الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نفثات دم من قلب مقروح

خليل محمد إبراهيم
(Khleel Muhammed Ibraheem)

2013 / 7 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


(في ضحى 13 تموز 2013؛ أقام الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق الحبيب/ على قاعة (الجواهري)- جلسة استذكارية؛ لثورة 14 تموز 1958؛ العظيمة ألقى فيها شعراء وأدباء؛ قصائد وكلمات قيّمة؛ أشادت بالثورة، وذكرت بها، وكانت لي فيها كلمة مرتجلة متواضعة؛ أعيد كتابة جوانب منها لجمهوركم الكريم.)
النفثة الأولى:-
ثورة الرابع عشر من تموز، بين الثورة والانقلاب
يُناقش الكثيرون/ منذ وقت- ما إذا كانتْ ثورة الرابع عشر من تموز؛ ثورة أم انقلابا، ولعل المتناقشين؛ ينقسمون إلى قسمين رئيسين هما:-
أ. قوم يُريدون الإساءة إلى الثورة، فينعتونها بالانقلاب، ولا أحد يُريد/ أو يتوقّع- من أمثال هؤلاء شيئا آخر، كما أنه لا أحد يُريد تغييرهم أو يتوقع إمكانية تغييرهم، ومن هؤلاء؛ قنوات تلفزيونية وإذاعات وصحف وأبواق؛ تأكل من مثل هذا أغلى الحلويات، وأحلاها، فهل يُرجى لمثل هؤلاء تغيير؟!
ب. وهناك قوم آخرون؛ جهلوا ما جرى في الثورة، فهم محتاجون إلى تعريف، وهذه الكلمات؛ تتجه إليهم، فلكي نُفرّق بين الثورة والانقلاب، لا بد أن نتصوّر الانقلاب؛ تغييرا فوقيا للوجوه، مثلما جرى بعد التغيير في
9/ 4/ 2003 حيث أزالوا خمسة وخمسين شخصية، قرروا إحالتها إلى المحاكم، وأرادوا إبقاء كل شيء على حاله، لولا أن الكثير من مجرمي البعث؛ فروا لعلمهم بأنهم أساءوا إلى الشعب، فهم يخافونه، وهاهم أتباع المحتل/ على ما في لسان المحتل- يُسمونهم (المهنيين)، ويريدون إعادتهم إلى أماكنهم التي فروا منها، أو جردهم منها الشعب، فلما تمكن الاحتلال من تحقيق الكثير من هذا، راح أتباعه يتابعون جهوده، فيُريدون إلغاء القوانين التي تُجرم هؤلاء المجرمين؛ مع أنها/ بالحقيقة- تؤذي أبناء الشعب الفقراء، فقد نجا الكثير من الظالمين؛ من تلك القوانين؛ التي وقعت على أناس فقراء لا علاقة لهم بالبعث فعلا، وهاهم ضباط الظالم الكبار؛ يُخربون الأمن، ويتعاونون مع الإرهابيين عيانا بيانا، والناس تصرخ معانية من الأمن، وبدلا من اتهام هؤلاء الظالمين، والتحقيق معهم على كل الأخطاء الأمنية الواضحة التي يرتكبونها، وأحوال الفساد التي يُمارسونها، فهُم يرفلون بالحماية والنعيم، ويُتهم غيرهم بضرورة مكافحة الإرهاب.
إذن، فهم الذين يُفسدون، ويُتهم غيرهم بالفساد، وهكذا، فالانقلاب؛ عبارة عن تغيير فوقي، وأما ما سواه، فيبقى كما هو، وهو ما يُعانيه العراقيون منذ أكثر من عشر سنين، وهو ما تُعانيه ثورات دول الخريف العربي.
أما الثورة، فهي تغيير جذري وجوهري، للنظام، وأسلوب التفكير فيه، وثورة الرابع عشر من تموز، بما قدمته من منجزات قانونية واقتصادية وفكرية، ومواقف غير موافقة، لما كان عليه الحال في الزمن الماضي؛ ثورة بجميع المقاييس العلمية، فهل مَن كان يتوقع صدور قانون إصلاح زراعيٍّ يُنصف أهل الأرض، ويوزعها عليهم أو قانون عمل ينصف العمال، ويعطيهم إجازات مدفوعة الأجر، وساعات إضافية، ويمنح المرأة إجازة طويلة للولادة والأمومة، أو قانون تقدميّ، للأحوال الشخصية يُنصف المرأة أو قانون للنفط؛ يُجرد شركات النفط من الكثير من امتيازاتها أو إلغاء لقانون دعاوى العشائر الذي كان لا يُساوي بين المواطنين في الأحكام، أو الإعلان عن النقابات العمالية ونقابات المثقفين واتحاداتهم، ورابطة المرأة العراقية/ التي صارت رئيستها السيدة (نزيهة الدليمي) أول وزيرة في منطقة الشرق الأوسط على الأقل- والجمعيات الفلاحية والتعاونية، وغيرها في العهد الملكي؟!
إن مجرد هذا؛ يكفي للدلالة على ثورية الثورة، وعدم انقلابيتها، وعند ذلك؛ يفهم طلاب الحق، ما ينبغي لهم فهمه.

النفثة الثانية:-
دموية الثورة، وسحل بعض الظالمين:-
وإلى أننا نؤمن بإنسانية الإنسان، ونرفض الإساءة إلى أحد، كما ننكر التمثيل ولو في الكلب العقور، فإن علينا وضع الأشياء؛ حيث ينبغي وضعها، فمن الواضح/ واستنادا إلى كلام الضابط (عبد الستار العبوسي) أنه قتل الملك والوصي، برأيه، ودون أوامر من أحد- فقد اتهم الظالمون الثورة، بأنها قتلت الملك والوصيَّ ونوري السعيد، وواقع الحال؛ أن السيد (عبد الستار العبوسي) بقي ضابطا معروفا حتى سنة 1972/ في ظل نظام البعث- فإذا كانوا حريصين على الحق، وكانت الثورة قد أمرت بقتلهم، فلماذا لم يُحاكموا قاتلهم، وهو بين يديهم؟!
هذا ما فعله (معاوية)؛ في مسألة قميص (عثمان) وأصابع (نائلة)، فقد وضعها مدعيا أن عليا يحمي قتلة (عثمان) (رض)، فلما صار الأمر إلى (معاوية)، فلماذا لم يعنِه أمر (عثمان) (رض)، ولا أصابع نائلة؟!
ويكتشف الناس (نوري السعيد) يرتدي عباءة نسائية، ويسير بين امرأتين، ويسحب (نوري السعيد) مسدسا بحوزته، فيقتل مَن أعلن عنه، ويقتله الناس، فهل تعرّض أحد للامرأتين اللتين كانتا تسيران معه وتحميانه؟!
لو كان الناس دمويين كما يزعمون، كان من الطبيعي أن يقتلوا مَن كان يُساعده على الفرار من وجه الثورة، لكنهم لم يفعلوا، فقد كانوا إنسانيين.
ويتحدثون عن سحل (عبد الإله) و(نوري السعيد)، وهي ردة فعل شعبية، لما فعله هذان الظالمان، وأتباعهما، وأنا لا أوافق عليها، لكنني أتساءل:- هل هناك سحل حلال، وسحل حرام؟!
حين أمر (ابن زياد) بقتل (مسلم بن عقيل)، ورميه من سطح قصر الإمارة، وسحله في سكك الكوفة وشوارعها، ومعه صاحبه (هانئ بن عروة)؛ هل زعل عليهما أحد؟!
هل ناقشه فيهما أحد؟!
أم لم يكُن الهاشميّ غير (عبد الإله) و(ونري السعيد)؟!
وقد يقول قائل:- (أنت تأخذنا إلى أعماق التاريخ البعيد)، فتعالوا معي إلى التاريخ الحديث؛ تعالوا معي إلى (مصر) المحروسة؛ التي لم تقتل ملكها، بل أخرجتْه بإطلاق المدافع التعظيمية، ألم تكن من دول الخريف العربي؟!
ألم يحكمها (الأخوان المسلمون)؟!
ألم يسحلوا مجموعة من المسلمين المصريين/ على رأسهم الشيخ (حسن شحاتة) وجماعته- لمخالفتهم مذهبهم؟!
فهل سمعْتم مَن فكّر في التحقيق/ مجرد التحقيق- في أمرهم؟!
وأزيحت ظلمة (الأخوان المسلمين) عن مصر، فهل هناك مَن فكّر في هذه القضية؟!
إنها ليست حقوق الإنسان، بمقدار ما هي مصالح الظالمين، فكيف يمكن التعبير عنها؟!
ومع ذلك، فكم وقف المثقفون الأحرار؛ ليُنبهوا الظالمين إلى يوم تتقلّب فيه القلوب والأبصار، فلم يسمع الظالمون إلا أصوات أنفسهم أو أصوات أسيادهم؟!
هاهو ذا (معروف الرصافي) يقول للعراقيين في زمن العثمانيين:-
نهوضاً إلى الغرّ الصُراح بعزمة تخِرّ لمرماها الطُغاة وتركع

ويقول لأذناب المستعمرين يوم تكلم عن الدستور:-
الشعب في جزع فلا تستبعدوا يوماً تثور به الجيوش وتزحف
كم من نواصٍ للعدى سنجُزّها ولحىً بأيدي الثائرين ستنتف

ويقول (الجواهري):-
مستأجرين على خراب بلادهم ويكافأون على الخراب رواتبا
أنا حتفهم ألج البيوت عليهم أغري الوليد بشتمهم والحاجبا

ويتساءل (محمد صالح بحر العلوم) عن حقه الذي هو حق الشعب حين ينظم قصيدته العصماء التي عنوانها:- (أين حقي)، فهل اتعظ الظالمون؟!
هل كفّوا عن ظلمهم؟!
هل كانوا قادرين على الكف عن الظلم؟!
وماذا يفعل الشعب وأحراره أكثر مما فعلوا؟!
وماذا ينبغي للأشرار أن يفعلوا أكثر مما فعلوا حتى يستحقوا عقاب الشعب؟!
إنه أسلوب واحد أسلوب الظالمين؛ إنه أسلوب الكاذبين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سرّ الأحذية البرونزية على قناة مالمو المائية | #مراسلو_سكاي


.. أزمة أوكرانيا.. صاروخ أتاكمس | #التاسعة




.. مراسل الجزيرة يرصد التطورات الميدانية في قطاع غزة


.. الجيش الإسرائيلي يكثف هجماته على مخيمات وسط غزة ويستهدف مبنى




.. اعتداء عنيف من الشرطة الأمريكية على طالب متضامن مع غزة بجامع