الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مهددا المصلحة الوطنية الانتماء السياسي المتطرف يستعر

طارق محمد حجاج

2013 / 2 / 9
الثورات والانتفاضات الجماهيرية




منذ أن وطئت قدم سيدنا آدم عليه السلام الأرض، مرورا بعبادة الأصنام وعبادة الشمس والقمر والبقر وغيرها، تنوعت الجماعات وتبدلت العبادات واندثر العابد والمعبود، حتى نزول الإسلام على سيدنا محمد ليخلصهم من العبودية وعبادة الأصنام، فتنزل مشيئة الله عز وجل على عباده ليتخذوه إلهً واحدا أحدا لا نعبد سواه، والقرآن منهجا لعبادته، والإسلام دينا نتبعه.
وحتى ذلك اليوم سعت الأمم والحضارات والجماعات والأفراد، للبحث عن آلهة يقدسوها ويعبدوها ويمجدوها.
هذه النزعة هي إحدى مظاهر تعدد واختلاف العادات والتقاليد لدى الأمم والحضارات المختلفة.
فقد اختاروا أشياءً بعينها للتركيز عليها وتنميتها، فاحترموها وقدسوها دون غيرها، بالرغم من عدم نفعها أو ضرها في كثير من الأحيان، فأصبحت رمزا لهم وعنوانا لحضارتهم وعلامة تميزهم عن غيرهم.
ومنذ زمن ليس بالبعيد ظهر ما يعرف بالأحزاب السياسية، التي يتضمن ميثاق إنشاءها مجموعة من النقاط والأفكار تدل على منهج وفكر هذا الحزب، لتحرك نزعة الانتماء، فيتسارعوا للانتماء إليها واختيار أحدها لتأييده والانضمام إلى جمهوره.
وتدريجيا يدفعه هذا الانتماء للتسليم بكل ما يصدر عن حزبه، حتى أصبحت قراراته كنصوص قرآنية لابد من التسليم والأيمان بها وعدم معارضتها أو مناقشتها لان ذلك بمثابة الكفر بها.
ولئن كانت الأحزاب السياسية احد أهم العناصر اللازمة في العصر الحديث لبناء دولة مؤسسات قوية متقدمة في شتى المجالات، إلا أن الانتماء السياسي المتطرف يعصف بهذه الدولة ومؤسساتها نحو الهاوية والهلاك.
ولا تثريب في أن للأحزاب السياسية أهمية كبرى في تداول السلطات لخلق روح منافسة حقيقية ومشرفة للوصول إلي السلطة، وبالتالي تحقيق اكبر قدر من الاستفادة لتصب في مصلحة الدولة.
ومع الأسف بات التطرف والتعصب السياسي لفصيل أو حزب معين، عثرة كئود في وجه مصلحة البلاد، لأن الدعم الأعمى الأهوج لحزب دون النظر لأخطائه ومدى جدوه وأهمية قراراته من عدمها يهدد ويدمر مصير البلاد.
إلا انه لا يبالي بالعواقب الكارثية، ولا يلتفت إلا لانتمائه الذي أغشى عيناه فيدفعه ليقول "نعم" لكل ما يصدر عن حزبه، ليس هذا فحسب بل إنه يقاتل حتى الموت في سبيل الدفاع عن آرائه الحزبية.
سألت احد الأشخاص الذين يعيشون في فرنسا، عن مدى أهمية وجدوه خروجهم في مظاهرات سلمية حاملين لافتات تعبر عن مطالبهم بكل وضوح وهدوء،... فقلت له "ما مدى تأثير هذه المظاهرات أو الوقفات الاحتجاجية على النظام الحاكم"؟؟ هل لها أي صدى؟؟
فأجاب بكل هدوء نعم لها أهمية وأهمية كبيرة جدا، لأن الرئيس يعلم أن الذين خرجوا وكل من يؤيدهم، إن لم ينصاع لمطالبهم فلن يصوتوا له ولحزبه في الانتخابات القادمة، لذلك سيواجه ضغوط من حزبه أيضا لتلبية مطالب المحتجين وإرضائهم.
لكن الصورة مختلفة كليا في الوطن العربي، فتقديس الأشخاص والأحزاب السياسية هي السمة الرئيسية للحالة السياسية، لهذا فقد ترسخ في أذهانهم أن الدفاع عنها فخر أما التخلي عنها عار وقلة أصل.
فعلى سبيل المثال لا الحصر إذ اعتبرنا أن الرئيس من الإسلاميين، واتخذ قرارات خاطئة تقود البلاد إلى الهلاك، ستفاجئ بنزول التيارات الإسلامية لمساندة ودعم الرئيس، ويهتفون (بالروح بالدم نفديك يا رئيس) فالدفاع عنه واجب ديني، وجهاد في سبيل الله وفي سبيل أرقاء كلمة الحق والإسلام، والوقوف بجانبه رباط في سبيل الله، والتخلي عنه ومعارضته، فتنة تستوجب إقامة الحد، والتقصير في الدفاع عنه، تقصير في حق الإسلام والشريعة الإسلامية، ستسأل عنها يوم القيامة، وما نزولك للمناصرة إلا نزولا لله ورسوله وللإسلام.
وكما يقول احد القادة مخاطبا أعضاء حزبه بما معناه – كي لا اذكر اسم الفصيل السياسي- "علاقة العضو في الحركة بالقائد، كعلاقة المغسل بالميت، يقلبه أينما يشاء ووقتما يشاء ولا حول للعضو ولا حيلة في منعه أو مناقشته في ذلك، فخطئ القائد أصوب من صواب العضو".
لكن الناس لو علموا أن الأحزاب السياسية وسيلة يتخذونها بالانتماء لأفضلها، ليحققوا مصالح البلاد، لنهضت وتقدمت البلاد في جميع المجالات، واحترم النظام الحاكم الفرد، وجعل راحته والحفاظ عليه أعلا سلم أولوياته، ليعيش عيشة كريمة وتُحفظ جميع حقوقه وحرياته، بعيدا عما يحدث للفرد الآن... وما زلنا نقدسهم.
أين المنطق وأين إنسانيتك في الوقوف بجانب نظام قمعي همجي يعذب ويقتل إخوتك وأصدقائك دون الالتفات لكونهم بشر لهم حقوق وحريات لا يجب انتهاكها أو حتى المساس بها؟؟.
أين الصواب في وقوفك بجانب حزب مترهل مليء بالصراعات والتناحرات الداخلية، ولا يملك رؤية واضحة مستقبلية للبلاد مقنعة وصريحة.
لماذا تصر على الوقوف بجانب حزب يضع برنامج سياسي لا ينفذ منه شيء وإن صدق لا ينفذ إلا القليل؟. وما زال يكذب على الدوام؟. فما العيب في التخلي عنه ولو لفترة حتى يعود إلى رشده ويصحح مساره ويعيد ترتيب صفوفه ويستأصل منها الفاسد، ويعين الكفء.
لماذا أحارب فصيل أفضل ورؤيته أفضل للبلاد، ويحقق وعوده أكملها قدر المستطاع؟.. لماذا يحاول الفصيل الفائز أن يكرس فترة حكمه لإقصاء الحزب الآخر وإضعافه وتدميره ولا يلتفت لحال البلاد؟.
إن الانتماء السياسي الحقيقي هو الانتماء للمصلحة الوطنية، فهنا وهنا فقط يمكن لك أن تفرغ نزعة الانتماء وتنتمي لمصلحة بلدك بتطرف وتعصب.
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة الأمين العام الرفيق جمال براجع في افتتاح المهرجان التضا


.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيمرسون بأ




.. شبكات | بالفيديو.. هروب بن غفير من المتظاهرين الإسرائيليين ب


.. Triangle of Love - To Your Left: Palestine | مثلث الحب: حكام




.. لطخوا وجوههم بالأحمر.. وقفة احتجاجية لعائلات الرهائن الإسرائ