنِ
وأتى إلى أوقات أهل الدين ينقلها إليهم فعل ذي أضغانِ
وأراد تحويل ( الإشارات ) التي هي لابن سينا موضع الفرقانِ
وأراد تمويل الشريعة بالنواميس التي كانت لدى اليونان
لكنه علم – اللعين – بأن هذا ليس في المقدور والإمكانِ
إلا إذا قتل الخليفة والقضاة وسائر الفقهاء في البلدانِ

 ابن البناء : أحمد بن محمد : ت : 721 هـ : شيخ المغرب في الفلسفة ، والتنجيم ، والسحر ، والسيمياء .
· ابن بطوطة : محمد بن عبد الله : ت : 779 هـ : الصوفي ، القبوري ، الخرافي ، الكذّاب ، كان جل اهتماماته في رحلته المشهورة زيارة القبور والمبيت في الأضرحة ، وذكر الخرافات التي يسمونها ( كرامات ) وزيارة مشاهد الشرك والوثنية ، ودعائه أصحاب القبور وحضور السماعات ومجالس اللهو ، وذكر الأحاديث الموضوعة في فضائل بعض البقاع ، وتقديسه للأشخاص ، والافتراء على العلماء الأعلام ، وغير ذلك .
----------------------------------------
1 انظر : ( إغاثة اللهفان ) 2/ 601 وما بعدها – ( درء التعارض ) 5 / 67 – 6 / 78 – 10 / 44 وما بعدها 590 ، ( الفتاوى ) 2 / 92 ،93 وما بعدها ، ( البداية والنهاية ) 13 / 267 وغيرها .
2 انظر : ( مقدمة ابن خلدون ) صـ 115 وما بعدها .
3 تلخيص لدراسة أعددتها عن رحلته ، وسبب نعتي له بأنه ( كذّاب ) لأنه كذب كذباً فاضحاً على شيخ الإسلام رحمه الله تعالى وهو أنه رآه ينزل من المنبر ويقول إن نزول الله إلى السماء الدنيا كنزولي هذا ، وهو يذكر أنه قد دخل دمشق في رمضان من سنة 726 هـ وشيخ الإسلام في ذلك الوقت مسجون في القلعة منذ شعبان ، وهذا دليل على افترائه

__________________________
إنه مرض قديم الوجود حديث الإكتشاف ذالك الذى يُعانى منه ناصر هذا ، هو يرى معتمداً على شيوخه أن ابن المقفع وجابر بن حيان والخوارزمى والجاحظ ومحمد بن موسى والكندى وعباس بن فرناس وثابت بن قرة واليعقوبى والرازى والفارابى والمسعودى ومسلمة بن أحمد المجريطى ومسكوية وابن سينا وابن الهيثم وابن النديم والمعرى وابن باجة والإدريسى وابن طفيل وابن رشد وابن جبير ونصير الدين الطوسى وأحمد بن محمد البناء وابن بطوطة .. جميعهم ملحدين لا يجوز أن ندعى نسبهم إلى الإسلام ولا أن نفخر بتراثهم الفكرى لأنه تراث ليس من الإسلام فى شئ وإنما هو من الفتن التى وردت إلينا !!
الفصل الرابع من مُجمع الأمراض هذا ( يعز علي أن أسميه كتاب ) هو رد لشبهات المشككين الذين قد يقولون أن هؤلاء العلماء يجوز الفخر بهم ونسبهم إلى الحضارة الإسلامية .
الشبهة الأولى : أن هؤلاء العلماء قد نشأوا فى ظل الحضارة الإسلامية لذالك يجوز الفخر بهم رغم أنهم كفار ( لاحظ لقد إقتنع هذا الرجل تماماً أنهم كفار وأخذ يبنى الإستنتاجات والأسئلة على أساس هذة الحقيقة ) .
رد هذة الشبهة أنهم ملحدين ولا يجوز الفخر بهم وإلا كنّا إفتخرنا بالعلماء اليهود والمسيحيين الذين نشأوا فى ظل الحضارة الإسلامية ( ألا نفعل ؟! )
الشبهة الثانية : أننا لو أنكرنا الفخر بهؤلاء سينقص من حضارة الإسلام الكثير ولا يمكننا أن نقدم للغرب ما نملكه حتى ندعوهم للإسلام .
ويرد ناصر بأن الإسلام هو كما هو ولا يجب أن نخدع الغرب حتى ندخلهم فى الإسلام ( كأنى به يقول هذا ديننا متخلف وهذة حضارتنا متهاوية وأدعوكم للإسلام على هذا .. ما أجهلك ؟! ) .
الشبهة الثالثة : الغرب الآن متقدم لأنه أخذ بأسباب هذة العلوم .
يرد عليها بأننا لا نريد تقدمهم هذا المبنى على الإلحاد والكفر ( ويل للبشرية من أمثالك يا ناصر ! ) .
الشبهة الخامسة : لقد تراجع المسلمون وتخلفوا بسبب تركهم لهذة العلوم .
يرد عليها بأن قوتنا فى المشاعر الدينية لا فى التقدم العلمى الحضارى ( جرثومة فكرية متحركة أنت يا ناصر ) .
وهذا نص الفصل الرابع الذى يسوق فيه ناصر بن حمد رد الشبهات وتأكيد فكرته حول تحريم العلوم وتكفير العلماء :
قد ترد بعض الشبهات حول هذا الموضوع ، وربما يكون من أهم هذه الشبهات ما يأتي :
الشبهة الأولى : أن هؤلاء العلماء وإن كانوا ملاحدة إنا برعوا في علومهم لأن بيئتهم بيئة إسلامية علمية صحيحة هيّأت لهم المناخ المناسب للتفوق العلمي ، فلنا علومهم وعليهم إلحادهم .
الشبهة الثانية : إننا إذا ذكرنا براعة هؤلاء العلماء إنما نؤكد للعالم اليوم إن الإسلام هو دين العلم والحضارة وإذا تركنا ذكرهم من أجل عقائدهم نقص جانب كبير ومهم من الحضارة الإٍسلامية .
الشبهة الثالثة : إن الكفار اليوم على حق لوجود هذه اليوم بأيديهم ولتفوقهم فيها .
الشبهة الرابعة : إن الكفار إنما انتصروا على الإسلام لوجود هذا التفوق العلمي لديهم .
الشبهة الخامسة : إن المسلمين انهزموا وذلوا لجهلهم بهذه العلوم و ( تخلفهم ) عن ركب الحضارة العلمية .

فصل
جواب الشبهة الأولى :
فأما الشبهة الأولى فجوابها من وجوه :
فالوجه الأول :
إن هذه العلوم أصلاً – بصرف النظر عن علمائها – لا تمت إلى الإسلام بصلة – كما سبق بيانه – فتسقط هذه الشبهة جملة وتفصيلاً .
والوجه الثاني :
إننا لو سلمنا بـ ( إسلامية ) هذه العلوم ، فإننا لا نسلم وجود البيئة الإسلامية الصحيحية التي هيّأت ( المناخ المناسب ) بل إن الواقع يشهد بخلاف ما ذكر ، فإنه كما أن الحشرات لا تكثر إلا في مواضع الرمل والقمامات ، فإن هؤلاء العلماء لا يكثرون إلا في دويلات البدع والضلالات ، وإليك بعض الأمثلة التي تؤيد ما ذكرت :
فالخوارزمي وآل شاكر ظهروا في دولة المأمون المعتزلي ، وابن سينا وابن الهيثم ظهرا في دولة العبيديين الزنادقة ، والفارابي ظهر في دولة الحمدانيين الرافضية ، ومسكويه في دولة البوبهيين الرافضية ، وابن رشد في أول دولة الموحدين الأشعرية المهديّة ، وهكذا .
والوجه الثالث :
لو سلمنا بأن البيئة إسلامية صحيحة ، وعلمية سليمة ، فكيف يبرع العالم في أتفه الأمور وأخسها ، وينحرف في أعظم الأمور وأهمها على الإطلاق وهو أمر دينه ؟!
والوجه الرابع :
إن كون البيئة إسلامية علمية صحيحة لا يسوّغ المفاخرة بهؤلاء الملاحدة ، وإن ساغ ذلك عند أحد فليسع عنده أيضاً المفاخرة بيهود ذلك اوقت ونصاراه ومجوسه الذين في الدولة الإسلامية والذين برعوا في نفس العلوم وهم كثير لأنهم في نفس البيئة الإسلامية العلمية الصحيحة !! وعندها يختلط الخاثر بالزُّباد ، والرغوة بالصريح ، ولا يكون للدين معنى ، ولا للإسلام قيمة .

فصل
جواب الشبهة الثانية :
وأما الشبهة الثانية فجوابها من وجوه أيضاً :
فالوجه الأول :
إن دعوة الكفار إلى الإسلام لا تكون بتكلّف المحالات ، وتزييف الحقائق ، فننسب إلى الإسلام ما هو منه براء لنرغب الكفار فيه ، وإلا فلا فرق بين من يفعل ذلك وبين من يضع الأحاديث في الزهد والرقائق ليرغب الناس في الصالحات ، ويقول : أنا أكذب للرسول ولا أكذب عليه .
وإنما تكون دعوتهم كما كانت دعوة الرسول لكفار زمانه ببيان التوحيد وذم الشرك ونحوه مما ورد عنه وثبت ، فإن دخل الكفار بهذه الدعوة إلى الإسلام فلله الحمد ، وإ لم يدخلوا فيه وأصروا على باطلهم ورموا الإسلام وشتموه ، فلا ضرر عليه من كلامهم بل هم :
كناطح صخرة يوماً ليوهنها ----------------------- فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل
وعلى المسلم أن يتمثل في ذلك بقول الشاعر :
وما كل كلب نابحٍ يستفزني ------------------------ ولا كلما طنّ الذباب أراعُ
والوجه الثاني :
أن يعلم – أصحاب هذه الشبهة – أن المسلمين إنما فتحوا الدنيا وملكوها بعدل عمر وفقه معاذ وحديث أبي هريرة وزهد أبي ذر وشجاعة خالد ، ولم يفتحوها بإشارات ابن سينا ولا بحادي الرازي ولا ببصريات ابن الهيثم ولا بموسيقى الفارابي :
هيهات بين اللؤم بون والكرمْ --------------- أبعد مما بين بصري والحرمْ
بل ما بدأت عزة المسلمين تذهب إلا بعد انتشار هؤلاء وأمثالهم كما سبق بيانه .
والوجه الثالث :
أن هذه الشبهة منقوضة طرداً وعكساً :
أما طرداً : فإن أصحاب هذه العلوم من ملاحدة المسلمين إنما استفادوها من اليونانيين ، فإن كان في ملاحدة المسلمين ( المعلم الثاني ) الفارابي ، ففيهم ( المعلم الأول ) أرسطو ، وإن كان في ملاحدة المسلمين ( الأب الثاني ) للطب ، ابن سينا ، ففيهم ( الأب الأول ) أبقراط ، وإن كان في ملاحدة المسلمين ( بطليموس الثاني ) ابن الهيثم ، ففيهم ( بطليموس الأول ) ، وهكذا ، وكان الفضل للمتقدم . ثم إن قلتم : إن المسلمين طوروا هذه العلوم ، فإن ما طوره الكفار اليوم ووصلوا إليه من الصناعات المذهلة التي طيّروا بها الحديد ، وكلموا الجماد ، وبنو الشاهقات ، وأخرجوا عجائب المخترعات ، ليفوق أضعاف أضعاف أضعاف ما طوره أولئك ، فإن قلتم : بأن هذه العلوم إنما تدور مع الحق حيثما دار ، فقد صحّحتم عقائد الكافرين أولاً وأخيراً ، وإن قلتم : إنها لا تدل على حقٍّ فهي هنا وهنا ، قلنا : وهذا ما نبغي فلم الفخار بعلمٍ لا يدل على حقٍ ، وبعلماء ابتعدوا عن الحق ؟!
وأما عكساً : فإننا لا نجد في وقت قوة المسلمين وعزتهم في القرون المفضلة لهؤلاء الملاحدة ذكر ، ولا لعلومهم مجال ، وإنما انتشرت حين بدأت تزول الحضارة الإسلامية ، أو قل : إنها عندما انتشرت بدأت تزول الحضارة الإسلامية ، فإن انتشار هذه العلوم وزوال النعمة متلازمان . والله أعلم .

فصل
جواب الشبهات الثالثة والرابعة والخامسة :
وأما الشبهات الثلاث الأخيرة ، فأذكر فيما يلي أصولاً ثلاثة في الجواب عليها :
أما الأصل الأول فهو : ( إن الدنيا جنة الكافر وسجن المؤمن )
فالكافر غايته الدنيا وهي منتهى أربه فهو يعمل فيها عمل مقيم أبداً ، أما المؤمن فهو كعابر سبيل لا بد من ارتحاله اليوم أو غداً ، كالذي في السجن ينتظر الفرج .
لهذا السبب كان السلف مع إقبال الدنيا عليهم كان أقصى مرادهم من الدنيا هو العمل الصالح والتزود بالعلم النافع ، وأما الدنيا فليست أهلاً لعمرانها فوق الحاجة .
----------------------------
1هذا نص حديث رواه مسلم والترمذي وغيرهما ، وانظر في شرحه " شرح مسلم للنووي 18 / 93 " و " بدائع الفوائد 3 / 177 " ، وله عدة تفاسير منها إن المسلم قيده إيمانه عن المحظورات والكافر مطلق التصرف ، ومنها إن هذا باعتبار العواقب ، فالمسلم ولو كان أنعم الناس في الدنيا فإنه بالإضافة إلى ما له في الجنة كأنه في سجن ، والكافر ولو كان أشد الناس بؤساً في الدنيا فذلك بالنسبة إلى النار جنة .
-----------------


وأما الكفار فإنهم سعوا منذ القدم في تحصيل الدنيا وعمرانها لأنها جنتهم ومقصودهم فبرعوا في ذلك ، وهذه آثارهم شاهدة على ما أقول مع قدم الزمن ، كآثار الفراعنة في مصر ، وآثار البابليين ، وديار حجر وثمود وغيرها ، وكما نرى اليوم من زخارفهم وعلومهم . وقد قال تعالى في محكم كتابه : {وَلَوْلَا أَن يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِّن فَضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ}{وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِؤُونَ}{وَزُخْرُفًا وَإِن كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ عِندَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ} (33-35) سورة الزخرف قال الشنقيطي رحمه الله تعالى ( أضواء البيان 7 / 248 ) : ( أي لولا كراهتنا لكون جميع الناس أمة واحدة ، متفقة على الكفر ، لأعطينا زخارف الدنيا كلها للكفار ولكننا لعلمنا بشدة ميل القلوب إلى زهرة الحياة الدنيا ، وجهاً لها ، لو أعطينا ذلك كله للكفار لحملق الرغبة في الدنيا جميع الناس على أن يكونوا كفاراً ) اهـ فانظر رحمك الله إلى حال الكفار اليوم ، فإنهم مع ما هم فيه من زهرة الحياة الدنيا ما أعطاهم الله زخارف الأرض كلها ، وانظر إلى فتنة كثير من الملمين بهم ، فكيف لو أعطاهم زهرة الدنيا كلها ؟! وقال تعالى أيضاً : {يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ } (7) سورة الروم فقد روى ابن جرير وغيره عن ابن عباس في تفسيرها قال : ( يعرفون عمران الدنيا وهم في أمر الآخرة جهال ) . وعن الحسن : ( ليبلغ من حذق أحدهم بأمر دنياه أنه يقلب الدرهم على ظفره فيخبرك بوزنه ، وما يحسن يصلي ) فاعلم أن هذه الزخارف لو كانت تزن عند الله جناح بعوضة ما حَرَمَ منها سيد خلقه أجميعن r وأعطاها لأعدائه ، فإنه لما صعد إليه عمر t تلك المشربة فرآه على صعيد قد أثّر في جنبه ابتدرت عيناه بالبكاء ، وقال : ( يا رسول الله ، كسرى وقيصر فيما هما فيه ، وأنت صفوة الله من خلقه ، وكان الرسول r متكئاً فجلس وقال : ( أفي شكٍ أنت يا ابن الخطاب ؟ ثم قال : ( أؤلئك قوم عجلت لهم طيباتهم في حياتهم الدنيا ) وفي رواية ( أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة ) .
وأما الأصل الثاني فهو : ( إن الكفار كانوا منذ القدم – ولا زالوا – أكثر من المسلمين عدداً وعُدداً وعمراناً ) .
وهذا ظاهر جداً بالتتبع والاستقراء ، حتى بعد نتشار الإسلام ومن شك في ذلك فليقرأ التاريخ ، وقد ذكر شيخ الإسلام رحمه الله تعالى وغيره إن الكفار كانوا في قتالهم مع المسلمين أكثر عدداً وعدة دائماً ، والذي يقرأ ويدرس أمهات معارك المسلمين يعلم جيداً أن الفرق بين القوتين يكون دائماً كبيراً وفي صالح الكفار ، لذلك كان عمر رضي الله عنه يوصي جيوشه فيقول : ( إنما ينصر المسلمون بمعصية عدوهم لله ، ولولا ذلك لم تكن لنا بهم قوة ، لأن عددنا ليس كعددهم ، ولا عدتنا كعدتهم ، فإذا استوينا في المعصية كان لهم الفضل علينا في القوة ، وإلا ننصر عليهم بفضلنا لم نغلبهم بقوتنا ) .
أنّى ؟ وأعداهم بلا حسبان والله ما فتحوا البلاد بكثرة
فمما يدل على أن قوة الكافرين كانت دائماً أكبر من قوة المسلمين ( مادياً ) أمور كثيرة منها :
-لو درست معركتي ( القادسية ) و ( اليرموك ) والتي بها قضى الصحابة رضوان الله عليهم على قوتي فارس والروم لتبين لك أن أعداد الكفار وعتادهم أضعاف أضعاف أعداد المسلمين وعتادهم ، كذلك الأمر فيما بعدها من المعارك كنهاوند ، وكالفتوح التي أتت بعد الصحابة ، وكالمعارك المتأخرة مثل ( حطين ) و ( الزلاقة ) وغيرها ، هذا فيما يتعلق بالقوة العسكرية .
-------------
1 ذكر الشنقيطي رحمه الله تعالى على آية الروم هذه كلاماً قيماً جداً لولا طوله لنقلته بنصه انظر : أضواء البيان 6 / 477 .
-----------------
- أما الناحية العمرانية فنكتفي بمثالين :
أما الأول : فإن هارون الرشيد حاول هدم ( أيوان كسرى ) فلم يستطع والهدم أيسر – ولا مقارنة – من البناء .
والثاني : أن المأمون بعده أيضاً حاول هدم الأهرامات فلم يستطع كذلك ، وما ذلك إلا لقوة هذين الصرحين وقدرة من بناهما .
- وكذلك فإن الصحابة قد استفادوا من الفرس من الناحية التنظيمية الدواوين وكالكتابة ونحوها ، فإن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا أميين في الجملة ولم يكن ذلك نقصاً في حقهم بل كان إلى الكمال أقرب ، كما أن كمال النبي r في أميته .
فالحاصل :
إن قوة الكافرين اليوم وتمكنهم من هذه العلوم ليست غريبة عنهم ، بل إن تمكنهم فيها منذ القدم وإن حصل تطور عن ذلك ولكن المؤكد أنهم برعوا فيها منذ القدم ، وقد قدمت بعض الشواهد على ذلك ، وقد يرد سؤال عند هذا وهو : إذا كان الكفار أقوى من المسلمين منذ القدم عدداً وعتاداً وعمراناً ، فكيف كانت الدولة بالأمس للمسلمين واليوم للكافرين ؟ فجواب هذا يكون بذكر الأصل الثالث وهو :
( إن قوة المسلمين بإيمانهم لا بدنياهم )
وهذا ظاهر ولو ذهبت أستقصي الآيات والأحاديث والآثار التي تثبت هذا الأصل لطال المقام ، لذلك تجد أن الإيمان إذا ثبت وتأصّل في النفوس فإن الله سبحانه ينصر عباده كما فعل في معارك الرسول r وإمداده لهم بالملائكة في بدرٍ وحنين ، لذلك كان عمر t يقول ( نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فمهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله ) ولما كان الصحابة رضوان الله عليهم النموذج الأمثل في تطبيق الإسلام كانوا – كما قال عنهم بعض التابعين – : ( لا يثبت لهم العدو فواق ناقة عند اللقاء ) .
أعمال لا بكتائب الشجعانِ هذا وإن قتال حزب الله بالـ
أنّى ؟ وأعداهم بلا حسبانِ والله ما فتحوا البلاد بكثرة
فعزة المسلمين وقوتهم بإيمانهم ، فإنهم ينصرون به ، وما السلاح إلا وسيلة فقط ، لذلك فإن الله سبحانه وتعالى قال : {وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ } (60) سورة الأنفال فإنه سبحانه أمر بإعداد المستطاع فقط ، ولم يأمر المسلمين بأن يعدو من السلاح مثل ما أعده الكافرون أو أكثر من ذلك ، فلو لم يستطع المسلمون إلا على الحجارة فأعدوها مع إيمانهم الصادق لنصرهم الله ، ولعل هذا الأمر يتضح بإمداد الله سبحانه للمسلمين بالملائكة في بدر وحنين ، وكما مشى سعد بن أبي وقاص t وجنده على الماء وكذلك العلاء بن الحضرمي ، ولعل هذا الأمر يتضح بصورة أكثر في مساعدة الحجر والشجر للمسلين في قتالهم مع اليهود قبل قيام الساعة كما ورد في الحديث الصحيح .
----------------------
1 ولذلك عقد ابن خلدون في مقدمته فصلاً ( ص 358 ) بأن المباني والمصانع في الملة الإسلامية قليلة بالنسبة إلأى قدرتها وإلى من كان قبلها من الدول وذكر هذين المثالين في مقدمته .
-----------------

لذلك فاعلم أن ذل المسلمين اليوم ليس لجهلهم بهذه العلوم ، فإنهم كانوا في القرون المفضلة – وقت الحضارة – أجهل بها ، ولكن هذه الزلة ضربها الله عليهم لما أعرضوا عن دينه ، أن تسليط الكافرين اليوم على المسلمين إنما هو فتنة لهم وعقوبة ، والله أعلم .
وبعد :
فإن السبيل للرجوع إلى حضارة الإسلام الأولى إنما تكون بإتباع السلف في العناية بالأعمال الصالحة والعلوم الشرعية والقيام بالجهاد والزهد في الدنيا .
وقد أخطأ كلَّ الخطأ من رأى أن السبيل إنما يكون بأخذ صناعات الكافرين وتعلمها وتعليمها ونشرها بين المسلمين ، لأنه لا بد من معرفة الداء قبل أن يوصف الدواء ، وداء المسلمين اليوم هو البعد عن دين الله وعن منهج السلف ، فلو أنهم التزموا دين الله على منهج السلف لكان هذا الدواء بإذن الله تعالى ، وكما قال الإمام مالك رحمه الله تعالى :
( لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها )
__________________________________
رغم أن تدوينتى هذة ربما تعد الأطول .. لكن إن كنت قد أتممتها للنهاية فلا شك أنك مُدرك الآن لما نواجهه من خطر الرجوع إلى ما قبل نقطة الصفر بسبب هؤلاء وأمثالهم ، والأخطر هو إستنادهم لمراجع يعتبرها العوام مقدسات ، فهو يستند إلى علماء نسميهم علماء الإسلام وحجج الدين وهم يحرمون كل العلوم ويكفرون كل العلماء ، ولك أن تتخيل مجتمع قد تم تنفيذ هذة الأفكار به .. ماذا سيكون ؟




راجع للإستزادة والتواصل مدونتى : كوجيتو "http://dromarabolnasr.blogspot.com/"








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - صدق الرجل
أحمد التاوتي ( 2012 / 10 / 25 - 13:57 )
أستاذي الكريم
الرجل صادق في ضلاله.. و لو وزعنا صدقه على جميع أشباه العلمانيين عندنا لكفينا عنت عقود من الضياع
تحياتي


2 - لا اجد الا ان هذا نصر بن حامد محق وصريح
هيا ( 2017 / 3 / 7 - 15:08 )
الرجل محق وصريح فالاسلام قام بالسيف وفي هذا الاف الادلة


3 - الرد على هيا
ابو ازهر الشامي ( 2022 / 3 / 28 - 22:59 )
الناظر في ما نقل
يجد ان الذي كفر فلاسفة الاسلام ومبدعينه
قد نقل ان فلان الفلاني معتزلي او صوفي او شيعي او رافضي او اسماعيلي
فهل هؤلاء من وجهة نظرهم الشخصية ملحدين ؟
ثانيا
من غرائب الامور ان نحكم على اسلام شخص مثل ابن طفيل من خلال اقوال ابن تيمية وان لا نعود الى وجهة نظر الرجل الاصلية


4 - حقيقه صادمه
على سالم ( 2022 / 3 / 30 - 14:37 )
يجب ان نعترف جميعا بالحقيقه المره وهى ان الاسلام تأسس على الاكاذيب والدجل والارهاب والقمع والقداسه الزائفه , الان من يفتح فمه ويعترف بهذه الكارثه يتم محاربته وتشويهه معنويا بل وجسديا

اخر الافلام

.. شبكة CNN تحصل على فرصة نادرة لزيارة كاتدرائية القديس بطرس مع


.. كاهن الكنيسة السريانية يكشف أبرز مواضع ذكر مصر فى الكتاب الم




.. خبير أمنى يكشف إجراءات تأمين الكنائس فى احتفالات الكاثوليك ب


.. العشرات يخرجون للشوارع في طرطوس ويهتفون للوحدة الوطنية ونبذ




.. مسيحيون مهاجرون من المشرق العربي يحتفلون بقداس عيد الميلاد ف