الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نتيجة الثانوية العامة 2013 تحت المجهر ( نحن الذين فشلنا وليسوا أبنائنا !!)

عبد الكريم عليان
(Abdelkarim Elyan)

2013 / 7 / 31
القضية الفلسطينية


نتيجة الثانوية العامة 2013 تحت المجهر
نحن الذين فشلنا وليسوا أبنائنا !!

قبل أيام، أعلن عن نتيجة الثانوية العامة 2013 في فلسطين، وكالعادة تم ذلك في مؤتمر صحفي تصدره وزير التربية والتعليم وبجانبه المسئولون من الصف الأول في الجهاز التربوي، ولم يبال المسئولون عن حجم الجرم الذي يقترفونه بحق شعبنا وأبنائنا ومستقبلهم جراء الانقسام والتشرذم وسوء الأحوال السياسية والاقتصادية والاجتماعية، إضافة لمشكلة الكهرباء في محافظات غزة التي لم تتوفر في اليوم ثمان ساعات متصلة.. فأعلن عن نسبة النجاح العامة والتي لا تعني شيء، وكذلك أعلنوا عن العشرة الأوائل لهذا العام في كل قسم من الأقسام الرئيسية.. لم يتغير شيء عن السنوات الماضية حتى النسبة وإن كانت أقل نجاحا عن السنة الماضية إلا أن ذلك لا يعني شيئا.. ما يهمني هنا هو تحليل وتقييم لنتيجة الثانوية العامة لمحافظات غزة فقط ! بحكم معرفتي بالبيئة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمدرسية وأثر كل ذلك على المجتمع الغزي بشكل عام وطالب الثانوية بشكل خاص..
نسبة النجاح العامة لهذا العام هي: 56.01% من مجموع طلبة غزة الذين تقدموا هذا العام للامتحانات، حيث بلغ عددهم 37560 طالبا وطالبة ونجح منهم 21039 طالبا وطالبة، وانخفضت نسبة النجاح عن السنة الماضية بدرجتين في المائة، وهي درجة خطيرة إذ استمرت في الانخفاض، لكن ذلك لا يعني شيء فيما لو قمنا بتصنيف الناجحين إلى فئات كي نستطيع أن نحكم على العملية التعليمية ونضعها في الميزان العلمي والطبيعي لأي مجتمع.. بعد التعامل مع العلامات الخام للطلبة الناجحين تم تصنيفهم إلى خمس فئات هي: (الفئة الضعيفة، والتي حصلت على درجات من 50 درجة إلى أقل من 60 درجة) وجاءت نسبتهم 25.63%من مجموع الناجحين، وهؤلاء بلغ عددهم 5395 طالبا وطالبة، وهذه الفئة لا يمكنها دخول الجامعة لتحديد معدل قبول الجامعات كحد أدنى يساوي 60% ـ حسب تصريح وزير التربية والتعليم في الحكومة المقالة التي تسيطر على غزة ـ جريدة فلسطين، ملحق خاص بنتائج الثانوية تموز 2013. مع العلم بأن قرار قبول الجامعات للحكومة الشرعية في رام الله هو 65% كحد أدنى للقبول في الجامعة.. إذن هذه الفئة تعتبر راسبة، وبهذا تصبح النسبة الحقيقية للناجحين لهذا العام هي: (39.63%) من مجموع المتقدمين للامتحان.. أما الفئة الثانية فهي: (الفئة المقبولة، والتي حصلت على معدل 60 إلى أقل من 70 درجة) وجاءت نسبتهم 23. 74% من مجموع الناجحين.. أما الفئة الثالثة، وهي: ( جيد، والتي حصلت على معدل 70 إلى أقل من 80 درجة ) فكانت 19.95% من مجموع الناجحين، وكذلك الفئة الرابعة، وهي: ( جيد جدا، والتي حصلت على معدل 80 إلى أقل من 90 درجة ) فكانت 17.91% من مجموع الناجحين، ونصل إلى الفئة الأخيرة، وهي: ( الممتاز، والتي حصلت على معدل 90 إلى أقل من 100 درجة ) نجدها تساوي: 12.71% من مجموع الناجحين.. ولو اعتبرنا فئة الممتاز هي فئة العباقرة من المجتمع؛ فنجدها كبيرة جدا مع المقاييس الدولية إذا لا تزيد هذه الفئة في المجتمعات المتقدمة عن 2.5% من المجتمع؛ فكيف أصبحت في مجتمعنا 12.71%..؟؟
لو وزعنا هذه الفئات على منحنى التوزيع الطبيعي السوي الذي من المفترض أن تشكل هذه العلامات شكل الجرس، حينها نستطيع أن نحكم على دقة الامتحانات ودقة التصحيح بأنها في السليم، ولا يوجد خلل ما يذكر..! بحيث تكون الفئة الضعيفة تساوي الفئة الممتازة وبالتدرج حيث تشكل العلامة 75% هي الفئة الأكثر من مجتمع الناجحين، وهي رأس الجرس.. وحين نوزع الفئات السابقة التي ظهرت في النتيجة سنجدها لا تأخذ شكل الجرس، بل جاءت على شكل الهرم قاعدته الفئة الضعيفة، ورأسه الفئة الممتازة وهذا لا يجوز البتة.. ولا يمكن لنا الحكم على هذه النتيجة، سوى أن نقول بأن الامتحانات لا تتصف بالصدق أو الثبات فيما لو كان التصحيح نزيها؛ فعلى المسئولين أن يعيدوا النظر في طريقة إجراء الامتحانات، والأهم أن تتبع الامتحانات جداول المواصفات والمعايير الصحيحة في اختيار الأسئلة حسب الأهداف العامة للمنهاج، وليس حسب فذلكة وأهواء واستعراض عضلات واضعي الامتحانات من المشرفين وغيرهم، وفرض رؤاهم الغير علمية في تصنيف أبنائنا.. أو أن النتيجة النهائية قد تم تعديلها كي ترضي المسئولين، وتغطي على فشل الجهاز التعليمي في تحقيق أهدافه.. إلا إذا كانت أهدافا مخفية تعمل على تدمير ما تبقى لنا من المشروع الوطني...
أما القسم العلمي الذي نتوقع أن يزداد عدد الملتحقين به، لأنه يعمل على تلبية حاجة السوق من المهن والوظائف الحديثة، نجد أنه منذ ستة سنوات وهو يتراوح عدد المنتسبين إليه بين ستة وسبعة آلاف من الطلبة والطالبات في كل محافظات غزة، وهذا يعتبر تقصيرا في الجهاز التعليمي والجهات المخططة والمشرفة على البرامج والأنشطة المدرسية من جهة، ومن جهة أخرى نتيجة لفقدان كادر المعلمين والمشرفين ذوي الخبرة الذين تركوا، أو استنكفوا عن العمل نتيجة الانقسام البغيض.. كذلك الظروف الصعبة التي يعيشها أولياء الأمور نتيجة التوتر وعدم قدرتهم على تلبية حاجات أسرهم فانصرف اهتمامهم لأولويات أخرى غير أولويات التعليم.. فتقدم للامتحان هذا العام ما مجموعه 6750 طالبا وطالبة أي ما نسبته 17.97% من مجموع الطلبة نجح منهم 5209 أي ما نسبته 77.14%، وكانت على النحو التالي: الفئة الضعيفة وحصلت على ما نسبته 2.92% من الناجحين، أما الفئة المقبولة فحصلت على 17.31% من الناجحين، والفئة الجيدة حصلت على 23.42% من الناجحين، وفئة الجيد جدا حصلت على 28.59% من الناجحين، والفئة الممتازة حصلت على 27.85% من الناجحين.. نستنتج من ذلك أن النتيجة لم تأتي في ميزان التوزيع الطبيعي السوي أيضا.. ولو جاءت الفئة الممتازة تساوي الفئة الضعيفة أي (2.92%) لقلنا أن النتيجة منطقية وجاءت في التوزيع الطبيعي السوي ولم يشوب الامتحانات ولا التصحيح أي خلل يذكر.. لكنه من الواضح أن الجهات المسئولة قامت بتعديل الدرجات لمادتين أو أكثر كي يتم رفع نسبة النجاح للرسوب الكبير في تلك المواد مما عمل على خلل في توزيع الدرجات من التوزيع الطبيعي السوي لتزيد نسبة الفئات العليات وتتضخم على حساب التوزيع السوي؛ لهذا جاءت النتيجة غير منطقية ولا يمكنها أن تحدث في أي دولة كانت تتبع نفس النظام.. أو أن هناك تفسير آخر؛ فلتقله لنا الجهات المسئولة؟!
القسم الأدبي، أو كما يسمى بقسم (العلوم الإنسانية) وهو القسم الأكبر من حيث العدد، وهو القسم الأكثر تأثيرا في حجم البطالة من خريجي الجامعات في غزة، التي لم تراع هي الأخرى أقسامها التقليدية في إغراق سوق العمل بآلاف العاطلين عن العمل والغير قادرين على العمل في مهنة أخرى غير المهنة التي تعلموها.. وباتت جامعات غزة هدفها الأساسي هو الربح، والربح فقط من شعب غزة الفقير والمحاصر..! دون رقيب، أو تدخل من مؤسسات الدولة الرسمية... عدد طلبة غزة الذين تقدموا للامتحان هذا العام هو: 30479 طالبا وطالبة، نجح منهم 15700 أي ما نسبته 51.06% من مجموع المتقدمين، وموزعين على الفئات بالشكل التالي: الفئة الضعيفة وحصلت على (33.24%) من مجموع الناجحين، الفئة المقبولة وحصلت على (25.64%) من مجموع الناجحين، الفئة الجيدة وحصلت على (18.76%) من مجموع الناجحين، الفئة جيد جدا وحصلت على (19.95%) من مجموع الناجحين. الفئة الممتازة وحصلت على (8.01%) من مجموع الناجحين.. نتيجة غير منطقية تعكس صورة الخلل الكبير الذي يهيمن على الجهاز التعليمي برمته.. لاحظوا تضخم الفئة الضعيفة وكبرها نتيجة للترفيع الآلي من قبل المسئولين وعدم مهنيتهم وخبرتهم في علوم القياس والتقويم والإحصاء.. إن وقوعهم في هذه الأخطاء يعكس كثيرا من المفاهيم الخاطئة التي يتبنونها ولا يحيدون عنها، مما يشير على تحجر عقولهم المريضة، ويتلذذون في تصنيف أبنائنا الذين لا ذنب لهم في كل الظروف المحيطة التي يعاني منها شعبنا، وبدلا من محاولة علاج المجتمع من خلال التربية والتعليم، صار التعليم نقمة إضافية لمعاناة أهلنا ومجتمعنا.. هذه قراءة أولية لنتائج الثانوية العامة نقدمها للقارئ؛ فليعذرنا عن كثرة الأرقام والمقاييس التي لن تكفي للحكم على كل شيء.. إذ يمكن للأخصائيين في هذا المجال أن يقوموا على تحليل كل مادة على حدا، وأيضا على كل سؤال بمفرده، وهذا ما يجب أن تقوم به دائرة الامتحانات أو القياس والتقويم في الوزارة التي تشرف على الامتحانات..
أتفهم جيدا غضب الكثيرين ممن يقرؤون مقالتي التي تكللت بالتشاؤم، ومن المفترض أن تقوم على تحديد نقاط القوة وتعزيزها، وكذلك نقاط الضعف وعلاجها..! نعم كذلك.. فيما لو اعتبر المسئولون أن الامتحانات هي تقييم للعملية التعليمية في مدارسهم وأنشطتهم قبل أن تكون عملية تصنيف للطلبة الذين لا ذنب لهم فيما صنعتهم مجمل الظروف التي يعاني منها كل مجتمع غزة.. لو كان كذلك..! كان يمكننا أن نلاحظ اعتذار المسئولين عن التعليم وأسفهم بسبب تقصيرهم عن خلق الظروف والبرامج التي من شأنها أن تحد من فشل أبنائنا في تعدي المرحلة... خصوصا أن الوزارة سارعت في تبني الطلبة الفائزين بالمقاعد العشرة الأولى... فهذا جميل ورائع ومحفز أيضا !! لكن من سيهتم أكثر بالعشرة أو بالمائة الأخيرة أو الألف الأخيرة التي تحتاج إلى رعاية أكثر أهمية من الأوائل..؟؟ هل يعلم المسئولون أن الامتحانات التحريرية مهما كانت دقتها فهي لا تقيس أكثر من 70% من قدرات الطالب؟؟ هل يعلم المسئولين في وزارة التربية والتعليم أن نظام الامتحانات القطري يشير إلى انعدام الثقة بين المدرسة والوزارة؟! هل يعلم المسئولون أنه ينظر إلى نسبة النجاح يقابلها نسبة القصور في الجهاز التعليمي بمعنى لو كانت نسبة النجاح هي 60%؛ فهذا يشير لنا أن الجهاز التعليمي كان مقصرا بدرجة 40%؟؟ هل تدرك لجنة التربية والتعليم في المجلس التشريعي المعطل خطورة ما يجري في المؤسسات التعليمية المسئولة عنها؟؟ أم أن الأمر عندهم سيان ؟ وكل ما في جعبتهم هو المناكفة السياسية والحفاظ على المقعد الذي انتهت ولايته؟؟ ألم يستحوا بعد ويفعلون شيء بعيدا عن السياسة عل وعسى أن ينفعهم في المستقبل.. الحديث يطول ويكفينا القول بكل أسف: نحن (الكبار..) الذين فشلنا وليسوا أبنائنا !!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتجاجات الطلبة في فرنسا ضد حرب غزة: هل تتسع رقعتها؟| المسائ


.. الرصيف البحري الأميركي المؤقت في غزة.. هل يغير من الواقع الإ




.. هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يتحكم في مستقبل الفورمولا؟ | #سك


.. خلافات صينية أميركية في ملفات عديدة وشائكة.. واتفاق على استم




.. جهود مكثفة لتجنب معركة رفح والتوصل لاتفاق هدنة وتبادل.. فهل