الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رهين المحبسين

محمد عبد المنعم الراوى

2013 / 3 / 4
كتابات ساخرة


ابنى هذا العام فى مرحلته الثانوية، وأنتظر منه أن يحقق ما كنت أتطلع إليه، أن يصبح كعمه طبيباً، أو كوالده مهندساً، خاصةً أنه دائم التفوق فى كل مراحل تعليمه، فأنا عودته من صغره أن يكون واثقاً من نفسه، وأعطيته مطلق الحرية فيما يراه الأفضل لنفسه ومستقبله، كما أنى أعامله ـ بحق ـ كصديق، أثق فى رأيه، أصدّقه فيما يقول، لا أضغط عليه فى شئ لا يرغبه، لا أمارس عليه أىّ نوع من أنواع التسلط، لأنى لا أريده مكتئباً أو معقداً أو نافراً.
دخلت عليه منتصف ليلة أمس لأطمئن عليه، وجدته يشاهد التلفزيون، اعتقدت أنه يتابع برنامجاً تعليمياً، وحين سألته، أخبرنى أنه فى انتظار سهرة خاصة ليهفاء وهبى!
تمتمت..يا نهار اسود هيفاء وهبى! دا الامتحانات على الأبواب
تماسكت وسألته بابتسامة مُصطنعة
ـ انت كنت بتذاكر إيه؟!
أشار بإصبعه وقال: فى الكتاب اللّى جنبك ده
تناولت الكتاب، وأبديت انبهارى الشديد به ـ رغم أنى قرأته عشرات المرات ـ
ـ " الأيام " لطه حسين، أعتقد إنه كتاب رائع وممتع، لأنه لمفكر عبقرى وعظيم!
ـ دا كتاب منيّل وكل الأيام اللّى فيه سوده وكئيبة ذىّ صاحبها!
صعقنى الولد بطريقة كلامه ورأيه، لكن كان علىّ أن أبدى احترامى لوجهة نظره رغم قسوتها وغرابتها كما عودته لأواصل الحديث معه.
ـ انت السنة اللّى فاتت كنت بتحب قصة واإسلاماه جداً واللّى قبلها كنت شغوف بقصة عنترة. إيه اللّى حصل؟!
ـ واإسلاماه كان فيها قطز وجلنار وورد عمّال يتحدّف، وعنترة كان فيها شعر فى عبلة ونظرات وعبرات وتنهدات وتحابيش كتير!
قلت أنزل لمستوى وطريقة تفكيره المرّة دى يمكن أقدر أقنعه ويفهمنى!
ـ طب ما الأيام فيها تحابيش ومواقف ملهاش حل!
ـ ما لهاش حل؟!..ازّاى!
ـ أقصد ذات قيمة، ومليانة مواقف بتعبر عن حياة وفكر ونفس صاحبها.
ـ يا حاج أنا ما خنقنيش فى القصة دى غير طريقة تفكير ونفسيّة صاحبها. أنا حاسس إنهم متعمدين يقرروا القصة دى علينا السنة دى بالذات علشان كل اللّى فى الثانوية العامة يتأكدوا إن مستقبلهم حيكون سواد وضلمة وسنين غبرا جاية!
قشطة يا معلم هيفاء ظهرت، بقولك إيه فكّك يا والدى من الحوار ده، واتفرج معايا.
شعرت بصدمة من كل هذا التغيّر الذى طرأ على الولد، قشطة.. و فكّك..وهيفاء وهبى. اضطررت للجلوس معه، لأعرف ما الذى يوجد فى الست هيفا جعله يسهر من أجله ويتابعه بشغف.
ويا ليتنى ما جلست معه! وجدتنى أعقد مقارنات عجيبة بين الست هيفا وطه حسين.
لقد اكتشفت أن طه حسين عميد الأدب العربى، والست هيفا عميدة قلة الأدب العربى، طه حسين وهو جالس يتحدث كالشمع حين يبرد ويتجمد، والست هيفا وهى ترقص وتغنى كالشمع حين يشتعل ويسيح، طه حسين يترك فى نفسك كآبة وسواد والست هيفا مرح ودلع وكهرباء لا تنقطع!
شدتنى الست هيفاء وجعلتنى كالذى التصق بالغراء فى مقعده، يبدو أن الولد مُحق، وبصراحة أنا دائماً أصدقه وأثق فى رأيه، والآن تأكد لى ذلك. لا أريد أن أترك تلك السهرة ولا أريدها تنتهى! ويبدو أن الولد شعر بذلك، فوجدته يُخرج من جيبه حفنة من اللّب والفول السودانى ويضعها فى يدى، وأنا بتلقائية ظللت أتناولها وأتابع بشغف. ووجدتنى أتذكر الحاجة زوجتى، لا أعرف من أى زاوية تشترك مع هيفاء وهبى، فكلاهما على النقيض. هيفاء الزاوايا عندها إمّا قائمة أو منفرجة وغالباً منفرجة، والحاجّة الزوايا عندها إما مستقيمة أو حادّة وغالباً حادّة، هيفاء تكاد تكون من عمر زوجتى تقريباً، لكن هيفاء مرونة ودلع وحاجات كتير، والحاجة تخمة ومفاصل وحاجات برضو كتيير!
اكتشفت أنى عشت حياتى وأنا رهين المحبسين مثل أبى العلاء، لكن هو كان رهين العمى والدار، وأنا رهين طه حسين وزوجتى!










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال


.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي




.. ميتا أشوفك أشوفك ياقلبي مبسوط?? انبسطوا مع فرقة فلكلوريتا


.. ياحلاوة شعرها تسلم عيون اللي خطب?? يا أبو اللبايش ياقصب من ف




.. الإسكندرانية ييجو هنا?? فرقة فلكلوريتا غنوا لعروسة البحر??