الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مصر يامه يا بهيه…

أحمد زكارنه

2013 / 2 / 7
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


قال رسول الله (عليه السلام) " إنما الأعمال بالخواتيم "، والحديث قد يختلف في الشكل من مصدر إلى آخر، وإنما يبقى على مضمونه الذي يشير بحسب كافة التفاسير إلى أن للإنسان خواتم الأمور، ونتائج الأفعال.
وعليه لا شك أن كافة خواتيم ما يسمى بـ " الربيع العربي " إلى هذه اللحظة، إنما تشير إلى أنه كان ربيعاً صناعياً وليس طبيعياً من حيث الفعل والنتائج، لا من حيث الاسباب، وأن الأهداف التي باتت تتضح يوما بعد يوم، تتمحور أولا في تدمير بنية الشرق الأوسط اجتماعيا واقتصاديا وثقافيا، وبالتالي تقويض دُولِه وتحويلها إلى كيانات صغيرة مفتتة ومتناحرة، وثانياً تغيير وجهه العلماني " إن صح التعريف " إلى وجه ديني إن لم نكن على حافة الدخول في سجال عقيم.
والقضية هنا ليست قضية ما حدث على قاعدة الفعل الماضي، قدر ما هي قضية ما يحدث ملاحقة للفعل المضارع الذي تتصدر الجماعات الاسلامية عامة و"الإخوان المسلمين" خاصة، صدارة مشهده المترنح بين امتداح القبح وتعريته.
فمن خلال ما يكتب في الصحافة العربية، نلحظ بعض الاسئلة التي يطرحها عدد من الكتاب على قوى المعارضة المصرية، من عيار تلك التي طرحتها الكاتبة الصديقة " رولا سرحان " في مقالها الأخير، وهي تشير إلى امرين غاية في الأهمية: الأول هو حالة الارباك الطبيعي الذي يصاحب أي تحول ديمقراطي، والثاني يكمن في حالة التخبط غير المبرر بحسب وصفها لقوى المعارضة في مصر تحديداً.
الأمر هنا حقيقة اشبه ما يكون بالاحاجي الغريبة، إذ كيف نبرر حالة الارباك لصالح السلطة الحاكمة من جهة، ونحاكم حال التخبط لقوى المعارضة في الجهة الأخرى، علماً بأن الجهتين تمران في نفس مرحلة التحول التي نشير إليها.. والأهم من هذا وذاك، يكمن في سؤال، كيف يمكن فهم أن ينسى أي كاتب أو محلل، جماهير مصر التي اثبتت في كافة نتائج انتخاباتها واستفتاءاتها، أنها لا تميل لجهة على حساب أخرى، وبالتالي فلا هذا يمثلها، ولا ذاك يمكنه الحديث باسمها، وإن اختلف الامر نوعاً ما في الاشهر الستة الأخيرة لصالح المعارضة.
فلم يخرج الشعب المصري ببساطته إلى الشوارع سعياً وراء تعديل دستوري، هو بالنسبة للسلطة الحاكمة لا يعدو أكثر من قميص عثمان لتصفية بعض القوى المنتشرة داخل هذه المؤسسة أوتلك.. كما أنه لم ينتفض لتغيير وجوه واسماء جلاديه، بوجوه واسماء تبدو للوهلة الأولى أكثر تقوى، وهي لا علاقة لها بالتقى، وكأن حياة الناس باتت مرتبطة بين نظام ديكتاتوري سيئ ومترهل، ونظام أكثر سوءا وترهلاً، فيما الطبيب المدرك لاستفحال المرض عادة ما تقوده مهنيته إلى بتر العضو بتراً اضطرارياً.
إن الحديث عن الصراع الدائر بين السلطة والمعارضة، إنما هو حديث ترف لا يسمن ولا يغني هذا الشعب المكلوم في تفاصيل حياته اليومية، ولا يرتبط بأي علاقة بهموم الوطن الداخلية أو الخارجية، خاصة حينما يرتدي احد طرفي الصراع رداء الدين الذي يفرض عليه سد باب الظلم وإهدار الحقوق الجماعية والفردية، لا أن يفتح هذا وينتهك حرمة ذاك، ليضبط ايقاع الحياة بالجرم المشهود.
فإن الاخفاق الذريع لجماعة الإخوان، إنما يؤكد أن اصحاب هذا التيار، باتوا رقماً جديداً في فضاء الديكتاتورية، وإن كان الأمر بنكهة وأدوات أخرى.
فيما لا يختلف الوضع بالنسبة لقوى المعارضة وقادتها التي لم تستطع تحقيق أي مكاسب تذكر طوال المرحلة الماضية، اقله في توحيد الصفوف والرؤى، برغم ارتفاع نبرة صوتها المبحوح.
بهذا المعنى علينا التأكيد أن الأزمة حتماً هي أزمة نخبوية في بعدها المتدني، فيما القضية، هي قضية شعبية في عمقها الأعلى.. وكي نسهل الأمر ونفككه بشكل أكثر بساطة وفهم، يمكننا التمعن فيما كتب الشاعر أحمد فؤاد نجم ذات يوم حين قال:
مصر يامه يا بهيه
يا أم طرحه وجلابيه
الزمن شاب
وانتي شابه
هو رايح
و انتي جيه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إدارة بايدن وملف حجب تطبيق -تيك توك-.. تناقضات وتضارب في الق


.. إدارة جامعة كولومبيا الأمريكية تهمل الطلاب المعتصمين فيها قب




.. حماس.. تناقض في خطاب الجناحين السياسي والعسكري ينعكس سلبا عل


.. حزب الله.. إسرائيل لم تقض على نصف قادتنا




.. وفد أمريكي يجري مباحثات في نيامي بشأن سحب القوات الأمريكية م