الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحداثة ومابعد الحداثة .. تناقضات من التمثيل إلى العرض

صميم حسب الله
(Samem Hassaballa)

2013 / 10 / 1
الادب والفن


كثيرة هي الدراسات التي تناولت دراسة مفاهيم الحداثة ومابعد الحداثة ، سواء بوصفها مناهج نقدية أو بوصفها أساليب إشتغال كما هو حاصل في الدراسات المسرحية التي إختارت الحداثة ومابعد الحداثة التي باتت تمتلك خاصيات متنوعة على مستوى النص أو العرض ، بمعنى أن العديد من الدراسات كشفت عن وجود علامات فارقة في نصوص الحداثة وأخرى ترتبط بنصوص مابعد الحداثة ، وعلى الرغم من أن كلا المصطلحين لم يستقرا على تصورات مفاهيمية محددة وقارة إلا ان الدراسات المسرحية لم تزل تنهمر علينا كما السيل الجارف ، والعديد منها يزيد من غموض المصطلحات بدلاً من أن يفك الاشتباكات الحاصلة فيها ، وبخاصة بما يتعلق بـ(التفريق بين الحداثة – ومابعد الحداثة).
وفيما يتعلق بالدراسة التي بين أيدينا والمعنونة (من التمثيل إلى العرض - مقالات حول الحداثة وما بعد الحداثة، تأليف : فيليب أوسلاندر، ترجمة : د.سحر فراج إصدارات مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي- 14)، فهي إبتداءا تسهم على نحو فاعل في زيادة الغموض والتعقيد ، وذلك يعود إلى انها تلغي الحدود الفاصلة بين المصطلحين ،على الرغم من أن عنوان الكتاب يحيل القارئ إلى وجود مفصلين في الدراسة أحدهما يتعلق بدراسات الحداثة والآخر حول مابعد الحداثة ، إلا الخلط بين المصطلحين بدا واضح حتى أننا نعتقد أن العنوان لايرتبط بطروحات الكتاب ، وقد أكد المؤلف ذلك من خلال توجيه الشكر "إلى تاليا رودجرز على إقتراحها إياه "(1) وقد تبين لاحقاً ان العنوان لايرتبط بفلسفة الكتاب وإنما يرتبط بمسيرة المؤلف الشخصية والذي يشير إلى ذلك بقوله :" توحي عبارة من التمثيل إلى العرض بمسار النمو الذي إتبعته إهتماماتي ، حيث تطورت من إلتزام في الأساس بالمسرح إلى مفهوم أوسع للعرض وانواعه (ارجو الايكون من التطاول أن اوحي بأن العديد من دارسي المسرح من أبناء جيلي يشتركون معي في هذا التطور الفكري) "(2)، ومن هنا نجد ان الخصوصية التي يفترض ان تكون حاضرة في أفكار المؤلف، بل إنها كانت تعتمد على الأفكار التي يتداولها المسرحيون في تلك المرحلة.
وفي إشارة أخرى أراد المؤلف لها ان تكون علمية في تحديد ضرورات إختيار العنوان فإنه يؤكد " ان عبارة العنوان توحي بالتطورات والمناقشات داخل الحقل الاكاديمي الامريكي الذي يحيط بتطور دراسات الأداء كحقل علمي بمنأى عن دراسات المسرح ولذا فإنني سأبدأ مناقشتي بتلك المجادلات(...) فإن عنوان هذا الكتاب يعبر عن مفهومي للعلاقة بين الدراسات المسرحية والدراسات الأدائية على انها علاقة إتصال وليست علاقة إنفصال "(3)
ويبدو ان المؤلف أراد تدعيم الفكرة التي طرحها حول أهمية العنوان فراح يؤسس مفهوماً عن إختلاف المسرح عن الأداء ، معتمدا في ذلك على تقسم المسرح إلى قسمين " الاول هو المسرح الجماعي الذي ينقل المشاهدين إلى حالة من الإنسجام الوجداني بعضهم مع بعض من خلال إحتفائهم بهويتهم المشتركة ككائنات بشرية(...) اما المفهوم الثاني فهو المسرح المقدس ويعتبر مسرحاً علاجياً صمم من اجل تحقيق التجدد الروحاني من اجل الكشف عن الاشياء المادية النفسية المكبوتة"(4).
ان المؤلف يدور في حلقة مفرغة من المعلومات التي عفا عنها الزمن وإنتهى منها ، ذلك أن المؤلف يعمل على إعادة انتاج الاشكال المسرحية السابقة إبتداءا من ستانسلافسكي وإنتهاء ببيتر بروك، ولا جديد في تلك الطروحات سوى انها معلومات للذكرى ، كما يفعل الامر ذاته مع بعض المفاهيم التي باتت ثابتة في الوعي المسرحي ، كما جاء في مفهومه عن التطهير الذي يعتقد به إكتشافاً مابعد حداثيا حينما يقول " أن التطهير لم يكن التأثير الوحيد الذي يوقعه العرض على الجمهور، فالكاتب والمؤدون والجمهور على السواء يدركون التطهير كنتيجة لمشاعرهم في العمل الفني، ويكون هذا نتيجة لأن العقل الكلاسيكي لم يكن ليميز بين الكاتب والنص والاداء والجمهور كخواص للنقد المعاصر "(5) وعلى الرغم من بداهة المعلومة التي طرحت بخصوص التطهير إلا أن المؤلف يقع في مغالطة مفادها عدم إمتلاك المتلقي الكلاسيكي القدرة على التمييز بين (الممثل والمؤلف والجمهور) اعتقد أن هذه مغالطة كبيرة .
وفي الفصول الاخرى من الكتاب والتي حملت عنوانات فاعلة إلا أنها لم تكن تمتلك مضامين معبرة عنها ذلك ان تلك العنوانات كانت تشير إلى مسرح مابعد الحداثة ، إلا ان المضامين كانت تشير إلى دراسات مسرحية ، بمعنى ان الاشتغال النظري هو الذي كان حاضرا في هذا الكتاب على العكس من طروحات المؤلف في البداية حول إختلاف (المسرح عن العرض) ، فهو يعمل على توظيف دراسة سابقة بشكل او بآخر كما يفعل العديد من الكتاب العرب ومنهم دراسات (يوسف عبد المسيح ثروت) ، والتي يعد هذا الكتاب على شاكلتها ، بوصفه كتاباً تجميعياً لعدد من المقالات على طريقة الاستعراض وليس على طريقة التحليل النقدي الذي يقدم قراءات جديدة ومغايرة لتلك الأفكار التي تشكل بمجملها المفاهيم المعاصرة المتمثلة في طروحات الحداثة ومابعد الحداثة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - الفنانة دينا فؤاد لخالد أبو بكر: كان نفسي أقدم دور


.. كل يوم - الفنانة دينا فؤاد لخالد أبو بكر: -الحشاشين- من أعظم




.. كل يوم - الفنانة دينا فؤاد لخالد أبو بكر: خالد النبوي نجم اس


.. كل يوم - -هنيدي وحلمي ومحمد سعد-..الفنانة دينا فؤاد نفسها تم




.. كل يوم - الفنانة دينا فؤاد لخالد أبو بكر: -نجمة العمل الأولى