الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاسلام السياسي .. دماء في نهاية النفق

عدنان يوسف

2012 / 11 / 4
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


مروان الحمار،آخر خلفاء بني مروان ،الذي سقطت الدولة الاموية على يده عام 132هج امر حين توليه سنة 127هج بنبش يزيد الثالث الخليفة المرواني التاسع وصلبه ،والدلالة الرمزية لذلك الفعل المشين تنطوي على توجيه رسالة تحذير
لكل من يتجرأ ويخرج عن طوع السلطة التي تستند في حكمها الى نظرية الحق الالهي التي صاغها فقهاء الدولة بالمقاسات التي وضعها الخليفة المؤسس معاوية بن ابي سفيان بما سمي بمبدأ الجبر الذي ينص على ان الخير والشر
هما من اعمال الله وان الانسان مسير لا مخير في توجه واضح يهدف الى عدم جواز محاسبة السلطان عن كل ما يفعله
رفض المفكرون المسلمون المتنورون الاوائل مبدأ الجبر وتصدوا بشجاعة بالغة للحكام الامويين فنشأت الفرقة التي
سميت بالقدرية والقائلة بالحرية الانسانية وان الانسان مختار لافعاله ومسئول عن نتائجها وقد كان معبد الجهني اول
المتكلمين في القدر في البصرة تبعه في الشام غيلان الدمشقي ،كان رد فعل السلطة عنيفا وقد مهدت لاعمال القتل التي
طالت القدريين بحملة منظمة متهمة اياهم بالارتداد عن الاسلام
لم يكن القدريون مرتدين في حقيقة الامر، يقول الجوزجاني : "كان قوم يتكلمون في القدر احتمل الناس حديثهم لما
عرفوا من اجتهادهم في الدين والصدق والامانة منهم معبد الجهني وقتادة"،يتضح من ذلك ان دوافع السلطة في قمع
القدريين لم تكن لحماية الدين وانما لحماية سلطة الخليفة المطلقة وحمل الناس على الرضوخ التام لكل ما يجري عليهم
من ظلم واستغلال وتعسف ويستغل الحكام ،مستعينين بفقهاء البلاط،بعض النصوص الدينية التي تناسب اغراضهم مثل
"اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم"وانطلاقا من مبدأ وجوب طاعة الحاكم فرضت السلطات وجوب التقيد
التام بسياسة الدولة ومعاقبة كل من يخرج على قوانينها وبذلك جرى اغتيال الخليفة المرواني الخامس عمر بن عبد العزيز
سنة 101هج لتأييده لفكر القدريين وتقريبه غيلان الدمشقي الذي عهد اليه رد مظالم من سبقه من امراء بني امية فكان غيلان ينادي على نفائس ممتلكات الامويين التي عرضها للبيع بالقول "تعالوا الى اموال الظلمة تعالوا الى اموال الخونة"فصلبه هشام بن عبد الملك حين تولى الخلافة
انتقاما لموقفه ذاك وهو استمرار لمسلسل القتل الذي طال زعماء القدرية ومؤيديهم
فقد جرى اغتيال الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز كما اسلفنا وقبله تم اغتيال الخليفة الشاب معاوية الثاني سنة 64هج وتمت تصفية مؤدبه عمرو المقصوص تحت وطأة التعذيب وكان عبد الملك بن مروان قد امر بصلب معبد الجهني سنة 80هج وبذلك
قتل الملوك اغلب المفكرين المتنورين فيما لم يمهل القدر الخليفة القدري المتميز الصالح والعادل يزيد الثالث حيث مات بالطاعون بعد ستة اشهر من توليه الخلافة عام 126هج
تمكنت الدولة الاموية من "استدراج"عدد من الفقهاء كالاوزاعي للسير في ركابها واصدار فتاوى التكفير التي تضفي
شرعية شكلية لعمليات التصفية الجسدية التي كانت تتم لمعارضي السلطة وقد استمر هذا النهج في جميع المراحل اللاحقة
(فترة الخلافة العباسية )ثم تطور الامر فيما بعد ليتخذ طابعا اجراميا يقترب في ممارساته من الابادة الجماعية ففي العصر الحديث ظهرت الحركة الوهابية في الجزيرة العربية منذ ما يزيد على القرنين عبر هوس القتل والتخريب بالحجج القديمة ذاتها :"حماية الدين"مضيفة توصيفات جديدة من نوع الدين الصحيح او النقي وقد دخل محمد بن سعود وابنه عبد العزيز في حلف مع
محمد بن عبد الوهاب مؤسس المذهب الوهابي سنة 1744م لتوحيد نجد فجرى اخضاع القرى التي لم تستجب طوعا بحد
السيف الى "الطريق السوي"سنة 1786م وفي نيسان 1801م شن الوهابيون كبرى غاراتهم على مدينة كربلاء في العراق مخلفين ثلاثة الاف قتيل
ان الخلل الذي يكمن في تفكير الوهابيين واتباعهم من السلفيين والجهاديين وكذلك احزاب الاسلام السياسي التي تتظاهر بالاعتدال هو اصرارهم على تطبيق فكر بدوي محدود
في عصر منفتح وتقديمهم لقيم منغلقة تلغي التاريخ من خلال التمسك بقيم جامدة مر عليها اربعة عشر قرنا ومحاولة فرضها في عالم يتقدم بسرعة هائلة في مختلف جوانب المعرفة عدا عن تنصيب انفسهم حماة للدين ومعاقبة من لا يخضع لارائهم وهو امر مخالف تماما لما جاء به الدين الاسلامي ويتضح ذلك في نصوص قرءانية كثيرة مثل "لا اكراه في الدين "(البقرة 256) و"وما جعلناك عليهم حفيظا وما انت عليهم بوكيل"(الانعام 107) و "فانما عليك البلاغ وعلينا الحساب" (الرعد 40)والخ...
الاسلاميون الذي تسلقوا الى قمة السلطة في عدد من الدول العربية بدعم غربي له اغراضه المستقبلية في اعادة رسم خارطة لشرق اوسط مقسم الى كانتونات طائفية متناحرة تؤدي لاحقا الى حروب لا نهاية لها ،يدعمون السلفيين الجهاديين الى هذه الدرجة او تلك ويعتبرون شركاء لهم في تنفيذ مئات العمليات الارهابية بالسيارات المفخخة وغيرها في عدد كبير من الدول الاسلامية والتي ادت الى قتل مئات الالاف من المسلمين دون ان ينفذوا عملية واحدة في اسرائيل مثلا وهي دولة يفترض ان تكون عدوهم الرئيس وفق ايديولوجيتهم المعلنة . ان احزاب الاسلام السياسي قد لا تدري ان الغرب صنع منها جسرا للوصول الى المرحلة اللاحقة وان كانت تدري فالمصيبة اعظم ،وفي كلا الحالين هي قد ادخلت بلدانها في انفاق لا يرى في نهاياتها سوى الدماء بدل الضياء








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - واحدة من وسائل السيطرة
أسعد محمّد تقي ( 2012 / 11 / 5 - 01:45 )
لقد ابتدأ الغرب ممثلا ببريطانيا أولا باعتماد الحركات الأسلامية منذ القرن 18 ولكن الأمر اتخذ طابعه المتفرّد بعد ظهور النفط في المشرق العربي وقد دخلت اميركا على خط الأستثمارات النفطية منذ نهاية الحرب العالمية الأولى إذ كانت لها مشاركات واضحة في الأمتيازات البترولية في جميع دول النفط في الشرق الأوسط ومنها العراق وقد كان هذا اعلانا بالخروج من مبدأ مونرو والبدء بالعمل وفق مباديء وودرو ولسن ال14. وقد استحوذت أمريكا مستغلة بذلك ضعف بريطانيا التي خرجت من الحرب العالمية -2 منهكة رغم انتصارها استحوذت على النفط في الجزيرة العربية بعد ان تحقق بمساعدة بريطانيا الأنتصار الباهر للعائلة السعودية وسيطرتها على الحجاز الذي كانت تديره العائلة الهاشمية التي تحالفت مع بريطانيا ضد الدولة العثمانية . وفي العام 1945 تم للأمريكان الأتفاق بين روزفلت وعبد العزيز بن سعود في لقائهما على الطراد كوينسي على حق أمريكا في التنقيب والأنتاج للنفط السعودي مقابل تقديم الحماية وتراجعت مشاركة بريطانيا الى الوراء كثيرا .. ومنذ ذلك الأتفاق والأمر في المنطقة بات محكوما بالمصالح النفطية ... يتبع


2 - واحدة من وسائل السيطرة
أسعد محمّد تقي ( 2012 / 11 / 5 - 01:53 )
وقد أدرك الغرب عموما وامريكا بشكل خاص أن المنطقة يجب أن تجري إدارتها بحكمة من وجهة النظر الرأسمالية الغربية لكي يستتب الأمن فيها وتزدهر المصالح والأستثمارات وتؤمّن الطاقة للآلة الصناعية الغربية .. ولم تجد أميركا وحتى هذه اللحظة غير نمطين من القوى التي يجب اعتمادها لتلبية هذا المطلب الخطير , اولهما نمط القوى التي تعتمد الشعار القومي وثانيهما النمط الذي يعتمد الشعار الديني , ليس الأسلامي فقط , وقد فشل الشعار القومي أيّما فشل بعد حرب حزيران وبان قصوره وانكشفت القوى التي رفعته باعتبارها قاصرة عن تقديم البرنامج الذي تحتاجه المنطقة .. وقد تحولت امريكا مدعومة من الغرب الرأسمالي الى استخدام الشعار الديني والطائفي لتفتيت القوى السياسية الوطنية ونضالها من اجل الأستقلال والتقدم .. وقد استندت في هذا الى حقيقة كون القوى الدينية يمكن ان تتصارع الى ما لا نهاية دون التطرق الى ماهية النمط الأقتصادي الذي سيحكم النشاط الأنساني في البلد المعني , هل هو قطاع عام أم خاص أم مختلط .. اشتراكي ام رأسمالي . وهذه القوى سوف لن تمنح بلدانها من خلال رؤاها وصراعها سوى الضعف وهو الأمر الذي تتطلع اليه امريكا وشركائها

اخر الافلام

.. آلاف اليهود يؤدون صلوات تلمودية عند حائط البراق في عيد الفصح


.. الطفلة المعجزة -صابرين الروح- تلتحق بعائلتها التي قتلها القص




.. تأهب أمني لقوات الاحتلال في مدينة القدس بسبب إحياء اليهود لع


.. بعد دعوة الناطق العسكري باسم -حماس- للتصعيد في الأردن.. جماع




.. تأبين قتلى -وورلد سنترال كيتشن- في كاتدرائية واشنطن