الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاسلام واصول الحكم بعد 88 عاما على صدوره

عبد عطشان هاشم

2013 / 3 / 22
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يعتبر صدور (كتاب الاسلام واصول الحكم ) للشيخ الازهري علي عبد الرزاق عام 1925 اول كتاب ثوري من نوعه يتحدى سلطة الخلافة و يناقش بجراءة مسألة فصل الدولة عن الدين في الاسلام ، اي علمنة الاسلام بالمعنى المعاصر ولم يزل هذا الكتاب رغم مرور 88 عاما على صدوره محتفظا بقيمته الفكرية الفريدة ،حيث حاول هذا الكتاب ان يعيد للدين دوره المفقود حاليا وهو دور الرسالة الانسانية بعيدا عن السلطة والحكم التي كانت تتمثل بنظام الخلافة كسلطة مطلقة.
و حتى نضع هذا الكتاب في اطاره الصحيح يجب في البدء ان نتعرف الى السياق التاريخي الموضوعي لولادة هذا الكتاب انذاك.
لقد صدر الكتاب بعد حدث تاريخي مهم حيث في 3 مارس1924م ألغى مصطفى كمال اتاتورك الخلافة العثمانية ورسم معالم تحول تركيا الى دولة علمانية حديثة ،وكان الملك فؤاد الاول يخطط لتولي خلافة المسلمين بدعم من رياسة الازهر ووسط موافقة ضمنية من لدن الانجليز حيث انه سيضمن لهم بذلك ضم مستعمراتهم في المشرق العربي تحت راية الخلافة وكان يجري الاعداد لعقد مؤتمر اممي اسلامي في القاهرة لهذا الغرض ، حيث عقد في مصر مؤتمر كبير باسم الهيئة العلمية الدينية بالديار المصرية لبحث شأن الخلافة وللدعوة للمؤتمر الإسلامي العام لجميع المسلمين. وكتبت فيه وثيقة مهمة حول ذلك الشأن، وكان ذلك في يوم الثلاثاء 19 شعبان سنة 1342هـ، الموافق 25 مارس 1924، ومن اهم توصياتها .. (نرى أن لابد من عقد مؤتمر ديني إسلامي يدعى إليه ممثلو جميع الأمم الإسلامية للبت فيما يجب أن تسند إليه الخلافة الإسلامية، ويكون بمدينة القاهرة تحت رياسة شيخ الإسلام بالديار المصرية، وذلك نظراً لمكانة مصر الممتازة بين الأمم الإسلامية، وأن يكون عقد المؤتمر في شهر شعبان سنة 1343هـجري/مارس 1925 ميلادي).
لم يكن علي عبد الرزاق حينها الا قاضيا شرعيا وعالما من علماء الازهر وقد جرد بعد ذلك من هذه المناصب جميعا من قبل هيئة كبار العلماء في الأزهر التي قامت بمحاكمة الشيخ علي عبد الرازق يوم 12 اغسطس 1925 واصدرت الحكم التالي : (حكمنا نحن شيخ الجامع الأزهر، بإجماع اربعة وعشرين معنا من هيئة كبار العلماء، بإخراج الشيخ على عبد الرازق، احد علماء الأزهر والقاضى الشرعى بمحكمة المنصوره الشرعية، مؤلف كتاب (الإسلام و اصول الحكم) من زمرة العلماء) ..(ويترتب على الحكم المذكور محو اسم المحكوم عليه من سجلات الجامع الأزهر، والمعاهد الآخرى، وطرده من كل وظيفه، وقطع مرتباته فى أى جهة كانت، وعدم أهليته للقيام بأية وظيفة عمومية دينية كانت أو غير دينية ).
ولنتخيل ماذا كان يحدث لو ان هذا الشيخ المستنير كان يمتلك نفس الفرصة التي اتيحت لكمال اتاتورك في تغيير مجرى الامور ؟
لقد سفه هذا الكتاب مبدأ الدولة المقدسة في الاسلام وبين انها كيان مصطنع الصق بالاسلام عن عمد لاعطاء الملك او الخليفة سلطة مطلقة مستمدة من السماء حتى وان تمت بيعته بالقوة والدم كما حدث مع يزيد بن معاوية او قتل الخليفة اخاه كما هو الحال بالمأمون مثلا ، ويحفل التاريخ الاسلامي بعشرات الحوادث الدموية المماثلة التي مهدت الطريق لاستلام الخلافة من قبل المتنافسين وبعد استباب الامور للفائز يقوم وعاظ السلاطين بتهيئة الاجواء له كي تتم بيعته عن طريق مباركته دينيا فهو خليفة رسول الله وظل الله على ارضه.
وفي هذا السياق يؤكد عبد الرزاق على كون الخلافة كسلطة دينية وزمنية اداة قمع وفساد باسم الدين .. (فانما كانت الخلافة ولم تزل نكبة على الاسلام وعلى المسلمين ، وينبوع شر وفساد (...) فحسبنا ان نكشف لك عن الواقع المحسوس لتؤمن بان ديننا غني عن تلك الخلافة الفقهية ، ودنيانا كذلك).
ان الشيخ عبد الرزاق مع ذلك لاينفي ضرورة وجود الدولة او الحكومة الرشيدة العادلة لتسيير شؤون المسلمين كباقي الامم انذاك وقد كانوا امة متعددة الثقافات بعد ( الفتوحات الاسلامية) ولكنه ينزع عنها صفة القداسة الوهمية التي احيطت بها لان تلك القداسة لااصل لها في الاسلام فالاسلام ( رسالة لاحكم ودين لادولة) كما عنون عبد الرزاق الفصل الثالث من كتابه.
وبدلا عن الخلافة المطلقة يجب بناء سلطة جديدة عصرية مستمدة من تجارب الامم حيث يؤكد الشيخ عبد الرزاق ان ( لاشيْ في الدين يمنع المسلمين ان يسابقوا الامم الاخرى ، في علوم الاجتماع والسياسة كلها ، وان يهدموا ذلك النظام العتيق الذي ذلوا له واستكانوا اليه ، وان يبنوا قواعد ملكهم ، ونظام حكومتهم ، على احدث ماانتجت العقول البشرية ، وامتن ما دلت تجارب الامم على انه خير اصول الحكم ) واذا قرئنا مابين السطور جيدا فانه انما يشير الى النماذج الحاضرة في وقته وهي النموذج التركي في الغاء الخلافة والنموذج الانجليزي للملكية الدستورية القائمة على سلطة البرلمان خصوصا وان الشيخ عبد الرزاق درس في جامعة اكسفورد البريطانية.
وكأنما كان هذا الشيخ الازهري يتنبأ بظهور الاسلام السياسي الى مسرح الاحداث ( بعد ذلك بثلاث سنوات اي في عام 1928 اسس حسن البنا حركة الاخوان المسلمين ) فيستبق ذلك بقوله ( نرى من هذا انه ليس القران هو وحده الذي يمنعنا من اعتقاد ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو مع رسالته الدينية الى دولة سياسية . وليست السنة هي وحدها التي تمنعنا من ذلك ، ولكن مع الكتاب والسنة حكم العقل ومايقضي به معنى الرسالة وطبيعتها انما كانت ولاية محمد صلى الله عليه وسلم على المؤمنين ولاية الرسالة غير مشوبة بشىء من الحكم) فلا الدين براوفده الرئيسية ( القران والسنة ) يمنعنا من اقامة دولة اسلامية ولكن حكم العقل كما صرح الشيخ ، اي ان هذا التطبيق غير مناسب لهذا العصر وتبرهن الاحداث يوميا في دول الربيع الاسلامي ذلك بجلاء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طلاب يهود في جامعة كولومبيا ينفون تعرضهم لمضايقات من المحتجي


.. كاتدرائية واشنطن تكرم عمال الإغاثة السبعة القتلى من منظمة ال




.. محللون إسرائيليون: العصر الذهبي ليهود الولايات المتحدة الأمر


.. تعليق ساخر من باسم يوسف على تظاهرات الطلاب الغاضبة في الولاي




.. إسرائيل تقرر إدخال 70 ألف عامل فلسطيني عبر مرحلتين بعد عيد ا