الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إنتخابات كوردستان ، قِراءة في العوامل والإحتمالات

آکو کرکوکي

2013 / 9 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


تدل المؤشرات على إن إنتخابات كوردستان القادمة ، ستجلب تغييراً يطال المُعادلات السياسية ، سواء بالنسبة للأحزاب المعارضة أو التي هي في السلطة . بل إن هناك توجسٌ بيّن يخيم على كل الأحزاب من هبوط شعبيتهم ، ولربما حتى فِقدانهم للسلطة أو لجزءٍ منها .

ويمكن مُلامسة هذا التوجسْ عن طريق عدة أمثلة . فقرار تمديد ولاية البرزاني في 30/06 ، كان الدليل الدامغ على خِشية البارتي مِن فَقْد المنصب لِصالح خصومهم فيما لو أُجريت إنتخابات نزيهة . أما إشتراك الإتحاد في المؤامرة ، ومطالبتهم بتنظيف سِجلات الناخبين بعد سكوتهم عليها لعقودٍ مضت ما كانت إلا محاولة يائسة لِتأجيل إنتخابات مجالس المحافظات . وذلك لِتخوفهم من فقد السُلطة على مُحافظة السُليمانية . ويُفسر البعض ، تقاعُس حركة التغيير في الدعوة الى تظاهرات شعبية ضد ماحصل في البرلمان ، على إنهُ المُؤشر على خوفهم من عدم إستجابة الناس لطلبهم !

تخوفٌ آخر بنفس المستوى يطغى على أذهان وتفكير المُراقبين . مِن إنَّ الإنتخابات المُقبلة ستكون مُثيرة للجدل ، وحافِلة بالطعنْ بالنتائج بسبب التزوير . ولربما ستكون فتيلاً لإشعال فِتنة في مجتمعٍ لمْ يعشْ لحِد الآن ، أحرج مرحلة في الديمقراطية والتي هي "التداول السلمي للسلطة" . فلربما لايمكن لهذه الأطراف أن تستوعب ببساطة أيُّ إنتكاسةٍ في الإنتخابات ، فتلجئ الى التزوير أو التحجج بالتزوير .

في هذا المقال ، سنتعرف على المؤشرات التي تدل على هذا التغيير المتوقع . فنعرج على سلوك الناخب ، وهو مركز العملية الإنتخابية ، ونستعرض العوامل التي يُمكنها أن تؤثر على قرارهِ ليَجعَل مِنهُ الصانعْ ، لهذا التغيير المُرتقبْ.

جاءت إنتخابات 25/07/2009 النيابية ، بتحولٍ نوعي ، حيثُ شِهدتْ ولادة قِوى جديدة ، لَعِبَتْ فيما بعد ، ولأول مرّة دَور المُعارضّة السياسية . هذهِ النتائج كانت المُؤشر على تطورٍ مُهم ، وجذري ، يطالُ تفكير الناخِبْ . فلقد أنجَبَّ المُجتمع المدني الكوردستاني شريحةٌ مُهِمة مِنْ "الناخبين العقلانيين" . أيّ تِلك النوعية مِنْ الناخبين المُترددين ، اللذين يكونون واعين لمِصالحهِم . وهم شريحة جد مُهمة للعملية الديُمقراطية . فهذا النوع مِن الناخبين يُغيرون مِن ولاءاتهِم بسرعة ، على ضوء المُستجدات ، وبالتالي يكون تصويتهم هو العامل المُقرر ، والمُؤثر على النتائج.

فصاروا ينافسون "الناخبين التقليدين أو الأسرى" ، اللذين لايغيرون مِن ولاءاتهم ، ويصّوتون في كُلِ مرةٍ لِجهةٍ مُعينةٍ بذاتها . وهؤلاء الأسرى غير معنيين بإحداث تغيرات ، ولايمكن للعملية الديُمقراطية مِن أنْ تتطور ، وتشهد تداولاً للسُطة بسببهم . ويمكن أنْ يكون لِهذا الولاء الأعمى ، والسلوك الإنتخابي السلبي ، أسبابٌ عدة . منها الإنتماء العقائدي ، والأيدولوجي ، أو كما هو في أغلب الأحوال في كوردستان ، نتيجةً لِسلبيات تأثير "الإقتصاد الريعي" أو نتيجةً للإنتماء المناطقي والعشائري .

يُمكننا الإستدلالْ مِن هذا بإن التركيز على العوامل المُؤثرة على الناخب بصورة عامة ، وعلى الناخبْ العقلاني بصورة خاصة ، هو المُفتاح ، لِفهم الكثير عن السلوك الإنتخابي . وهكذا سيكون السطور القادمة معنية ومهتمة بما سيفعله الناخب العقلاني لا الأسير.

كانَ للتأريخ النضالي ، دورٌ كبير في كَسب الناخبين في أول إنتخابات نيابية تشهدها كوردستان في 1991 . ولكن وبعد فترة الحربْ الأهلية ، وعودة الإنتخابات في 2005 ، وبعد تلقي الأحزاب لِرّيوع الموارد النفطية من بغداد . بَرَزَ عاملٌ آخر كانَ لهُ تأثيرٌ موازي على الناخبين ، وهو "مفعول الرّيعية" . والمقصود بتأثير الرّيعية هو : إستخدام الحكومة للمال المُستحصل من رّيوع النفط ، لإخماد النشاط السياسي للناس ، وخلق شبكات المحسوبية سواء على الأساس العشائري أو المناطقي أو غيرها . أيّ بِلُغةٍ أوضح "شِراء الذمم" . وكذلك الضغط بإتجاه لجوءْ المتُعلمين الى التوظيف الحكومي ، ليخلق بالتالي تبعية للدولة التي يستحوذ على مفاصلها الأحزاب.

فبتأثير مفعولْ الرّيعية ، والمحسوبية ، والشعارات الثورية أستَحْصَلَ الحِزبان الرئيسان في إنتخابات 2005 على أكثر من 88% مِن الأصوات . لكنهما تفاجئا بهبوط شعبيتهما الى 57.47 % فقط في سنة 2009 . فكان هذا إعلاناً بِولادة الناخبين العقلانين المُترددين . وهذهِ الشّريحة إنْ لَمْ تكُنْ قد إزدادت ، وتضّاعفتْ خِلال الأربع سنين الماضية ، فهي لَمْ تَنقُصْ أبداً . والسؤالُ الذي يشغلُ الأذهان الآن هو : لمِن سيصوت هؤلاء الناخبين العقلانين هذه المرّة ؟

فَهُم شريحة غير مضمونة الولاءْ كما قُلنا ، ومواقفهم يُحددها أداء الأحزاب خِلال الدورة الإنتخابية الماضية . وأداءْ هذه الأحزاب بدورها قد تأثرَ بِعدّة عوامل وأحداث مُهمة ، حَصَلت خِلال هذهِ الفترة .

فيما يلي سنحاول أنْ نلُم بجانب مِن هذهِ الأحداث ، والعواملْ.

العامل الأول هو (( النشّاط المُعارض )) : شَهِدت الفترة المُمتددة من 2009 الى 2013 ، نشاطٌ سياسيٌ غير مَسبوق بالنسبة للأحزاب ، والناخبين . فلقد برزت جهةٌ أو عدة جهات مُعارِضة، رسمية ، ونشّطة ، تتحدثْ ، وتَنْتَقد بشكلٍ مُنظم ، ومبرمج . فكسِرّتْ حاجز الخوفْ ، وساهمتْ بتوعيّة الناخبين ، وإماطّة الِلثام عنْ الكثير من ملفات الفسادْ المُهمة ، والحساسة ، مثل ملف النفط ، وتمويل الأحزاب ، والميزانية ... وألخ . وهذا مِن شأنهِ أن يُغيّر من أعداد الناخبين العقلانيين.

العامل الثاني هو ((غياب مام جلال)) : فقبل حوالي تسعة أشهر ، أختفى السيد جلال الطالباني - بسبب المرض- من المشهد السياسي كُلياً . فأدى غيابهُ الى إختلال الموازيين كوردستانياً ، وحزبياً . وفاقم مِن التشّرذم الذي يُعاني مِنهُ الإتحاد أصلاً . حيثُ كان المسؤولْ عن إيجاد التوازن بين الأجنحة ، والتكتلات ، ومراكز النفوذ في داخل الحزب . أما كوردستانياً فكان لغيابهِ التأثير المباشر على الإتفاقية الإستراتيجية ، المُوّقعة مع البارتي . فهو الشخص الوحيد ، الذي جعل قواعد الإتحاد ، يصبرون على هذه الإتفاقية المُجحفة ، بحقهم ، وبحجمهم ، ودورهم "كما يقولون" . وبالتأكيد فإنّ هذا التشرذم ، سيُفرخ أعداداً أُخرى من الناخبين العقلانين ، اللذين سيفكرون كثيراً قبل أن يدلوا بأصواتهم هذه المرّة.

العامل الثالث هو ((الإستقطابات الأقليمية والعواصف التي تضرب الشرق الأوسط ) : حَتَّمَتْ المصالح الحزبية ، والجغرافية السياسية ، وغياب المشّروع الوطني ، والقومي ، إصطفافاً ، وتوزيعاً فاضحاً للأحزاب في كوردستان على القوى الأقليمية . فغدت تبعية قراراتهم ، وتغليبهم للأجندات الأقليمية على المصالح الوطنية ، أمراً مكشوفاً . فسياسات البارتي مثلاً والمتطابقة مع توجهات تركيا في مُعاداة تجربة غرب كوردستان (كوردستان سوريا) ، وتعاونهُ مع العرب السُّنة ، وإفتعالهِ للأزمة مع المالكي يمكن أنْ يكون مِثالاً صارخاً لهذهِ النوع من التبعية . كذلك فإن قيام الأحزاب الأسلامية ، بالتظاهر في أربيل ، تأييداً للرئيس المصري المخلوع محمد المُرسي ، يدخل ضمن نفس السياق . كما إنَّ إمتناع مام جلال عن التوقيع على مُذكرة سحب الثقة من المالكي ، وحضور قاسم السُليماني إتفاقهم الأخير مع حركة التغيير ، وموقف الحزبين من الأحداث في سوريا ، يُمكن أن يكون مِثالاً على التأثير الإيراني على سياستهما . إن هذا العامل كفيلٌ بإسقاط ورقة التوت عن الكثير من الشعارات القومية ، والوطنية الفارغة التي لطالما خدعوا بها الناخبين . وفرصة لهؤلاء الناخبين من أنْ يعيدوا النظر بهذه الأحزاب .

العامل الرابع هو ((التكتُلات والمشاكل الداخلية الحزبية ): كما أشرنا سابقاً فيمكن إعتبار الإتحاد أكثر الأحزابِ المُتضَّررِة مِنْ هذه المُشكلة وخاصّةً بعد غياب الطّالباني . لكن الأحزاب الأُخرى ليست بِمناءى عن هذه المُشكلة أيضاً . فَحَركة التغيير أيضاً عانت مِن صراعٍ بين الحرس القديم (القيادات المُنشقة عن الإتحاد) ، والجيل الشّاب . فأستقال بعض الشباب ومِن ثُّمَ أستقالَ بعض القّادة المُخّضرمين وتململ آخرين . وتوالت الإنتقادات للحركة نتيجة إنشاءها ماسُمَّي بـِ"التَّجمُع الوطني –جِفات-"، كقيادة مركزية ، عن طريق التعيين لا الإنتخابات . فيما كان هُناك حديثٌ ساخن ، ومؤشراتٌ قوية ، لصراعٍ مَخفي على السلطة ، في داخل البارتي ، بين كلٌ مِنْ جناح مسرور البرزاني ، وجناح نيجرفان البرزاني . هذهِ التكلات تنهشُ مِنْ الداخل تلك الأحزاب ، وكانت السبب في نفور الكثير مِنْ الكوادر منها . والتأثير شمل حتى المُرشحين للأنتخابات . بحيث إن التكتل الحِزبي أفرَزَ في النهاية شخصياتٌ من الدرجة الثانية ، والثالثة ، لِقيادة الحّملة الإنتخابية لهذهِ الأحزاب . ونقطة الضُعف تلك سوف لَنْ تمر على الناخبين العقلانين مرور الكرام.

العوامل هذه تؤشر الى : [ إن غالبية الناخبين والمقررين في الإنتخابات المُقبلة سيكونون مِنْ النوع العّقلاني والمُترددْ].

قطعاً لايُمكن إعتبار العوامل الواردة أعلاه هي الوحيدة المؤثرة على الناخبين . لكنها بالتأكيد ستكون أبرزها. وتم إختصارها لضيق المساحة فقط . فإضافة لهذه العوامل ، شهدت كوردستان أحداثٌ سياسية مُهمة. تركت أثراً لايُمحى على شعبية الأحزاب هذهِ ، ولربما كاَنَ أهمها:

الحدث الأول هو ((تظاهرات 17/شباط/2011 ، وإستخدام العنف)): خِلال هذه الفترة دخل الحِزبان الرئيسان مرحلة جديدة مِنْ التعامل مع المُجتمع الكوردستاني . فأستخدمت العُنف وقَتَلَتْ المُتظاهرين ، وفي سابقةٍ خَطيرة آوت القَتَلة اللذين تَلطَخت أيادهم بدماء الأبرياء . والعنف هذا لَمْ يقتصر على المُتظاهرين بل تم إحراق المقرات الحزبية للمُعارضة ، وإختطاف والإعتداء وقَتل العديد مِنْ الصحفيين قبل وبعد هذا التأريخ . ومن الأحداثِ ماكان لهُ صدىً واسع ، كقضية سردشت عُثمان مَثلاً.

الحدث الثاني هو ((مسرحية عمليات دجلة ، والمواجهة مع بغداد)): كما نوّهنا سابقاً فإنَ البارتي ومِنذُ مارس 2012 وبتأثيرٍ مُباِشر مِنْ تُركيا والسعودية قد أقحَّمَ نَفسهُ بِمواجهةٍ مَعْ بغداد ، بدأها بالهجوم على أداء المالكي ، وأيواء الهاشمي ، ومحاولة سَحبْ الثقة الفاشلة ، وأنهاها مع حليفهِ الإتحاد برفض عمليات دجلة وتحشيد القوات ضدها . لكنهم وبين ليلةٍ وضُحاها قبلوا بتلك القوات ودَفنوا بالتالي المادة 140 ، ومُشكلة المناطق المستقطعة الى الأبد . وعادوا ليرموا بإنفسهم في أحضان بغداد مرّةُ أُخرى.

الحدث الثالث كان ((تمديد الولاية لمِسعود البرزاني)): هذا التجاوز الصّارخ على القانون والشرعية ، أبطَّلَ دعاوى الإتحاد بإستقلالية قرارتهِ عن البارتي . وأعاد حقيقة معروفة مَرةٌ أخرى الى الأذهان . حقيقة إن هذان الحزبان لايُقيمان للقانونِ والبرلمانِ ولِأرادة الناسِ أيُّ إعتبار . في المقابل أظهَرَ مدى ضُعف وقلة حيلة أحزاب المعارضة تِجاه هكذا تجاوزات أيضاً!

والأحداث هذهِ مع غيرها طبعاً ، قد أرسل رِسالةٌ واضحة للناخب ، عن النَهج والسياسية والإرادة الحقيقة لهذه الأحزاب ، مِن دكتاتورية ، وسلطوية ، وفساد ، وديماغوجية في الخطاب والأفعال . وبالتالي هناك مايكفي ويزيد مِن الأسبابِ والعواملِ لكي يبني عليها الناخبُ العقلاني رئيه ، ويحكم بها على كل تلك الأطراف . وبالمقابل هناك أيضاً من الأسبابِ مايكفي فِئةٌ أُخرى مِن الناخبين لكي يشعروا باليأس مِن حصول أي تغييرٍ سلمي وديمُقراطي ، ويتملكها هاجس تحول الصراع مع هذه الأحزاب الحاكمة الى مايشبه الفوضى السائدة في دول "الخريف العربي" . ويبدو إنَّ غرز هذا اليأس في نفوس الناس هو في الأساس هدف ، ومغزى الحزبان أصلاً.

على ضوء ماسبق يمكننا الآن حصرُ الإحتمالات لِنتائج الإنتخابات القادمة ، وتداعياتها في ثلاث فقط ، وكما يلي :

الأحتمال الأول (( سيادة السلبية)) : أنْ تتخذ الغالبية وهم (الناخبين العقلانين) ، ومن باب اليأس من هذهِ الأحزاب ، موقفاً سلبياً ، ولايشاركوا بالإنتخابات . فتكون نسبة المُشاركة ضعيفة (أقل من 40%) ، وهذا سيعني إنَّ الناخبين التقليدين للحزبين فقط سيشاركون بالإنتخابات . فتحصل كُل الأحزابِ على أصواتٍ قليلة ، وخاصة الأحزاب المُعارضة ، المُعتمدة كثيراً على تصويت الناخبين العقلانين ، ويتفوق الحزبان الرئيسان بسبب الناخبين الأسرى ، والعشر مقاعد المزورة "لأصوات الموتى" الغير المحذوفين مِنْ السجلات خلال كل هذهِ السنين . ولو نظرنا الى إنتخابات مجالس المحافظات في ديالى وصلاح الدين في 2013 كمقياس ، سنرى كيف إنّ هذا ماحصل بالضبط . فكانت نسبة مُشاركة الكورد هناك شحيحة . وعند حصول هذا الأمر سيلجأ الجميع ، وبعد نقاشاتٍ ، وإتهاماتٍ بالتزوير الى تشكيل حكومة إئتلافية تشمل كل الأطراف ، ويرأسها الحزبان . وهذا أسوء مايمكن أنْ يحدث للعملية الديمقراطية ولمصلحة المواطن حيث سيموت الدور المُعارض.

الأحتمال الثاني ((سيادة الإيجابية)) : أن يلعبْ الناخبين العقلانين دورهم الإيجابي ويشاركوا بقوة . وهنا سيكون حظوظ الحزبين التقليدين ضئيلة جداً في الفوز بالأغلبية . وفي هذا الحال تمتلك أحزاب المُعارضة وخاصة حركة التغيير حظوظاً أوفر نسبياً من الحزبين التقليدين ، للفوز بغالبية هذهِ الأصوات للناخبين العقلانين . غير إنَّ المُعارضة الحالية أيضاً قد تعرضت للنقد . فلا أحدْ يضمن ولاء الناخبين لهم . بل يمكن لهؤلاء الناخبين أن يمنحوا أصواتهم الى طرفٍ آخر جديد ، ولربما مَنسي ، ومحايد أو مستقلْ ، وغير معروف . فقط كي يعاقبوا الأحزاب الحالية مِنْ التي هي في السلطة وحتى التي هي في المُعارضة . والأحتمال الثاني بمجمل تفرعاتهِ هو أفضل مايُمكن أنْ يحدث للعملية الديمقراطية ، ولمِصلحة المواطن أيضاً. حيث سيجلب التغيير المطلوب ، ويبقي على المُعارضة السياسية.

الأحتمال الثالث ((سيادة السُلطوية ، والتزوير)): الروح السُّلطوية لدى الحزبين ، وإرتباطاتِهما بالقوى ، والمصالح الإقليمية ، وسياستِهما السابقة ، تظهر بجلاء حقيقة تكاد تقول : إنهُ مِنْ المستحيلِ قبولهم بتدوال السلطة بشكلٍ سلمي ، وبالتالي لن يسمحوا بسيناريو كالذي ورد في الأحتمال الثاني مِن أنْ يرى النور . لذا فهم بالتأكيد قد تحضّروا لهذه الموقف مُسبقاً . فلو شعروا بإن نسبة المُشاركة عاليّة ، سيلجؤن الى عمليات تزوير واسعة النطاق . كما حصّل في الساعة الأخيرة لإنتخابات 2009 ، وكما حصّل في إنتخابات مجلس مُحافظة نينوى في 2013 ، حيث مَارسَ البارتي تزويراً ضخماً . وسيكون هذا أسوء مايمكن أنْ يحصل ليس للعملية الديمقراطية فقط ، بل لِمُجمل التجربة الكوردستانية . وستكون الخميرة لِإحتقانٍ مُؤجل سينفجر عاجلاً أم آجلاً ، على شكل تظاهرات وإضطرابات وحتى فوضى مدمرة كبلدان "الخريف العربي"!

خلاصة القول ، فإن الوصول الى حالة مِنْ النُضج السياسي ومنذ 2009 ، قد أسهَمَ في ولادة طبقة جديدة من الناخبين العقلانيين مِنْ ظهر المجتمع المدني الكوردستاني . ومنذُ ذلك الحين الى هذا اليوم فلقد تظافرت عدة عوامل ، وأحداث سياسية حاسمة ، ومهمة ، في زيادة أعداد هؤلاء الناخبين العقلانين . يصعب التكهن عادةً بالسلوك الإنتخابي ، لِأعتمادهِ على العامل الإنساني (سلوك الناخبين المترددين) ، غير إنَّ رَّدة فِعل المتوقعة ، للناخبين العقلانين على الأحداث التي شهدتها كوردستان ، خلال الأربع سنين الماضية ، ستكون محصّورة ، يا أما بين السلبية والإستسلام لليأس ، واللامبالاة : أي بِمُعاقبة العملية الديمقراطية برمتها وعدم المشاركة في الإنتخابات ، والذي سيؤدي الى الإضرار بمصلحة المواطن ، وإنشاء حكومة إئتلافية برئاسة الحزبين ، وبمشاركة كل الأطراف . أو تكون رَّدةُ فِعلهم إيجابية فتؤدي لِخسارة مُحّققة للحزبين الرئيسين ، وحظوظ أفضل لِحركة التغيير ، والأحزاب الإسلامية أو لطرفٍ آخر مَنسي. ومن المحتمل جداً أن يحفز السيناريو الأخير ، الحزبين الرئيسين الى إقتراف عمليات تزوير واسعة ، والتي ستكون لها تداعيات مستقبلية خطيرة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دعوات دولية لحماس لإطلاق سراح الرهائن والحركة تشترط وقف الحر


.. بيان مشترك يدعو إلى الإفراج الفوري عن المحتجزين في قطاع غزة.




.. غزيون يبحثون عن الأمان والراحة على شاطئ دير البلح وسط الحرب


.. صحيفة إسرائيلية: اقتراح وقف إطلاق النار يستجيب لمطالب حماس ب




.. البنتاغون: بدأنا بناء رصيف بحري في غزة لتوفير المساعدات