الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شعوب تتحلل و دول تتفكك

فاطمه قاسم

2013 / 4 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


اعتقد أننا في العالم العربي، و ضمن تجارب الربيع العربي في عدة بلدان، قد أصبح امامنا تجربة مؤكدة و أدلة قاطعة على أن استعارة المقدس في الصراع السياسي، نخوض غمار السياسة و نجعلها بلا أفق، و ندنس المقدس و نحوله من هداية أساسية إلى أداة للاستخدام!
اليوم:
جين ننظر بكل موضوعية وشجاعة إلى كل ما يجري في مصر و سوريا و تونس و بعض المناطق الأخرى، نجد أن استعارة المقدس الديني كغطاء للصراعات السياسية، جعلت مفهوم الوطن يتراجع كثيراً، فالقوى السياسية المتصارعة على قضايا سياسية، و مصالح و رؤى، قد اجازت لنفسها من خلال غطاء الدين، أن يفقد الوطن الذي هو للجميع ، و حماية للجميع، وهي تختفي وراء المظلة الدينية، لتنتج عداوة مكشوفة مع الآخر الذي هو شريكها في الوطن، دون أن تدرك، وسط هذه الحمى، أن المقدس الديني في زمن الصراع السياسي لا يشكل حماية لأحد، بل يزيد من حدة الصراع،والهوة بين القوى و نتيجة لهذا الصراع فإن الشعوب التي تمتلك قواعدها الرئيسية التي ثمنها القوة و الثقة بالنفس، لتتحول إلى مجموعات تعدد لبعضها الاخطاء، الأمر الذي يسهل فكرة التدخل الأجنبيي دون حواجز، كما أن الدولة التي هي أكبر من اي نظام حاكم مهما كان له من اتساع جماهيري او دعم خارجي، تبدأ في التفكك، حيث تبدأ أعمدتها الرئيسية في الاهتزاز الذي يسبق الانهيار.
و المشكلة الآن في المنطقة العربية، أن من لديه فكرة، او حكمة، او خطة إنقاذ، لا يجد طرفاً يقدمها له، وفي كثير من الاحيان لا يجد من يستمع إليه، لأن الصراع السياسي الذي يغطى بغطاء ديني، يجعل الأطراف السياسية تنحسر وتنكفي على ذاتها، مربكة و عاجزة عن المبادرة، و عادة ما تقنع نفسها و غيرها أنها وما تقوم به وما تتحدث عنه الصواب المطلق مع أن الواقع يتجه نحو الانهيار.
و هكذا، فإن الرهان الآن يحتاج الى صدمة قوية تخرج جميع الاطراف من الواقع المأساوي، و قوة تنبثق من داخل الواقع العربي نفسه، تجعل الصراع السياسي يدور بوسائل سياسية بعيداً عن التخفي وراء ما جعلته هي نفسها يقع تحت معاني القداسة حيث لا يفيد هذا إلا بازدياد التوتر والمسافات بين القوى اطراف الصراع.
بعد أكثر من سنتين على وقوع أحداث ما يسمى بالربيع العربي، فإن الأوضاع تزداد صعوبة و مأساوية، على صعيد حجم الخسائر في كل الاتجاهات، خسائر بشرية، خسائر اقتصادية، خسائر على صعيد الوحدة الوطنية، و خسائر على صعيد اانحسار المجموعات البشرية و البحث عن الحماية بالانخراط أكثر في اللعبة الطائفية.
و بما أننا نعيش في العالم العربي في دول ذات تركيبة واسعة من التكوين الطائفي و العرقي و المناطقي، و تعاني من ضعف ثقافي في التعاطي مع الأخر المختلف ايدولوجيا او فكريا.
و بما أن الأحداث السياسية و الثورات الواسعة النطاق، تشبه حجم البراكين التي تخرج من الأعماق كل ما هو مخزون، فإننا بعد عامين، مازلنا في الوطن العربي نشعر بالدهشة، والصدمة من هول ما نرى، من قوة الرغبة في تدمير كل شيء،من ضعف ثقافة الحفاظ على الممتلكات الوطنية والتي هي ملكا للكل الوطني؟
وهنا يبرز سؤال في غاية الاهمية هل سيطول الأمر قبل أن يظهر وسط هذا الفوران طرف لديه القدرة على ضبط الأمور، و ارجاع الحراك المجتمعي و الصراع السياسي إلى قواعده الأساسية؟
أم أن الأمر سيكون ، مثلما يتحدث البعض عما جرى في الثورة الفرنسية أو الثورة الأميركية، مع العلم أن معايير الزمن قد تغيرت، و يجب العودة بسرعة إلى حقيقة ما، إلى مشترك ما قبل أن تتفكك الدولة القومية العربية إلى دويلات متحاربة، قد يصل الأمر إلى الاستقواء على بعضها بأطراف خارجية، أو بإسرائيل، لكي تضمن لنفسها البقاء.
المشهد في غاية التعقيد، بعد أن وصل الأمر استخدام المقدس في صراعات سياسية لا علاقة لها بالقداسة، و ما نشهد اليوم هو أكبر برهان على ذلك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ما يحدث هو انكشاف
مجدي محروس عبدالله ( 2013 / 4 / 16 - 11:07 )
للذات الشرق اوسطية-فالمواطن اصبح كائنا دينيا بحتا
والدين ما هو الا بديل للفكر وعندما يصبح الدين بديلا للوطن
فالاوطان حتما ستنهار وسيكون انهيارا عظيما
واعتقد ان المستقبل سيكون مظلما امام شعوب الشرق الاوسط
والتفكك قادم لامحالة

اخر الافلام

.. شهداء وجرحى إثر غارة إسرائيلية استهدفت منزلا في مخيم النصيرا


.. الشرطة الأمريكية تعتقل طلبة معتصمين في جامعة ولاية أريزونا ت




.. جيك سوليفان: هناك جهودا جديدة للمضي قدما في محادثات وقف إطلا


.. سرّ الأحذية البرونزية على قناة مالمو المائية | #مراسلو_سكاي




.. أزمة أوكرانيا.. صاروخ أتاكمس | #التاسعة