الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


آخر الصناعات الصينية... مقالات عربية!

سالم بخشي المندلاوي

2013 / 3 / 21
الصحافة والاعلام


لم أتصور يوماً ما ، أن أخشى سماع أو مشاهدة هذه العبارة : (صنع في الصين) بل ينتابني السرور عندما أجد ضالتي من الحاجات وقد خطت هذه الجملة بعناية فائقة على ماركاتها التجارية بإحدى اللغات الحية ، بل وحتى اللغات الميتة أيضاً !
وتعني هذه العبارة ، سلعة مناسبة و سعرا زهيدا ، و في بعض الأحيان يبلغ رخص الحاجة حد الشك !
الشك في أن الصين تبيع الكثير من بضائعها التجارية بسعر التكلفة إن لم تكن أقل من ذلك ، وذلك لرخص الأيدي العاملة المتوفرة فيها ! كذلك تستخدم الصين طريقة تكاد تتفرد بها عن بقية دول العالم الصناعية ، باعتمادها على أنشاء عدة خطوط إنتاجية للسلعة الواحدة و بجوّدات متعددة قد تصل إلى ثلاثة أو أربعة مستويات ، و تصدير كل خط إلى البلد المناسب ، حسب متطلبات سوقها المحلية و وضعها الاستهلاكي وإمكانياتها الاقتصادية - لكل إنسان مستهلك في الأرض سلعة تناسبه – و بذلك استطاعت السيطرة على مفاتيح السوق العالمية بقاراتها السبع، حيث أفاد خبراء الاقتصاد في العالم : أن حجم التبادلات التجارية للصين مع دول العالم خلال عام واحد بلغ أكثر من تريليون دولار أمريكي وإن الميزان التجاري الصيني مع أمريكا لصالح الصين بعشرات الملايين من الدولارات إلى جانب أن الصين صارت الدائن الأكبر للولايات المتحدة!
و توفر الصين عدة مليارات أخرى سنوياً عن طريق متابعة الصناعات التكنولوجية الجديدة و تقليد الماركات العالمية ، متجاوزة بذلك استحقاقات تكاليف شراء حقوق هذه التكنولوجيات الجديدة حسب الاتفاقيات العلمية المعمول بها في العالم .
اذ تعتمد الفلسفة الاقتصادية الصينية على تطبيق شعار : ( تصنيع كل شيء ممكن أن يصّنع ، و تصدير كل شيء ممكن أن يصدر ) حتى البشر ! تصوروا ثلاجات كليات الطب في بعض البلدان الغنية تمتلئ بجثث قصار القامة ، لأغراض الدرس والتشريح ، مطبقين بذلك المثل العربي : (( الحي أبقى من الميت ! )) .
لكنني و بالرغم من كل هذا الخطر المحدق ، كنت بمأمن من تقليد الصينيين لأسرار حرفتي . بل كنت أتندر مازحاً على بعض أصحابي من الحرفيين ، عندما اضطروا إلى إغلاق ورشهم و معاملهم الصناعية المتهالكة ، و تحوّلوا إلى وكلاء بيع ومروّجين للسلع الصينية الرخيصة ، و التي غالباً ما تكون أثمانها أرخص من المواد الأولية التي كانوا يصنّعون بها سلعهم التجارية المنقرضة ! حتى أصبحت موضع حسد الجميع ، وخاصة أصحابي هؤلاء عندما يطلقون عباراتهم باللهجة الشعبية :
((شَكو عليك انت صحفي... الله ربك ! )) .
لكن الذي أقلقني ودبّ في أوصالي الرعب ، هو مطالعتي خبراً في إحدى الصحف العربية تفيد :
(( الصينيون يرسلون بعثات جامعية إلى بعض الدول العربية؛ لتعلّم لغة و ثقافة هذه الشعوب ! )) .
فقلت في سري فزعاً :
يبدو إن إخطبوط الاقتصاد الصيني يفكر أن يصل يوماً إلى سوق الثقافة العربية ! عندها لا نستغرب إذا ما قرر رئيس التحرير مثلاً في أي جريدة أو مجلة عربية،الاستغناء عن خدمات كتابها قائلاً :
(( آسف ، هناك مقالات معروضة ، كتبت - صنعت - في الصين بأسعار زهيدة جداً ، لا توازي سعر تكلفة الحبر والورق الذي كتبت بهما . يمكنكم العمل في مجال آخر ، ربما في قسم بيع أو توزيع الصحف ! )).
الصحف التي تنشر مقالات مستوردة قد ذُيّل أسفلها عبارة :
)) صنعت في الصين ))!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عقوبات أميركية جديدة على إيران تستهدف قطاع الطائرات المسيرة


.. ماكرون يدعو لبناء قدرات دفاعية أوروبية في المجالين العسكري و




.. البيت الأبيض: نرعب في رؤية تحقيق بشأن المقابر الجماعية في قط


.. متظاهرون يقتحمون معهد التكنلوجيا في نيويورك تضامنا مع جامعة




.. إصابة 11 جنديا إسرائيليا في معارك قطاع غزة خلال الـ24 ساعة ا