الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاستعدادات الأخيرة لمعركة خراب مصر

محمود يوسف بكير

2013 / 4 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


كمتخصص في الاقتصاد فإنني أشعر في غربتي بالمرارة والأسى بشكل يومي وأنا أتابع تدهور كافة المؤشرات الاقتصادية في مصر بشكل منتظم مثل التقلبات الشديدة في البورصة والتي ترسل اشارات حمراء للعالم الخارجي بان مصر بلد غير مستقر و ان بورصتها اصبحت ملعبا للمضاربات الشديدة خاصة مع انخفاض قيمة الجنيه، هذا ناهيك عن ارتفاع نسبة البطالة بمعدلات كبيرة وتضخم الاسعار خاصة أسعار الغذاء وهو ما يمهد عادة لارتفاع نسبة الفقر والجريمة والعنف في أي مجتمع. والمحصلة النهائية لكل هذا هي ضرب السياحة وانخفاض موارد البلاد من العملات الاجنبية ومن ثم تدهور رصيدها من الاحتياطي الأجنبي لدى البنك المركزي. والهدف من كل هذا هو دفع مصر نحو هاوية الافلاس حتى لا ينتشر فيروس الثورة في المنطقة وحتى تعتبر الشعوب المقهورة وترضى بقدرها.

جميعنا في مصر سواء بقصد أو بدون قصد ساهمنا في فشل ثورة 25 يناير 2011 والتي اعتبرت في بدايتها واحدة من أعظم الثورات في التاريخ لتحضرها وسلميتها والتفاف جميع طوائف الشعب المصري حولها ونجاحها في خلع أسوأ وأفسد وأحقر ديكتاتور في تاريخ مصر .

نعم كلنا ساهم في فشل هذه الثورة العظيمة وعدم اكتمالها بداً من المجلس العسكري بزعامة طنطاوي وعنان وغير المغفور له عمر سليمان والإعلام والقضاء والشرطة والإخوان المسلمين وأحزاب المعارضة الضعيفة والمتناحرة والفلول بقيادة زعيمهم المخلوع وزوجته وأبناءها وشلتهم من رجال الأعمال الفاسدين وحتى شباب الثورة والكثير من المثقفين الذين صدقوا نكتة أن المجلس العسكري جاء للحكم لاستكمال الثورة في وقت بدا فيه جليا مثل شمس الظهيرة في صيف مصر ان هذا المجلس يعمل بهمة عالية لخنق الثورة في مهدها بشتى الحيل وكل اشكال العنف والمحاكمات العسكرية للمدنيين.

كما ساهم الحصار الاقتصادي الناعم الذي ضرب حول مصر من جانب بعض دول الخليج العربي والولايات المتحدة وأوربا في تفاقم الأوضاع الاقتصادية وفي تحويل جانب كبير من الثوار وأغلبية البسطاء من أبناء شعبنا الطيب من مربع تأييد الثورة الى مربع كراهيتها ومعاداتها بل والمطالبة بعودة مبارك للحكم! ، ولا يستطيع أحد لومهم على هذا بعد ان تحولت حياتهم الى جحيم ومعاناة يومية بشكل لم يحدث في كل تاريخ مصر المعاصر.

ولكن من السبب الرئيس في كل هذا وهل كان بالإمكان تجنب هذه المأساة ؟
في تصوري أن السبب الأول هو عدم الوعي والطيبة الذائدة المنتشران إلى حد الوباء بين أبناء شعبنا حتى في أوساط بعض المثقفين الكبار فقد صدقنا بسذاجة شديدة أن المجلس العسكري يؤيد الثورة بالرغم من تحرك العسكري على مدار عام ونصف وبشكل واضح وبلا مواربة لوأد الثورة وحماية مبارك وأسرته وكل رموز حكمه وتشويه الثورة ورموز المعارضة وإنهاك الشعب في معارك جانبية وأزمات يومية لا حصر لها ومن ثم نجح العسكري بامتياز في القضاء على الزخم الثوري.
ووصلت المهزلة إلى حد أن الاغلبية صدقت ان الطنطاوي وعنان رموز وطنية وطالب البعض بترشيحهما لرئاسة مصر مع أن الاثنين عاشا أزهى عصور الفساد في عهد مبارك ولم نسمع لهما حتى همسة اعتراض وتحول الجيش على أيديهما إلى مورد للزيت والمكرونة والجاتوه ومتعهد لصالات الأفراح والمنتجعات السياحية والترفيهية على النيل.

وعندما قرر المجلس العسكري تسليم السلطة بعد فشله الذريع في إدارة البلاد وتردي الاوضاع الاقتصادية وضعنا أمام خيار صعب فإما عودة النظام القديم من خلال اللص شفيق أو تسليم البلاد إلى التيارات الدينية .

وانتهى الأمر بحصول العسكري على تنازلات سخية من الاخوان المسلمين أولها عدم المساس بكل قيادات المجلس العسكري أو ملاحقتهم قانونياً بأي شكل من الأشكال على ما اقترفوه في حق الثوار وحق مصر وثانيها السماح بالإبقاء على استقلالية الجيش عن الدولة المصرية وبقاؤه كدولة داخل الدولة، بل والسماح لبعض ضباطه بالتمثيل داخل المجلس التشريعي الهزيل المسمى بمجلس الشورى لمراقبة ما يحدث في الدولة الاخرى ( دولة مصر ) للتدخل عند الضرورة .
والمفارقة أنه غير مسموح في ذات الوقت بوجود اي عناصر من دولة مصر المدنية داخل دولة المؤسسة العسكرية وبالطبع فإن السيد المرشد العام لحركة الإخوان المسلمين قبل بكل هذا من أجل السلطة والنفوذ حتى ولو كان منقوصاً .

وعودة الى المجلس العسكري الذي سمح لكل الرموز الكبيرة في إعلام مبارك وقضاء مبارك وشرطة مبارك وجامعات مبارك بالبقاء بشكل أو آخر وها هم يتصدرون الساحة الآن في كل المجالات في حماية العسكري دون أن يجرؤ أحد على المساس بهم .

كتبنا مراراً في بداية الثورة أن أي نظام جديد لا يمكن ان يقوم وينجح إلا على أنقاض النظام القديم. وكتبنا عن السياسات النقدية التخريبية التي اتبعها محافظ البنك المركزي السابق وعن الدور التخريبي الذي يمارسه المجلس العسكري في بدايات الثورة عسى أن يهتم أحد ولكن كبار الصحف المصرية رفضت بحجج وبدون حجج النشر.

ومع ضياع معالم الثورة أصبح من الصعوبة بمكان التمييز بين الثوار أو الإخوان أو الفلول أو المعارضة أو البلطجية ، البلطجة والفوضى أصبحا شعار المرحلة والثورة تقضي في نزعها الأخير .

والآن أصبح الحديث عن إنقاذ الثورة نوع من الترف لأن كيان الدولة نفسه في خطر والمتآمرين على الثورة بعد أن نجحوا في تشويه معالمها يتآمرون اليوم على تخريب كافة هياكل الدولة المصرية فالاقتصاد في حالة سيئة كما أسلفنا والأحزاب السياسية في صراع مميت والمجلس العسكري مشغول بحماية مصالحه والأمن لا أمل في إصلاحه بعد أن وصل الفساد فيه إلى النخاع الشوكي والقضاء مخترق والإعلام يلعب مع من يدفع أكثر ولا عزاء للمبادئ والجامعات تحولت إلى مدارس ثانوية متخلفة وكل الأجهزة الخدمية وعلى رأسها المستشفيات وقطاع النقل والصيانة أصبحت هياكل مفرغة. والمذهل ان الاخوان المسلمين أظهروا عدم دراية بأمور الحكم يدعو للعجب وهمهم الاول والشاغل هو توطيد أقدامهم في الحكم.
والكل مشغول بنهش أكبر قطعة ممكنة من جسد ناحل وهزيل اسمه مصر ما بعد الثورة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ار
عامر ( 2013 / 4 / 27 - 21:58 )
السيد الكاتب لا يوجد حل لأستقرار مصر سوى الألتفاف حول الرئيس المنتخب والابتعاد عن التنظير يعني شعب مصر صبر على الذل 30 سنة وماصبر على الرئيس الجديد سنة واحدة حتى الاصلاح لايأتي بيوم وليلة الاصلاح يأتي في الألتفاف حول الرئيس المنتخب حتى لو كنا من المختلفين معاه في توجهاتنا ودياناتنا ويجب


2 - ارد
عامر ( 2013 / 4 / 27 - 22:08 )
انا مابدافع عن الرئيس مرسي لان من الاخوان او غيروا من احزاب مصر لو كان الرئيس المنتخب من اي حزب او طائفة يجب الألتفاف حوله للخروج من الازمة بسلام وليس التشكيك فيه وفي وطنيته والحكم على انه غير قادر على ادارة البلاد من اول سنة ...وانا مستغرب من من يعتقدون بأن مصر سوف ينهض اقتصادها ويصلح امرها بسنة اوحتى سنين مصر محتاجة للوقوف على قدمها من جميع النواحي وذلك بتماسك شعبها ووحدته ومحاربته للعدو الداخلي الذي هو اخطر من العدو الخارجي


3 - الإستعدادات
ناس حدهوم أحمد ( 2013 / 9 / 27 - 01:00 )
تحليلك ياسيدي غير صحيح
مصر ستخرج من أزمتها ولا شك في ذلك
مصر قوية وغنية برجالها الأفذاذ وستحل مشكلتها قريبا
من خرب مصر هم الإخوان وليس أحد غير الإخوان لأنهم يحملون
في جماجمهم فكرة الدولة الدينية ويحاربون مواطنيهم الأقباط
فالأقباط دائما كانوا على الهامش ولم يخطر ببال المصريين قط أن
يرشحوا رئيسا قبطيا لمصر فكأن الأقباط مواطنون من الدرجة الثانية
الدين لله كما يقال لكن الوطن للجميع ولا يحق لأحد أن يحكم
باسم الدين بل يجب مراعاة مصالح كل الأطياف السياسية ويجب
وضع الدين في مكانه بالمساجد والكنائس
والحكم عليه أن يكون مدنيا خالصا كما يحدث عند غيرنا من الدول
التي تقدمت وأصبحت قوية ومزدهرة فالدين دائما كان أفيونا لشعوبنا
العربية
الحرية والكرامة للجميع وليعتقد كل مواطن ما شاء له أن يعتقد فهذا
شأنه أما الشأن العام فهو شأن مشترك بين الجميع

اخر الافلام

.. إيران تتحدث عن قواعد اشتباك جديدة مع إسرائيل.. فهل توقف الأم


.. على رأسها أمريكا.. 18 دولة تدعو للإفراج الفوري عن جميع المحت




.. مستوطنون يقتحمون موقعا أثريا ببلدة سبسطية في مدينة نابلس


.. مراسل الجزيرة: معارك ضارية بين فصائل المقاومة وقوات الاحتلال




.. بعد استقالة -غريط- بسبب تصدير الأسلحة لإسرائيل.. باتيل: نواص