الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لم يبقى أحد ؟

باسم محمد حسين

2012 / 12 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


يبدوا أن السيد رئيس الوزراء قد ابتعد كثيراً في التطرف ، فلم يبق سياسي من شركائه لم يطله الإتهام أو النقد على أقل تقدير ، والصورة واضحة جداً من هذا الجانب حيث كل طرف يدلي بدلوه . أما انتقاد رئيس الجمهورية جلال الطالباني فلم يكن ذلك متوقعاً لأن مواقف الطالباني الداعمة له لم يقفها أي سياسي سواءً من الدعاة أو التحالف بشكل عام أو غيرهم مثل موقف مام جلال الذي أنقذه من سحب الثقة متخلياً عن مؤازرته لمن هم (يفترض) أقرب منه كبارزاني وعلاوي ومقتدى . أعتقد أن هذه التصرفات يجب أن تـُدرس وبعناية . فهل الجميع على خطأ باستثنائه ؟ العراق في هذا الوقت بالذات يحتاج الى البقاء بعيداً عن الصراعات والصراعات الإقليمية ومشاكل دول الجوار ويتوجب الالتفات الى المشاكل الداخلية المتكاثرة لأن شعبنا اليوم هو الأحوج الى توفير عيش كريم وصيانة كرامة الإنسان وأمنه وإشاعة روح السلم والأمن بدلاً من التصعيد المستمر لكل الأزمات التي خنقت المواطن البسيط دون غيره ، إن إسلوب انتقاد واتهام الآخرين وافتعال الأزمات للتغطية على أزمات أخرى أصبح واضحاً ولم يعد ينطلي على أغلب العراقيين لأنهم فهموا هذه الألاعيب بسبب كثرة استخدامها ولكن أغلب المتضررين يئسوا من وجود الحلول الناجعة لمشاكلهم وأخذوا ينظرون الى السماء عسى أن تكون تلك الحلول لديها . إن سياسة التصعيد قد يكون استخدامها وبشكل خاص الآن لأغراض انتخابية ضيقة ( لا خير فيها للوطن والمواطن ) فعند ازدياد المشاكل والتناحر بين الأطراف المتنازعة الآن سيودي بالنهاية الى عودة الناخبين وخصوصاً البسطاء والسذج وما أكثرهم الى التخندق طائفياً وكل يعود الى طائفته مقتنعاً بأنها أساس وجوده فحينما يضع إسم من يمثلها في ورقة الاقتراع فكأنه أنقذ نفسه من السقوط في الهاوية كما حدث في 2005 عندما اختار الشيعي القائمة الشيعية والسني القائمة السنية وتخندق الأكراد وراء قائمتهم بينما تهمش و(خسر) الذين ينادون بالوطنية كخيار لمستقبل أفضل ، وكانت المحصلة هذه الأحوال السيئة التي نمر بها الآن من فسادٍ وإفساد وتراجع في كافة المرافق الحياتية باستثناء تصدير النفط وستتزايد مستقبلاً إن لم يعي أهلنا هول المشكلة وصعوبة حلها في هكذا ظروف وبالعقلية والسبل ذاتها المبنية خطأً .
إن خلافات الرجل مع التيار الصدري ليست وليدة اليوم بل تمتد للسنوات الأولى من تغيير النظام على يد قوات التحالف ولكنها توضحت أكثر لعامة الناس من خلال التصريحات النارية التي أطلقها الطرفان في مناسبات عديدة وآخرها تصريح المالكي بأن "سيد مقتدى لا يُعَوّل على مواقفه حيث سرعان ما يغيرها لأهداف آنية" ، وسبق هذا الأمر كان هناك رداً من مكتب رئيس الوزراء حول موضوع توزيع جزء من فائض الميزانية على أبناء الشعب وكل طرف يدعي شيئاً مناقضاً للآخر حيث يدعي أتباع الصدر بأن هناك فائضاً بنسبة 20% بينما مكتب رئاسة الوزراء ينفي ذلك ولعدم توفر الحسابات الختامية وتغييبها عمداً وعدم فاعلية أجهزة الرقابة المالية وتراخي اللجنة المالية ولجنة النفط في البرلمان لا يمكن للمواطن المتابع معرفة الحق من الباطل وهكذا السنين التسعة الماضية ، إذن هذا الموضوع هو نتيجة لسبب ومشكلة واحدة من مجموعة مشاكل متفرعة من مشكلة أساس . وبالتأكيد هناك قبلها الكثير من المواقف والتصريحات منها عندما أرادت كتلة التحالف (باستثناء دولة القانون) قبل تشكيل الحكومة تغيير المالكي حينما قالوا ولاية المالكي للمرة الثانية خطاً أحمر ولكنه بدا أزرقاً بكل ما للكلمة من معنى .
أما خلافاته مع العراقية والدكتور أياد علاوي فقد بدأت عندما لم تفز العراقية في انتخابات 2005 وتم تنصيب الجعفري رئيساً للوزراء واستمرت واستفحلت عندما لم ينفذ المالكي إتفاقية أربيل التي نصب بموجبها رئيساً للوزراء حتى شرع كل منهما محاولاً تسقيط الآخر سياسياً فالمالكي وجماعته يتهمون علاوي بمساندة البعثيين والدفاع عنهم وحياكة المؤامرات معهم ضد العراق وفي إحدى المرات وصفهم النائب المقرب كمال الساعدي بالجواسيس في خطبة نارية أثناء العرض العسكري لعصائب الحق قبل أشهر ، بينما يستعين المالكي بكبار الضباط البعثيين الصميميين من أعضاء الفرق والشُعَب والفروع واضعاً خدماتهم له شخصياً ملوحاً لهم بملفات المسائلة والعدالة الخاصة بهم كي يحركها حينما لا يؤدون (واجباتهم) كما يريد ، وبدورهم العراقية يضاعفون ما يرد من أخبار عن الفساد والمفسدين ويحمّلونها لشخص المالكي كونه حادي الركب كما يحمّلونه أيضاً الخروقات في الملف الأمني والتسيب المتزايد في الأجهزة الأمنية وتراجع كفاءتها وخصوصاً الجانب ألاستخباري .
ومنذ بداية 2012 ازدادت المشاكل مع الإقليم وسبب ذلك هو النفط والشركات العاملة هناك وعقودها التي يعدها الكورد شرعية ودستورية بينما الشهرستاني يخالف ذلك ، إذن المشكلة هنا دستورية أساساً من حيث التشريع والتطبيق لذلك التشريع ، حتى وصل الأمر لتشكيل قوات دجلة مؤخراً وعلى رأسها أحد أبطال معارك الأنفال ضد الأكراد في أواخر ثمانينات القرن الماضي وفي هذا الأمر فإن أغلب أبناء الوطن ومن جميع الشرائح والفئات نادت بالتعقل وحلحلة الأمر بالشكل السلمي بما فيهم المرجعية الدينية في النجف الأشرف المتمثلة بالسيد علي السيستاني الذي كان صامتاً طيلة سنين بعد أن ضاق ذرعاً بقيادات العراق وامتنع عن استقبالهم جميعاً حيث دعا في بيان صادر عن مكتبه يقول " إن اية الله العظمى السيد علي السستاني (دام ظله) يدعو السيد رئيس الوزراء الى التحلي بالصبر وعدم زج العراق والعراقيين باي صراعات دموية يكون الشعب هو الخاسر الوحيد فيها " وفعلاً فهل هناك اسوأ من الحروب ولكن كما يقول المثل الشعبي (( يردس حيل الما شايفها )) ، لقد كانت حرب فيتنام ابشع الحروب ولكنها انتهت بعدما جلس الفرقاء في باريس أواسط السبعينات الى مائدة التفاوض وانتهى الأمر، إذن لماذا لا نرتقي لهذا المستوى ؟
لا أعتقد بأن الأراضي المتنازع عليها بين الإقليم والمركز ستكون أكثر أهمية من الأراضي التي استحوذت عليها الكويت بموجب قرارات الأمم المتحدة الجائرة بحق العراق فالأراضي هنا هي داخل الوطن وإدارتها ليست بالمشكلة الكبيرة بينما فقدنا الكثير من الأراضي مع إيران أيضاً والغريب أنه لا توجد خلافات مع الكويت وإيران بقدر الخلاقات بين أهل الدار كما يفترض .
لقد تنازل المالكي كثيراً في مفاوضات تشكيل الحكومة وصولاً لإتفاقية أربيل فلماذا هذا العناد الآن ؟ وتهديد المعارضين بإجراءات غير مسبوقة ؟
بدأت المشاكل مع رئيس الجمهورية وهو آخر الأعوان ، فماذا عن النهاية ؟
لكل نارٍ وقود فمَن هم وقود هذه النيران ؟ أليس الأبرياء ؟
انا بالحكومة والسياسة جاهل عما يدور من المكائد ِ غافل ُ
لكنني هيهات افـْقهُ كوننا شعبا ً يتامى جـُلـّه ُ وأرامل
ُفي كل ّ يوم ٍ فتنة ٌ ودسيسة ٌ حربٌ يفجّرُها زعيم ٌ قاتل ُ
هذا العراقُ سفينة ٌ مسروقة ٌ حاقت براكينٌ بها وزلازل ُ

البصرة 12/12/2012








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتجاجات الطلبة في فرنسا ضد حرب غزة: هل تتسع رقعتها؟| المسائ


.. الرصيف البحري الأميركي المؤقت في غزة.. هل يغير من الواقع الإ




.. هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يتحكم في مستقبل الفورمولا؟ | #سك


.. خلافات صينية أميركية في ملفات عديدة وشائكة.. واتفاق على استم




.. جهود مكثفة لتجنب معركة رفح والتوصل لاتفاق هدنة وتبادل.. فهل