الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حق الانسان في الضمان الاجتماعي

محمد ثامر

2013 / 6 / 18
حقوق الانسان


الحق في الضمان الاجتماعي
عالج الاعلان العالمي لحقوق الانسان لسنة1948 حق الانسان في الضمان الاجتماعي في المادة الثامنة والعشرون منه (( لكل شخص بصفته عضوا في المجتمع الحق في الضمان الاجتماعي وفي إن تحقق وساطة المجهود القومي والتعاون الدولي وبما يتفق ونظم كل دولة ومواردها الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والتربوية التي لا غنى عنها لكرامته وللنمو الحر لشخصيته )) .
كما ورد النص على حق الانسان في الضمان الاجتماعي في المادة التاسعة من العهد الدولي للحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية لسنة 1966 بنص مقتضب جاء فيه (( تقر الدول الاطراف في الاتفاقية الحالية بحق كل فرد في المان الاجتماعي بما في ذلك التامين الاجتماعي )) .
وحددت المادة 18 من الاعلان الامريكي لحقوق الانسان لسنة 1948 شروط استحقاق الضمان الصحي وذلك بنصها على (( لكل شخص الحق في الضمان الاجتماعي الذي يحميه من عواقب البطالة والشيخوخة أو اية اعاقة تنشاء عن اسباب خارج نطاق سيطرته والتي تجعل من المستحيل بالنسبة له بدنيا أو ذهنيا إن يكسب رزقه )).
وتناولت المواد 12 و13و14من الميثاق الاجتماعي الاوربي المعدل لسنة 1996 الحق في الضمان الاجتماعي باحكام في غاية الدقة والاهمية حيث الزمت الدول الاعضاء باقامة أو ادامة نظام للتضامن الاجتماعي والزمتها كذلك بالحفاظ على مستوى ذلك النظام وبمستوى مرض على الاقل وذلك من خلال منح أي شخص المساعدة الكافية وكذلك المساعدة اللازمة في حالة المرض وبشرط إن لايعاني الاشخاص الذين يتلقون مثل هذه الاعانات من تقليص حقوقهم الاجتماعية والاقتصادية والثقافية أو السياسية أو المدنية لايمتلك الموارد الكافية أو يكون غير قادر على تامين تلك الموارد اما من مجهوداته الخاصة أو من مصادر أخرى وعلى وجه الخصوص عن طريق الاعانات بموجب نظام الضمان الاجتماعي كما نصت هذه المادة على حكم اخر في غاية الاهمية اذ الزمت الدول الاعضاء بمنح هذه المساعدة وكما منصوص عليها فيها إلى مواطني الدول الاوربية متى ما كانوا على اراضيها.
أن حاجة الإنسان إلى الامان الاجتماعي اقترنت بالوجود الإنساني منذ القدم ، الا أن وسائل اشباع هذه الحاجة قد اختلفت على مر العصور ، فقد إتخذت هذه الوسائل أشكالا متعددة حتى بلغت في تطورها الشكل الراهن لنظم الضمان الاجتماعي التي ولدت في احضان المجتمع الراسمالي الصناعي ، ولذلك فأن عوامل نشأتها ، لم تكن سوى افرازات للتطور الاجتماعي والاقتصادي والسياسي الذي رافق قيام المجتمع الراسمالي الصناعي .
فمع بداية القرن الرابع عشر ، بدات الورش والمصانع بالظهور ، واعقبت ذلك تطورات اقتصادية واجتماعية مهمة ترتب عليها انهيار النظام الاقطاعي وظهور المدن التي تحررت من السيطرة الاقطاعية ، ومع بداية القرن السادس عشر بدأ عصر الانفتاح التجاري ، وكان من نتيجة ذلك أن نمت الثورة ونشطت المبادرات الفردية وتاصلت المنافسة ، فكان لكل ذلك تأثيرة المباشر على مختلف اوجه النشاط الإنساني .
ومنذ عام 1935 ، أدت شعبية التأمين الاجتماعي وسهولة إلى تمتد تدريجي لشمول فئات جديدة م نالأشخاص والمخاطر . ففي سنة 1939 أضيف تأمين المعالين الذين فقدوا معيلهم وكذا شملت حالات العجز الشامل والدائم سنة 1956 ، ويبدو اننا على قالب قوسين أو ادنى م نشمول التأمين لبعض تكاليف العناية الصحية ، واعتبارا من سنة 1950 أدخلت سلسلة من التوسيعات لشمول العمال مصحوبة بتسامح ملحوظ بالنسبة لشروط الاستحقاق . ولتلبية رغبة مفهومة في استعمال أداة التأمين الاجتماعي لصيانة دخل المتقدمين في السن في هذه الأيام .
وكان من نتائج ما تقدم أن برزت ظواهر مختلفة في المجتمع أصبح معها الفرد العامل يواجه مخاطر اجتماعية خطيرة تهددة في كل يوم ، مما افقده الاحساس بالأمان الاجتماعي ، وقد كانت هذه الظواهر في تفاعلها ، هي العوامل التي أدت إلى نشأت الضمان الاجتماعي المعاصر . ويمكن ايجاز هذه العوامل بما يلي : ـ
أولا : ـ انهيار إشكال التضامن الاجتماعي السابقة :
أن التضامن الاجتماعي كان احدى الوسيلتين الأساسيتين اللتين تمكن الإنسان بواسطتهما من تحقيق الأمان الاجتماعي ، وأن هذا التضامن الاجتماعي كان يقوم في كل مرحلة من مراحل التاريخ الإنساني على أسس مختلفة ويتخذ صورا متباينة ، الا أن أنهار مع قيام المجتمع الصناعي ، كانت لهذا الانهيار أسباب عديدة أهمها : ـ
1 ـ سيطرة الفردية وسيادة المذهب اللبرالي اللتين بلغتا قمتهما مع أنتصار الثورة الفرنسية عام 1789 ، حيث قررت هذه الثورة بصيغة قانونية ملزمة ، الغاء كل الجماعات التي تتوسط بين الفرد والدولة ، وتحريم تكوين الجديد منها ، وبهذا أصبح العامل وحيدا يواجه قدره وحده ، أكثر منه إنسانا يعيش وسط مجتمع أو أسرة وتنظيم مهني .
2 ـ لقد ادى أنهيار النظام الاقطاعي في الريف وقيام المجتمع الصناعي في المدن إلى ظاهرة الهجرة من الريف إلى المدينة ـ وقد أدت هذه الهجرة إلى تفكك الروابط الاجتماعية والاسرة التي كانت قائمة في المجتمع الريفي . وقد زاد ذلك في عزلة الفرد في المجتمع الجديد عن مواطني الاخرين ، فكان هذا سببا آخر في انهيار التضامن الاجتماعي .
ثانيا : ـ فقدان العمال القدرة على الادخار .
سعيا من أصحاب العمل إلى تخفيض كلفة الانتاج تحت تأثير اشتداد المنافسة فيما بينهم في تصريف منتجاتهم ، عمدوا إلى تقليل كلفة عنصر العمل وذلك بخفض الأجور المدفوعة إلى عمالهم ، وقد مكنهم من ذلك التنافس الشديد بين العمال أنفسهم في السعي إلى الحصول على العمل ، حيث كان عرض العمل أكثر من الطلب عليه . وحيث أن مقدار الأجر كان يتحدد وفقا لآلية السوق الاقتصادية ، نتيجة غياب تدخل الدولة ، فأن ازدياد عرض العمل على الطلب عليه أدى إلى انخفاض الأجور انخفاضا شديدا ، وكان الاعتقاد السائد في القرن الثامن عشر واوائل القرن التاسع عشر بأن هذه الحال تنفق مع قانون الطبيعة المنزل والمعصوم ، ذلك لأن الفاقة بالنسبة للعمال ضرورية بالنسبة للصناعة ، على أساس أن العامل لن يقبل على القيام بالعمل المرهق ما لم تسقه اليه المجاعة .
وقد حالت قلة الأجور التي كان يحصل عليها العامل ، دون قيامه بادخار جزء منه لمواجهة المخاطر التي قد تواجهة ، فالأجر الذي كان يحصل عليه لم يكن يكفيه لمواجهة احتياجاته اليومية .
ثالثا : ـ أزدياد المخاطر التي يتعرض لها العمال .
لقد ترتب على التقدم الصناعي وازدياد استخدام الالة في الصناعة ، زيادة المخاطر التي يتعرض لها العمال ، سواء كان بشكل اصابات عمل أو امراض مهنية ، ولم يجد أصحاب العمل أية مصلحة في المساهمة في تحمل اعباء هذه الحالات ، لأنهم كما سبق أن ذكرنا ، كانوا يسعون إلى تقليل كلفة الانتاج إلى أدنى مستوى ممكن ن سعيا إلى الكسب النقدي .
كما إن عدم استقرار سوق العمل كان يؤدي إلى فقدان العمال عملهم ، فكان خطر البطالة شبحا يهدد العمال . كثيرا ما يسكنهم عن المطالبة بتحسين ظروف معيشتهم .
رابعا : ـ عجز النظام القانوني عن حماية الطبقة العاملة .
اقامت البورجوازية دولتها وفقا لفلسفتها الفردية ، وأنشأت نظامها القانوني المجسد لمصالحها الاقتصادية ، وكان منه اعتماد الخطا أساسا لقيام المسؤولية ، ومن ثم لا ستحقاق التعويض . وكانت هذه القاعدة تحمي مصلحة صاحب العمل أكثر من حمايتها مصلحة العامل ، ذلك لأنه لكي يستطيع العامل أن يحصل على تعويض ، فأنه كان مطالبا بأن يثبت خطا معينا من جانب صاحب العمل تسبب عنه الضرر الذي لحقه ، واثبات وجود مثل هذا الخطأ أمر في غاية الصعوبة في ظروف العمل ، لا بل أنه يكاد أن يكون مستحيلا .
أزاء ذلك ، عمدت المحاكم إلى الأخذ بقرائن الحال ، واعتبار خطا المدعي عليه ثابتا عن طريق هذه القرائن ، وبذلك أخذت بفكرة الخطأ المفترض ، ألا أن هذا الاتجاه لم يجد الحل المطلوب للمشكلة ، لأن هذه القرائن غير ملزمة للقاضي ، ولهذا أتجه القضاء إلى تقييد القاضي بالاعتماد على قرائن قانونية مستمدة من أحكام القانون المدني الفرنسي ألا أن هذا التوجه الآخر لم يكن كافيا لأن هذه القرائن كانت تقبل أثبات العكس ، أما بنفي الخطأ ، أو بنفي علاقة السببية بين الخطأ والضرر .
وحيث أن المحاولات المتقدمة لم تكن كافية في نظر الفقه لتحقيق الحماية القانونية المطلوبة للعمال ، فلقد انبرى إلى المناداة بالتحول عن أقامة المسؤولية على أساس الخطأ وأقامتها بدلا عن ذلك على أساس تحمل التبعة ، فمن خلق تبعات يفيد من مغانمها وجب عليه أن يتحمل عبء مغارمها .
ورغم ما لا قته نظرية الفقه الفرنسي هذه من رواج ، ألا أن القضاء رفض اعتمادها مما دفع بالمشرع الفرنسي بعد تردد إلى أصدار قانون في 9 نيسان 1898 أسس بموجبه المسؤولية على فكرة ( المخاطر المهنية ) أو ( تحمل التبعية ) .
غير أن التعويض الذي ضمنه هذا التطور القانوني للعامل لم يكن كافيا لتحقيق الأمان الاجتماعي له في الحالات التي تخلف الاصابة عجزا دائما أو طويل الامد ، أو تؤدي إلى الوفاة ، حيث ينقطع مورد عيش الأسرة . لأن هذا التعويض كان يتمثل بمبلغ من المال يدفع للعامل دفعة واحدة . لا تكفي لعيشه وأفراد أسرته ألا فترة قصيرة من الزمن .
أما نظم التأمين الخاص التي كانت قد بدأت بالظهور منذ القرون الوسطى لتغطية المخاطر المتولدة عن الثورة الصناعية ، فأنها كانت عاجزة عن تحقيق الأمان الاجتماعي للطبقة العاملة ، ذلك لأن الاستفادة من الأمان المستحق عن طريق التأمين الخاص يقتضي كما سبق أن ذكرنا دفع اقساط إلى المؤمن مقابل ذلك ، وهذا ما كان يعجز العمال عنه ، ولهذا لم يتمكنوا من الانتفاع من مزاياه .
أن عجز هذه النظم عن تحقيق الحماية للعمال ، كان باعثا على مولد نظام قانوني جديد قادر على تحقيقها .
خامسا : ـ النضال العمالي .
لقد أدى التطور الصناعي وقيام الصناعات الكبيرة إلى ازدياد عدد أفراد الطبقة العاملة وتجمعها في مناطق أو مصانع كبيرة ، كما أن وعي أفراد هذه الطبقة كان ينمو مع أشتداد ضغط الحياة عليهم ، وقد ادى كل ذلك إلى أمتلاك الطبقة بالتدريج قدرات النضال ، من كفاية عددية ووعي وتنظيم ، وكان من جملة ما ناضلت من أجله هذه الطبقة هو تحقيق الأمان لها ضد المخاطر التي تواجهها . وقد حققت هذه الطبقة العديد من النجاحات ، فحصلت على الاعتراف بشرعية التنظيم النقابي ، كما أصدرت الحكومات الراسمالية عدة قوانين نظمت فيها بعض جوانب علاقة العمل ، والزمت أصحاب العمل بتحسين ظروف عمل عمالهم واخضعتهم للرقابة الادارية .
ومع الزمن أكتسبت هذه الطبقة قدرة كبيرة في نضالها النقابي والسياسي ، خاصة بعد انتظام أفرادها في الحركات السياسية ، والاشتراكية منها بوجه خاص ، فتحولت إلى قوة تخيف الطبقة الراسمالية وتلزمها باتخاذ خطوات أصلاحية ، ومنها تبنيها قيام نظام التأمينات الاجتماعية ، تحت ضغط عوامل عديدة .
حسب المادتين (26) و (27) من اتفاقية حقوق الطفل ، فإن للطفل الحق في الانتفاع من الضمان الاجتماعي . . وبموجب ذلك ينبغي منح الإعانات ، عند الاقتضاء ، مع إيلاء أهمية قصوى للطلب الذي يقدمه الطفل للحصول على تلك الإعانات وذلك بغية مساعدة الأشخاص المسؤولين عن الطفل في تأمين مستوى معيشي ملائم لنموه البدني والعقلي والروحي والمعنوي والاجتماعي .
وحيث أن مسئولية إعالة الطفل تقع في المقام الأول على والديه أو غيرهم من الأشخاص المسؤولين عنه ، إلا أنه وفي حالات كثيرة تكون الموارد المتاحة لهم غير كافية ليقوموا بمسئولياتهم تجاه الأطفال ، إما بسبب قلة الدخل ، أو بسبب العجز أو المرض أو الشيخوخة ، وهو ما سينعكس سلبا على الأطفال متمثلا في تدني مستوى معيشتهم وتهديد بقاءهم في التعليم ذاته ، أو على الأقل توالد مجموعة من العوامل تحيط بالطفل وتعمل كمعرقلات تحول بين هذا الطفل وبين الحصول على فرصة متساوية في نوعية الخدمة التعليمية التي يحصل عليها مع غيره من الأطفال .
وهنا يجب أن تتدخل الدولة ـ كالتزام عليها ـ لتحقيق الضمان الاجتماعي . . والذي يعني ضمان الحد اللائق للمعيشة لكل فرد عن طريق إتاحة حق العمل والكسب للقادر على تحقيق ذلك ، وفي حالة العجز أو المرض أو الشيخوخة تكون النفقة واجبة على الدولة لضمان حد الكفاية لمعيشة كل فرد ، وليس فقط مجرد حد الكفاف الذي هو الحد الأدنى لمستوى المعيشة .
ونظرا لاختلاف الظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والأيدلوجية للدول فقد اختلف نطاق وأسلوب تطبيق الضمان الاجتماعي ، وذلك للعلاقة الوثيقة بين الضمان الاجتماعي وبين الظروف البيئية التي يطبق فيها . فالضمان الاجتماعي من نتاج الثورة الصناعية وقد اقتضته الضرورة لحماية قطاع العمال في المجتمعات الصناعية ولاعتبارات الامن السياسي فيها .
وقد تأثر في نشأته وتطوره بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والأيدلوجية للمجتمعات المختلفة والتي لجأت اليه لمواجهة المخاطر الاجتماعية التي ولدتها الثورة الصناعية وحل مشكلة الامن الاقتصادي الناجمة عنها .
فالضمان الاجتماعي في فرنسا يتميز باخصائص الاتية : ـ
1 ـ يعد الضمان الاجتماعي مرفقا اجتماعيا عاما له استقلال مالي واداري ويدار من قبل هيئة منتخبة تمثل أصحاب العمل والعمال المضمونين .
2 ـ تعد الاشتراكات التي يدفعها العمال وارباب العمل أهم وسائل التمويل التي يعتمد عليها لتوفير الاموال اللازمة لتغطية المخاطر المضمونة .
3 ـ ابقى المشرع الفرنسي على العديد من النظم الخاصة للتأمين الاجتماعي لبعض الفئات كعمال الزراعة واقتصار سريان الضمان الاجتماعي على حالة الشيخوخة .
وفي مصر فقد مر تشريع التأمينات الاجتماعية بمرحلتين الأولى قبل ثورة 1952 حيث اتسمت تلك التشريعات بتخلفها عن التشريعات الأوربية وذلك بسبب الظروف الاقتصادية حيث كانت للافكار الفردية السائدة اثرها السلبي في عدم دفع الحكومات لأصدار تشريعات التأمينات الاجتماعية كونها تمثل اعباء مالية على الموازنة الحكومية في وقت لم يكن الاقتصاد المصري قادر على سد الحاجات الاساسية للبلد .
وقد صدرت في تلك الفترة بضعة قوانين أهمها القانون رقم 64 لسنة 1936 الخاص بمسؤولية اصحاب الاعمال عن حوادث العمل حيث حمل اصحاب الاعمال عبء التعويض عن اصابات العمل دون حاجة إلى تكليف العامل باثبات كون الخطأ عائدا لصاحب العمل . إلا أن هذا القانون قد أخذ عليه أنه جعل العمال معرضين لخطر افلاس صاحب العمل أو اعساره ، ومن ثم عدم مقدرتهم في الحصول على مبلغ التعويض على الرغم من تفاهته ، الامر الذي دفع إلى اصدار القانون رقم 86 لسنة 1942 الخاص بالتأمين الالزامي من المسؤولية عن حوادث العمل الذي الزم كافة اصحاب العمل التأمين على مسؤولياتهم عن حوادث العمل التي تقع وفقا لأحكام القانون السابق كما اجاز للعمال رفع دعواهم مباشرة ضد شركة التأمين لتجنب تهرب أصحاب العمل من دفع مبالغ التعويض للعمال .
وقد صدر بعد ذلك القانون رقم 89 لسنة 1950 الذي الغى القانون رقم 64 لسنة 1936 ليحل محله .
وقد اقرت بعد ذلك مسؤولية صاحب العمل عن الامراض المهنية ووفقا للجداول الملحقة بالقانون رقم 117 لسنة 1950 الذي صدر بعد ذلك ، وكانت الحكومة المصرية قد نجحت قبل ذلك في اصدار قانون للضمان الاجتماعي يطبق على كافة المحتاجين دون الاقتصار على العمال وهو القانون رقم 116 لسنة 1950 ( على غرار ما معمول به الأن في شبكة الحماية الاجتماعية في العراق ) حيث اقر الحق في المعاش للفقراء في حالات العجز والشيخوخة واليتم والترمل ووفاة المعيل . إلا أن هذا القانون لم يستمر العمل به لفترة طويلة وذلك كونه مثل ثقلا اضافيا على الموازنة الحكومية والذي لم تستطع معه وزارة المالية في مصر من سد كامل النقص الحاصل لتوفي الاموال .
وكان لقيام الثورة 1952 الاثر الواضح على السياسة الاقتصادية في البلد والانتقال بالاقتصاد من نظام السوق الحر إلى النظام الاشتراكي الأمر الذي أعقبه إصدار العديد من القوانين الخاصة بالضمان الاجتماعي استنادا إلى النصوص الدستورية ابتداء بدستور 1956 وانتهاء بالدستور الدائم لعام 1971 .
ومن هذه القوانين القانون رقم 419 لسنة 1955 والذي انشأ بموجبه صندوق مستقل للتأمين وثاني الادخار . وصدر بعد ذلك القانون رقم 202 لسنة 1958 والذي وسع من نطاق الاشخاص المستفيدين من احكامه ورفع سقف المخاطر المضمونة ، ثم تلاه القانون رقم 92 لسنة 1959 ليحل محل القانون رقم 419 لسنة 1955 والقانون رقم 202 لسنة 1952 والذي عالج موضوع اصابات العمل والشيخوخة والعجز والوفاة .
وفي 21 اذار 1964 صدر القانون رقم 63 الذي الغى القانون السابق وتميز هذا القانون باسباغ الحماية على عمال لم يكونوا مشمولين بالقانون السابق كالعمال العرضيين والمؤقتين الموسميين وعمال المقاولات ومن هم في حكم الخدم كبواب المنزل وغيره . وقد صدر لاحقا قانون رقم 79 لسنة 1975 الذي وحد بين القطاعين العام والخاص وتلاه القانون رقم 108 لسنة 1976 بشكل يواكب اسباغ الحماية على العاملين الحكوميين وغير الحكوميين .
وبالرغم من كثرة القوانين السابقة إلا أن هناك بعض الفئات ظلت غير مشمولة بالتأمينات الاجتماعية مما حدى بالمشرع لاصدار القانون رقم 112 لسنة 1975 والذي طبق على كافة الفئات التي لم تسر عليها القوانين السابقة .
وقد صدر بعد ذلك قانون جديد للضمان الاجتماعي هو قانون رقم 30 لسنة 1977 والمعدل بالقانون رقم 38 لسنة 1978 ليمتد سريانه إلى فئات لم تكن مستفيدة من قوانين الضمان السابقة أو التأمينات الاجتماعية .
وفي العراق يعد الضمان الاجتماعي حديث النشأة لأسباب متعددة الأمر الذي ترتب عليه تأخر صدور التشريعات العالمية لفترات طويلة مما جعل الطبقة العاملة تفتقر إلى الوسائل القانونية التي يمكن معها ضمان حقوقها والتي تهدف بالأساس إلى تحقيق الأمان الاجتماعي لتلك الطبقة ، وبقي الحال على ما هو عليه حتى أواسط الخمسينات من القرن العشرين .
وأول قانون للضمان الاجتماعي للعمال رقم 27 لسنة 1956 الذي اصدرته الحكومة العراقية لم يكن في حقيقة قانونا للضمان الاجتماعي فهو خليط من التأمين والادخار الالزاميين ، كما كان يعتريه الكثير من الأمور غير الدقيقة والقصور في نواح متعددة منها استبعاد لاهم المخاطر التي يواجهها العمال من احكامه وهي اصابات العمل ، فقد ظلت مسؤولية صاحب العمل خاضعة لاحكام قانون العمل ، كما أن حدود سريان هذا القانون كانت مقتصرة فقط على نطاق محدود بالنسبة إلى الاشخاص فلم يكن يسري إلا على المشاريع الصناعية الكبيرة التي يعمل فيها ثلاثون عامل فأكثر .
وقد صدر بعد ذلك قانون الضمان الاجتماعي رقم 140 لسنة 1964 الذي أخر نفاذه إلى 1/4/1966 حيث جاء في الاسباب الموجبة للقانون أنه ( قد أخذ بأحدث مبادئ الضمان الاجتماعي حيث أمن العمال ضد مخاطر الحياة يوم يفقد احدهم دخله بسبب العجز أو الشيخوخة أو اصابة العمل أو المرض ، وأن الأسس التي جاء بها تركيز على مبدأ التكافل الاجتماعي وليس التوفير الالزامي وتدفع بموجبه اللاشخاص المضمونين الرواتب التقاعدية عند عجزهم وشيخوختهم ، ولاراملهم وايتامهم عند وفاتهم وذلك بالاضافة إلى اعانات المتكففين والدفن التي يستلمها العيال كما ستأخذ المرأة اعانة الامومة اضافة إلى منحة الولادة ) .
وقد صدر بعد ذلك قانون التقاعد والضمان الاجتماعي رقم 112 لسنة 1969 والذي روعي في احكامه ضرورة انصاف العمال على اختلاف درجاتهم ومدد خدماتهم وظروفها تأمينا لتلبية الرواتب التقاعدية والتي راتفعت نسبها عن النسب في القانون السابق ، بالاضافة إلى نص على اعطاء الراتب التقاعدي لعيال العامل المتوفي بشروط ميسرة جدا ، كما رفع سقف نسبة الاعانات والمنح والمكافأت وتمت معالجة النواقص التي كانت تعتري القانون السابق .
وبالرغم من ذلك وبسبب العجالة والسرعة في تشريع هذا القانون فقد أوخذ عليه أنه لم يغط كافة المخاطر المضمونة التي يتعرض اليها العمال في عملهم .
وقد صدر اخيرا قانون الضمان الاجتماعي رقم 39 لسنة 1971 النافذ الذي احدث تغييرا جذريا في نظام الضمان الاجتماعي ، ومن أهم مظاهر هذا التغيير أنه لم يعتمد تقسيم العمال إلى خمسة اصناف كما فعل بالقانون السابق بل عامل المشرع العمال كافة معاملة واحدة ، فجعل التزامهم بدفع الاشتراكات محسوبة على أساس نسبة محددة من الأجر ، كما أنه أخذ بمبدأ الشمول التام لجميع العمال بالضمان الاجتماعي على أن يتحقق هذا الشمول بصورة تدريجية وفي أجل زمني محدد .
أما من حيث الموضوع فقد أصبح لأول مرة في البلد وجود نظام حقيقي ومتميز للضمان الاجتماعي لمختلف المخاطر المضمونة التي نص عليها كالضمان الصحي وضمان اصابات العمل وضمان التقاعد وضمان الخدمات كما لم يعد استحقاق العمال التعويض أو المكافأة أو الراتب التقاعدي قائما على أساس مدخرات العامل أثناء فترة قدرته على العمل بل أصبح الأساس الأول لتلك الاستحقاقات هو وجود الحاجة الفعلية للحماية الاجتماعية والتي تهدف بالدرجة الأساس إلى تحقيق الأمان الاجتماعي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نزوح شاق لفلسطيني يحمل أولاده من ذوي الاحتياجات الخاصة في غز


.. إسرائيليون يتظاهرون في حيفا للمطالبة بصفقة تبادل




.. داعمون لفلسطين يتظاهرون داخل بنك النرويج لوقف الاستثمارات مع


.. لجنة دائمة ومعاقبة المخالفين بالحبس.. قانون تنظيم أوضاع اللا




.. ما مصير المغاربة المعتقلين في سوريا بعد فتح السجون؟