الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نص إبداعي : الوزير المغربي المحترم و عودة الفيلسوف نيتشه

محمد بقوح

2013 / 4 / 3
الادب والفن


بينما كنت أحتسي قهوة الصباح في مقهى باب الرواح ، و إذا بالصدفة تجعلني أرى أمرا غريبا لم أصدقه إلا بعد مرور سنوات مغرب العجاف . رأيت الوزير المغربي يقود حافلة " الصكولير " بطريقة جنونية .. حافلة يمكن نعتها بكل النعوت سوى حافلة الطلبة .. التي تعرف عندنا بتسمية " صكولير " .. شحنة قابلة للإنفجار . مجسم فلاذي لست أدري هل هو الحامل أم المحمول .. الفاعل أم المفعول ؟ واقع مكتظ حتى الثمالة بأجسام مركبة .. يمكن نعتها بكل النعوت أيضا سوى تسمية الطلبة .. لا أدري هل ما يشبه الحافلة أمامي متوقف في الموقف الإجباري للحافلات .. أم هو بطيء الحركة في شارع طويل لعاصمة مغربية متسارعة الأنفاس .. قوية الروائح .. يطاردها الضجيجُ .. و تساءل الشمس الممكنة عن الكائن .. و عن الذي سيأتي ..

كان الفيلسوف نيتشه يقف هناك على رصيف المدينة .. منزويا في ركن ، ينتظر إلى جانب الطلبة بشاربه الكثيف و عينيه الضيقتين .. لم يكن يتساءل كما أفعل الآن .. فقط كان يفكر في أمر الوزير المغربي ، الذي قيل أنه بات يقود حافلة عمومية أكبر من حجمه بكثير . كيف تمكن هذا الوزير المقنع بوجه " الدبلوماسي" .. من الحصول على رخصة سياقة حافلات الطلبة ، الذين تتطلب قيادتهم إلى جامعاتهم على قلتها آمنين و سالمين ، امتلاك قدرات كبيرة في الخبرة المعرفية .. و الحنكة التواصلية .. أكثر من الحاجة الخاصة لشكل الهندام و طول اللسان .. كواقع الحال .. عند وزيرنا المحترم ..

يبدو فيلسوفنا نيتشه ، العملاق بفكره و الغاضب بمزاجه .. يبدو على موقف ضد كل دولة في العالم تتغنى بقيم الحداثة .. كدولتنا .. يبدو الآن مرفوعا كورقة التوت فوق سواعد الطلبة و الطالبات .. لم يكن سعيدا بما فيه الكفاية .. و لكنه يظهر لي الآن بقامته القصيرة .. يتقمص دور السائق الوزير المغربي .. الذي انزوى في زاوية من زوايا حافلات المغرب الجديدة .. و ها هو ذا نيتشه يقود الحافلة الفولاذية .. كما كان يقود قاطرة الفكر و الفلسفة ..
أعرف اليوم الوزير المغربي يبيع فاكهة الأوهام في عربة بدون حمار . أعني عربة يدوية يقودها هو .. و تحرسها كلابه الضالة .. عندما يذهب في المساء لمقارعة شعر المتنبي بإحدى "بارات" المدينة ..
أما نيتشه فقد جاءني كما عرفته في عصر الأنوار .. كنا في حلقة " جامعية " نناقش فكر تطويع الوهم .. ليصبح تغذية نافعة للشعب .. جاءنا وحيدا كعهدنا به .. متمردا على كل فكر يتعصب للتقليد الأعمى و الاستهلاك الرخيص .. طارحا سؤال الإنسان المبدع .. الحامل لفلسفة المطرقة المستنيرة حتى نهاية اللانهاية ..

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
• كاتب و شاعر مغربي ، نشرت له عدة أعمال نقدية و إبداعية في العديد من المنابر الإعلامية المغربية و العربية الورقية منها و الرقمية.
• صورة الكاتب








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أقرب أصدقاء صلاح السعدني.. شجرة خوخ تطرح على قبر الفنان أبو


.. حورية فرغلي: اخترت تقديم -رابونزل بالمصري- عشان ما تعملتش قب




.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا


.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ




.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث